تعاني الأهوار التاريخية في جنوب العراق من الجفاف، في وقت تتلاشى فيه حضارة كاملة، ويشتكي المزارعون ومربو الحيوانات من قلة المياه.
وكان، محمد حميد نور، يمتلك في الماضي قطيعا من نحو مئة جاموس، لكن أهوار جنوب العراق جفت، ومعها تضاءلت أعداد حيواناته بشكل كبير.
من السماء، يبدو منظر الأهوار الوسطى في الجبايش مأساويا.
تبقى فقط مسطحات قليلة من المياه، تتصل فيما بينها بممرات مائية نمت من حولها نباتات القصب.
وفي المساحات التي تراجعت فيها المياه، ظهرت أرض جرداء أشبه بجلد غزته التجاعيد.
للسنة الرابعة على التوالي، يلقي الجفاف بظلاله الثقيلة على الأهوار ويقضي بطريقه على الجواميس التي يستخدم حليبها في إعداد قشطة "القيمر" المحببة لدى العراقيين.
تحت سماء زرقاء لا تبشر بهطول أمطار قريبا، يتأمل، محمد حميد نور، البالغ من العمر 23 عاما، المشهد الكارثي.
أمام قساوة الواقع، يقول "تبقى فقط رحمة الله". فخلال بضعة أشهر فقط، فقد الشاب ثلاثة أرباع قطيعه من الجواميس، منها ما نفق، ومنها ما اضطر لبيعه.
ومع استفحال الجفاف في الأهوار، ترتفع نسبة الملوحة في المياه، وتنفق الحيوانات التي تشرب من منابع تكون فيها الملوحة عالية جدا.
ويضيف الرجل "هذا العام، إذا بقي الجفاف وإذا لم تساعدنا الدولة، لن نجد من جواميسنا المتبقية، واحدا".
وقالت الأمم المتحدة خلال الأسبوع الحالي إن موجة الجفاف الحالية هي الأسوأ منذ 40 عاما والوضع "مقلق" على صعيد الأهوار التي خلا 70% منها من المياه.
أهوار بلاد ما بين النهرين هي مساحات رطبة موزعة بين الجبايش والحويزة والحمّار، وصنفتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) في 2016، تراثا عالميا.
إلا أنها تتلاشى ومعها حضارة معدان الأهوار، أو عرب الأهوار، الذين يعيشون على صيد الأسماك والحيوانات وتمتد جذور حضارتهم في أرض الأهوار إلى 5 آلاف عام.
وتشير آخر التقديرات إلى أن مساحة الأهوار تبلغ اليوم حوالى 4 آلاف كيلومتر مربع، بتراجع عن 20 ألف كيلومتر مربع خلال تسعينات القرن الماضي. ولا يزال يقطنها نحو بضعة آلاف من المعدان فقط.
ويعود هذا التراجع خصوصا إلى ارتفاع درجات الحرارة وشح الأمطار، ما دفع في السنوات الأربع الأخيرة الأهوار نحو الخراب، فيما كانت تعاني أصلا بفعل سدود بنتها الجارتان تركيا وإيران على نهري دجلة والفرات، بالإضافة إلى إدارة تقليدية للمياه يرى خبراء أنها غير مناسبة.
خمسون درجة مئوية
بلغت الحرارة في الأهوار الوسطى أواخر يونيو، خلال جولة فريق وكالة فرانس برس، 35 درجة مئوية عند الفجر، لكنها لامست الخمسين خلال النهار.
وتصنف الأمم المتحدة العراق من بين الدول الخمس الأكثر تضررا من بعض تداعيات التغير المناخي، فالأمطار قليلة جدا، وبحلول العام 2050، من المتوقع أن يزداد معدل الحرارة السنوي بدرجتين ونصف الدرجة المئوية، وفق البنك الدولي.
يتراجع مستوى الأهوار الوسطى ونهر الفرات، مصدر تغذيتها الرئيسي، بمعدل "نصف سنتمتر في اليوم"، على ما يشرح المهندس، جاسم الأسدي، البالغ 66 عاما والناشط البيئي المدافع عن الأهوار من خلال منظمة "طبيعة العراق" غير الحكومية.
ويقول الأسدي "خلال شهرين، ستكون درجات الحرارة مرتفعة جدا وسوف يزداد تبخر المياه".
