• بغداد
    +31...+34° C
  • الموصل https://www.booked.net/
    +23...+29° C
  • كربلاء https://www.booked.net/
    +32...+37° C

شهر رمضان دعوة غير قابلة للنقض

شهر رمضان دعوة غير قابلة للنقض

  • 14-03-2024, 10:45
  • مقالات
  • 62 مشاهدة
د. عمران كاظم الكركوشي

"Today News": بغداد 
سبحانه وتعالى فرض الفرائض الأبدية على البشر في متوالية زمنية لها اسرارها التي تتكشف مع الأجيال والازمنة، ومن أعظم اسرارها هو التحدي الظاهر للبشر في القدرة على نقضها. فالعبادات تهدف الى جانب ترويض النفس البشرية وتثبيتها ودعم تواصلها مع السماء، فان لها مقاصد تهدف الى قصم الإرادة التي تعترض على تشريعات السماء، ان كانت تلك الارادات تعمل جاهدة على الكفر بالله العظيم كمنهج لها او تلك التي تروم البحث في أساليب التشكيك في صدق المقاصد الربانية والعبادات الدينية والمناسك الإلهية والفرائض الملكوتية.
مع تردد وتكرار العبادات في الزمان فانه تحد للكفر ان يستطيع تقديم دليل او برهان معقول لبطلانها، وبالتي فان دوام التمسك البشري بهذه المناسك دليل دامغ على انسياق الفطرة البشرية والعقل الادمي على مر العصور والازمنة، ورغم صعود الفهم البشري في مسالك العلم والتقنية والتطور والتقدم الا انه يستسلم امام إرادة التوحيد واعمال الفرائض الواجبة اللازمة التي نستغرق فيها كل عام كالصيام والحج مثلا وكل يوم كالصلاة مثلا اخر.
العبادات القائمة زمنيا هي نوافذ للدعوة والتمكين المستدام للمسلمين لمتابعة شؤون دينهم بالكف عن الاهتمام بذواتهم بترك المأكل والمشرب في ساعات الصيام ومن الفجر الى المغرب، والالتفات الى شطر الجوع والعطش والالتزام بمنع الجوارح من العبث المعتاد واللهو المنهي عنه لصالح التعبد والتنسك بالاستزادة من فرصة لا تتحقق الا للعام المقبل، وقد لا تعود لمن ليس له حظ من الحياة الى العام المقبل.
والدعاة يمثل لهم شهر رمضان فرصة النفاذ الى مفاصل العمل الإسلامي وارشاد العباد وتنويرهم وحثهم ودعم قدراتهم على المواجهة مع متطلبات التمسك بالصيام على ابعد مقدار ممكن. وفرصة الترويج للإسلام وبسلوكياته أكبر في هذا الشهر الروحاني. لأنه المسرح الذي يظهر فيه الداعية بأوسع تجلياته في الشكل والمضمون.
سياسيا يمكن ان تكون هذه لفرائض فرصة لإطلالة القادة السياسيين على مكونات المجتمع والاقتراب أكثر من أبناء جلدتهم والكلفين بالقيام عليهم كالفقراء والمساكين والمحتاجين، اذ ان شهر رمضان كاشف لمصداقية الطرفين ومقدار حاجتهم للعون والمساعدة، ولا ينبغي للقائد السياسي ان يتردد في تلبية مقاصد الصوم عند من لا يجد سبيلا اليه لضائقة اقتصادية او اجتماعية او ثقافية.
بل وشهر رمضان فرصة للترويج لتقنين مكانة الإسلام وعباداتها في المتجمع الدولي والتشجيع الدول والحكومات والمنظمات الدولية للاقتراب أكثر من الإسلام والمسلمين وإصدار التشريعات والقوانين التي تحمي هذه المناسك دوليا وفي كوكب الأرض في بلاد الله الواسعة، وقهر المقاصد التي تريد نقض همم المسلمين عن متابعة وجودهم المؤثر في الوجود.
شهر رمضان هو أطول مدة زمنية يشعر المسلمون ان الله تعالى يحف بهم، وكان هذا الشهر المبارك رسول من رسل الله تعالى للبشرية محملا بالرحمة والمغفرة والثواب الجزيل، ولا يعدم المسلمون ان يزدادوا ايمانا مع ايمانهم بالتزامهم بهذه الشعيرة اللازمة الواجبة بقيود التمكين والاستطاعة والإقامة.
ان ترشيد المعطيات والمتغيرات والقوى والإمكانات في هذا الشهر لتمكين المسلمين من تلبية هذه الشعيرة لهو برهان ساطع على عدم امكانية كل الجهات الملحدة التي تحاول نقض هذه الشعائر وباي سبيل. ومن هذا المشهد يروق للامة في كل عام ان تفصح عن نفسها بأجلى الصور وأجملها انضباطا والتزاما لا نظير لجماله ولا قرين للذته في قلوب المؤمنين. انه مشهد غير قابل للنقض ابدا. انها عصمة الشعائر وعصمة الدعوة الى الله تعالى.

أخر الأخبار