• بغداد
    +31...+34° C
  • الموصل https://www.booked.net/
    +23...+29° C
  • كربلاء https://www.booked.net/
    +32...+37° C

الامام محمد الباقر بين مواجهة الانحراف العقائدي والضغط السياسي نهج اسلامي لم يتغير

الامام محمد الباقر بين مواجهة الانحراف العقائدي والضغط السياسي نهج اسلامي لم يتغير

  • 26-06-2023, 18:44
  • مقالات
  • 175 مشاهدة
عبدالأمير الهماشي

"Today News": بغداد 
 عندما نتطلع الى حياة أئمة أهل البيت نرى أنهم واجهوا التحديات بحكمة ووعي و شجاعة لحجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم لايصال مفاهيم الاسلام الى الامة ، ومنهم الامام محمد بن علي بن الحسين .

وسأعرض الخطوط العريضة في مسيرة حياته المعطاء التي جسدت إمامته أولا ورسخت مفاهيم الاسلام الأصيل .

والامام محمد بن علي الباقر (ع) حفيد الامام الحسين (ع) ويعتبر الامام الرابع في تسلسل الائمة الاثني عشر كما ورد في أدبيات المذهب الجعفري هذا من ناحية النص إن جازت التسمية ،أما من  الناحية الموضوعية والتاريخية فإنَّ
أئمةَ أهل البيت من نسل علي بن أبي طالب(ع) هم مَنْ وقعت عليهم زعامة بني هاشم الذين وجدوا في أنفسهم ورثة النبوة ،والفئة المستهدفة من قبل بني أُمية ، والتفوا حول زعيمهم من بيت أبي طالب ، وكان محمد بن علي بن الحسين(ع) هو الزعيم بعد وفاة أبيه بالرغم من المنافسة التي جاءت من بيت العباس بدعم السلطة إلا أن هذا الأمر لم يُشكل قلقاً يذكر لمنهج أهل البيت سواءً من أبيه علي بن الحسين ومنه أو مِن ولده من بعده جعفر بن محمد عليهم السلام ، حيث تجسدت فيه كل مقومات الزعامة الدينية والعلمية بالاضافة الى قرب نسبه من جده رسول الله(ص).

وسأعرض الخطوط العريضة في مسيرة حياته المعطاء التي جسدت إمامته أولا ورسخت مفاهيم الاسلام الأصيل .

لم تمثل الزعامة التحدي الأكبر في مسيرتهم ، أو لم ينظروا الى منافسة الاخرين من بني هاشم الى أنه تحدٍ يجب مقاومته ولم يشكل لهم قلقاً يذكر  ،
ولم يكن بنو هاشم جميعهم على نفس الدرجة من الوعي بإمامته إلا أنَّ الأجواء الدينية في المدينة المنورة فرضت هذه الزعامة لما تمتع به من علمٍ و ورعٍ وحكمة جعلت عقلاء بني هاشم لاترى في غيره زعيماً لها بالرغم من صغر سنه مقارنة بغيره ، إلا أنَّ شخصيته الحركية في مجتمع المدينة التي ملئها علماً وتفانيا وخُلقاً ذكرتهم بجده رسول الله (ص) ، أو  لنقل أنهم كانوا يرون فيه خير خلف  له ، ولهذا أذعن بقية بني هاشم لهذه الزعامة ودانت المدينة بالزعامة الروحية له ، في تحدٍ واضح لممثل السلطة الأموية.
كما أنَّ بقية الزعامات الدينية في أرجاء المملكة الأموية كانت تقصده للتحدي او لاكتشاف ما يملك من علم !، وقد قصده بعد ذلك طلاب العلم والدين ليتفقهوا على يديه ،فكانت حلقات الدرس في مسجد جده إمارة أُخرى على هذه الزعامة .

 هذه المقدمة لا تبعدني عن عنوان هذه المقالة ، حيث أن العنوان هو  مدخلي للموضوع الذي أُحاول  الولوج فيه و وضع نقاط رئيسة  تتناول حركة السلطة إتجاه المجتمع الاسلامي واتجاه أهل البيت (ع) بصورة خاصة ..

لا شك أنَّ السلطة الاموية  كانت تحكم باسم الخلافة الاسلامية ، إلا أنها تعلم أن التهديد الفعلي لخلافتها وحكمها هو من الوعي الاسلامي ،ومن المفاهيم الاسلامية الأصلية التي قوامها العدل ،والامامة او الرياسة لمن يستحقها .

