يستمر التعطيل لجلسات مجلس النواب العراقي في دورته الخامسة وغياب أعضاء المجلس عن الحضور "منذ أكثر من 6 أشهر"، بحسب أعضاء في البرلمان، رغم وجود قوانين كثيرة متراكمة في أدراج المجلس تنتظر التصويت عليها.
ورغم إعلان مجلس النواب عن عقد جلسته الاعتيادية يوم الثلاثاء الماضي، لكنه قرر تأجيل انعقادها لمدة نصف ساعة لعدم اكتمال النصاب القانوني، ومن ثم قرر تأجيلها نهائياً للسبب ذاته، في ظاهرة تكررت في اليوم الذي سبقه.
وبعدها بساعات قليلة، قررت رئاسة مجلس النواب إنهاء الفصل التشريعي الأول من السنة التشريعية الرابعة "الدورة الانتخابية الخامسة" بدءاً من اليوم الجمعة.
وذكرت الدائرة الإعلامية لمجلس النواب في بيان ورد لوكالة شفق نيوز، أنه استناداً إلى المادة (57) من دستور جمهورية العراق والمادة (22) من النظام الداخلي لمجلس النواب قررت رئاسة المجلس انهاء الفصل التشريعي الاول من السنة التشريعية الرابعة - الدورة الانتخابية الخامسة.
ويعزو نواب التعطيل الذي رافق عمل البرلمان خلال الأشهر الماضية إلى مجموعة أسباب، منها ما يتعلق بوجود "اتفاق" بين الحكومة ورئاسة المجلس للتعطيل، والسعي لإفشال رئيس المجلس محمود المشهداني، والحملة الانتخابية التي بدأ بها بعض النواب مبكراً، فضلاً عن مؤتمر القمة العربية المقرر عقده في 17 أيار/مايو الجاري في بغداد.
ويرى النواب أن جلسة البرلمان التي لم تُعقد قبل ايام قلائل ربما تكون آخر جلسة نظراً لانتهاء الفصل التشريعي بحسب النظام الداخلي للبرلمان لليوم الجمعة 9 أيار/مايو الجاري، وبعدها تبدأ العطلة التشريعية التي تستمر شهرين.
تعطيل منذ 6 اشهر
وبهذا الصدد، يقول مختار الموسوي، النائب عن تحالف الفتح بزعامة هادي العامري، إن "مجلس النواب معطل منذ أكثر من 6 أشهر، وفي جلسة يوم الثلاثاء الماضي، كان حضور الأعضاء بحدود 6 نواب فقط، رغم وجود قوانين عديدة متراكمة منها الموازنة وقانون الحشد والتقاعد".
وعن أسباب هذا التعطيل، يرى الموسوي خلال حديث له ، أن "المشكلة هي برئاسة المجلس التي لم تضع ضوابط صارمة لضمان دوام أعضاء البرلمان".
ويشير إلى وجود اتفاق بين الحكومة ورئاسة البرلمان بتعطيل المجلس، وعدم استجواب أي وزير، فضلاً عن وجود مساعٍ لإفشال رئيس البرلمان بتعطيل أعمال المجلس.
وفي خضم أزمة حضور النواب، وجّه النائب الأول لرئيس مجلس النواب العراقي محسن المندلاوي، الثلاثاء الماضي، الدائرتين الإعلامية والبرلمانية بنشر أسماء أعضاء مجلس النواب "المتغيبين" عن الجلسة.
وبحسب بيان مقتضب صدر عن مكتبه، فإن التوجيه تضمن استقطاع النسبة المالية المقررة من رواتبهم.
وبلغ عدد النواب المتغيبين عن جلسة اليوم، 190 نائبا، بينما حضر 139 نائبا في جلسة اليوم التي لم يكتمل نصابها.
عطلة تشريعية لشهرين!
من جهته، يقول النائب المستقل حسين السعبري، إن "المجلس سيدخل في العطلة التشريعية ابتداءً من اليوم، وتستمر شهرين، لكن حتى بعد انتهائها لا يُتوقع استئناف الجلسات".
ويرجع السعبري، السبب إلى "القمة العربية التي ستعقد ببغداد والرغبة بالإبقاء على الجو الإيجابي بين القوى السياسية التي قد يعكرها عقد جلسة قد تشهد توترات داخل البرلمان، وبعد انتهاء القمة سيكون هناك حج ومحرم، ومن المستبعد حضور أعضاء البرلمان فيهما، وبعدها تبدأ التحضيرات للانتخابات".
كما يشير السعبري، إلى أن "هناك مقترحاً لتكون العطلة التشريعية شهراً واحداً أو الذهاب إلى عقد الجلسات الاستثنائية لإكمال القوانين المتبقية منها التي تخص المعلمين والمبرمجين والبطاقة الحمراء والشهادات والاستثمار الصناعي وغيرها، لكن في الجلسات الاعتيادية لا يحضر النواب فكيف بالجلسات الاستثنائية”.
ومع انتهاء الدورة البرلمانية العراقية (الخامسة)، كشفت إحصائية ، أن البرلمان عقد 51% فقط من الجلسات المفترضة وفق النظام الداخلي، الأمر الذي انعكس سلباً على الدورين التشريعي والرقابي للمجلس، بحسب نواب ومراقبين.
منذ بداية الدورة النيابية في كانون الثاني/يناير 2022، عقد مجلس النواب العراقي 132 جلسة فقط، في حين ينص النظام الداخلي على عقد 256 جلسة سنوياً، كما حدد النظام الداخلي عقد 8 جلسات شهرياً، وفصلاً تشريعياً يمتد 4 أشهر، بواقع 32 جلسة في كل فصل.
ضعف في الرقابة والتشريع
وبناءً على هذا التعطيل، يرى عقيل الرديني، المتحدث باسم ائتلاف "النصر" بزعامة رئيس الوزراء العراقي الأسبق حيدر العبادي، أن "الدورة الحالية لمجلس النواب لم تكن بالمستوى المطلوب في الرقابة والتشريع، لذلك كان دور البرلمان ضعيفاً".
وفي حديث صحفي له ، يضيف أن "الدورة الحالية شارفت على الانتهاء ولم يتم استجواب أي وزير أو من الوكلاء أو المديرين العامين أو رؤساء الهيئات، في وقت هناك مؤشرات كبيرة على سرقات للمال العام وفساد مستشرٍ في الوزارات والهيئات".
ووفقاً للرديني، فإن مجلس النواب بات بلا روح وطنية، حيث كانت هناك قوانين جدلية شكلت تجمعات داخل البرلمان، وأصبح جزء من البرلمان يدافع عن جزء من الشعب، وهذه الصبغة ليس من المفترض أن تكون في البرلمان العراقي، وقد ينبئ هذا التشرذم بمستقبل خطير على الديمقراطية العراقية بشكل عام.
وعن التعطيل الحالي لجلسات البرلمان، يستبعد انتهاء عمل البرلمان خلال الأشهر المقبلة، مؤكداً: "بل ستكون هناك جلسات لأن النظام الداخلي ينص على استمرار عقد الجلسات لأربع سنوات تشريعية كاملة، لكن ربما بعض النواب انشغل مبكراً في حملته الانتخابية، أما تعطيل البرلمان منذ الآن، فهذا غير جائز ولا يوجد أي مسوغ قانوني له".