• بغداد
    +31...+34° C
  • الموصل https://www.booked.net/
    +23...+29° C
  • كربلاء https://www.booked.net/
    +32...+37° C

نتائج الحرب الإسرائيلية – الأمريكية على إيران في موازين النصر والهزيمة

نتائج الحرب الإسرائيلية – الأمريكية على إيران في موازين النصر والهزيمة

  • أمس, 19:58
  • مقالات
  • 14 مشاهدة
د. علي المؤمن

"Today News" : بغداد 

    شهدت المنطقة خلال الأيام الماضية واحدة من أخطر المواجهات العسكرية وأكثرها حساسية على مستوى الشرق الأوسط، تمثلت في العدوان الإسرائيلي ــ الأمريكي على الجمهورية الإسلامية الإيرانية، والذي استمر اثني عشر يوماً. ومع توقف العمليات العسكرية، برز سؤال جوهري يفرض نفسه على صنّاع القرار والمحللين على السواء: من انتصر؟ ومن انهزم؟

    الإجابة عن هذا السؤال لا تستند إلى التمنيات والعواطف، بل إلى قياس ما تحقق من الأهداف المعلنة للعدوان، في مقابل حجم الخسائر التي تكبدها الطرفان. وفي هذا السياق، يمكن استعراض الأهداف الاستراتيجية والتكتيكية العشرة التي وضعتها واشنطن وتل أبيب لعدوانهما العسكري، ومقارنتها بما تحقق فعلياً على الأرض:

   1-إسقاط النظام الإيراني وتأسيس نظام موالٍ للغرب، ومتحالف مع إسرائيل، شبيه ببعض الأنظمة العربية.

    2-إشاعة الفوضى السياسية والمجتمعية، وتحفيز حركات داخلية لتقويض الدولة ومؤسساتها من الداخل.

   3-تقسيم إيران إلى دويلات أو كيانات قائمة على أسس قومية ومذهبية.

   4-اغتيال آية الله علي الخامنئي.

   5-تفكيك المؤسسة العسكرية، وتصفية القيادات الفاعلة في حرس الثورة والجيش.
 
   6-تدمير البنية التحتية الحيوية، بما يشمل الطاقة، الجسور، المؤسسات المالية، والمراكز البحثية.

   7-القضاء على المشروع النووي الإيراني، وتصفير كمية اليورانيوم المخصب، ومنع أي إمكانية لاستئناف التخصيب.

   8-تدمير القدرة الصاروخية الإيرانية بعيدة المدى.

   9-استهداف المنشآت والمصانع العسكرية، وخاصة ذات الطابع الاستراتيجي.

   10-القضاء على المشروع الشيعي الإقليمي، المتمثل بمحور المقاومة.

    فما لذي حققه العدوان الإسرائيلي ـ الأمريكي من الأهداف العشرة المذكورة. تشير المعطيات إلى أن أياً من هذه الأهداف لم يُتحقق بالشكل الذي خُطط له:

   1-لم يسقط النظام الإيراني، بل خرج من الحرب أكثر قوة.

   2-خروج المجتمع الإيراني من الحرب أكثر مناعة وتماسكاً، ولم تُسجّل حتى حالة فوضى واحدة، بل على العكس، اصطف المعارضون الوطنيون مع الدولة، وأظهر المجتمع الإيراني اصطفافًا نادرًا حول الدولة والقيادة.

   3-لم تحدث أي تحركات انفصالية، بل أظهرت القوميات والمذاهب تضامناً لافتاً مع وحدة البلاد وأمنها الوطني.

   4-بقي آية الله الخامنئي على رأس النظام، كما بقيت كل القيادات الدينية والسياسية والعسكرية تمارس أدوارها بشكل طبيعي.

   5-لم يتفكك أي جزء من المؤسسة العسكرية، إذ لم تُسجّل خسائر مهمة، باستثناء مقتل عشرة من قيادات الحرس الثوري، وجرح أربعة من قادة الجيش.

