• بغداد
    +31...+34° C
  • الموصل https://www.booked.net/
    +23...+29° C
  • كربلاء https://www.booked.net/
    +32...+37° C

بغداد تفقد تأثيرها الإقليمي.. العراق على "الهامش" في معادلة الشرق الأوسط الجديد

بغداد تفقد تأثيرها الإقليمي.. العراق على "الهامش" في معادلة الشرق الأوسط الجديد

  • اليوم, 19:18
  • تقاير ومقابلات
  • 13 مشاهدة
"Today News": متابعة 

يشهد الدور الإقليمي للعراق حالة من التراجع الملحوظ في السنوات الأخيرة، رغم مكانته التاريخية والسياسية التي تؤهله ليكون أحد أبرز الفاعلين في إدارة ملفات الشرق الأوسط.

ويرى المختص في الشؤون السياسية والإقليمية حسين الأسعد أن هذا التراجع لا يعود إلى ضعفٍ في إمكانات العراق بقدر ما يعكس تعاملاً عربياً غير منصف مع دوره المحوري.

وقال الأسعد في حديثٍ له ، اليوم الأربعاء ، إن "العراق يتعرض في الآونة الأخيرة لتجاهل واضح ومتعمد في أغلب الملفات المتعلقة بإدارة شؤون المنطقة العربية، رغم أنه يعد من أبرز الدول التي تمتلك ثقلًا سياسيًا واستراتيجيًا وتاريخًا عريقًا في دعم الاستقرار الإقليمي"، مشيرًا إلى أن هذا التهميش يتنافى مع حقائق الجغرافيا السياسية ودور بغداد التاريخي في ضبط توازن المنطقة.

تشير دراسات صادرة عن مراكز بحثية دولية، إلى أن العراق يقف في موقع جيوسياسي معقد، بين محورين متضادين: النفوذ الإيراني المتصاعد من جهة، والتكتل العربي الحذر من عودة بغداد إلى مركز القرار من جهة أخرى.
ويؤكد الأسعد أن "المؤسف في المشهد العربي الحالي هو إدارة الملفات الحساسة، سواء الأمنية أو الاقتصادية أو حتى الدبلوماسية، دون إشراك العراق بشكل فعّال، وكأن بغداد أصبحت خارج دائرة القرار العربي، وهذا التجاهل لا يعكس حقيقة الدور الذي يمكن للعراق أن يؤديه في تحقيق التوازن، خصوصاً في ظل التقاطعات السياسية بين دول المنطقة".

ويرى محللون أن العراق فقد جزءاً من زخمه السياسي الخارجي بسبب الانقسامات الداخلية، وعدم استقرار القرار المؤسسي، ما جعل صوته في الحوارات الإقليمية محدود التأثير. فالتنازع بين القوى الحزبية داخل النظام السياسي أضعف القدرة على إنتاج سياسة خارجية موحدة يمكن الدفاع عنها في المحافل الدولية.

ويضيف الأسعد أن "العراق قدم خلال السنوات الماضية مبادرات بنّاءة للحوار والتقارب بين دول الجوار، وكان له دور ملموس في فتح قنوات تواصل بين أطراف كانت على خلاف، إلا أن هذه الجهود لم تقابل بالاعتراف أو التقدير من بعض العواصم العربية".
وتُشير تقارير “مركز راسيناه للدراسات” إلى أن تلك المبادرات، مثل قمة بغداد للتعاون والشراكة عامي 2021 و2023، كانت محاولات عراقية لإعادة بناء دور الوسيط العربي، لكنها اصطدمت بتباينات المواقف الخليجية وتردد بعض القوى العربية في منح بغداد موقع القيادة.

وبحسب قراءات متقاطعة، تتعدد الأسباب التي جعلت العراق يبدو في موقع المتفرج في كثير من القضايا الإقليمية. فإضافة إلى تداخل المصالح الإقليمية والدولية، هناك ضعف في أداء المؤسسات الدبلوماسية العراقية، وغياب التنسيق بين ملفات السياسة والأمن والاقتصاد. كما أن بعض القوى الدولية ما زالت تنظر إلى العراق من زاوية أمنية أكثر منها سياسية، ما يقلل من وزنه في صناعة القرارات الإقليمية الكبرى.

ويؤكد الأسعد أن "تهميش العراق في المشاورات الإقليمية الكبرى يعد خطأً استراتيجياً، لأنه يضعف الموقف العربي الجماعي ويفقد المنطقة توازنها"، موضحًا أن العراق يمتلك القدرة على لعب دور الجسر بين الأطراف المتنازعة، لما يمتلكه من شبكة علاقات متوازنة مع إيران ودول الخليج وتركيا وسوريا.

وتذهب دراسات إلى أن العراق ما زال يحتفظ بأدوات مهمة في ملفات الطاقة والوساطة الدبلوماسية، لكنه يحتاج إلى استراتيجية وطنية جديدة توحّد الخطاب السياسي وتعيد الثقة الإقليمية بقدرته على المبادرة.

ويختم الأسعد حديثه بالقول إن "العراق اليوم بحاجة إلى أن يستعيد موقعه الطبيعي كفاعل محوري في العالم العربي، لا كدولة هامشية تُستدعى عند الحاجة فقط"، مشددًا على أن "إعادة النظر في طريقة التعامل العربي مع العراق ضرورة استراتيجية من منطلق الشراكة لا التجاهل، ومن مبدأ التكامل لا الإقصاء، لأن أي استقرار في الشرق الأوسط لن يتحقق من دون حضورٍ فاعلٍ لبغداد في معادلة القرار".

ويرى مراقبون أن إعادة تموضع العراق لن تكون ممكنة إلا من خلال توحيد القرار السياسي الداخلي، وتفعيل الدبلوماسية الاقتصادية، وبناء تحالفات عقلانية تراعي مصالحه الوطنية. فالعراق، بحسب أغلب التحليلات الدولية، ما زال يمتلك الموقع والقدرة ليكون صانع توازن لا تابعاً لأي محور، شرط أن يتحرك برؤية واقعية ومؤسسات قادرة على تنفيذها.


المصدر : وكالات 

أخر الأخبار