• بغداد
    +31...+34° C
  • الموصل https://www.booked.net/
    +23...+29° C
  • كربلاء https://www.booked.net/
    +32...+37° C

العراق من المس بيل إلى مفراو بلاسخارت .. بلاسخارت مبعوث أممي أم مندوب سامٍ ؟

العراق من المس بيل إلى مفراو بلاسخارت .. بلاسخارت مبعوث أممي أم مندوب سامٍ ؟

  • 25-11-2021, 21:23
  • مقالات
  • 832 مشاهدة
د. صلاح عبد الرزاق

"Today News": بغداد 
أكثر من مائة عام تفصل بين السيدة غيرترود بيل Gertrude Bell  (١٨٦٨-١٩٢٦) مِفراو (السيدة بالهولندية) جينين هينيس بلاسخارت Jeanine Hennis Plasschaert (١٩٧٣ - ) لكنهما لعبتا دوراً مثيراً في التاريخ السياسي العراقي.
المس بيل كانت باحثة ومستكشفة وعالمة آثار إنكليزية جاءت إلى العراق عام ١٩١٤ مع الحملة العسكرية البريطانية وشغلت منصب السكرتيرة الشرقية للمندوب السامي البريطاني. وكانت تقاريرها وآرائها تحتل أهمية كبيرة في وزارة الخارجية البريطانية ، بل وتتفوق على تقارير كبار الضباط والمندوب السامي نفسه، وتؤخذ بآرائها واقتراحاتها في إدارة الدولة العراقية الوليدة.
كان السياسيون العراقيون من وزراء وضباط ووجهاء ورجال دين يتمنون لقاءها وأن ترضى عنهم. ، كانوا يسمونها بالخاتون. وقد كتبت مذكراتها تذكر كيف يأتيها كبار الشخصيات العراقية ملتمسين طلباً أو موافقة على أمر ما، وكيف يمدحونها بمعسول الكلام. وتراها في الصور تجلس بينهم بكل كبرياء وأنفة. وقد لعبت دوراً هاماً في تنصيب عبد الرحمن النقيب رئيساً للوزراء عام ١٩٢٠ ثم تنصيب الأمير فيصل ملكاً على العراق عام ١٩٢١ ، إضافة إلى تأثيرها في تشكيل الجيش العراقي ورسم الحدود العراقية مع الأردن وسوريا والكويت والسعودية. وكان لها موقف متشدد ضد ثوار ثورة العشرين ١٩٢٠ وتعادي المرجعية الدينية في النجف بزعامة الشيخ محمد تقي الشيرازي ثم شيخ الشريعة الاصفهاني.

أما مِفراو بلاسخارت فقد بدأت حياتها السياسية عام ٢٠١٧ عندما انتخبت نائبة في البرلمان الأوربي عام ٢٠٠٤ ثم عام ٢٠٠٩  حيث انضمت إلى لجنة النقل والسياحة. بعد ذلك تم انتخابها عضواً في البرلمان الهولندي عام ٢٠١٠ حيث تركت مقعدها في البرلمان الأوربي. وكانت تركز على قضايا السلامة العامة والشرطة الهولندية والمساواة في المعاملة وحقوق المثليين وإدارة الطوارئ.
 دخلت الكابينة الوزارية لأول مرة عام ٢٠١٢ كوزيرة للدفاع في حكومة مارك روته الثانية. بقيت في منصبها حتى استقالتها في عام ٢٠١٧ نتيجة نشر تقرير مجلس السلامة الهولندي الذي سلط الضوء على حالات الفشل الخطيرة في وزارة الدفاع ومنها قضية هاون في مالي. وتم استدعاؤها إلى البرلمان الهولندي وأثناء الاستجواب اضطرت لإعلان استقالتها من منصبها في ٣ تشرين الأول ٢٠١٧ .
وكعادة الحكومات الهولندية لا تفرط بسياسييها بل تدفع بهم إلى مناصب دولية ودبلوماسية فتم إرسالها إلى الأمم المتحدة حتى قام الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس بتعيينها ممثلاً خاصا له في العراق ورئيساً لبعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي).
وكان قد شغل المنصب هولندي آخر هو أد ميلكيرت Ad Melkert (١٩٥٨- ) الذي شغل المنصب في العراق عام ٢٠٠٩ - ٢٠١١. وكان قبل ذلك وزيراً للعمل للفترة ١٩٩٤- ١٩٩٨ . وبعد خسارة حزب العمل في الانتخابات أعلن اعتزاله عن العمل السياسي، لكن الحكومة الهولندية أرسلته دبلوماسياً إلى الأمم المتحدة.
جاء إرسال بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) بناء على قرار مجلس الأمن الدولي رقم (١٥٠٠) في ١٤ آب ٢٠٠٣ .
وكان أول مبعوث هو سيرجيو دي ميللو الذي قتل بعد خمسة أيام من استلامه منصبه في حادث إرهابي في ١٩ آب ٢٠٠٣ . وجاء بعده أشرف قاضي (٢٠٠٤-٢٠٠٧) ، ستيفان دي مستورا (٢٠٠٧- ٢٠٠٩) ، أد ملكرت (٢٠٠٩-٢٠١١) ، مارتن كوبلر (٢٠١١-٢٠١٣) ، نيكولاي ملادينوف (٢٠١٣-٢٠١٥) و يان كوبيتش (٢٠١٥-٢٠١٨).
وتتلخص مهام البعثة في تقديم المشورة والمساعدة لمفوضية الانتخابات وكذلك رسم شكل إعادة الاعمار والمسائل التي أوضحها القرار (١٢٨٣) الصادر في تموز ٢٠٠٣ . وكان المفروض انتهاء مهامها في ١٤ آب ٢٠٠٤ لكن الحكومات العراقية المتعاقبة كانت تطلب من مجلس الأمن الدولي تمديد البعثة.
لقد أصبحت يونامي وممثلها أشبه بوصية على العراق، وأعطيت صلاحيات غير موجودة في بقية بعثات الأمم المتحدة في دول أخرى.