   6-لم تتعرض البنية التحتية لأضرار مهمة، وقد نُسب إلى أمانة العاصمة طهران أن إعادة إعمار ما تضرر فيها من مبانٍ سكنية وحكومية ومنشآت سيتم خلال أشهر.

   7-المشروع النووي لم يتعطل، رغم تضرر ثلاث منشآت، حيث بقيت (9) منشآت أخرى سليمة، واحتفظت إيران بكامل مخزونها من اليورانيوم المخصب، بما في ذلك (420) كلغم من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%، ولن تتوقف عمليات التخصيب حتى يوماً واحداً. كما فقدت إيران عشرة علماء نوويين، من مجموع مئات العلماء الذين يمارسون عملهم بشكل طبيعي.

   8-القدرة الصاروخية بقيت فاعلة، وقد استخدم (600) صاروخ بعيد المدى فقط، من مجموع (25) ألف صاروخ، أي أن دون الترسانة الصاروخية لم تُمس.

   9-لم تُسجل خسائر كبيرة في المنشآت العسكرية، إذ تشير التقديرات إلى أن ما تضرر لا يتجاوز 1% من مجمل القدرة الدفاعية.

   10-أما "محور المقاومة" أو "المحور الشيعي"، فقد خرج من الحرب أكثر ثقة وحيوية، وشهدت جماعاته وقواعده في العراق ولبنان وسوريا والخليج وباكستان والهند وأفغانستان وغيرها، تجدداً في الخطاب والحضور الشعبي. بينما تعرّض خصوم المحور لخيبة أمل وانكسار، بعد أن ظلوا طيلة أيام الحرب يراهنون على انكساره، ويتوعدون جماعاته وأنصاره بالويل والثبور بعد تمكن إسرائيل وأمريكا من إسقاط الجمهورية الإسلامية.

    في مقابل ذلك، تكبدت إسرائيل والولايات المتحدة خسائر نوعية، أهمها:

   1-فشل العدوان في تحقيق أهدافه، التي ظل يعد لتحقيقها منذ العام 1996، مع استبعاد تكراره في المدى المنظور، نتيجة العقوبات القاسية التي تعرض لها الكيان الإسرائيلي جراء الضربات الإيرانية.

   2-دمار واسع في مدن الكيان، لا سيما تل أبيب، وخسائر اقتصادية تُقدّر بعشرة مليارات دولار.

   3-مقتل عشرات القيادات العسكرية والأمنية الإسرائيلية، لم يُكشف عنهم رسمياً.

   4-تدمير منشآت عسكرية واستراتيجية نوعية.

   5-انهيار صورة "الردع الدفاعي" بعد عجز أنظمة القبة الحديدية ومقلاع داوود و"ثاد" الأمريكية عن التصدي للهجمات الصاروخية الإيرانية.

   6-تجاوزت الكلفة اليومية للحرب (280) مليون دولار، بإجمالي ثلاثة مليارات خلال أحد عشر يوماً.

   7-خسرت إسرائيل نحو 90% من شبكاتها التجسسية داخل إيران، مع معداتها وتجهيزاتها، وهي الشبكات التي ظلت المخابرات الإسرائيلية تعمل على تنميتها وتوسيعها وتنظيمها وتدريبها منذ العام 1979. وقد كانت الحرب فرصة نادرة لكشف هذه الشبكات واعتقال عناصرها.

   8-ترجيحات قوية بسقوط حكومة نتنياهو خلال الأشهر المقبلة، نتيجة الضغوط الشعبية والسياسية.

    وبالتالي؛ فإن من منظور استراتيجي، يمكن القول إن نتائج الحرب تشير إلى فشل ذريع لأهداف العدوان، بل انتهت بإعادة رسم توازنات جديدة لصالح إيران ومحور المقاومة. وأثبتت طهران أن مشروعها العقيدي والسياسي والعسكري صلباً، وليس كما تصوره الأدبيات الغربية، بل قادر على الصمود والردع، وتحقيق نصر استراتيجي تاريخي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لمتابعة "كتابات علي المؤمن" الجديدة وارشيف مقالاته ومؤلفاته بنسخة (Pdf) على تلغرام: https://t.me/alialmomen64

أخر الأخبار