تقرير .. هل سينجح العراق بالعودة الى الأجواء الأوروبية ؟
- اليوم, 11:35
- تقاير ومقابلات
- 9 مشاهدة
"Today News": متابعة
بخطوات متسارعة، يواصل العراق مساعيه لاستعادة حضوره في الأجواء الأوروبية بعد أكثر من عشر سنوات من الحظر، من خلال جهود حكومية مكثفة تهدف إلى إقناع دول الاتحاد الأوروبي بإنهاء القيود المفروضة على الخطوط الجوية العراقية.
وتأتي هذه التحركات في إطار خطة إصلاح شاملة لقطاع الطيران تشمل تحديث الأسطول الجوي، ورفع معايير السلامة، والتعاون مع خبراء دوليين، في مسعى لاستعادة ثقة الاتحاد الأوروبي وفتح المسارات المغلقة منذ سنوات، وسط ترقب لمراجعة قريبة من وكالة سلامة الطيران الأوروبية.
ووفقاً لبيان وزارة النقل الصادر في تشرين الثاني 2024، شهدت الشركة العامة للخطوط الجوية العراقية ارتفاعاً كبيراً في إيراداتها المالية خلال الأشهر التسعة الأولى من العام ذاته، مقارنة بالأعوام السابقة، إذ بلغت الأرباح أكثر من 138 مليار دينار (نحو 105 ملايين دولار)، مقابل 68 ملياراً في 2022 و102 مليار في 2023.
وتأسست الخطوط الجوية العراقية عام 1945، وتحمل شعار "الطائر الأخضر".
وقد فُرض عليها الحظر الأوروبي للمرة الأولى عام 1991 عقب غزو الكويت، ثم رُفع عام 2009، قبل أن يُعاد فرضه مجدداً في كانون الأول 2015 بسبب مخالفات تتعلق بمعايير السلامة التي يشترطها الاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا).
ومنذ ذلك الحين، اضطرت الشركة إلى الاعتماد على خطوط بديلة أو التعاقد مع شركات أجنبية لنقل الركاب إلى أوروبا.
واكد الخبير المالي في معهد الإصلاح الاقتصادي ببغداد علاء الفهد، في تصريح صحفي ، أن "الحظر الأوروبي المفروض على الخطوط الجوية العراقية وشركة (فلاي بغداد) منذ عام 2015 يعود إلى عدم الامتثال الكامل لمعايير السلامة الدولية وقدم الطائرات"، مشيراً إلى أن "الحكومة اتخذت خلال العامين الأخيرين خطوات إيجابية، من بينها التعاقد على طائرات جديدة، والاستعانة بخبراء دوليين، وتدريب الكوادر، فضلاً عن استئجار طائرات لتلافي النقص التشغيلي".
وأضاف الفهد أن "رغم هذه الجهود، فإن التحديات لا تزال قائمة، إذ سيطالب الاتحاد الأوروبي بإصلاحات إدارية وتنظيمية قبل السماح باستئناف الرحلات، إلى جانب ضرورة تغيير الصورة الذهنية السابقة عن الناقل الوطني، ومواجهة المنافسة الإقليمية من شركات تمتلك أساطيل ضخمة وخدمات عالية الجودة".
ولفت إلى أن "التحدي الأكبر يبقى مالياً، فالشركة بحاجة إلى ضخ استثماري كبير لتأسيس مراكز صيانة معتمدة دولياً وإنشاء مطارات جديدة تدعم تشغيل الأسطول الحديث"، مؤكداً وجود "اهتمام حكومي واضح بعودة الطيران العراقي إلى الأجواء الأوروبية، تلبية لاحتياجات المواطنين والمشروعات الاستثمارية الكبرى".
من جانبه، أوضح مدير مركز الدراسات الاستراتيجية والسياسات العامة ماهر الخليلي أن "السبب الرئيس للحظر يتمثل في خرق قواعد السلامة المهنية للطيران المدني، وهي معايير لا يمكن التساهل فيها حفاظاً على أرواح الركاب وسلامة المدن".