يقيم، محمد حميد نور، مع جواميسه على قطعة أرض انحسرت فيها المياه. ولإرواء حيواناته، يضطر الشاب إلى الذهاب في مركب إلى نقطة أعمق على درجة أدنى من الملوحة للتزود بالمياه، ويملأ حاويات مياه لنقلها إلى حيواناته.
قبل ثلاثين عاما، عرفت الأهوار أول انتكاسة لها، حينما قام، الرئيس العراقي حينها، صدام حسين، بتجفيفها، وذلك عقب انتفاضة خرجت بعد حرب الخليج في العام 1991، حيث اتخذ قرارا بمطاردة المشاركين فيها.
وخلال أشهر فقط، تحولت أكثر من 90% من الأهوار إلى "صحراء" وفق، جاسم الأسدي. حينها، غادرت الغالبية العظمى من سكان المنطقة البالغ عددهم 250 ألف نسمة "المكان نحو مناطق أخرى في العراق، أو إلى السويد والولايات المتحدة"، كما يضيف.
وبعد سقوط نظام صدام حسين في العام 2003 إثر الغزو الأميركي، دبت الحياة من جديد في الأهوار مع تدمير السدود والقنوات التي استخدمت لتجفيفها اصطناعيا. عادت المياه إلى الجريان، والزوارق للإبحار وسط الممرات المائية المحاطة بالقصب وبجزر يقطنها معدان الأهوار الذين عادوا إلى أرضهم.
لكن، بعد عشرين عاما على ذلك، يتبين من خلال جولة في الزورق، أن مستوى المياه فيها ينخفض بشكل متواصل.
هدر
يشرح، علي القريشي، الخبير في الأهوار من جامعة بغداد التقنية أنه "في العراق، تراجع مستوى نهر الفرات بنحو 50% منذ السبعينات". ويعتبر أن الأسباب "الرئيسية" خلف ذلك موجودة في المنبع، عند الدول المجاورة.
فقد بنت تركيا التي ينبع منها نهري دجلة والفرات، وكذلك سوريا وإيران اللتان يمر النهران بهما، الكثير من السدود على النهرين وروافدهما.
ويقول القريشي إن "الأتراك قاموا ببناء المزيد من السدود لتلبية احتياجاتهم الزراعية. وكلما نما عدد السكان، كلما ارتفع الطلب على المياه للاستخدامات المنزلية ولاستخدامات الري".
ويشكل ملف المياه مصدر توتر بين العراق وتركيا. وفي حين يطالب العراق أنقرة بالإفراج عن مزيد من المياه، أثار سفير تركيا في بغداد، علي رضا غوناي، الجدل في يوليو 2022 حينما اتهم العراقيين بأنهم يقومون بـ"هدر المياه".
لكن، في انتقادات الدبلوماسي التركي، شيء من الحقيقة. وبحسب الآراء العلمية، فإن إدارة السلطات العراقية للموارد المائية، ليست مثالية.
ومنذ العصور السومرية والأكادية، يستخدم المزارعون العراقيون أسلوب الري بالغمر، والذي يعد إلى حد كبير مصدرا كبيرا لهدر المياه.
ويواجه العراق أيضا صعوبات في تأمين المياه للاحتياجات الزراعية واضطرت السلطات لذلك إلى خفض المساحات المزروعة بشكل كبير. فالأولوية هي تأمين المياه للشرب لسكان البلاد البالغ عددهم 42 مليون نسمة.
في مقابلة مع هيئة "بي بي سي" أواخر يونيو، أكد الرئيس العراقي، عبد اللطيف رشيد، أن الحكومة اتخذت "إجراءات هامة من أجل تحسين النظام المائي و(إطلاق) حوار مع الدول المجاورة"، بدون أن يعطي مزيدا من التفاصيل.
معادن ثقيلة
مع التقدم في الأهوار الوسطى، يواجه الزورق صعوبة في مواصلة طريقه بسبب غياب المياه.
أصبح الشاطئ أرضا صحراوية انحسرت فيها المياه "قبل شهرين"، على ما يروي، يوسف مطلق، مربي الجواميس البالغ من العمر 20 عاما، الذي غطى وجهه بوشاح يقيه حرارة الشمس والغبار.
كانت المنطقة تضم عشرة بيوت أو "مضيف" وهي مساكن تقليدية مصنوعة من القصب.
