• بغداد
    +31...+34° C
  • الموصل https://www.booked.net/
    +23...+29° C
  • كربلاء https://www.booked.net/
    +32...+37° C

التوازن السلوكي لدى علي عليه السلام ..

التوازن السلوكي لدى علي عليه السلام ..

  • 13-05-2020, 20:33
  • مقالات
  • 531 مشاهدة
عبدالامير الهماشي

  ان السلوك يعكس طبيعة شخصية الانسان وقد قسم العلماء السلوك الى سوي وسلوك غير سوي  وقد يضطر الانسان الى تغيير سلوكه بحسب الظروف المؤثرة ويكون سلوكه استجابة للمؤثرات  ولهذا قد لانجد سلوكه سويا في ظرف ما  فقد تكون اعصابه قد انهارت ولم يعد يسيطر على مشاعره فاثرت على سلوكه وهناك امثلة كثيرة  ولكي لانستغرق بالامثلة ونبتعد  عن موضوعنا الا انها مقدمة بسيطة   للولوج قليلا الى شخصية الامام علي (ع) .
فعلي ومن في طبقته من الانبياء والرسل  هم من يؤثرون بالاحداث  وسلوكهم ناتج لامنتج  وهم فعل لا رد فعل  وترى ان عليا في سلوكه ثوابت واضحة تعود الى سمو روحه  ومن ثم مرضاة الله  ولهذا  عندما نقرأ سيرة علي سنراها وحدة واحدة متكاملة في البيت او المسجد او في السوق او ساحة الحرب  ولعل شخصية علي تفردت  بذلك لانها  مرت بمراحل متعددة في حياته  فهو  كان من اقرب المقربيين  للرسول الذي كان حاكم المدينة وصاحب السلطة العليا فيها  ولم نجد في سيرته ان اشتكى منه احد   وعلي  المبعد عن القرار والمعارض  هو ذاك الشخص الذي تولى خلافة المسلمين بعد ذلك
ولم يكن عليا يحاول ان يتميز على احد ولكن كانت الاحداث تدفع الى بروزه نتيجة سلوكه السوي الذي ينطلق به الى الله اولا واخيرا  فهو صاحب الروح التي تتسامى الى السماء وتعانق الملكوت لكنها متمثلة بجسد يمشي على الارض ولهذا لم يكن للخوف  مكان في قلبه  ولامعنى له عنده  وعندما امره الرسول بالمبيت على فراشه فكانت الموافقة الفورية دون ان يكون هناك حوار عن المبيت  ولم تنقل لنا السيرة عن هذا الامر بل ذكرت ان الرسول  نقله الى حادث اخر حيث سيقتله اشقى الاخرين  ومع هذا لم يكن من علي جواب الا قوله ((يا رسول الله أَفِيْ سلامة من ديني؟))  فكان جواب الرسول ((قال: نعم. )) فقال علي (( إذاً لا أبالي))
 لم تكن حسابات علي  كيف ولماذا ومتى واين  وهل نمنع ذلك ام لا ؟ بل كان السؤال افي سلامة من ديني ومن ثم لا أبالي  ولم  تحدثه نفسه بالالم او الحسرة  او شيء مما يتعرض له اي انسان حينما يتم اخباره بطريقة قتله !!!لا ردود افعال ولا كابة ولا تحسر  بل كله استبشار وسرور ولهذا كان جواب علي عليه السلام عندما تلقى ضربة السيف من ابن ملجم  فزت ورب الكعبة  !!!.
هذا الفوز كان نتيجة للسلوك  المتوازن الذي مارسه علي عليه السلام في حياته  لم يغضب الا لله  حتى في اشد حالات الانفعال وهي القتال  ولعل حادثة معركة الخندق مع اشرس الفرسان  عمر بن عبد ود العامري وحينما حاول  (اهانته) من اجل استفزازه وبعد يأسه  وانقضاء حيلته   نرى عليا يترفع   عن الرد الفوري بقتله  ولكنه أخذ  وقته  أو نقول التقط انفاسه ليعود ويقتل عدو الله غريمه في ساحة المعركة وعندما ساله  المسلمون لم التاخر في الاجهاز عليه  اجابهم بما حصل  وان يكون رده وقتله لله كما اوردت لنا ذلك كتب التاريخ ونقلها لنا اصحاب السير ...
