• بغداد
    +31...+34° C
  • الموصل https://www.booked.net/
    +23...+29° C
  • كربلاء https://www.booked.net/
    +32...+37° C

المأزق العراقي

المأزق العراقي

  • 27-06-2020, 20:51
  • مقالات
  • 508 مشاهدة
محمد عبد الجبار الشبوط

"Today News": بغداد 

يعاني العراق، دولة وحكومة وشعبا، من مأزق خانق متعدد الجوانب. فهناك الازمة المالية، وهناك ازمة الكورونا، وهناك الانسداد السياسي. ولكل واحد من هذه الجوانب سبب اعمق منه. فالازمة المالية سببها ليس انخفاض اسعار النفط وانما الاقتصاد الاحادي المصدر. وازمة الكورونا سببها ليس انتشار الفيروس المعروف باسم covid 19 وانما رداءة النظام الصحي. مع ملاحظة ان عمق هذه الازمة لا يقاس بعدد الاصابات، وانما بنسبة الوفيات. وبملاحظة هذه النسبة فان عمق الازمة ليس سحيقا (٣,٦٪ مقارنة مع فرنسا ١٨٪، وايطاليا ١٤,٥٪ وبريطانيا ١٤٪.  لكن روسيا وتشيلي وتركيا وباكستان والسعودية وبنغلاديش وجنوب افريقيا افضل من العراق). واخيرا الانسداد السياسي، وسببه عيوب التأسيس التي رافقت العملية السياسية بعد سقوط الدكتاتورية. وهذه الاسباب المباشرة لجوانب الازمة الثلاثة ليست نهاية المطاف، لانها جميعا تعود الى سبب اعمق، هو الخلل الحاد للمركب الحضاري للمجتمع العراقي. وهذا الخلل ليس وليد اليوم انما يعود الى قرون مضت شاخصها الابرز سقوط بغداد، عاصمة اخر دولة عراقية مستقلة، تحت اقدام خيول المقاتلين البدو المغول عام ١٢٥٨. حصلت محاولات اصلاحية منذ ذلك التاريخ، بدءً بالجهود التي بذلها اول حاكم حكم العراق بعد سقوط بغداد في ظل الاحتلال المغولي، وهو علاء الدين عطا ملك الجويني، وانتهاء بولاية مصطفى الكاظمي الذي قال "لا تراجع عن خط الاصلاح الاقتصادي والعدالة الاجتماعية". ولم تحقق هذه المحاولات والجهود نتائج ملموسة على صعيد نقل العراق من وضع غير مرغوب الى وضع افضل مرغوب بالقياسات الحضارية، لسبب جوهري وهو ان هذه المحاولات لم تملك قوة البصر وبعد النظر الذي يمكنها من رؤية ووعي السبب الاعمق للازمة وهو الخلل في المركب الحضاري. خذ اليك الشعارات "الاصلاحية" التي انطلقت منذ عهد حيدر العبادي الى اليوم، وسوف تجد انها تراوحت من الحكومة المنسجمة، الى حكومة التكنوقراط، الى حكومة المستقلين، الى المجرّب لا يجرب، الى الغاء مناصب ووزارات في الدولة، الى نبذ الاحزاب والحزبية، لتستقر اخيرا عند امتيازات محتجزي رفحاء! ولاحظوا انه ولا واحدة من هذه المحاولات الاصلاحية المزعومة تحدثت عن النظام التربوي ودور المدرسة في معالجة الازمات، وهذا بحد ذاته دليل على قصر نظر "المصلحين" المزعومين الذين اغرقوا المواطن العراقي بسلسلة مضحكة من الشعارات السطحية التي لم تدرك العلة، ولم تتوصل الى دوائها، فبقي العراق والعراقيون يدورون في حلقة مفرغة، ونقاط شروع جديدة في كل مرة، فيما الازمة تتفاقم، والمعاناة تتضاعف. لهذا قلت في منشور حديث لي :"سوف تستمر معاناة العراقيين، وتتفاقم، ما لم يضعوا اقدامهم في الطريق المؤدي الى الدولة الحضارية الحديثة." وليس هذا رجما بالغيب ولا حدسا، انما هو رؤية علمية للمسألة الاجتماعية وللحراك الحضاري لاي مجتمع. ان الحضارة هي نتاج التفاعل المادي والفكري بين العناصر الخمسة للمركب الحضاري في اطار القيم الحافة بهذه العناصر. وهذا المبدأ يجب ان يكون قاعدة الانطلاق لاي مشروع اصلاحي. وقد ذكرته لرئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي، ولرئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي. وبناءً عليه اقول ان المشروع الاصلاحي يجب ان ينطلق من ثلاث انواع من الستراتيجيات هي:
اولا، ستراتيجية قصيرة المدى (٦ اشهر الى سنة، او الى نهاية ولاية الحكومة الحالية الدستورية)
ثانيا، ستراتيجية متوسطة المدى (٤ سنوات من ٢٠٢٢ الى ٢٠٢٦).
ثالثا، ستراتيجية بعيدة المدى (١٢ سنة، من عام ٢٠٢٠ الى عام ٢٠٣٢).
يجب على حكومة الكاظمي ان تفكر وتخطط بهذه الكيفية اذا كانت جادة في البلاغة الاصلاحية، وبغير ذلك، فاننا وهدر المزيد من الوقت.

أخر الأخبار