• بغداد
    +31...+34° C
  • الموصل https://www.booked.net/
    +23...+29° C
  • كربلاء https://www.booked.net/
    +32...+37° C

الندوات الفكرية والسياسية في المهجر الهولندي.. تطور الفقه السياسي ونظرية النائيني للدولة الديمقراطية

الندوات الفكرية والسياسية في المهجر الهولندي.. تطور الفقه السياسي ونظرية النائيني للدولة الديمقراطية

  • 22-07-2020, 14:24
  • مقالات
  • 530 مشاهدة
د. صلاح عبد الرزاق

خلال الفترة 1998 – 2002 جرت في هولندا تجربة رائعة جمعت عدداً من الشخصيات الأكاديمية والثقافية والاعلامية والفنية العراقية من كل القوميات والأديان والمذاهب ، يناقشون قضية فكرية معينة أو حدثاً سياسياً عراقياً ، بكل حرية وانفتاح ، وأجواء من الحب والاحترام ، قبل أن تفرقهم السياسة بعد سقوط النظام وتشتت المجموعة أو باعدت بينهم المسافات أو انشغلوا بهموم الحياة . فبعضهم عاد إلى العراق وشارك في الحياة السياسية ، فصار وزيراً أو نائباً أو محافظاً أو وكيل وزارة أو مستشاراً أو دبلوماسياً أو رئيس جامعة أو عميد كلية أو مدير عام أو ضابطاً مرموقاً أو عاد موظفاً في دائرته السابقة. وقسم رحل إلى ربه ، وآخر فضّل البقاء في المهجر الهولندي.  
كنت أقوم بتدوين تلك اللقاءات لأنني أعرف أن الزمن سيطويها فتنسى أو ربما يجري تشويه مرحلة المعارضة العراقية وأشخاصها، خاصة وأن الكثيرين لا يعرف عنها شيئاً.  

إيران : ثورة الدستور وتطور الفقه السياسي
  في البداية تحدثتُ عن تطور الفكر السياسي والفقه السياسي في إيران منذ ثورة الدستور عام 1905 وما تلاها من تطورات في مسيرة الأحداث باتجاه ترسيخ مفاهيم الحرية والتمثيل النيابي والرقابة البرلمانية . وكذلك تأثر الفقهاء والمثقفين الإيرانيين بالأفكار الدستورية الواردة من أوربا في بداية القرن التاسع عشر ، وبالأفكار التحررية التي بثها السيد جمال الدين الأفغاني في نهاية القرن التاسع عشر .
وتناولتُ تطور الفكر السياسي في إيران من خلال أحداث تاريخية رافقت هذا التطور الفقهي وهي ثورة الدستور عام 1905 المعروفة باسم (المشروطة) . وكانت الثورة قد بدأت بمطالبة مجموعة من علماء النجف مظفر الدين شاه تأسيس مجلس لممثلي الشعب . ثم أخذت تنمو تلك الأفكار بين الناس ، ودخلت منعطفاً كبيراً عندما انضم اثنان من كبار العلماء هما السيد عبدالله البهبهاني والشيخ فضل النوري ، ثم تطورت لتدخل مرحلة الصراع السياسي مع السلطة  ، لتصل إلى المواجهة بعد لجوء المنادين بالدستور إلى السفارة البريطانية في طهران ، مما اضطر الشاه إلى قبول مطالب الجماهير والعلماء ، فوافق على إقرار الدستور في 15 آب 1906 ، ثم جرت أول انتخابات تشريعية في 12 أيلول 1906 . وبذل العلماء جهودهم في تدوين أول دستور إسلامي معاصر يؤسس لدولة ملكية دستورية وحياة نيابية.

 حاول الشاه التملص من الإلتزامات المدرجة في الدستور ، فحدثت مواجهات أدت إلى قصف مجلس الشورى الإيراني بالمدافع من قبل جنود القوزاق الروس عام 1908 . ومارست مرجعية النجف كل جهودها واتصالاتها الدولية والاقليمية ، واستخدمت سلاح الفتاوى الدينية للضغط على الشاه . وانتهت الأمور لغير صالح المرجعية حيث استولى على السلطة مجموعة من عملاء بريطانيا وروسيا من شيوخ القبائل .
     
الشيخ النائيني وتأصيل الملكية الدستورية
وسلطت الضوء على دور آية الله الشيخ محمد حسين النائيني (1860-1936) في تنظيره الشرعي لدولة إسلامية ملكية دستورية وذلك في مؤلفه القيم (تنبيه الأمة وتنزيه الملة) عام 1909. وهو أول كتاب في الفقه السياسي يعالج مسائل الحكم والدولة بخلفية سياسية وأرضية فقهية قوية ونظرة جديدة . فهو يؤسس لقيام حكومة إسلامية شرعية تعتمد القانون أو الدستور أساساً لعملها ، فيؤصِّل لمبانيها من خلال استدلالاته الفقهية . ويرى النائيني أن النظام السياسي البرلماني الذي يعتمد على آراء الشعب هو أفضل نظام يمكن تعقله.