ويقول الشاب "كانت المنطقة ممتلئة، لكن عندما اختفت المياه، ذهب الناس جميعهم"، متنهدا فيما ينظر إلى جواميسه التي كانت تمضغ الطعام المعبأ في الأكياس، نظرا لندرة العشب والنباتات الخضراء في الأهوار.
وإضافة إلى الملوحة، يزيد التلوث الوضع سوءا.
وعلى امتداد المدن التي يمر بها نهر الفرات، تساهم الملوثات من مبيدات حشرية ومياه صرف صحي ونفايات المصانع أو المستشفيات، في تفاقم الوضع، على ما يشرح، نظير عبود فزع، الأستاذ في جامعة بغداد والمختص بالتغير المناخي في العراق.
وتنتهي "رحلة" تلك الملوثات في الأهوار الوسطى. ويضيف الخبير "قمنا بتحليل نوعية المياه ووجدنا العديد من الملوثات فيها، مثل المعادن الثقيلة" التي تتسبب بأمراض.
صيد الأسماك يموت ببطء أيضا. ففي حين كان سمك "البني" الذي يزين المائدة العراقية ينتشر بكثافة، لم يعد يتواجد إلا بضعة أسماك صغيرة غير صالحة للأكل.
"حياتنا هناك"
ومع العجز عن معالجة أسباب الجفاف، يسعى البعض إلى التخفيف من آثاره.
فتنفذ منظمة "زراعيون وبياطرة بلا حدود" غير الحكومية الفرنسية، مهمات دعم لصيادي الأسماك ومربي المواشي.
في أحد أيام يونيو، توجه بياطرة فرنسيون إلى مزارع محاذية للأهوار الوسطى ليدربوا مربي الماشية العراقيين على الطرق الحديثة في تشخيص الأمراض لدى الأبقار والجواميس، التي تعاني خصوصا من أمراض مرتبطة بالمياه.
ويروي، ايرفيه بوتي، البيطري والخبير بالتنمية الريفية في المنظمة، "أمضينا الصيف الماضي في توزيع مياه الشرب من أجل إمداد الحيوانات والناس في الأهوار".
وبسبب ندرة المياه والقصب، أرغم الكثير من مربي المواشي على "بيع أكبر عدد ممكن من الحيوانات بأسعار زهيدة، بسبب قانون العرض والطلب"، وفق بوتي.
مع ذلك، تبقى مبادرات المجتمع المدني نادرة. ويعد المهندس، جاسم الأسدي، واحدا من قلة يكافحون من أجل الحفاظ على الأهوار عبر محاولته لفت انتباه السلطات العامة، في ظل ظروف صعبة أحيانا نظرا لأن ملف المياه مسيس في البلاد.
في وزارة الموارد المائية، يؤكد المتحدث أن الوزارة تعمل "بجد" من أجل إحياء تلك المناطق الرطبة. لكن الأولوية هي توفير المياه للشرب وللاستخدامات المنزلية والزراعية.
وبفعل ذلك، يستسلم الكثير من عرب الأهوار ويغادرون إلى المدن حيث يجري التعامل معهم كمنبوذين.
في أغسطس 2022، تحدث فرع العراق في منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة عن "نزوح سكاني" لا سيما نحو مدينتي البصرة وبغداد.
وليد خضير، البالغ من العمر 30 عاما، واحد من هؤلاء الذين هجروا الأهوار نحو مدينة الجبايش القريبة، مع زوجته وأطفاله الستة "قبل أربعة أو خمسة أشهر"، حيث يقطنون في بيت بحالة يرثى لها.
ويضيف خضير آسفا "حياتنا هناك وأهلنا عاشوا هناك وأجدادنا. لكن ماذا نفعل؟ لم يعد هناك من حياة" في الأهوار.
يريد هذا الرجل الآن تسمين جواميسه ليتمكن من بيعها، لكن أسعار الأعلاف التي كانت موجودة بوفرة سابقا بالأهوار، باهظة كثيرا.
