الإيثار لنصرة المظلوم أبو الفضل العباس (ع) أنموذج الوفاء الخالد
"Today News": بغداد
يُعدّ أبو الفضل العباس بن الإمام علي بن أبي طالب (عليهما السلام) قائدًا بارزًا في معركة كربلاء ضد الطغاة، ومثالًا نادرًا للوفاء والإيثار والبطولة.
فقد جسّد أسمى معاني الوفاء بالعهد، والصدق في القول والفعل، ونصرة المظلوم بالتضحية بنفسه وإخوته وأهله في سبيل إعلاء كلمة الحق والدفاع عن القيم والمبادئ الأصيلة.
وقد تجلّى وفاؤه بأبهى صوره في دفاعه عن سيّد الشهداء الإمام الحسين (عليه السلام) وأهل بيت النبوة، وفي مقدمتهم الإمام زين العابدين (عليه السلام) والسيّدة زينب الكبرى (عليها السلام) وأبطال الطف، حتى قُطِعت يداه وأضحى جسده الطاهر هدفًا لسهام الأعداء.
إنّ الوفاء بالعهد من أعظم الفضائل التي ترفع قدر الإنسان وتحفظ تماسك المجتمعات. وقد وصف القرآن الكريم الموفين بالعهد بأبهى الصفات، فقال تعالى:
﴿وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ﴾ (البقرة: 177).
لكن هذه القيم العظيمة تراجعت بين الناس تحت هيمنة القوي على الضعيف، رغم كثرة الشعارات التي ترفع رايات حقوق الإنسان والعدل في ظاهرها، بينما واقعها كثيرًا ما يخلو من التطبيق الصادق.
وقد لخّص أبو الفضل العباس (عليه السلام) هذه الحقيقة بعبارة بليغة حين قال: "صديق كل امرئٍ عقله، وعدوّه جهله".
وما تواجهه البشرية اليوم من ظلم واستبداد إنما هو ثمرة جهلها بمصيرها وابتعادها عن طاعة الله وتشريعاته.
لقد وقف العباس (عليه السلام) إلى جانب أخيه الإمام الحسين (عليه السلام) في ملحمة كربلاء الخالدة، حيث سُطّرت أعظم معاني الفداء والتضحية. وقد نفّذ وصيّة والدته السيدة الجليلة أم البنين الكلابية (عليها السلام)، حين أوصته أن يكون درعًا للإمام الحسين (عليه السلام) وأهل بيته، فكان وفيًا له حتى آخر لحظة من حياته.
وقدّم العباس (عليه السلام) إخوته من أمه وأبيه: عبد الله وجعفر وعون، فداءً للإمام الحسين (عليه السلام)، وقال لهم: "تقدّموا حتى أراكم قد نصحتم لله ولرسوله".
فكانوا كما أراد، مضوا شهداء كرامًا دفاعًا عن الحق.
وكان العباس (عليه السلام) حامل لواء أخيه الإمام الحسين (عليه السلام) وقائد فرسانه، وأثبت شجاعةً نادرة حتى اعترف أعداؤه بشجاعته العظيمة، فقال أحد فرسان جيش الطاغية يزيد وهو يحمل رأسه: "لقد برز لنا صاحب هذا الرأس ففررنا بين يديه كالجراد، ولم نقدر عليه إلا غدرًا حيث قطعنا كفيه اولا بمكيدة وأمطرناه بالسهام بعدها ".
وقد شهد له أئمة أهل البيت (عليهم السلام) بعظيم منزلته ومقامه الرفيع، فقال عنه الإمام السجاد (عليه السلام):
«رحم الله عمّي العباس، فلقد آثر وأبلى وفدى أخاه بنفسه حتى قُطعت يداه، فأبدله الله عز وجل جناحين يطير بهما مع الملائكة في الجنة كما جعل لجعفر بن أبي طالب. وإنّ للعباس عند الله تبارك وتعالى منزلةً يغبطه عليها جميع الشهداء يوم القيامة».
كما قال عنه الإمام الصادق (عليه السلام): "كان عمّي العباس نافذ البصيرة، صلب الإيمان، جاهد مع أخيه الحسين وأبلى بلاءً حسنًا ومضى شهيدًا".
وقد جمع العباس (عليه السلام) بين الفروسية النادرة والجمال البهيّ، حتى لُقّب بـ (قمر بني هاشم).. أبو الفضل، السقّاء، ساقي العطاشى، سبع القنطرة، الكفيل، قمر العشيرة، باب الحوائج، حامل اللواء، بطل العلقمي، وكان موضع ثقة الإمام الحسين (عليه السلام) وأهل بيته، وسندًا لهم في أحلك لحظات المحنة.
استُشهد العباس (عليه السلام) في العاشر من محرّم سنة 61 هـ، ( ولادته في 4 شعبان 26 هـ - 5-5-645 م في المدينة المنورة، وشهادته في 10-10- 680 م في كربلاء ) عن عمر ناهز أربعةً وثلاثين عامًا، وترك للأجيال مدرسةً خالدةً في الوفاء والإيثار والتضحية لنصرة المظلوم والتصدّي للظلم والجور.
سلامٌ على بطل كربلاء، سلامٌ على حامل لواء الحق الذي سيظلّ أنموذجًا خالدًا ونورًا يهتدي به الأحرار في زمنٍ يندر فيه الوفاء.
إنّه رمزٌ خُلّد في صفحات التاريخ بدمه الزكي وتضحياته العظيمة.
وليد الحلي
3 تموز 2025
7 محرم 1447
أمس, 22:34 الإيثار لنصرة المظلوم أبو الفضل العباس (ع) أنموذج الوفاء الخالد
وليد الحلي1-07-2025, 13:04 لماذا يذعن الكيان بخسائره بينما المرندي ينكرها؟!!
د.رعدهادي جبارة1-07-2025, 11:31 في ذكرى مأساة ما بعد ثورة العشرين
د. علي المؤمن30-06-2025, 18:34 الأبعاد الإنسانية والتربوية لنهضة الإمام الحسين(ع)
وليد الحلي