• بغداد
    +31...+34° C
  • الموصل https://www.booked.net/
    +23...+29° C
  • كربلاء https://www.booked.net/
    +32...+37° C

خان مُرجان صرح تجاري في بغداد عمره ٧٠٠ عاماً .. سلسلة أبنية تراثية بغدادية ٢٠

خان مُرجان صرح تجاري في بغداد عمره ٧٠٠ عاماً .. سلسلة أبنية تراثية بغدادية ٢٠

  • 20-11-2023, 13:23
  • مقالات
  • 215 مشاهدة
د. صلاح عبد الرزاق

"Today News": بغداد 

معنى الخان

الخان لقب مغولي اتخذه الملوك والقادة التتر مثل جنكيز خان، وانتقل معهم إلى الهند والشرق الأوسط. كما يُطلق على الفندق الصغير الذي ينزل فيه المسافرون ويتركون دوابهم لعناية خدمه ، مثل خان النص بين النجف وكربلاء. ويستخدم في العراق وبعض الدول ويُقصد به مخزن البضائع والحبوب والزيوت وغيرها.
فقد ذكر ياسين العمري في كتابه (الدر المكنون من المآثر الماضية من القرون) أنه كان في بغداد (٩٨٠) خاناً. وورد في كتاب (خارطة بغداد) للدكتور مصطفى جواد وأحمد سوسة أشهر خانات بغداد مثل (خان مرجان) و(خان جغان أو جغال) و(خان اليهود). ويُعد خان مرجان أقدم الخانات الذي شُيّد من قبل السلطان أمين الدين مرجان مولى الشيخ أويس خان الجلائري ١٤٥٦-١٤٧٤ .

قصة صاحب الخان

هو أمين الدين مرجان بن عبد الله بن عبد الرحمن من موالي السلطان أويس الإيلخاني، كان يعمل جندياً مُرتزقاً في الجيش. وفي إحدى الحروب تم أسَرَهُ من قبل الجيش المغولي فباعوه، ثم باعوه واشتروه في عدة مرات حتى وصل بهِ الحال إلى بغداد، فباعه أحد التجار إلى قصر السلطان أويس بن الشيخ حسن بزرك الإيلخاني أحد أمراء الجلائريين التتار. وكان السلطان أويس ابن حفيد هولاكو خان وقد حكم المغول الإيلخانيين من قوم هزارة حوالي قرنين ونصف في بغداد تحت أسم الدولة. وأستقل السلطان أويس بمدينة بغداد وحكمها بعد أبيه الشيخ حسن بزرك عام 755 هـ/1354م.

عمل مرجان خادماً عند السلطان أويس الإيلخاني، ومن ثم عينّه رئيس الخدم طباخاً. فاستغل عمله وأقترب من السلطان، فكلما قدَّمَ للسلطان طبقاً من الطعام أسمعه شعراً أو حكمة حتى أُعجب بهِ السلطان أويس، فعيّنه وزيراً . وكان مرجان مثقفاً يتكلم عدة لغات منها اللغة العربية والفارسية بالرغم أنه لم يكن متعلما وقد جمع ثروةً كبيرة.
 في أحد الأيام جاءت رسالة إلى السلطان أويس من ملك الأيلخانية في تبريز في إيران يطلب المساعدة لهجوم التركمان، إذ كوّنوا جيشاً كبيراً يزحف عليهم. فتهيأ السلطان أويس للرحيل وعهد إلى مرجان بالملك وأجلسه على عرشه، وطلب منه أن يحكم باسمه حتى يعود. فأخذ السلطان أويس جمعا غفيرا من جيشه، وأتجه بهم شمالاً حتى التحم مع جيش التركمان في حرب دامت عدة شهور، وهزموا وقتلوا فيها جيوش التركمان، كما قُتل من جيشه العددٌ الكبير.
أما في بغداد فقد خان خادمه مرجان العهد، وخرج على مولاه بقصد الاستقلال بحكومة بغداد وتملكها، ولقد خطب مرجان على أهل بغداد وبشّرهم بنهاية حكم الدولة الإيلخانية وبداية حكم الدولة المرجانية، فصدقّوه وأطاعوه فجمع منهم الجيش وخرج بهم لملاقاة جيش سيده.