ويقول خضير "إذا عادت المياه وعاد الوضع كما كان عليه سابقا، نعود لنعيش هناك".انتهى29/ح
اخبار ذات الصلة
تحذير لا لبس فيه.. إرهاب اليمين المتطرف في فرنسا يتفاقم
أجرى نيكولا ليرنر، المدير العام للأمن الداخلي (DGSI) مقابلة نادرة مع صحيفة "لوموند"، نُشرت يوم الأحد 9 يوليو. حذر من خلالها من عودة أعمال العنف في فرنسا التي ينفذها اليمين المتطرف منذ الربيع الماضي. وتم إصدار الإنذار
اختتام قمة الناتو.. الحلف يؤكد دعمه لكييف ويوضح: انضمام أوكرانيا سيكون بعد الحرب
اختتمت اليوم الأربعاء أعمال قمة الناتو بحضور زعماء دول الحلف في عاصمة ليتوانيا فيلنيوس، حيث أكد الأعضاء على التزامهم بتقديم دعم عسكري لكييف يمتد لسنوات.
القوات الأوكرانية تحاول تطويق باخموت وروسيا تمطر كييف بالمسيرات لليوم الثاني
كثفت القوات الأوكرانية محاولاتها لتطويق مدينة باخموت في دونيتسك شرقي البلاد في إطار الهجوم المضاد المتواصل منذ أسابيع، في حين قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن الحرب في أوكرانيا ستستمر حتى يتخلى الغرب عن خططه لهزي
صحيفة روسية: العراق متوجس من أن نتنياهو يهيئ لاستخدام القوة على أرضه
يخشى مسؤولون في العراق بدء عملية إسرائيلية على أراضيهم، ويعود سبب القلق إلى اختطاف الباحثة إليزافيتا تسوركوفا -وهي مواطنة روسية إسرائيلية- في بغداد، حيث قال مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إن خبيرة في الحركات المتطرفة
زيلينسكي مستاء لعدم تحديد تاريخ لانضمام بلاده.. قمة الناتو تنطلق بليتوانيا وهذا أبرز ما بأجندتها
انطلقت اليوم الثلاثاء في العاصمة الليتوانية فيلنيوس قمة لحلف شمال الأطلسي (ناتو)، لمناقشة عدد من الملفات أبرزها: دعم أوكرانيا ووضع آليات دفاع ضد روسيا وانضمام السويد للحلف، في حين أبدى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي
بوتين وبريغوجين.. تفاصيل لقاء الـ3 ساعات بعد أيام من التمرد
أعلنت موسكو، الإثنين، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التقى قائد قوات "فاغنر" الخاصة يفغيني بريغوجين في الكرملين، بعد 5 أيام من التمرد القصير الذي نفذه الأخير.
- اخر اخبار
- مبابي يطمع بـ 200 مليون يورو قبل التوقيع لريال مدريد
- العراق.. الأهوار التاريخية تعاني من الجفاف وحضارة كاملة تتلاشى
- السيسي يطالب بوقف تدخل الدول في شؤون السودان في البيان الختامي لقمة دول الجوار
- هيئة الحج العراقية: غداً الجمعة تصل آخر طائرة تقل العراقيين القادمين من الديار المقدسة
- التعليم تعلن توفر 50 منحة دراسية مصرية
- الحشد الشعبي يعثر على سيارة مفخخة في صحراء الحضر
- اتفاقية عراقية - صينية لزيادة إنتاج الاسمنت عبر مصنع محلي: سنوفر فرص عمل
- وزارة التربية: نتائج الثالث متوسط ستعلن بداية الأسبوع المقبل
- المفوضية تعلن العدد الكلي للناخبين المحدثين بياناتهم لغاية أمس
- وزير الكهرباء: ارتفاع الإنتاج إلى أكثر من 23 ألف ميغاواط بعد إعادة جزء من الغاز الإيراني
- النزاهـة: استقـدام رئيـس ديـوان الـوقف السني الأسـبق لتحقيقه منفعة أقاربه على حساب الدولة
- مارين لوبان تنتقد قرار إمداد أوكرانيا بصواريخ بعيدة المدى
- رئيس الوزراء يوجه بضرورة ان يكون إنجاز الطريق الحولي الرابع بجودة وبمواصفات فنية عالية
- الأمم المتحدة: العثور على مقبرة جماعية بها 87 جثة على الأقل في غرب دارفور