أما أهم الأسس والمبادئ التي اعتمدها النائيني في الدولة الإسلامية هي :
1-الدولة تقوم على قاعدة الشورى كأساس للدولة الإسلامية ، رغم إيمانه بولاية الفقيه الحسبية .
2-النظام الملكي الدستوري (أو الرئاسي الدستوري) هو نظام إسلامي إذا كان الحاكم متقيداً باحترام الدستور والقوانين .
3-يتم وضع دستور دائم للبلاد يحدد صلاحيات الحاكم والحكومة ، ويبين طبيعة الحكم وتوزيع السلطات .
4-المجلس التشريعي هو المؤسسة الرئيسة في النظام . فهو الذي يتولى سن التشريعات والقوانين في البلاد ومراقبة عمل الحكومة والحاكم .
5- تمثيل الشعب عبر الانتخابات التي توصل نواب الشعب إلى البرلمان .
6- تمثيل الأقليات الدينية ،الموجودة في البلاد ، في المجلس التشريعي .
7- وجود هيئة من كبار المجتهدين تتولى مطابقة قرارات البرلمان مع الشريعة الإسلامية . (نص دستور 1906 على وجود خمسة مجتهدين).
8-الفصل بين السلطات القضائية والتنفيذية والتشريعية .
9- المساواة بين جميع أفراد الشعب ، مسلمين وغير مسلمين .
10-الحرية لجميع أفراد الشعب ، فالحرية لا تنافي الدين .

  تأثير الحركة الدستورية في العراق
وتابعتُ تطور الفكر الدستوري في العراق ، والذي حملت لواءه المرجعية الشيعية في النجف الشرف ، فتناولت مواقف العلماء ازاء المشروطة ، حيث انقسموا إلى جبهتين ، جبهة مؤيدة للدستور على رأسهم المرجع الديني الملا كاظم الخراساني ، والشيخ النائيني ، والشيخ جواد الجواهري والسيد أبو القاسم الكاشاني ، الشيخ عبد الكريم الجزائري .. وعارضها آخرون على رأسهم المرجع الديني السيد كاظم اليزدي ، إضافة إلى مجموعة تحفظت في مواقفها .
وجاء إعلان الدستور العثماني عام 1908 ليعطي دفعة قوية لأنصار الدستور. ومن الغريب أن علماء الدولة العثمانية كانوا ناقمين على الدستور بينما كان المثقفون وخاصة جمعية (الاتحاد والترقي) هي التي قادت التيار الدستوري . في حين أن علماء الشيعة هم الذين قادوا حركة إعلان الدستور الايراني وتابعهم المثقفون والوجهاء والعامة .
وظهر دور العلماء الشيعة في تصديهم للغزو البريطاني للعراق عام 1914 حيث أعلنوا الجهاد ، وعبؤوا العشائر ، وشاركوا شخصياً في المعارك . واستطاعت حركة الجهاد العلمائية أن تؤخر الزحف البريطاني ثلاث سنوات حتى سقطت بغداد في عام 1917 .

علماء الشيعة وتأسيس الدولة العراقية
برز دور العلماء الشيعة عام 1918 عندما أرادت الإدارة البريطانية ، ونتيجة لما ورد في البلاغ الفرنسي-البريطاني الصادر في 7 تشرين الثاني 1918 بتحرير الشعوب التي خضعت لتركيا ، أن تقوم باستفتاء حول الدولة فطرح علماء الشيعة مفاهيم الدستور والبرلمان المنتخب في المذكرات (المضابط) التي رفعوها للسلطة . فقد طالبوا (بحكومة عربية إسلامية يرأسها ملك عربي ، على أن يكون مقيداً بدستور ومجلس تشريعي منتخب ) .
ولما أخذت بريطانيا تماطل في تحقيق مطالب الشعب العراقي بدأت المرجعية تصعّد من المواجهة حتى توجت بثورة العشرين 1920 . ففي الأول من مايس 1920 أعلن الإنتداب البريطاني على العراق ، وبعد ثلاثة أيام أعطى الشيخ محمد تقي الشيرازي الإذن بالثورة المسلحة ، فانفجرت في 30 حزيران 1920 . وكلفت الثورة بريطانيا خسائر مالية وبشرية أدت بها إلى الإنصياع وتأسيس الدولة العراقية ، وتعيين عبد الرحمن النقيب كأول رئيس وزراء عراقي ، ثم جيء بالملك فيصل بن الحسين ليصبح ملكاً على العراق . ويعترف الكثير من الساسة العراقيين والباحثين أنه لولا ثورة العشرين لبقي العراق مستعمرة تابعة لبريطانيا مفتقداً لشكل الدولة .

