• بغداد
    +31...+34° C
  • الموصل https://www.booked.net/
    +23...+29° C
  • كربلاء https://www.booked.net/
    +32...+37° C

مراقد السفراء الأربعة في بغداد (1-4)

مراقد السفراء الأربعة في بغداد (1-4)

  • 30-05-2020, 12:27
  • مقالات
  • 3990 مشاهدة
د. صلاح عبد الرزاق

عثمان بن سعيد العمري .. بائع السمن الذي صار سفيراً

مقدمة

في 8 ربيع الأول عام 260 هج (الموافق 4 كانون الثاني عام 874 م ) توفي الامام الحادي عشر الحسن العسكري (ع) في منزله بسامراء. وقد سمي بالعسكري نسبة إلى محلة العسكر أو حي الضباط في العاصمة العباسية حيث يسكن كبار قادة الجيش في منطقة محصنة وتحت الحراسة المشددة. وكان الهدف هو تشديد المراقبة على حركة الامام (ع) الذي كان يخضع للاقامة الجبرية. وكان يمنع عليه الاتصال بأتباعه أو زيارته من قبل المقربين له.

وكان وريثه الوحيد هو الامام الثاني عشر محمد المهدي (عج) الذي كان له من العمر خمس سنوات فقط . وقد قام بإمامة الصلاة على جنازة أبيه (ع) ثم اختفى عن الأنظار بسسب ملاحقة السلطات له لقتله . وقد اختار في غيبته أشخاصاً موثوقين كانوا قناة الاتصال بينه (ع) وبين الناس. فكانوا يوصلون له أسئلة الناس واستفساراتهم الفقهية والشرعية، ويوصلون إليهم إجاباته عليه السلام مكتوبة وبتوقيعه، لزيادة الاطمئنان. وكان يطلق عليه بتوقيعات الناحية المقدسة. وقد اتفقت المصادر الاسلامية الشيعية والسنية على أنه ابن الحسن العسكري (ع). 

 وقد استمرت غيبته الصغرى خمس وستون عاماً ، ابتدأت عام 260 هجري (874 ميلادي) وانتهت بوفاة آخر سفير له هو علي بن محمد السمري عام 328 هج (939 ميلادي).

اتخذ الامام المهدي (عج) سفراءه من بين الشخصيات الموثوقة والمرموقة . وكانوا يقيمون في بغداد حيث انشغلوا بالاتصال بأتباع الامام (عج) ، وماتوا فيها ، ودفنوا هناك، وما زالت مراقدهم مزارات دينية.

عاش سفراء الامام المهدي الأربعة في بغداد ودفنوا فيها رغم أن العاصمة كانت سامراء في تلك الفترة. لكن بقيت بغداد حاضرة العالم كله بمدارسها ومكتباتها وعلمائها وفقائها ومتصوفيها وشعرائها وأدبائها ومنجميها وأطبائها ومتكلميها. عندما كانت بغداد شاغلة الدنيا تهفو إليها القلوب ، وتشد لها الرحال من أقاصي العالم المسكون.

السفير عثمان بن سعيد العمري الأسدي

وكان يلقب بالعمري نسبة إلى جده لأمه وقيل أنه من أحفاد عمار بن ياسر، ويلقب بالعسكري لأنه كان يسكن محلة العسكر بسامراء، ثم انتقل إلى بغداد. ويقال له (السمان) لأنه كان يتاجر بالسمن تغطية على أمره ، كي يستطيع دخول بيت الإمام العسكري في سامراء. وكان يحمل الأموال في جراب السمن بعيداً عن أعين الحرس والجواسيس.

عاصر عثمان بن سعيد عدداً من أئمة أهل البيت (ع) منهم الامام محمد الجواد ، حتى لقب بثقة الامام. وعمل مع الامام علي الهادي الذي قال عنه (العمري ثقتي، فما قال عني فعني يقول). وعن الامام الحسن العسكري قال (العمري وابنه ثقتان ). وعندما مات العسكري قام عثمان العمري بتغسيله وتكفينه ودفنه.

وكان عثمان يتولى الاتصال بشبكة الأتباع والأنصار في بغداد وبقية الأقاليم ، إضافة إلى الوكلاء الخاصين في كل منطقة. وكان عمله بغاية السرية بعيداً عن أعين السلطات العباسية. وقد اتخذ الكرخ مكاناً لسكنه لوجود أتباع كثيرون فيه آنذاك. وكان يبتعد عن الدخول في جدال عقائدي أو مذهبي أو سياسي ، بل الظاهر عليه أنه تاجر زيوت.

توفي عثمان العمري عام 280 هج (894 م) حيث دامت سفارته عشرين عاماً. وعاصر في سفارته اثنين من الخلفاء العباسيين مثل الخليفة الخامس عشر المعتمد على الله (256-279 هج) / (870-892 م) والخليفة السادس عشر المعتضد بالله (279-289 هج ) / 892-902 م). 

مرقد السفير الأول

دفن عثمان العمري في جانب الرصافة في منطقة الميدان في ( درب جبلّة ) ، في منطقة القشلة الحالية ، وخلف سوق الهرج سابقاً. وقد وصف المرقد الشيخ الطوسي بقوله: رأيت قبره ، وكان بني في وجهه حائط ، وبه محراب المسجد. وإلى جنبه باب يدخل إلى موضع القبر في بيت ضيق مظلم . وكنا ندخل إليه نزوره مشاهرة ، وكذلك من وقت دخولي إلى بغداد وهي سنة 408 هج إلى سنة 430 هج ( 1017 – 1038 م). وقد قام الرئيس ابو منصور بن محمد بعمل صندوق عليه، ويتبرك جيرانه بزيارته.

وعن حرز الدين : وقفت على قبره سنة 1387 هج (1967 م) وقد كُتب على بابه في سوق الميدان (هذا مسجد نائب الامام عليه السلام عثمان بن سعيد العمري العسكري -تاريخ سنة 1348 هج (1929م )، وكان على قبره قبة صغيرة.

وقال الأصفهاني في كتابه (أحسن الوديعة) في مزارات بغداد: ومنها قبر أبي عمرو عثمان بن سعيد العمري، توفي رحمه الله ودفن في داره الواقعة في سوق الميدان، وقد جددت عمارته شيعة بغداد.

بقي المرقد يعاني الاهمال خاصة وأنه يقع في منطقة خرائب وأبنية قديمة وأسواق ومخازن، بعيداً عن أية مدينة دينية كالكاظمية. فلن تهتمك السلطات الحكومية به، والأهالي كانوا يخافون من الاقتراب منه وصيانته حتى سقوط النظام عام 2003.

يعود المرقد لديوان الوقف الشيعي، الأمانة العامة للمزارات الشيعية، الذي قام بتأهيله وترميم جدرانه وقبته ومدخله ، والضريح الموجود فوق القبر ، وفرشه بالسجاجيد ، وتجهيزه بالانارة ووسائل التدفئة والتبريد. كما أجريت توسعة للمرقد ليضم مسجداً تقام فيه صلاة الجماعة ، ومرافق للزوار والمصلين، وطارمة مسقفة.

وقد زرته مرة واحدة وصليت ركعتي الزيارة ، واطلعت على بنايته والأعمال التي أنجزت فيه.

تم تغليف القبر بشباك من الفضة بشكل مضلع، يعلوه تاج من التوريقات الذهبية. وتحيط الشباك آيات من القرآن الكريم بخط الثلث . وتعلو الضريح قبة مزينة بأعمال المرايات (آينة كار) ، تتدلى من منتصفها ثريا من الكرستال.

أخر الأخبار