- وزير العمل يعلن اطلاق المنصة الوطنية لبيانات الطفل
- الصين تعلن ضخها مبلغا كبيرا في مصر بمنطقة واحدة
- قتلها ورمى جثتها.. الاستخبارات تطيح بقاتل امرأة بعد استدراجه من خارج العراق
- ديسانتيس يدعو ترامب إلى المشاركة في مناظرة الحزب الجمهوري
- جهاز المخابرات يعلن البدء باستقبال طلبات المفسوخة عقودهم
- لافروف يتحدث عن مقترحات حول صفقة الحبوب
- تحذير لا لبس فيه.. إرهاب اليمين المتطرف في فرنسا يتفاقم
- المفوضية تعلن المباشرة بتحديث سجل الناخبين في إقليم كردستان
- دراسة: الإجازة تساهم في تعزيز أداء العمل جزئيا
- بيانات أمريكية ترفع أسعار النفط
- وزير الداخلية يعلن انخفاض معدل الفساد بنسبة كبيرة في دوائر الوزارة
- الأكثر قراءة
- رئيس الجمهورية يصدر توضيحاً حول سحب المرسوم الجمهوري الخاص بالكاردنيال ساكو
- أمين السر العام لوزارة الدفاع يباشر مهامّ منصبه
- بينهم مديرون بالنجدة والشرطة الاتحادية.. تغييرات جديدة بالقيادات الأمنية في بغداد والمحافظات خلال ساعات
- القبض على الملقبة بجكسارة بتهمة المحتوى الهابط
- وفاة الفنانة العراقية أمل عباس بعد صراع مع المرض
تنزيل التطبيق
تابعونا على
الأشتراك في القائمة البريدية
Copyright © 2018 Mawazin News Developed by Avesta Group
ومنذ العصور السومرية والأكادية، يستخدم المزارعون العراقيون أسلوب الري بالغمر، والذي يعد إلى حد كبير مصدرا كبيرا لهدر المياه.
ويواجه العراق أيضا صعوبات في تأمين المياه للاحتياجات الزراعية واضطرت السلطات لذلك إلى خفض المساحات المزروعة بشكل كبير. فالأولوية هي تأمين المياه للشرب لسكان البلاد البالغ عددهم 42 مليون نسمة.
في مقابلة مع هيئة "بي بي سي" أواخر يونيو، أكد الرئيس العراقي، عبد اللطيف رشيد، أن الحكومة اتخذت "إجراءات هامة من أجل تحسين النظام المائي و(إطلاق) حوار مع الدول المجاورة"، بدون أن يعطي مزيدا من التفاصيل.
معادن ثقيلة
مع التقدم في الأهوار الوسطى، يواجه الزورق صعوبة في مواصلة طريقه بسبب غياب المياه.
أصبح الشاطئ أرضا صحراوية انحسرت فيها المياه "قبل شهرين"، على ما يروي، يوسف مطلق، مربي الجواميس البالغ من العمر 20 عاما، الذي غطى وجهه بوشاح يقيه حرارة الشمس والغبار.
كانت المنطقة تضم عشرة بيوت أو "مضيف" وهي مساكن تقليدية مصنوعة من القصب.
ويقول الشاب "كانت المنطقة ممتلئة، لكن عندما اختفت المياه، ذهب الناس جميعهم"، متنهدا فيما ينظر إلى جواميسه التي كانت تمضغ الطعام المعبأ في الأكياس، نظرا لندرة العشب والنباتات الخضراء في الأهوار.
وإضافة إلى الملوحة، يزيد التلوث الوضع سوءا.
وعلى امتداد المدن التي يمر بها نهر الفرات، تساهم الملوثات من مبيدات حشرية ومياه صرف صحي ونفايات المصانع أو المستشفيات، في تفاقم الوضع، على ما يشرح، نظير عبود فزع، الأستاذ في جامعة بغداد والمختص بالتغير المناخي في العراق.
وتنتهي "رحلة" تلك الملوثات في الأهوار الوسطى. ويضيف الخبير "قمنا بتحليل نوعية المياه ووجدنا العديد من الملوثات فيها، مثل المعادن الثقيلة" التي تتسبب بأمراض.
صيد الأسماك يموت ببطء أيضا. ففي حين كان سمك "البني" الذي يزين المائدة العراقية ينتشر بكثافة، لم يعد يتواجد إلا بضعة أسماك صغيرة غير صالحة للأكل.
"حياتنا هناك"
ومع العجز عن معالجة أسباب الجفاف، يسعى البعض إلى التخفيف من آثاره.