أثناء عودة السلطان أويس بجيشه حاملاً معه جرحاه، علم بالخبر وتألم كثيراً، وعندما وصلوا بعقوبة حدث فيضان لنهر دجلة حيث وصلت المياه لعدة نواحي من نهر دجلة إلى منطقة الشماعية. ووصل السلطان أويس إلى ساحل الماء وأمامه مسافة طويلة للساحل الأخر. فأمر جنوده ولكل واحد منهم بقطع شجرة، وصنع زورقاً صغيراً يركب به، ويأخذ معه جريحاً أو معلولاً، وما أن وصلت الزوارق قرب الساحل حتى انهالت عليهم قذائف المنجنيق من جيش مرجان وقتلت عدداً كبيراً منهم، فغضب لهذا السلطان أويس والتقى فيما بعد الجيشان حتى وقعت معركة بينهما، فقُتل فيها معظم جيش مرجان، ووصل السلطان أويس إلى قصرهِ في بغداد، ودخل القصر، وشاهد مرجان وهو جالس، فقال السلطان لمرجان مد عنقك لأقطعها ففعل مرجان، فرفع السلطان السيف لكنه لم يفعل وكره قتلهِ، فقال السلطان أويس لمرجان : (لأجل عرف الأخوة التي بيننا سوف لا أقتلك لكن أغرب عن وجهي)، فخرج مرجان من قصر السلطان وهو يمشي في بغداد ويرى الجرحى والقتلى والدماء، وهو يبكي ويقول (ليت السلطان قتلني وما رأيتُ هذا).

 جمع مرجان كل أمواله بعد أن أعتزل الحكم والسياسة وبنى مدرسة ومسجداً كبيراً يعرف الآن باسم جامع مرجان، وبنى مائة من الدكاكين والمحلات التجارية ومنها خان كبير يسمى خان مرجان، وجعل ريعها للإنفاق على المدرسة وطلاب العلم، ولإطعام الفقراء والمساكين، وهي اليوم سوق في وسط بغداد بجوار سوق الشورجة وتم ذلك عام 758هـ/ 1356م، وشرط التدريس في المدرسة المرجانية على المذاهب الأربعة، ووقف على لوازمها ما كان يملكه من عقارات في بغداد وخارجها، ولقد ذكرها في وقفيته التي كانت محررة ومنقوشة بالحجر على جدران المدرسة وبنى لها غرفاً للمدرسين وكذلك مستشفى يطل على نهر دجلة خاص لطلبة العلم، وأصبح فيما بعد هذا المستشفى قهوة الشط وتوابعها. (١)

وهناك من يرى أن مُرجان كان من أصل إيطالي واسمه السنيور مورگان ، وأن بسبب سوء حظه اضطر للعمل مرتزقاً . وفي أحد المعارك أسره المغول وباعوه في سوق بغداد للعبيد. اشتراه أحد التجار القريب من قصر السلطان أويس وهو ابن حفيد هولاكو المغولي. عمل في القصر خادماً ثم طباخاً. وكان قد تعلم اللغة العربية وصار يقرأ الشعر والأدب وحتى صار يحفظ الشعر والحكمة. وكان يقرأ الشعر حين يقدم أطباق الطعام للسلطان ، فأعجبه وقربّه ثم عيّنه وزيراً عنده. (٢)

وقفية خان مرجان ا

يذكر المؤرخ العلامة الدكتور مصطفى جواد أن خان مرجان كان اسمه خان الأورطمة أو الأورتمة. وهي لفظة تركية معناها الخان المستور المغطى بالتركية. وأن الخان هو وقف وإيراداته وعائداته تصرف للمدرسة المرجانية ومستشفى دار الشفاء. وذكر جواد نص الكتابة المنقوشة فوق خان الأورتمة وهي وقفية تشمل كل الموقوفات ، جاء فيها كالآتي:
 (( ١-بسم الله الرحمن الرحيم
٢- أمر بإنشاء هذا التِّيْم (بمعنى خان التجار بالفارسية) المبارك والدكاكين المولى المخدوم الأمر ، الصاحب الأعظم
٣- الأعدل ملك ملوك الأمراء في العالم ، صاحب العدل الموفور عضد السلطنة والإمارة حاوي مرتبة الوزارة والإمارة
٤- افتخار شهد الأوان المخصوص بعناية الرحمن أمين الدين مرجان الأولاقايتي وقفها على المدرسة المرجانية ودار الشفاء بباب الغربة (٣) كذلك عقرقوف
٥- والنصف من القائمية وتل دعيم ومزرعة بالصراة وبساتين بالمخرمية وبساتين بقرية الترك والزادماز وخرماباد
٦- ورباط جلولاء المعروف بقزل رباط وزرين جوي ونصف دوري وبساتين ببعقوبا وبوهريز وبالبندنيجين وخان ودكاكين
٧- بالحلبة وأربع خانات ودكاكين بالجوهريين وخان بالجانب الغربي ودكان كاغد بالحريم كما هو
٨- محدود مشروح في الوقفية وقفاً صحيحاً شرعياً تقبل الله تعالى منه الطاعات في الدارين وبلّغه نهاية المراد وكان الفراغ منه سنة ستين وسبعمائة والحمد لله وحده
٩- وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي العربي الصادق وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه وسلم. كتبه الفقير إلى رحمة ربه أحمد شاه النقاش المعروف بزرين قلم غفر الله ذنوبه )). (٤)

