• بغداد
    +31...+34° C
  • الموصل https://www.booked.net/
    +23...+29° C
  • كربلاء https://www.booked.net/
    +32...+37° C

نهاية عصر مهنية الإعلام وأخلاقياته!

نهاية عصر مهنية الإعلام وأخلاقياته!

  • 7-07-2023, 17:51
  • مقالات
  • 627 مشاهدة
خليل الطيار

"Today News": بغداد 
تفرض الأحداث المهمة  مسؤولية أخلاقية لقيام  منظومة "الإعلام" المهني  بوظيفته الأساسية والواجبة  لتنوير الرأي العام، وإمداده  بمصادر خبرية، تواكب الأحداث الحساسة، والتي  تندرج ضمن الأحداث الرئيسية  الأولى الحاصلة عالميا على  مدار الساعة …
لكن ومع المتغيرات التقنية  الحاصلة في الفلسفة  الاتصالية وتغيير بنية وسائل التلقي والتواصل مع الأحداث،  بدأنا نلحظ فقدان منظومة  الإعلام أخلاقياتها المهنية، وسقوطها في دائرة الارتهان والتبعية والانتفاع ،وخرجت  من دائرة الاستقلالية، لتصبح  مؤسساته الرسمية مرتهنة  بمواقف وسلوكيات الأنظمة الحاكمة، تفرض وصايتها  وهيمنتها المطلقة لإدارة  مؤسساته، وتتدخل بصياغة  وتشكيل خطاباته، وترسمه على وفق متبنياتها السياسية ومواقفها الدولية. وكثيرا ما  تكون مرتهنة تحت ضغط  الاصطفافات، تمارس بموجبه هذه الأنظمة تقيدا صارما على  وسائل الإعلام، ومنعها من  التصدي إعلاميا، لأي حدث من  شأنه المساس بمواقفها الدولية، ولا يخرجها من دائرة  الانحياز المطلق والخضوع  والتذلل أحيانا...
ولم يقتصر تقويض سلطة  الإعلام في إطار هويته  الرسمية، بل وقعت ضحيته  أيضا، الوسائل الإعلامية "المستقلة" بنفس المطب.  بعد ان تنكرت لاستقلاليتها  واخذت ترتبط كليا بوصاية اصحابها، وهيمنة ارادة رؤوس  اموال جهاتها الراعية، التي  باتت تفرض نفسها بقوة على  تشكيل خطاباتها،والتحكم بصبغته، وفقا لميول وانحياز  فكري وايديولوجي يوجهه  بقصدية لصناعة متبنيات خاصة من الأحداث، ويسوق للرأي العام على وفق الكسب المادي، بعيدا عن اي مباديء مهنية وأخلاقية، يفترض ان تتقيد بها منظومة الاعلام بشقيه الرسمي والمستقل.
كل ذلك جعل الاعلام العالمي بشكل عام، والعربي بشكل خاص اسير هذه المعادلة،  وهذا الفشل المهني والانحراف الاخلاقي عن اداء دوره المسؤول …
وفي سياق التدليل على هذا  الانعطاف، والانحراف عن  مهنية الاعلام واخلاقياته، فقد  شهد العالم حدثين مهمين  صدما الرأي العام العالمي، الاول اقدام معتوه، تعمد المساس بمشاعر ملياري مسلم، وقام بمسرحية حرق  المصحف الشريف مدعوما بموافقة من السلطات  السويدية بحجة حرية التعبير!!
والحدث الثاني تمثل باجتياح الكيان الغاصب لمخيم جينين في فلسطين وتسبب بتضحيات جسام...
الحدثان شكلا على مستوى افعالهما المروعة، اثارة خبرية يضعهما في مقدمة كل الاخبار الثانوية الاخرى، وهو ما يفترض مهنيا ملاحقتهما من قبل وسائل الاعلام كافة، لارتباطهما باحداث ذات مضامين غير  تقليدية، وتهم الرأي العام الدولي ولابد ان يتبوءان موقع  الحدث الاول في اي نشر  وتسويق اعلامي، اخبارا وتحليلا.
لكن، ولان منظومة الاعلام فقدت اخلاقياتها المهنية واصبحت مرتهنة ونفعية، فلم يتحصل كلا الخبرين على مساحة تغطية ونشر توازيان اهميتهما، باستثناء بعض وسائل الاعلام القليلة جدا،  التي سايرت الحدثين من زاوية حياديتهما المهنية من جهة، ومن منطلق متبيانتهما السياسية والعقائدية. وباستثناء هذا النز القليل من الاهتمام الرسمي والمستقل، فان الاعلام الغربي والعربي تحديدا بقي اعمى، ومعدوم البصيرة عن تغطية هذين الحدثين إلا من اشارات خجولة وعابرة، ليس ذات تاثير، بعد أن تم وضعهما في اواخر نشرات الأخبار كاسقاط فرض، او حشرهما كخبر عابر مع وابل من الاخبار التجارية المشوقة، تصبح خلالها الاحداث المهمة "أثرا بعد عين" وتلك وسيلة مقصودة لاماتة سريرية لأي خبر مهم!
هذه المواقف المخجلة من اعلامنا العربي بدات تخرج منظومة الاعلام من دائرة سلطته المهنية والاخلاقية ليقع اسير التبعية المطلقة  لمواقف النفاق والتباغض  والتشتت السياسي، وتحويله من وسيلة تنويرية للجمهور الى وسيلة تظليل وتوهين، وبذلك يتكشف للرأي العام، وبما لا يقبل الشك، زيف التشدق بحلم اقامة الانظمة الديمقراطية، التي صدعت دول الهيمنة رؤوس البشرية فيها، وأشعلت الحروب واحتلت البلدان، بحجة اقامة الديمقراطية والعدالة فيها، لكنها تقف اليوم في مقدمة الدول التي تسهم بالتفريط باحد ابرز مقوماته النظام الديمقراطي، الا وهو  منح الاعلام حرية ممارسة دوره الفاعل، وأخذت لا تكتفي بممارسة وصايتها على  مؤسسات الاعلام الكبرى في العالم، بل صارت تفرضها على سياسة الانظمة التي تقع اسيرة نظامها العالمي الجديد!

أخر الأخبار