فتنفذ منظمة "زراعيون وبياطرة بلا حدود" غير الحكومية الفرنسية، مهمات دعم لصيادي الأسماك ومربي المواشي.
في أحد أيام يونيو، توجه بياطرة فرنسيون إلى مزارع محاذية للأهوار الوسطى ليدربوا مربي الماشية العراقيين على الطرق الحديثة في تشخيص الأمراض لدى الأبقار والجواميس، التي تعاني خصوصا من أمراض مرتبطة بالمياه.
ويروي، ايرفيه بوتي، البيطري والخبير بالتنمية الريفية في المنظمة، "أمضينا الصيف الماضي في توزيع مياه الشرب من أجل إمداد الحيوانات والناس في الأهوار".
وبسبب ندرة المياه والقصب، أرغم الكثير من مربي المواشي على "بيع أكبر عدد ممكن من الحيوانات بأسعار زهيدة، بسبب قانون العرض والطلب"، وفق بوتي.
مع ذلك، تبقى مبادرات المجتمع المدني نادرة. ويعد المهندس، جاسم الأسدي، واحدا من قلة يكافحون من أجل الحفاظ على الأهوار عبر محاولته لفت انتباه السلطات العامة، في ظل ظروف صعبة أحيانا نظرا لأن ملف المياه مسيس في البلاد.
في وزارة الموارد المائية، يؤكد المتحدث أن الوزارة تعمل "بجد" من أجل إحياء تلك المناطق الرطبة. لكن الأولوية هي توفير المياه للشرب وللاستخدامات المنزلية والزراعية.
وبفعل ذلك، يستسلم الكثير من عرب الأهوار ويغادرون إلى المدن حيث يجري التعامل معهم كمنبوذين.
في أغسطس 2022، تحدث فرع العراق في منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة عن "نزوح سكاني" لا سيما نحو مدينتي البصرة وبغداد.
وليد خضير، البالغ من العمر 30 عاما، واحد من هؤلاء الذين هجروا الأهوار نحو مدينة الجبايش القريبة، مع زوجته وأطفاله الستة "قبل أربعة أو خمسة أشهر"، حيث يقطنون في بيت بحالة يرثى لها.
ويضيف خضير آسفا "حياتنا هناك وأهلنا عاشوا هناك وأجدادنا. لكن ماذا نفعل؟ لم يعد هناك من حياة" في الأهوار.
يريد هذا الرجل الآن تسمين جواميسه ليتمكن من بيعها، لكن أسعار الأعلاف التي كانت موجودة بوفرة سابقا بالأهوار، باهظة كثيرا.
ويقول خضير "إذا عادت المياه وعاد الوضع كما كان عليه سابقا، نعود لنعيش هناك".انتهى29/ح
اخبار ذات الصلة
تحذير لا لبس فيه.. إرهاب اليمين المتطرف في فرنسا يتفاقم
أجرى نيكولا ليرنر، المدير العام للأمن الداخلي (DGSI) مقابلة نادرة مع صحيفة "لوموند"، نُشرت يوم الأحد 9 يوليو. حذر من خلالها من عودة أعمال العنف في فرنسا التي ينفذها اليمين المتطرف منذ الربيع الماضي. وتم إصدار الإنذار
اختتام قمة الناتو.. الحلف يؤكد دعمه لكييف ويوضح: انضمام أوكرانيا سيكون بعد الحرب
اختتمت اليوم الأربعاء أعمال قمة الناتو بحضور زعماء دول الحلف في عاصمة ليتوانيا فيلنيوس، حيث أكد الأعضاء على التزامهم بتقديم دعم عسكري لكييف يمتد لسنوات.