كان ثلثا الوقف لدار الشفا وهي مستشفى مجاني يعالج فيها المرضى ، وثلثه الوقف للمدرسة المرجانية.  وبادر مرجان إلى إطعام المساكين والفقراء ، وشمل الحيوانات والقطط والطيور والسمك في النهر. إذ كانت توضع الأواني وفيها اللحم والخبز في صحن دار الشفاء وصحنها على نهر دجلة لإطعام الحيوانات.

رقيم إسماعيل الصفوي

في يسار الداخل إلى الخان نُقر في صخرة في زمن الشاه إسماعيل الصفوي إعلان إلى المستخدمين والمستفيدين من الخان يمنع فيه أخذ ضرائب أو رسوم ما نصه:
(٠ بسم الله الرحمن الرحيم في أيام حضرة السلطان الولي الدال على المذهب الإمامي إسماعيل بن حيدر الصفوي الحسني أيدت دولته ووقف عالي جناب الأمير الكبير المخصوص من الله بالعناية والإحسان الأمير العادل (قنغرار سلطان) على قول الله تعالى (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) واعلم أن عواقب الظلم ذميمة وموارده وخيمة فصدر أمره العالي بألاّ يؤخذ من دلالي الابريسم (الحرير) ومن عزة (كذا) الأقمشة شيء بعلة الضمان ومطامع الديوان . وألا يؤخذ من جند حاكم بغداد وغلمانه وأرباب ديوانه شيء بعلة التمغا. ومن غيَّر ذلك أو شيئاً منه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. كتب في ذي الحجة سنة ٩٢١ والحمد لله وحده)). (٥)

وصف الخان

في ١٢ شباط ٢٠٢٣ زرت خان مرجان وكان مغلقاً. وعندما بدأت بالتقاط الصور للباب الخارجي حتى أسرع حارس الخان ليستفسر عن عملي وطبيعة مهمتي. وبعد أخذ ورد وافق على دخولي للخان.
يقع خان مرجان في محيط شارع الرشيد المتاخم والموازي لنهر دجلة من جانب الرصافة في بغداد قرب المدرسة المرجانية، ويطل على شارع السموأل من جهة والبزازين من جهة ثانية، ويعتبر من أشهر خانات بغداد، وقد شيد بين عامي 758هـ/ 1356م - 760هـ/1358م.

يصف المؤرخ عبد الحميد عبادة (١٨٩١- ١٩٣٠) في كتابه (العقد اللامع) خان مرجان من الداخل فيقول: (وهو خان مرتفع جداً ، معقود بالحجارة والجص ، بناؤه هندسي ، حيث أنه مضيء ولا تدخله الشمس ، وبارد ولا يدخله المطر. ويدخله الهواء من جوانبه الأربعة) (٦)

بوابة الخان ذات مصراعين من الخشب المزخرف بنقوش أرابيسك. ويعلو الباب قوس من الطابوق مزيّن بنقوش آجرية بنجوم ثمانية الشكل، أما الفراغ فوق القوس فمزين بزخارف نباتية متناسق. وبالطريق نفسها تمت كتابة عبارة (خان مرجان سنة ٧٦٠ هجرية) بشكل انسجمت مع مواد البناء الأصلية وشكلها.  

من الخارج يبدو الخان مبنى بسيطاً سوى جدران عالية تتخللها شبابيك بطابقين، ولا توجد فنون معمارية أو زخارف سوى مدخل الخان. إن ما يتميز به خان مرجان هو أنه (عمارة داخل) لا (عمارة خارج). وقد انصب جهد المعمار الذي بناه على التصميم الداخلي الذي ينفرد به الخان من بين الأبنية الإسلامية التقليدية والتراثية البغدادية.

 الخان مستطيل الشكل، يبلغ طوله 30.25 متراً وعرضه 11,40 متراً ويبلغ ارتفاعه 14 متراً. ويتوسط المخطط بهو واسع تحيط به 22 غرفة في الطابق الأرضي ، تفتح أبوابها عليه مباشرة، يعلوها في الطابق العلوي 23 غرفة بزيادة غرفة واحدة فوق المدخل، وتفتح الغرف على شرفة من جهاته الأربع على ارتفاع 6 أمتار.