 وعندما تولى الامر  لم ينقل لنا ما تغير من سلوك علي  
فعلي المعارض  المظلوم  لم يختلف  عن علي الحاكم   ولم تفعل السنون فعلها  ولم تؤثر الا في الشكل  وبقت الحكمة واحدة والخطاب واحد  من حيث المضمون    وبقي سلوكه  المتوازن السوي  
لايستفزه فعل  خارجي او  رد ناصبي او سلوك بعض المتحسرين ولكنه يتالم للايتام  والمحتاجين عندما يتفقد احوال المسلمين  في الكوفة  ..
وكان علي الحاكم في الكوفة   هو علي  الصحابي في المدينة  وحاله كبقية الرعية ولعل التوثيق الذي اورده  ضرار  في مجلس  معاوية بن سفيان عدو علي الاول اصدق توثيق لحال علي  (عليه السلام)فهي شهادة لرجل امام عدو قد يقوم بقتله اذا ما ذكر خصلة حميدة له فكيف اذا وصفه بهذه الاوصاف  بعد ان تردد في الوصف وبعد الحاح معاوية  واعطائه الامان  جاء تقريره كشهادة للتاريخ بعد شهادة ابو الحسن عليه السلام ((كَانَ وَ اللَّهِ فِينَا كَأَحَدِنَا ، يُدْنِينَا إِذَا أَتَيْنَاهُ ، وَ يُجِيبُنَا إِذَا سَأَلْنَاهُ ، وَ كُنَّا مَعَ دُنُوِّهِ مِنَّا وَ قُرْبِنَا مِنْهُ لَا نُكَلِّمُهُ لِهَيْبَتِهِ ، وَ لَا نَرْفَعُ أَعْيُنَنَا إِلَيْهِ لِعَظَمَتِهِ ، فَإِنْ تَبَسَّمَ فَعَنْ مِثْلِ اللُّؤْلُؤِ الْمَنْظُومِ ، يُعَظِّمُ أَهْلَ الدِّينِ ، وَ يُحِبُّ الْمَسَاكِينَ ، لَا يَطْمَعُ الْقَوِيُّ فِي بَاطِلِهِ ، وَ لَا يَيْأَسُ الضَّعِيفَ مِنْ عَدْلِهِ ، وَ أَشْهَدُ بِاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُهُ فِي بَعْضِ مَوَاقِفِهِ ، وَ قَدْ أَرْخَى اللَّيْلُ سُدُولَهُ ، وَ غَارَتْ نُجُومُهُ ، وَ هُوَ قَائِمٌ فِي مِحْرَابِهِ ، قَابِضٌ عَلَى لِحْيَتِهِ ، يَتَمَلْمَلُ تَمَلْمُلَ السَّلِيمِ ، وَ يَبْكِي بُكَاءَ الْحَزِينِ ، فَكَأَنِّي الْآنَ أَسْمَعُهُ وَ هُوَ يَقُولُ : يَا دُنْيَا ، يَا دُنْيَا ، أَ بِي تَعَرَّضْتِ ؟ أَمْ إِلَيَّ تَشَوَّقْتِ ؟ هَيْهَاتَ ، هَيْهَاتَ ، غُرِّي غَيْرِي ، لَا حَاجَةَ لِي فِيكِ ، قَدْ أَبَنْتُكِ ثَلَاثاً لَا رَجْعَةَ لِي فِيهَا ، فَعُمُرُكِ قَصِيرٌ ، وَ خَطَرُكِ يَسِيرٌ ، وَ أَمَلُكِ حَقِيرٌ ، آهِ آهِ مِنْ قِلَّةِ الزَّادِ ، وَ بُعْدِ السَّفَرِ ، وَ وَحْشَةِ الطَّرِيقِ ، وَ عِظَمِ الْمَوْرِدِ .))
ولعل جواب معاوية بن ابي سفيان   وهو عدو  لعلي امضاء لما قاله الرجل  فقد اتي جواب معاوية سريعا في لحظة صدق  واضحة على الرجل فقد نقلت لنا كتب السيرة ان دموع معاوية قد نزلت وهو يجيب الرجل  ((
فَوَكَفَتْ دُمُوعُ مُعَاوِيَةَ عَلَى لِحْيَتِهِ فَنَشَفَهَا بِكُمِّهِ ، وَ اخْتَنَقَ الْقَوْمُ بِالْبُكَاءِ .
ثُمَّ قَالَ ـ معاوية ـ : كَانَ وَ اللَّهِ أَبُو الْحَسَنِ كَذَلِكَ ))
نعم سيرة علي اجبرت الد اعدائه للاعتراف  به
وهكذا كان سلوك علي  مؤثرا يجذب من كان على الفطرة السليمة وحتى يومنا هذا
ويولد الحسد والبغضاء والنفور  لمن لايملك فطرة سليمة  
 وهل سيجذبنا سلوك علي لنتاسى به  ام نسكب دموع معاوية وننفر من ونقاتله  
فهذا هو الامتحان
وسلام عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حيا مناديا فزت ورب الكعبة

أخر الأخبار