• بغداد
    +31...+34° C
  • الموصل https://www.booked.net/
    +23...+29° C
  • كربلاء https://www.booked.net/
    +32...+37° C

سياسيو الواتساب ... التنظير بعد الفشل

سياسيو الواتساب ... التنظير بعد الفشل

  • 16-02-2020, 11:28
  • مقالات
  • 525 مشاهدة
مهند حبيب السماوي

تُعد مجموعات تطبيق التراسل الفوري الاشهر الواتساب احدى اهم المزايا والخصائص التي جعلت الملايين من الناس يقضون عدة ساعات اسبوعيا وهم يتصفحون هذه المجموعات التي وصل عدد مستخدمي تطبيقها الى 2 مليار مستخدم  بحسب آخر الاحصائيات الرسمية .

وبدون ادنى شك ان مجموعات الواتساب في العراق قد امست احدى اهم واحات الحوار وملتقيات الجدال ومراكز النقاش في شتى المواضيع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتقنية، بالاضافة الى الاخبار الصحفية الذي اصبح الكثير من الاشخاص يبحثون عنها في هذه المجموعات بدلا من الوكالات والصحف الرسمية .

ان مجموعات الواتساب ومايجري فيها من نقاشات ومايُطرح فيها من اراء وما يتم نشره فيها من اخبار ، هي ظاهرة تستحق البحث والدراسة بتأمل خصوصا في بلدان الشرق الاوسط التي كان ولايزال العديد من دولها  يُعاني من خنق حريته وقمع صوته فيما يتعلق بالقضايا الكبرى المتعلقة بالسياسة .

فالحوارات السياسية والمناقشات بين الفرقاء ومواجهة بعضهم البعض في فضاء الواتساب وبصورة مباشرة وبشكل صريح تعتبر تمرينا حقيقيا على الديمقراطية التي يفهمها الكثير في دول الشرق الاوسط بانها مجرد صندوق انتخابي، متناسين بان حرية التعبير وابداء الرأي واطلاق عنان التفكير من غير اية ضغوط او ترهيب هي احدى اهم ركائزها واعمدتها الرئيسية .

ان الحديث التفصيلي عما يجري في هذه المجموعات متعدد الاوجه ومتشعب الجهات، ويحتاج لعدة مقالات قد نخصصها مستقبلا لتناول انشطة هذه المجموعات ... او تنوع اهدافها ... او نمط الحوارات ... او حتى مستوى ثقافة السياسيين واسلوب نقاشهم وماذا كشفت لنا عنهم ... الى غير ذلك من الموضوعات .

ومما يلفت الانتباه في مجموعات الواتساب العراقية هو ما تشهده من اطروحات ونظريات وتحليلات ونصائح وصور " تغريدات "  يُقدمها بعض السياسيين للاعضاء الاخرين وبصورة مكررة لدرجة بات يصف الكثير من الاعضاء بعض من هؤلاء السياسيين بالمنظرين في هذا المجال !

في هذه المجموعات تجد بعض السياسيين، ممن يقضون فترة طويلة فيها، يقدمون ارشادات ونصائح للحكومة والسياسيين الحاليين الذين لديهم مناصب، ويحاولون تعليمهم كيفية ادارة الوزارة او المؤسسة، وعوامل نجاحها، بل ان بعضهم ينتقد البيروقراطية والفساد المستشري في دوائر الدولة ومؤسساتها وهياكلها بكل قوة ويُقدم حلولا لحل هذا الفساد ومواجهة البيروقراطية .

هذه النماذج السياسية تنقسم، من وجهة نظري، الى 3 اصناف :

الاول : سياسيون يحاولون تقديم تصوراتهم وافكارهم عن بناء الدولة ومحاربة الفساد وتخطي اسباب الفشل ولم يسبق لهم العمل بالدولة، او انهم كانوا في مناصب معينة لكن لم تؤشر عليهم علامات فساد .

الثاني : سياسيون كانت لديهم مناصب ومسؤوليات تنفيذية في وزارة او مؤسسة، ولم يقدموا اي شيء يستحق الذكر ، فلم يحاربوا الفساد او يواجهوا البيروقراطية او يقضوا على الروتين الذي يستشري في الدوائر.

الثالث : سياسيون متهمون بالفساد والصفقات التجارية ومُلطخة ايديهم بلعنة اموال الشعب العراقي المنهوبة على أيديهم وبمساعدة كتلهم السياسية .

الانكى من ذلك ان بعض من هؤلاء ( وهم الصنف الثاني والثالث حصريا ) ممن صدعوا رؤوسنا بالتنظير، قد خرج من منصبه بفضائح او اتهامات بفساد اداري ومالي او غيره من انواع الفساد، ومع كل هذا، او بالرغم من كل ذلك، تقوم هذه النماذج بالتنظير ، بكل صلافة، في المجموعات عن بناء الدولة وطرق محاربة الفساد وكيفية التصدي له او كيفية نجاح المسؤول في عمله.

شخصيا، وبصدق واخلاص، اتمنى من الذي تسنم سابقا منصبا تنفيذيا في اي مؤسسة حكومية وفشل فيها، او كان سياسيا مشهورا بفساده او صفقاته، نصيحتي له ان يصمت ولا يمارس التنظير في مجموعات الواتساب، فالصمت ممكن ان يجعل الناس تنسى مافعله وماقام به حينما كان مسؤولا ولم يقم باي خطوة عملية تتساوق مع مايكتبه الان نظريا .

مجموعات الواتساب مليئة بهذه النماذج من السياسيين سواء من كان مسؤولا سابقا او من لم يكن لديه منصب لكنه " عرّاب " صفقات وتجارة سياسية، ولولا المجاملات لما تم السماح لهم بالتنظير حول القضايا التي فشلوا هم اصلا فيها حينما كانوا في مركز القرار التنفيذي .

أخر الأخبار