لما كان عرض بهو الخان قرابة ١٠ متراً فلم يرغب المعمار باستخدام القباب التقليدية ، ولذلك استخدم العقود التي تعطي فضاءاً واسعاً كما في الجسور والقناطر. وربما يكون خان مرجان من أوائل الأبنية التي استخدمت هذه الأقواس الواسعة المدببة. بذلك تقوم هذه العقود بنقل أثقال السقف والعقود الثانوية فوقها وما بين كل قوسين إلى الجدران. الجدير بالذكر أن الخان يفتقد للباحة الداخلية المفتوحة على الفضاء شأنه شأن الأبنية البغدادية كالقصر العباسي والمدرسة المستنصرية وغيرها.
 
تم تشييد العقود بالطابوق والجص ، والبناؤون العراقيين خبراء بهذه العمارة في البناء وخاصة في السقوف. وهذا ما منح الخان فضاءاً مفتوحاً واسعاً بدون وجود عمود أو جدار في وسطه يحجب الرؤية والإنارة . وفوق العقود مجموعة عقود أصغر حجماً وجدران واطئة تتخللها شبابيك توصل الإنارة وتمرير الهواء للمحافظة على جو معتدل ومضيء طوال النهار. بذلك يخلق المعمار بناءً واسعاً مريحاً لزوار وتجار الخان.

غرف الخان فيها شبابيك تطل على الشارع ، والباب ينفتح على بهو الخان في الطابق الأرضي. وفي الطابق العلوي تنفتح الأبواب على رواق يحيط بالبهو ، ويستخدم للوصول إلى الغرف. ويحمي الشرفة محجر من الخشب المزخرف بأشكال أرابيسك. تستند الشرفة على مجموعة من المقرنصات البارزة من من الجدار الأرضي وتحت أرضية الشرفة  Cantilever. إذ استطاع المعمار بعبقريته حل هذه المشكلة باعتماد المقرنصات البارزة تدريجيا لتحمل ثقل الأرضية والمشاة فوقها.

سقوف الغرف عبارة عن أقواس من الطابوق العقادة ، وكذلك العقود تعلو الشبابيك أيضاً. الشبابيك من الخشب والمزين بزخارف أرابيسك. جدران الغرف وسقفها مغلفة بالجص فوق الطابوق الأصلي للبناء. كما توجد ثلاثة شبابيك في أعلى الجدار العرضي لجلب النور من تلك الجهات.
في الطابق الأرضي توجد غرف واسعة ، تم استغلال إحداها لتكون مطبخاً أثناء عملية الإعمار في الثمانينيات. وجرى تغليف الجدران بالكاشي السيراميك الأبيض بحجم ١٠ * ١٠ سم.
كما توجد غرف تستخدم لخزن الحطب والأغذية لإعداد الطعام لضيوف الخان. وهم عادة من التجار الأثرياء حيث ينزل كل منهم في غرفة مؤثثة ، ولديه خادم يلبي طلباته.

يشير رقيم إسماعيل الصفوي عن عمليات بيع وشراء وتجارة أقمشة وصفقات تجارية تجري في الخان. وأن الغرف كانت تستخدم كدكاكين لخزن الضائع الجاهزة للبيع. وبذلك الوصف يبدو الخان كسوق VIP للأثرياء من التجار المقيمين فيه، إضافة إلى التجار الساكنين في بغداد يأتون لعقد الصفقات وممارسة البيع والشراء مع التجار القادمين من خارج العراق. وكانت القوافل التجارية تأتي من الصين والهند وفارس من الشرق ، ومن الشام ومصر وأروبا غرباً. وكانت بغداد قد بلغت ذروتها الحضارية في العصر العباسي.
 

 أعمال الصيانة

بفعل الإهمال والتقادم تعرض الخان للإنهدام جزئياً ، والصور القديمة توضح حالة التداعي والتلف في سقفه وجدرانه بشكل كبير. إذ قامت مديرية الآثار القديمة العامة بترميمه وحولته متحفاً إسلامياً أطلقت عليه اسم (دار الآثار العربية) ، وملأته بالتحف الأثرية وأصدرت نشرة مصورة بمحتوياته ومقتنياته). (٧) فصار في بغداد متحف جديد في بناء تراثي قديم ، يضم مئات الآثار والتحف الثمينة. الأمر الذي جعله مقصداً للزائرين والسياح الأجانب. خاصة وأنه يقع في منطقة تراثية عريقة وسط بغداد العريقة.
بفعل تقادم الزمن تصبح الأبنية العتيقة منخفضة تدريجياً. وهذا ينطبق على جميع الأبنية القديمة كالمدرسة المستنصرية أو العتبة الكاظمية أو البيوت القديمة. وهذا يجعل أرضية المبنى عرضة لجذب المياه الجوفية ، فتتجمع فيه كونه منخفض من الأرض. وقد أدى تجمع المياه في أرضية الخان إلى الإضرار بالأسس والجدران والأرضية العتيقة. الأمر الذي جعل السلطات الحكومية إلى اتخاذ قرار بغلق المتحف نهائياً ونقل مقتنياته.  