القوات الأوكرانية تحاول تطويق باخموت وروسيا تمطر كييف بالمسيرات لليوم الثاني
كثفت القوات الأوكرانية محاولاتها لتطويق مدينة باخموت في دونيتسك شرقي البلاد في إطار الهجوم المضاد المتواصل منذ أسابيع، في حين قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن الحرب في أوكرانيا ستستمر حتى يتخلى الغرب عن خططه لهزي
صحيفة روسية: العراق متوجس من أن نتنياهو يهيئ لاستخدام القوة على أرضه
يخشى مسؤولون في العراق بدء عملية إسرائيلية على أراضيهم، ويعود سبب القلق إلى اختطاف الباحثة إليزافيتا تسوركوفا -وهي مواطنة روسية إسرائيلية- في بغداد، حيث قال مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إن خبيرة في الحركات المتطرفة
زيلينسكي مستاء لعدم تحديد تاريخ لانضمام بلاده.. قمة الناتو تنطلق بليتوانيا وهذا أبرز ما بأجندتها
انطلقت اليوم الثلاثاء في العاصمة الليتوانية فيلنيوس قمة لحلف شمال الأطلسي (ناتو)، لمناقشة عدد من الملفات أبرزها: دعم أوكرانيا ووضع آليات دفاع ضد روسيا وانضمام السويد للحلف، في حين أبدى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي
بوتين وبريغوجين.. تفاصيل لقاء الـ3 ساعات بعد أيام من التمرد
أعلنت موسكو، الإثنين، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التقى قائد قوات "فاغنر" الخاصة يفغيني بريغوجين في الكرملين، بعد 5 أيام من التمرد القصير الذي نفذه الأخير.
- اخر اخبار
- مبابي يطمع بـ 200 مليون يورو قبل التوقيع لريال مدريد
- العراق.. الأهوار التاريخية تعاني من الجفاف وحضارة كاملة تتلاشى
- السيسي يطالب بوقف تدخل الدول في شؤون السودان في البيان الختامي لقمة دول الجوار
- هيئة الحج العراقية: غداً الجمعة تصل آخر طائرة تقل العراقيين القادمين من الديار المقدسة
- التعليم تعلن توفر 50 منحة دراسية مصرية
- الحشد الشعبي يعثر على سيارة مفخخة في صحراء الحضر
- اتفاقية عراقية - صينية لزيادة إنتاج الاسمنت عبر مصنع محلي: سنوفر فرص عمل
- وزارة التربية: نتائج الثالث متوسط ستعلن بداية الأسبوع المقبل
- المفوضية تعلن العدد الكلي للناخبين المحدثين بياناتهم لغاية أمس
- وزير الكهرباء: ارتفاع الإنتاج إلى أكثر من 23 ألف ميغاواط بعد إعادة جزء من الغاز الإيراني
- النزاهـة: استقـدام رئيـس ديـوان الـوقف السني الأسـبق لتحقيقه منفعة أقاربه على حساب الدولة
- مارين لوبان تنتقد قرار إمداد أوكرانيا بصواريخ بعيدة المدى
- رئيس الوزراء يوجه بضرورة ان يكون إنجاز الطريق الحولي الرابع بجودة وبمواصفات فنية عالية
- الأمم المتحدة: العثور على مقبرة جماعية بها 87 جثة على الأقل في غرب دارفور
- وزير العمل يعلن اطلاق المنصة الوطنية لبيانات الطفل
- الصين تعلن ضخها مبلغا كبيرا في مصر بمنطقة واحدة
- قتلها ورمى جثتها.. الاستخبارات تطيح بقاتل امرأة بعد استدراجه من خارج العراق
- ديسانتيس يدعو ترامب إلى المشاركة في مناظرة الحزب الجمهوري
- جهاز المخابرات يعلن البدء باستقبال طلبات المفسوخة عقودهم
- لافروف يتحدث عن مقترحات حول صفقة الحبوب
- تحذير لا لبس فيه.. إرهاب اليمين المتطرف في فرنسا يتفاقم
- المفوضية تعلن المباشرة بتحديث سجل الناخبين في إقليم كردستان
- دراسة: الإجازة تساهم في تعزيز أداء العمل جزئيا
- بيانات أمريكية ترفع أسعار النفط
- وزير الداخلية يعلن انخفاض معدل الفساد بنسبة كبيرة في دوائر الوزارة
- الأكثر قراءة
- رئيس الجمهورية يصدر توضيحاً حول سحب المرسوم الجمهوري الخاص بالكاردنيال ساكو
- أمين السر العام لوزارة الدفاع يباشر مهامّ منصبه
- بينهم مديرون بالنجدة والشرطة الاتحادية.. تغييرات جديدة بالقيادات الأمنية في بغداد والمحافظات خلال ساعات
- القبض على الملقبة بجكسارة بتهمة المحتوى الهابط
- وفاة الفنانة العراقية أمل عباس بعد صراع مع المرض
تنزيل التطبيق
تابعونا على
الأشتراك في القائمة البريدية
Copyright © 2018 Mawazin News Developed by Avesta Group