• بغداد
    +31...+34° C
  • الموصل https://www.booked.net/
    +23...+29° C
  • كربلاء https://www.booked.net/
    +32...+37° C

الأطروحات الإصلاحية للسيد الشهيد محمد باقر الصدر

الأطروحات الإصلاحية للسيد الشهيد محمد باقر الصدر

  • 9-04-2023, 17:04
  • مقالات
  • 159 مشاهدة
وليد الحلي

"Today News": بغداد 
لم تنحصر مهام المرجع والعالم والمفكر السيد الشهيد محمد باقر الصدر بالتصدي للمرجعية الدينية فحسب، بل تصدى لإصلاح الواقع السياسي والفكري والاقتصادي والاجتماعي والحركي إضافة الى التفسير الموضوعي للقران الكريم، فكان بحق يعيش هموم الأمة بإبعادها المتنوعة وتميز فكره بالواقعية والمنهجية الجديدة، متجنبا النظرة التجزيئية والإسراف في التأويل والتسرع في الاستنتاج.

أهتم بطرح المشاريع والنظريات التي تحتاجها الأمة الاسلامية في مجابهة ألغير المعارض لها،
فكتب نظريته الفلسفية الإسلامية التي ربط فيها بين العقل والدين والغيب الذي يتطلبه الدين، وان الغيب يتجاوز العقل مهما كانت مفاهيمه وتصوراته.

اعتمدت نظريته التغييرية على شمولية التغيير الذي يشمل الانسان والمجتمع والسلطة عبر تغيير الانسان ليحمل القيم والمبادئ والسلوك الطيب ليقود مسيرة الإصلاح في المجتمع  (إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ۗ- الرعد :11) من خلال توفر التربية العبادية لله في التعامل مع الأمور الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية والإنسانية إضافة إلى إقامة الصلوات والصيام والعبادات الأخرى.

 وكان يبين أن الدين الإسلامي أكد على ضرورة التزام الدولة بالدين بقيّمه الأخلاقية في التعامل بكل مجالات التوعية وعدم إغفال الدور الرباني، فالخالق خلق الإنسان وكرمه وأحسن خلقه ووهبه العقل الذي ميزه عن بقية المخلوقات، وأَهّلَ الإنسان لكل الرعاية والاهتمام والقيادة للسير به على الطريق الذي يمكنه للعيش بسلام وتعاون وتآخي في الدنيا والحصول على رضوان الله ونيل الجنة في الآخرة.

أما نظريته الحركية فإنها امتازت بتبني الجوانب الموضوعية والثورية في التعامل مع الأحداث، والمستلهمة من القران الكريم وسيرة الرسول محمد (ص) والأئمة (ع).

وقد استندت نظريته الاستقرائية لإثبات وجود الله على منهج الدليل الاستقرائي أو العلمي للاستدلال على وجود الله من خلال البراهين التي قدمها في ضرورة الدين الذي فسّر البعث بعد الموت من جديد.

واعتمد في نظريته الاقتصادية الإسلامية على إن مرجعيتها هو الله، والإنسان بذهنيته وقيّمه وتطلعاته، وهي نظرية كلية وشمولية غير متجزئة، والملكية في الإسلام ليست للمجتمع وحده كما في النظام الاشتراكي ولا للفرد وحده كما في النظام الرأسمالي وإنما يشترك فيها الفرد والمجتمع معا ضمن الرؤية الإسلامية الشمولية لقيم العدل.

فيما طرح بنظريته الاجتماعية- السياسية تفسيرا متكاملا للكون والمجتمع والإنسان والتاريخ. انه لا ينكر تدخل الظروف الاجتماعية في التأثير على الإنسان والفكر الاجتماعي، لكن الإنسان هو العنصر الأساس في أي عملية تغيير وليس وسائل الإنتاج أو نوع الملكية التي تغيره، وإن الإسلام يربط مبدأ الحرية بحدود القيم التي تحافظ على سلامة المسيرة البشرية.

وقد ارتكزت نظريته المالية للمصرف اللاربوي (دون أخذ ربا) ضمن مواصفات ربحية وتجارية للعمل المصرفي.

وتضمنت مشاريعه الكبرى عدة مساهمات مثمرة فقد انجز السيد الشهيد الصدر مشاريعه ومهامه بتعاونه مع كبار مراجع الدين والعلماء في تأسيس جماعة العلماء عام 1959 التي تصدت للدفاع عن الإسلام،

وكتب أطروحة دراسية جديدة لإعداد طلبة العلوم الدينية في الحوزات العلمية من خلال تغيير مناهج الدروس فيها،

وطرحه لمشروع جمع المرجعيات الدينية في العالم لتأسيس مؤسسة المرجعية الدينية الموضوعية الرشيدة و الصالحة، لتكون مصدر قوة في توجيه الرأي في التحديات الداخلية والخارجية التي تجابه الأمة في الجوانب الفكرية والعقائدية الدينية والسياسية وغيرها من الجوانب.

فيما كان مشروعه السياسي هو تأسيس حزب الدعوة الإسلامية عام في 1957 مع مجموعة من العلماء والرساليين، لتنظيم العمل لتوعية الأمة بمهامها وتصديها للظلم والجور والديكتاتورية وكان تأثيره كبيرا في تغيير معادلات الصراع مع الطاغوت، وتحريم الانتماء لحزب البعث، وجواز التصدي بكل الطرق لإسقاطه، والتي ساهمت بشكل فعال بإسقاط البعث وطغاته، فسقط في 9 نيسان 2003 في الذكرى السنوية (43) لشهادة المرجع السيد الصدر .

وكتب العديد من الكتب المهمة التي أحدثت إصلاحا كبيرا في طريقة فهم النظرية الإسلامية في الاقتصاد ( اقتصادنا) والفلسفة (فلسفتنا) والتاريخ والسيرة النبوية وسيرة أئمة أهل البيت وموضوعات إسلامية أخرى.

من جانب اخر عمل اجتماعيا على دعم توحيد صفوف الأمة الإسلامية ورصها وخاصة في وقت التحديات والأزمات، والابتعاد عن الطائفية والعنصرية، والمطالبة بتحقيق العدالة وحقوق الانسان.

نستذكر اليوم  الذكرى (43) لاستشهاده مع أخته العالمة بنت الهدى، إنذاره لحزب البعث وطاغيته عند قرارهم بإعدامه في 9 نيسان عام 1980 معلنا: (إن دمي يكلفكم نظامكم)، وواعدا ان لا مكان في العراق لحكام الجور والظلم من البعثيين وأشباههم بإذن الله،  وان الأمة الواعية هي المنتصرة بعون الله وتوفيقه، قائلا:
( ولكنّ الجماهير دائماً هي أقوى من الطغاة مهما تفرعن الطغاة، وقد تصبر ولكنّها لا تستسلم ).

        وليد الحلي
18 شهر رمضان 1444
9 نيسان 2023

أخر الأخبار