وأضاف الخليلي أن "الخطوات الأخيرة التي اتخذتها الحكومة، ومن بينها ما أعلنه مستشار رئيس الوزراء لشؤون النقل ناصر الأسدي، تعد تأسيسية وجذرية، وتعكس توجهاً مهنياً بعيداً عن التأثيرات السياسية أو التجارية"، متوقعاً أن "يكون رفع الحظر قريباً في حال استمرار النهج الإصلاحي الحالي".
وأكد أن "تحسين أداء الخطوط الجوية العراقية مطلب وطني قبل أن يكون اقتصادياً، لأنه يختصر الوقت والجهد والتكلفة على المواطنين"، مشيراً إلى أن "فرص النجاح كبيرة في حال استمرار الحكومة بالوتيرة نفسها من الجدية والإصلاح".
وكان مستشار رئيس الوزراء لشؤون النقل ناصر الأسدي، قد أعلن في 16 تشرين الأول الجاري، أن الخطوط الجوية العراقية تعمل على تسريع إجراءات رفع الحظر الأوروبي، من خلال التعاقد مع مستشارين مختصين واختصار الأسطول إلى ثلاثة طرازات لتسهيل الصيانة والتدقيق الفني من قبل وكالة سلامة الطيران الأوروبية (EASA).
وفي الرابع من أيلول الماضي، أعلنت وزارة النقل استكمال 75% من برنامج الأيوسا التصحيحي الخاص برفع الحظر، مؤكدة أن "ذلك يمثل انتقالاً نوعياً في مسار استعادة الثقة الدولية".
وأوضحت الوزارة أن "التحديات لا تقتصر على تحديث الطائرات، بل تشمل بناء منظومة تشغيلية وإدارية متكاملة قادرة على مواكبة أعلى معايير الطيران العالمية"، مشيرة إلى "تشكيل لجنة متخصصة لمتابعة الملف، والتعاقد مع الاتحاد الدولي للنقل الجوي (IATA) للحصول على الشهادات الدولية، وفي مقدمتها شهادة IOSA وشهادة TCO".
وشملت الإجراءات أيضاً "تحديث الوثائق التشغيلية والفنية، وتطوير الهياكل التنظيمية، وتعزيز أنظمة الامتثال والرقابة على المتعاقدين، فضلاً عن إنشاء مركز دولي للعمليات الجوية وتنفيذ برامج تدريبية متقدمة لتطوير الطيارين والكوادر الفنية".
وبينت وزارة النقل أن "وكالة سلامة الطيران الأوروبية تواصل مراجعة ملف الخطوط الجوية العراقية بعد حصولها على شهادة IOSA، مع توقعات باستكمال المراجعة بنهاية العام الحالي أو مطلع العام المقبل"، مشيرة إلى أن "المراجعات تتم نصف سنوياً، ما يجعل فرص رفع الحظر ممكنة ضمن الجدول الزمني المخطط له".
وكانت الوكالة الأوروبية قد مددت الحظر حتى عام 2026، بحسب تقريرها الصادر في حزيران الماضي، لعدم استيفاء المتطلبات الفنية كافة.
في المقابل، أكد الأسدي حينها أن "العقوبات مستمرة لحين استكمال الشروط الفنية والمعايير الدولية للطيران المدني"، مشدداً على أن "الحكومة تمضي بخطوات متسارعة لإنهاء الملف بشكل نهائي".
كما أوضح المتحدث باسم وزارة النقل ميثم الصافي في تصريح سابق أن "الوزارة وضعت خطة لتوسيع الأسطول الجوي من خلال التعاقد مع شركات عالمية"، مشيراً إلى أن "الشركة تسلّمت 13 طائرة جديدة وستستلم 18 أخرى ليصل العدد إلى 31 طائرة حديثة بحلول 2027، فيما يبلغ عدد الطائرات العاملة حالياً 39 طائرة".
وبحسب مراقبين، فإن الخطوات الحكومية الجارية تعكس جدية في إعادة الطيران العراقي إلى مكانته الطبيعية في الأجواء الأوروبية، معززةً ببرامج تدريب وتحديث متواصلة، ما يجعل من العامين المقبلين فترة حاسمة في تاريخ الطائر الأخضر.