• بغداد
    +31...+34° C
  • الموصل https://www.booked.net/
    +23...+29° C
  • كربلاء https://www.booked.net/
    +32...+37° C

قانون التحدي والاستجابة..... هل تكشف فلسفة التاريخ سر باقر الصدر؟

قانون التحدي والاستجابة..... هل تكشف فلسفة التاريخ سر باقر الصدر؟

  • 11-04-2024, 16:44
  • مقالات
  • 65 مشاهدة
د. عمران كاظم الكركوشي

"Today News": بغداد 
قانون التحدي والاستجابة هو نظرية اجتماعية طورها المؤرخ البريطاني أرنولد توينبي في كتابه "دراسة في التاريخ". تفترض هذه النظرية أن الحضارات تنشأ وتنمو استجابةً للتحديات التي تواجهها. وتتلخص مكونات القانون: 1- التحدي: هو أي عقبة أو صعوبة تواجهها الحضارة، مثل الحروب، والكوارث الطبيعية، أو النقص في الموارد.2- الاستجابة: هي الجهود التي تبذلها الحضارة للتغلب على التحدي. ويعمل القانون عندما تواجه الحضارة تحديًا، فإن ذلك يدفعها إلى بذل المزيد من الجهد والابتكار لإيجاد حلول. وقد تؤدي هذه الاستجابة إلى تطورات جديدة في التكنولوجيا، والثقافة، والسياسة. وإذا كانت الحضارة ناجحة في التغلب على التحدي، فإن ذلك يقويها ويجعلها أكثر قدرة على مواجهة التحديات المستقبلية. ومع ذلك، إذا فشلت الحضارة في التغلب على التحدي، فقد يؤدي ذلك إلى تراجعها أو حتى انهيارها. ومن أمثلة على تطبيق القانون: الثورة الصناعية: نشأت الثورة الصناعية في أوروبا استجابةً للتحديات التي واجهتها أوروبا خلال القرن الثامن عشر، مثل نقص الموارد الطبيعية، وزيادة عدد السكان، والحروب. والحضارة الإسلامية: التي نشأت-بحسب هذا القانون-  استجابةً للتحديات التي واجهتها شبه الجزيرة العربية في القرن السابع الميلادي، مثل الفقر، والجهل، والصراعات القبلية. ولا يزال قانون التحدي والاستجابة نظرية مهمة لفهم نشوء الحضارات وتطورها. وينطبق قانون التحدي والاستجابة على جميع أنواع التحديات، سواء كانت فردية أو جماعية. ويمكن استخدام القانون لفهم كيفية تعامل الأفراد والمجتمعات مع التحديات التي تواجههم. ونعتقد ان هذا القانون هو الاكثر منهجية في فهم الالماعة العبقرية للشيد محمد باقر الصدر. فلقد عاش الشهيد محمد باقر الصدر في سياق تاريخي لا يمكن فهمه تماما الا بوساطة الفهم الشامل للبيئة التي كانت تشكل منطق الاحداث وحركتها آنذاك. اذ اطبقت الشيوعية والاشتراكية من جانب والليبرالية والرأسمالية من جانب اخر على العالم بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، واتسمت سياستها بالعدوانية والاتجاه الى تقسيم العالم وردع كل الحركات المحلية وذلك استثمارا للفوز في الحرب العالمية الثانية، وكانت المنطقة الاسلامية عامة والشرق الاوسط خاصة في عين العاصفة لاعتبارات الجغرافيا السياسية وجغرافيا الطاقة وحركة الاتصال بين القوى لعظمى وتحديد مجالات حراك القوة العسكرية والسياسية. وبالتالي كان التحدي الذي يواجه المنطقة في صفتها الدينية الاسلامية او الثقافية والبشرية وكذلك السياسية المتمثلة بوجود انظمة مستبدة تعمل بشكل مطلق بأوامر احدى الكتلتين المتصارعتين او كلاهما. والعراق آنذاك وفي فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية استغرق عميقا في هذه البيئة المشوهة، والتي لا يشعر بخطورتها الا المسؤولون على المعتقدات الدينية والفكرية والروحية في المنطقة، وكانت النجف الاشرف المحرك الاول في الاستجابة لهذا التحدي العالي الخطورة. وقد يكون القدر الالهي ان تكون هناك (إلماعة) فذة تمثلت في شخصية السيد محدد باقر الصدر الذي كشف عن قدرات نادرة في الفهم والتحليل واختيار الوسيلة التي تحافظ على وجود وحياة المجتمع وعقيدته، وعلى اساس التفاعل السلمي مع الاخر بتدمير شرعيته الاخلاقية والفكرية والثقافية، فصنع الصدر فلسفته وكتاباته واسهاماته التي فككت الفلسفات المهيمنة (الاشتراكية والرأسمالية كلاهما) آنذاك، ووفرت سدا لحماية الايمان من التصدع، ومستوى العقائد في المجالات البشرية التي تعيش في المنطقة الاسلامية. وبالتالي فان فهم اعمال الصدر كونها استجابة تاريخية لتحدي تاريخي عميق امر لا مفر منه، والمنهج الوحيد في استيعاب مستوى تطور موقف باقر الصدر وتأثير افكاره التي استطاعت محاكمة الفلسفات المهيمنة آنذاك وإخضاعها الى الميزان الاخلاقي الذي تفتقر له كلا الفلسفتين الاشتراكية والرأسمالية، والتي نعيش الان التداعيات الكارثية عل نسق الاخلاق في عالمنا المعاصر بسبب غياب الوازع الأخلاقي الشامل في هذه الفلسفات. ووفق هذا المنطق فان باقر الصدر شكل استجابة عالية المستوى لتحدي وجودي واجهته المنطقة ومنظومة العقائد فيها وعلى راسها العقيدة الاسلامية التي وجدت في افكار الصدر وفلسفته الشاملة (محفظة) ابقتها حية حتى الساعة. وكانت استجابة الصدر منعطفا في فهم قدرات المنطقة وفعالية الفكر الإسلامي وشمول تأثيره العوالم الجغرافية للعالم. وهو ما يشير من بعيد ان قرار تصفيته قد يكون له محفزات او اذون دولية من القوى العظمى، اذ تحول فكر الشهيد بدوره من استجابة مشرقية الى تحد فلسفي فكري واخلاقي شامل لتلك القوى الظلامية التي كانت تعمل على تصفية المنطقة لتكون جزءا من جائزتها بعد انتصارها في الحرب العالمية الثانية. ولا يمكن تصور البيئة المشرقية دون وجود محمد باقر الصدر الا ان تكون منعطفا مظلما خارج عن السياقات الحضارية وفاقد للقدرة على البقاء عقيدة ومادة ومشروعا أخلاقيا. الا ان باقر الصدر نزع هذه المنطقة من بين مخالب الهيمنة الغربية والشرقية ومنحها استقلالا وظيفيا في إطار حركة التاريخ فاعلا حتى الساعة

أخر الأخبار