• بغداد
    +31...+34° C
  • الموصل https://www.booked.net/
    +23...+29° C
  • كربلاء https://www.booked.net/
    +32...+37° C

السياسة والثقافة

السياسة والثقافة

  • 13-05-2020, 16:48
  • مقالات
  • 599 مشاهدة
خليل الطيار

السياسة والثقافة

الضرورة والمؤسفات

خليل الطيار

المثقفون بمختلف عناوينهم يلعبون دورا أساسيا في إثراء منظومة القيم في المجتمع وبالنتيجة فهم بوابة اثراء هويته المعرفية ثقافيًا وسياسيًا واجتماعيا ومنع حدوث التصحر المعرفي والفراغ القيمي السائد اليوم في تعامل المواطن مع قضايا وطنه وأزماته .

وعلى مر التاريخ شكلت الثقافة قيمة معرفية في منجزها المقلق والنافع والمؤثر لتحفيز السياسي نحو تحصين مشروعه البنائي بما يقدمه المثقف خلال اشتغاله الثقافي ومنجزه الفكري ،الذي تشكل قضايا الإنسان مفاتيح لكشف  الاضرار المحيطة بحياته العامة ، لا يتقصد بها لغة التسقيط المباشر ولا لغة الشتم والتعبير الظاهري بل ينحو بها باتجاه اللغة الجمالية الدالة على احداث فعل التطهير والتحرر لقيادة الانسان نحو تغير نفسه اولا ليتمكن من ناصية تغيير واقعه ومحيطه ومجتمعه .

وهذا المنجز الذي يتجلى بمختلف أجناس وألوان الثقافة هو الذي يحدد المسار والحياة الثقافية لاي بلد تجعل من مكانة المثقفين فيه، اهم  ادوات الاصلاح والاعمار في مشروع بناء الانسان .

المؤسف الاول، منذ العام ٢٠٠٣ والاسباب مختلفة تراجع هذا المنظور ليتحول المثقف العراقي ولعدة اسباب ابرزها إهمال (السياسي) لدوره ليتحول من متحرر رأي ومنجز إثرائي ، الى مصرح رأي ومتقفي اثر ، ومتخندق خلف واجهة محددة وبالتالي خسرنا دوره التنويري وأضعنا فرصة ان يكون عنصرا فاعلا في بناء وترصين هوية الانسان العراقي الوطنية.

والمثقف بغض النظر عن بطاقته التعرفيه الشخصية وانتماءاته ومرجعياته قادر ان يتحرك بقوة تحت شعار هوية المواطنة الموحدة ويكسر حواجز الابعاد الطائفية والمذهبية والسياسية ليحلق في رحاب المجس الانساني

فينتج معرفة مسببة للتغير والاصلاح بلا مقيدات انتمائية  ويتجاوز مسافات الحواجز والمقيدات السياسية وبذلك يتعاظم دورة وتكبر مسؤولياته اتجاه المواطن والوطن.

والمؤسف الثاني ان القوى السياسية لم تستوعب قيمة واهمية وزارة الثقافة كاحد ابرز روافد الاستثمار، وراحت تهمشه وتعتبره ترفا غير ذي جدوى فنرى عزوفا عن الاهتمام بوزارة الثقافة وتترك لها اقل نسب مالية في الموازنات السنوية ، وتهمل فيها اعتبارات مكانة وقيمة وحقوق المثقفين ودورهم في تعضيد وتقويم مسار العملية السياسية التي يشكلون فيها رافدًا  فاعلًا في توسعة مساحة النقد والجدل المعرفي ، لو اتيحت للمثقفين  الفرصة ليمارسوا دورهم الفاعل والمؤثر في المجتمع .

 المؤسف الثالث ،يتجلى بأن اغلب المخاضات العسيرة لولادات الحكومات المتعاقبة كانت القوى السياسية فيها تبتعد عن التفكير الجاد في ان تختار وزارة الثقافة كمشروع لبرنامجها الاصلاحي والتنموي وتعتبره قضية ثانوية خاسرة في مفهوم الفساد والإفساد السياسي السائد .

أعمار الانسان والاهتمام  بثقافته المعرفية ، احدى نقاط رقي الدول المتحضرة والمزدهرة وهي صمام الأمان لمنظومة الدولة للتعامل والتحرك وسط شعب وجيل واعي متبصر يلتصق بجذوره القيمية والتاريخية والحضارية والتراثية ، ويعمل على ان يدافع عن قضاياه دفاعا وجوديا يخلو من العبث والفوضى. 

ان الدولة بحكومتها وسلطاتها التشريعية والتنفيذية في ظل ما تواجهه من تحديات جسيمة ينبغي ان تتحمل مسؤولية اعادة النظر بضرورات  إنعاش الحياة الثقافية  والاهتمام الخاص بالمثقف ودعم مشروعه المعرفي ،وخلاف ذلك ستفقد المنظومة السياسية احد ابرز مرتكزات نجاحها في عملية تحقيق البناء والاعمار والازدهار في العراق .

أخر الأخبار