• بغداد
    +31...+34° C
  • الموصل https://www.booked.net/
    +23...+29° C
  • كربلاء https://www.booked.net/
    +32...+37° C

وقفة في ذكرى الشهيدة بنت الهدى

وقفة في ذكرى الشهيدة بنت الهدى

  • 9-04-2024, 16:00
  • مقالات
  • 63 مشاهدة
مصطفى حبيب

"Today News": بغداد 

لا نبالغ اذا قلنا أن خسارة المجتمع العراقي لامرأة مثل بنت الهدى لا يقل عن الخسارة الفادحة التي حلت بهذا المجتمع لفقد شقيقها محمد باقر الصدر.. ويمكن أن نزعم أن الرحيل المبكر لكليهما أوقف بنسبة كبيرة إمكانية التواصل في المشروع التغييري الذي استهل به السيد الصدر حياته الفاعلة داخل المجتمع المحدود في الحوزة الدينية قبل أن ينطلق في المجتمع الأوسع ليشمل العراق كله لينطلق لاحقا إلى ما وراء الحدود..
ما يجمع بنت الهدى وأخاها أنهما نشآ كتربين معا. يؤيد ذلك ما روي عن شغفهما بالمطالعة في مقتبل العمر إذ كانا يشتريان الكتاب فيقرآنه وبعد إكمال قراءته والاطلاع عليه وبسبب قلة ذات اليد يستبدلانه بكتاب آخر ويدفعان مبلغا بسيطا لصاحب المكتبة مقابل هذه الخدمة. يؤيد ما ذكرته أيضا الفارق البسيط في العمر بينهما الذي لا يتعدى بضع سنوات..
كانت الشهيدة بنت الهدى تمتلك طموح العلماء وهي تتواصل ثقافيا مع مسار أخيها العلمي. وعلى الرغم من التقاليد السائدة في محيط الحوزة العلمية بالنجف الأشرف من ندرة ارتياد المرأة للحوزة التي كانت مقتصرة على الرجال فإن بنت الهدى وضعت نفسها في مسار مواز لا يبعد كثيرا عن مسار الأخ الفقيه والعالم البارع في الدين فوجدت نفسها بارعة في عالم النتاج الثقافي المنوع.
ولو أن فرصة الدراسة في الحوزة كانت في عصرها كما الآن متاحة للنساء كما للرجال لجاز أن نتوقع منها أن تكون واحدة من أبرز العلماء النساء في الفقه وعلوم القرآن والدراسات الدينية العليا المتخصصة ولكانت من النوادر النابغات والمتقدمات في هذا المجال.
احتفظت الشهيدة بنت الهدى بقربها من اجواء العلماء دون أن تدخل في أعماقها وذلك لأولوية حددتها هي في التحرك داخل المجتمع النسوي المتدين الذي كان يلفه التخلف المجتمعي والثقافي والفكري حيث الجهل بمفاهيم الإسلام والتخلف عن فهم الدور الرائد للمرأة في المجتمع والتي كان شقيقها محمد باقر من منطلق المرجعية الدينية والمسؤولية الرسالية يتحرك ويخطط لاقتحامها بمشاعل الفكر والعقيدة وطرح مفرداتها بشكل يواكب العصر لغة ومنهجا وأسلوبا.
السيد محمد باقر الصدر وشقيقته بنت الهدى نذرا نفسيهما للعمل في أوساط الناس وبالقرب منهم فكانت الأخت الفاضلة الواعية الذراع الأيمن لأخيها في بث الوعي في أوساط المرأة العراقية خصوصا المتعلمة والمتفتحة الذهن..
كان كلاهما يتجهان إلى الانفتاح على الأسر المثقفة والمتعلمة وتجاوز الحدود التقليدية التي تأنف من عمل المرأة خارج المنزل لأداء دور وظيفي في المجتمع ويوصي المؤمنين من مريديه ببناء الأسرة المتعلمة من خلال اختيار المرأة المتعلمة والمثقفة للزواج وشركة الحياة ودعوتهم للمضي قدما والعمل في المؤسسات التعليمية ونحوها.
إن الإسلام في ما يؤكد الشهيد الصدر ويترجمه مواقف العالمة الفاضلة بنت الهدى يدفع المرأة كما الرجل لتحمل المسؤولية كاملة أمام الله وهي مسؤوليةتضامنية متكاملة. قال الله تعالى (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض). وهذاهو الخط العام للنظرة الانسانية العميقة في الإسلام للعلاقة بين المرأة والرجل. وهو ما عمل عليه شهيدنا الكبير السيد محمد باقر الصدر وشقيقته الشهيدة المكرمة بنت الهدى..
رحم الله الشهيدة الصابرة بنت الهدى. والشهيد محمد باقر الصدر ورحم الله شهداء العراق جميعا. وليكن هذان الرمزان شعلة تضيء الدرب للعاملين والمجاهدين ما دامت الحياة..

أخر الأخبار