ملك مستورد
من المفارقات السياسية والتاريخية أن يجري استيراد ملك من خارج العراق بطلب من السياسيين والمرجعية الدينية. ورغم أنه كانت هناك خيارات أفضل لكن المرجعية وبدعم بريطاني طالبت بالأمير فيصل بن حسين شريف مكة وهو سني المذهب ليحكم شعباً أكثره من الشيعة. وكان الشيخ خزعل الكعبي   أمير المحمرة وهو شيعي قد رشح نفسه لكن لم تلق آذاناً صاغية لسبب غير معروف. في حين جاء فيصل إلى العراق لا يملك إلا راتبه من الحكومة العراقية هو وأفراد عائلته. في حين كان الشيخ خزعل يملك إمارة تمتد من الحدود العراقية وحتى الخليج العربي. ولو أصبح ملكاً على العراق لجرى ضم تلك الامارة إلى المملكة العراقية لتمنح العراق إطلالة بحرية تمتد لمئات الكيلومترات، إضافة إلى آبار النفط التي اكتشفت في عبادان.

من جانب آخر استقدم فيصل طاقمه الحكومي من الضباط السنة الذين خدموا في الجيش العثماني، ومنحهم السلطة والوزارات. كما قام بمنح أغلبية المناصب العسكرية والمدنية للمكون السني. وبذلك أوجد هوة نفسية ومذهبية وسياسية بين المجتمع الشيعي بغالبيته والحكومة السنية بغالبيتها، بقيت آثارها ونتائجها على مدى العقود القادمة من عام 1920 ولغاية 2003 عندما سقطت المعادلة السابقة وتأسس نظام ديمقراطي تتأسس حكومته عبر الانتخابات وتمثيل الشعب.

وقد عانت المرجعية الشيعية قبل غيرها من سياسة حكومات فيصل المتعاقبة خاصة من الطائفية السياسية التي مارسها كثير من الشخصيات الحاكمة. وصار تذمر المرجعية من فيصل وعائلته ووزراءه أمراً ملازماً لموقفها من البلاط الهاشمي والحكومات المتعاقبة. وكان الشيخ مهدي الخالصي أول مرجع يخلع بيعته لفيصل اثر خلاف سياسي. الأمر الذي جعل الحكومة تنفيه إلى إيران حتى وفاته. كما قام وزير الداخلية عبد المحسن السعدون بنفي مجموعة من مراجع النجف إلى إيران بسبب معارضتهم لسياسة الحكومة. وتم إصدار قانون الجنسية العراقية عام 1924 الذي اعتبر حامل التبعية العثمانية هو العراقي الأصيل ، في حين اعتبر حامل التبعية الايرانية غير عراقي أصالة، ويكتب ذلك على وثيقة الجنسية. مع العلم أن كثير من حاملي التبعية الايرانية لا أصل إيراني لهم ، بل هم من عشائر عراقية عربية معروفة، لكن أجدادهم اضطروا لحمل التبعية الايرانية هرباً من حملات التجنيد الاجباري التي كانت الادارة العثمانية تقوم بها وتزجهم في حروبها في أوربا أو روسيا أو شمال أفريقيا.
 
أول برلمان ودستور عراقيَين
ثم تابعتُ مراحل تأسيس أول برلمان عراقي الذي أريد له هدف وحيد هو التصديق على المعاهدة البريطانية-العراقية ، فرفضت المرجعية المشاركة في الانتخابات حيث أصدر السيد أبو الحسن الأصفهاني فتوى بحرمة الإنتخابات ، فجرى مقاطعتها من قبل العراقيين جميعاً ، حيت أن المقاطعة لم تقتصر على المناطق الشيعية بل امتدت إلى المناطق السنية ، وبل وحتى المسيحيين. ولم تتمكن السلطة من تحقيق أغراضها إلا بعد نفي عشرة من كبار العلماء في النجف وبغداد من العراق إلى إيران في تموز 1923 .
وذكرت تدوين أول دستور عراقي الذي وضعت مسودته (دار الاعتماد البريطاني) في بغداد ، ثم أرسلته إلى وزارة المستعمرات في لندن حيث أجرت عليه تعديلات هامة ، ثم ناقشته لجنة مختلطة من بريطانيين وعراقيين ، ثم تم تقديمه إلى المجلس التأسيسي العراقي ليصوت عليه في 7 نيسان 1947 . ثم تطرقت إلى مواد الدستور وطبيعة النفوذ البريطاني المدرج فيه ، والصلاحيات الواسعة للحكومة التي صارت هي المراقب للبرلمان وليس العكس كما في بلدان العالم الأخرى .

4- ندوة حول الانتفاضة الشعبانية
وقد عقدت في 30 تشرين الأول 1999 في مدينة أوتريخت ، تحدث فيها عبد الرحمن الوائلي (شاعر) ، أبو هند الزاملي (عسكري) وهادي محمود.

5- ندوة حول الجيش العراقي
عقدت في 4 تشرين الثاني 1999 في مدينة دوردرخت تحدث فيها زيد وتوت (عسكري) و أبو أحمد الحسناوي (عسكري).

أخر الأخبار