الغدير.. بيعة الحقّ المتجددة وموقف الأوفياء
"Today News":
**
*بقلم الدكتور /
*
في تاريخ الإسلام، محطاتٌ لا يَخبو وهجها، وأيامٌ مشهودة كتبها الوحي بمداد النور، ومن تلك الأيام الفاصلة في مصير الأمة، يطلُّ علينا عيد الغدير الأغر، عيد الولاية الكبرى، اليوم الذي انتصبت فيه أعمدة العدالة، وارتفعت فيه راية الحق خفّاقةً على هام المجد، حين وقف النبي الأعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم على صعيد غدير خم، وأعلن على رؤوس الأشهاد:
"من كنت مولاه فهذا عليٌّ مولاه، اللهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه..."
لم تكن تلك الكلمات مجرد إعلانٍ عابر، بل كانت وثيقة عهد إلهيّ، وخطابًا سماويًا يُرسّخ مبدأ القيادة بالحقّ، ويُؤسّس لنهجٍ لا يتلوّن بمصالح السياسة ولا يُداهن سلطان الباطل.
*الغدير.. روحٌ تتجدد لا ذكرى تُستعاد*
إن الغدير ليس مناسبة تُروى، بل نبضُ قضيةٍ تتجدد في كل عصر، وصوتُ حقٍّ لا يسكت، يدعو كل ذي بصيرة أن ينظر إلى عليٍّ لا كرمزٍ تاريخيٍّ فحسب، بل كـ"ميزان للحقّ"، من وافقه أصاب، ومن خالفه زلّ وانحرف.
ومن يدّعي محبة عليٍّ عليه السلام اليوم، فليعلم أن الموالاة له ليست شعارًا يُرفع، بل موقفٌ يُتّخذ، ورايةٌ تُحمل، وخصومةٌ للباطل لا تساوم. فالغدير امتحان مستمر، يُفرز الصادقين من المترددين، ويُغربل الصفوف كما غربلتها أحداث السقيفة وكربلاء وصفين.
من أراد البيعة لعليٍّ اليوم
إن من أراد أن يُجدد البيعة لعليٍّ في عصرنا هذا، فعليه أن يكون مع الحقّ حيثما كان، وأن يقف إلى جانب أهله مهما بلغت غربتهم وضعف حيلتهم، وأن يُنكر الباطل وأهله، ولو زُيّنت لهم الدنيا وامتلأت أيديهم بالسلطان والذهب والفضة.
فمولاة عليٍّ تعني أن لا يُهادَن فاسد، ولا يُسكت عن ظالم، ولا تُباع المبادئ في سوق المنافع. تعني أن يُعادى كل من حارب العدل، وأن يُخذل كل من أراد أن يُحرف الناس عن سواء السبيل.
ومن لم يحمل همّ الحقّ، ولم يَغضب لانتهاك الكرامة، ولم يُناصر قضايا المظلومين، فما عرف عليًّا، ولو ملأ الدنيا تهاني بالغدير.
*عليٌّ ليس للتاريخ.. بل للحياة*
إنّ عليًّا عليه السلام ليس رجلاً من الماضي، بل هو حجّة على الحاضر، ومشعلٌ للمستقبل. من أراد أن يعيش الغدير، فليُحيِ في نفسه خصال عليٍّ: عدله، زهده، حكمته، تواضعه، صلابته أمام الباطل، وحنانه مع الضعفاء.
وليكن الغدير عهدًا متجددًا أن لا ننحني لظالم، ولا نُساير باطلاً، ولا نخون دماء الشهداء الذين ساروا على درب عليٍّ، وافتدوا الحقّ بأرواحهم.
*وختامًا*..
في عيد الغدير، نرفع الأكفّ ضارعين إلى الله، أن يثبتنا على ولاية أمير المؤمنين، وأن يجعلنا من أنصاره في القول والعمل، لا بالهتاف والشعار، وأن يُلهمنا البصيرة لنعرف الحق وأهله، والجرأة لننكر الباطل وأهله.
وإذ نغتسل بنور هذا اليوم العظيم، ونتفيأ ظلاله الوارفة، نتقدم إلى المؤمنين في أرجاء الأرض بأحرّ التهاني وأطيب التبريكات، سائلين المولى عز وجل أن يعيده على الأمة الإسلامية بالنصر والعزّة والتمكين، وعلى الموالين بالثبات والعافية،والأمن والعدل والازدهار.
وكل عيد غدير وأنتم على درب عليٍّ ثابتون، ومع الحقّ واقفون، وللباطل خصومٌ لا هادنون.
اللهم اجعلنا من المتمسكين بولايته، السائرين على نهجه، المُحيين لأمره، والناشرين لعدله، يا أرحم الراحمين.
13-06-2025, 16:59 عراقيون عالقون في إيران .. نمنا في الشوارع وأسعار النقل تضاعفت
13-06-2025, 13:58 تفاصيل المنشآت النووية الإيرانية والتي استهدفتها إسرائيل
أمس, 14:57 الغدير.. بيعة الحقّ المتجددة وموقف الأوفياء
د. محمد عصمت البياتيأمس, 14:19 إيران تعيد رسم قواعد الاشتباك وتسقط اسطورة التفوق الصهيوني
حافظ آل بشارة12-06-2025, 14:34 الدفاع الكفائي .. فتوى النجاة التي أنقذت العراق من الإرهاب
وليد الحلي9-06-2025, 18:31 خصوصية المفردة القرآنية 30 .. عفوك عن المخطئ سبيلك لعفوالله عنك
د.رعدهادي جبارة