في بداية الثمانينيات أعيد التفكير بتأهيل وترميم الخان وعدم تركه نهباً للزمن والمياه الجوفية مما يعني التفريط بمبنى آثاري عمره (٧٠٠) عام. قامت دائرة الآثار بعملية صيانة جديدة تمثلت بسحب المياه وضخ الخرسانة في أسسه وأرضيته وإيقاف عملية التداعي. تم تحويل الخان إلى مطعم سياحي حيث تم رصف المناضد والكراسي في البهو ، وتركيب الإنارة التراثية . كما تم إنشاء مدخل خشبي في الممر المؤدي إلى باب الخان. حيث يعلو باب المدخل قوس خشبي مزين بزخارف خشبية بشكل نجوم ثمانية الشكل ، وملء فراغاتها بزجاج ملون (أحمر وأخضر وأصفر). كما تم تزيين أبواب المدخل بنقوش وزجاج ملون أيضاً. ووضع مقابل المدخل حاجز خشبي مزخرف بالخشب والزجاج الملون ، لمنع رؤية الجالسين في البهو من قبل المارة في الشارع. وصار المطعم مقصداً للعائلات العراقية حيث تستمتع بالجلوس في مبنى تراثي في أجواء وأمسيات بغدادية جميلة.

بعد سقوط نظام صدام في ٩ نيسان ٢٠٠٣ توقف العمل بالمطعم ، وتعرض خان مرجان مرة أخرى للإهمال والاندثار. وعادت المياه الجوفية تتجمع وتهدد المبنى بالتداعي.

وعندما زرت الخان في شباط ٢٠٢٣ كانت الأعمال قد بدأت بتجفيف أرضية الخان ، وفرشه بالحصى الكبير الحجم (الجلمود) ليتم توجيه المياه إلى مسارب محددة توصل المياه إلى فجوات مرّكب عليها مضخات غاطسة ترفع المياه مباشرة بشكل آلي عندما يصل ارتفاع المياه إلى مستوى معين. وهذا أحد الحلول الهندسية المستخدمة في معالجة المياه الجوفية.

ما تزال أعمال الترميم جارية على أمل أن تنهي وزارة الثقافة العمل به ليعود كما كان ويصبح معلماً حضارياً بارزاً. وبموجب قانون بيع وإيجار أملاك الدولة رقم 21 لسنة 2013 أعلنت الهيئة العامة للآثار والتراث، إعادة إعلان إجراء المزايدة العلنية بتاريخ 24 كانون الثاني/ يناير الحالي لإيجار مبنى خان مرجان، ليكون سوقاً ثقافياً ومكاتب صيرفة.

ونقترح أن يجري استخدام البهو مطعماً ومقهى تراثياً ، وتتحول غرف الخان إلى محلات لبيع وعرض المشغولات اليدوية ذات الطبيعة التراثية والحضارية ، وكاليريهات لعرض وبيع اللوحات الفنية التي تمثل الجوانب التراثية والحضارية والفنية لبغداد والعراق.

الهوامش
-(منظمة التراث والأرشفة) في ١٩ آذار ٢٠٢١
٢- ميمونة الباسل (موقع العربي الجديد) ، في ٣٠ كانون الثاني ٢٠١٨
٣- (باب الغربة حالياً شارع المستنصر . وكان دار الشفا في موقع قهوة الشط والبنك البريطاني للشرق الأوسط  نهاية شارع السموأل على شاطئ دجلة، (مصطفى جواد ص ٢٢٢)
٤- مصطفى جواد (دليل خارطة بغداد المفصل) ص ٢٢١  
٥- مصطفى جواد ، مصدر سابق ، ص ٢٢٢
٦- عبد الحميد عبادة (العقد اللامع بآثار بغداد والمساجد والجوامع ) ص ٣١٤ ، مطبعة انوار دجلة ، بغداد : ٢٠٠٤
٧- مصطفى جواد ، مصدر سابق ، ص ٢٢٠

أخر الأخبار