و من هنا يرى الامويون أن هناك تهديد وجودي لمشروعهم في الحكم وهو البيت العلوي في بني هاشم ،
و كان البيتُ العلوي مثابةً للوعي الاسلامي الأصيل ، ولهذا كان استهدافه يمثل أولوية من أولويات بقاء الحكم أو استقراره !.
بمعنى أن البيت العلوي  لم يكن عدوا سهلاً يمكن النيل منه والقضاء عليه حتى بعد مجزرة كربلاء  بقي هذا البيت هو التهديد الاول ، بالرغم من قيام العديد من الثورات ضد الأمويين  إلا أن أغلبها رفع شعار يا لثارات الحسين أو طلب الحكم لال البيت (ع).
حركة الامام الباقر (ع):-
وكانت حركة الامام الباقر(ع) تأخذ اتجاهين ،هو مقاومة الضغط السياسي الممارس ضده وضد أهل بيته ، وابعاد المدينة المنورة عن البطش الأموي قدر الامكان من خلال وعيه بطبيعة الصراع السياسي  بين بني هاشم وبني أُمية ،
أو الأصح أن نقول بين المدرسة الاسلامية الأصيلة ، وبين مدرسة لا ترى في الإسلام إلا غطاءً لها ،
فقد استطاع أن ينأى بالمدينة المنورة عن الدخول في محاور الصراع على السلطة، وحتى حينما برز الصراع  داخل البيت الأموي نفسه، فلم تكن الارض مهيئة لحركة تسمح بأخذ زمام المبادرة من هذه الناحية.والاتجاه الثاني الحفاظ على أصالة الاسلام ليصل الى الجيل الذي بعده بنفس النقاء الذي ورثه من أبائه "حديثي حديث أبي وحديث أبي حديث جدي ..الى اخره"
التحدي الأخطر :-
ومن ناحية أُخرى فإن السلطة الاموية سمحت بالممارسات الغير شرعية من اباحة شرب الخمر  الى غيرها  من الممارسات التي تدفع بالمجتمع الى الانحلال ، اضافة الى فسح المجال للأفكار الضالة بالانتشار فيما يساعد على الهاء الامة أولا وترسيخ حكمهم ثانياً .
ولم تكتف السلطة الاموية بل أسهمت في بروز الزنادقة وهم (الملحدين) في عصرنا هذا باطلاق أفكارهم في المجتمع دون رادع او مواجهتهم بأي طريقة ،ولم يكن هؤلاء الزنادقة على بعد من هذه السلطة التي حاولت أن توفر لهم الغطاء المطلوب حتى كان وصولهم للمدينة ليتحدوا المسلمين في معقلهم نسبة الى وجود الرسول وانطلاق الدولة الاسلامية منها .
 قد يفسر بعض المؤرخين بأنَّ الدولة الأموية فسحت المجال من خلال ما يُسمى في عصرنا الحالي حرية التعبير ، ويمكن أنْ نجيب بإختصار :إنها في الوقت الذي تسمح للزنادقة بذلك فهي تضيق على الموالين لأهل البيت وتمنع عنهم بيت المال ، وهي سياسية اتبعتها مع من يخالفهم وكان لأهل الكوفة النصيب الأكبر من هذا المنع ،حيث أنهم أتباع علي (ع) بحسب التصنيف الأموي أنذاك .
، وكما قلت أن الطبقة الحاكمة كانت ترى في هذه الامور طريقا لابعاد المجتمع عن السياسة والحديث في مشروعية الحكم وممارسة الحاكم الأموي ، بل كانت الافكار أو المذاهب الفكرية التي انتشرت في عهد الامام الباقر(ع) ترسخ للقبول بالامر الواقع من خلال الجبر والتفويض والمرجئة والجهمية والى غيرها من الفرق الضالة أو لنقل المخالفة للاسلام الاصيل .
وساعيد خطوات السلطة التي تتخذ هنا شكل السياسة الناعمة إتجاه المجتمع وهي كما يلي :-
نشر الانحلال الأخلاقي في المجتمع
نشر الافكار الضالة التي تدفع الى قبول الأمر الواقع .
السماح للزنادقة بالجهر بالكفر والتشكيك بعقيدة التوحيد او وجود الخالق التي يرتكز عليها الدين الاسلامي
هذه التحديات بالاضافة الى بداية ملامح التصوف ولنعبر عنه (مصلح دون اصلاح ) واجهها الامام الباقر ومن بعده ولده الصادق بطريقة حكيمة دون اللجوء الى العنف ، بسياسة الحوار والمنطق والحجة بالحجة .وسجل لنا المؤرخون الكثير من هذه الحوارات .
نعم هي حرب ناعمة لجأت إليها السلطة الأموية لتفتيت المجتمع الاسلامي ، ولابد من مواجهتها بالحكمة والموعظة الحسنة التي أجادها الامام الباقر (ع) ومن بعده ولده الصادق (ع).
كانت هذه الامور تمثل تحدياً حقيقيا أمام حركة الامام الباقر من أجل أن يُبقي على أصالة الدين الاسلامي ،وكان لابد من تأسيس مدرسة لهذا الاتجاه فقد لايكفي أن يتصدى الامام (ع) لكل هذه الاتجاهات المنحرفة لوحده بل بحاجة الى طلبة مستوعبين للدين وتقاة لا تغريهم الدنيا ، وقد أتت ثمارها رغم قوة الموجة التي تغذيها السلطة الحاكمة ،وتحارب طلبة الباقر (ع).
أما التحدي السياسي فقد نجح الامام الباقر في ابعاد شبح المواجهة وبطش السلطة عن المدينة ،وربما يعزو البعض الى (هدنة) ان جاز التعبير كانت قد حضرت أثناء حكم عمر بن عبد العزيز ( رحمه الله ) إلا أنها فترة قصيرة لم يرسخ فيها هذا الحاكم الاموي ما كان منشوداً منه سيما وانه ترعرع في المدينة المنورة وتأثرها بجوها الروحي ،

وفي التحديين الاخريين فيما يتمثل بالافكار أو الانحرافات العقائدية التي غذتها الطبقة الحاكمة حيث أشرت أنها  تصب في خدمة المشروع الأموي أو  تُرسخ الحكم الاموي كأنه القضاء والقدر !.
، و لأن الطبقة الحاكمة والمشروع الأموي قائم على التخلص من زعامات البيت العلوي كتهديد وجودي لهم كان قرار اغتيال الامر  امراً لابد منه !!.
يتبع ..

أخر الأخبار