بلاسخارت  والشؤون الداخلية العراقية
في كانون الأول ٢٠١٨ وصلت بلاسخارت إلي بغداد بعد عدة أشهر من إجراء الانتخابات العراقية وفوز التيار الصدري وتحالف الفتح كأكبر كتلتين شيعيتين. بدأت جولاتها على الزعامات السياسية والمسؤولين الحكوميين إضافة إلى المنظمات الشبابية والحقوقية والمجتمع المدني. كما التقت بشخصيات سياسية من مختلف المكونات العراقية.

في بداية مجيئها ظهرت بلاسخارت كوجه يمثل الأمم المتحدة يناصر تظاهرات ١ تشرين الأول ٢٠١٩ التي شملت المحافظات الشيعية وبغداد. وكانت تقاريرها وتصريحاتها تثير الجدل بين الجهات السياسية والإعلامية والشعبية. وكانت تقوم بجولات ميدانية مثل زيارة المتظاهرين في ساحة التحرير وركوت التك توك، وزيارة جرحى التظاهرات أو والدة أحد الشهداء. وهذه مواقف جديدة غير متوقعة من ممثلي الأمم المتحدة الذين سبقوها حيث كانوا يكتفون باللقاءات الرسمية مع المسؤولين والسياسيين والنواب.

وحضرت بلاسخارت مناسبات حكومية وسياسية منها مراسم تكليف مصطفى الكاظمي في ٨ نيسان ٢٠٢٠ . وفي ١٣ تشرين الثاني ٢٠١٩ قام مجلس النواب باستضافتها حيث ألقت كلمة أمام رئاسة المجلس ورؤساء الكتل النيابية تناولت فيها موقف الأمم المتحدة من التظاهرات إضافة إلى خارطة الطريق التي كانت قد قدمتها قبل ثلاثة أيام.

ولعل أشهر زيارات ولقاءات بلاسخارت هي زيارة النجف الأشرف ولقائها بالمرجع الأعلى السيد السيستاني. وكانت تنقل إلى سماحته وجهة نظر الأمم المتحدة ومجلس الأمن ورأيها بالأحداث العراقية ، وتستمع إلى موقف سماحته تجاه الأمور المطروحة حيث ترفع بها تقريراً إلى الأمين العام للأمم المتحدة. وكان مكتب السيستاني يصدر بياناً عقب كل لقاء مع السيدة بلاسخارت.

خارطة طريق بلاسخارت
في ١٠ تشرين الثاني ٢٠١٩ وقبل لقائها بالسيد السيستاني أعلنت بلاسخارت عن خارطة الطريق لحل الأمة السياسية في العراق بعد تصاعد التظاهرات ومنع الدوام في المدارس والجامعات وغيرها. طالبت فيها بضمان الحق في التجمع والتظاهر السلمي وحرية التعبير عن الرأي، وممارسة آقصى قدر ممكن من ضبط النفس في التعامل مع المظاهرات بما في ذلك عدك استخدام الذخيرة الحية، وتحقيق المسلءلة الكاملة للجناة وإنصاف الضحايا. كما طالبت بإطلاق سراح كافة المتظاهرين السلميين، والتحقيق في حالات الاختطاف ، وملاحقة المسؤولين عن الاستخدام المفرط للقوة. كما دعت كافة الأطراف الإقليمية والدولية إلى عدم التدخل في الشؤون الداخلية العراقية واحترام سيادته.

تستمر بلاسخارت في تقديم خارطة الطريق وتتجاوز الخطوط الحمر لممثلي الأمم المتحدة، فتذهب إلى التدخل في الشؤون الداخلية التي تتجاوز تقديم المشورة بل تطلب من الحكومة والبرلمان اتخاذ إجراءات مثل:
 ١. الإصلاح الانتخابي: يتم الانتهاء من وضع إطار قانوني موحد بدعم فني من الأمم المتحدة وتقديمه بعد فترة وجيزة إلى مجلس النواب. ويتم استكمال الإجراءات البرلمانية في أقرب وقت ممكن.
2. إصلاح قطاع الأمن: يتم تطبيق الأمر التنفيذي رقم 237 بالكامل وبدون أي تأخير، ويتم حظر أي أسلحة خارج سيطرة الدولة، ويتم اعتبار أية كيانات مسلحة خارجة عن القانون أو عناصر مارقة غير قانونية وتقع على عاتق الدولة مسؤولية القضاء عليها.
3. الفساد: ينبغي أن تكون النخبة السياسية قدوة في محاربة الفساد من خلال كشف المصالح المالية داخل البلاد وخارجها سواء أكانت بأسمائهم أو تحت أسماء أخرى. إضافة إلى ذلك، تقوم الأحزاب/الكتل والتيارات السياسية بإلغاء لجانها الاقتصادية.

الإجراءات متوسطة الأمد (خلال شهر إلى ثلاثة أشهر) تشمل ما يلي:
1. الدستور: تستمر لجنة التعديلات الدستورية بمراجعة الدستور وبدعم فني من الأمم المتحدة وطرح أي تعديل في الدستور للاستفتاء عليه من قبل الشعب العراقي.
2. الفساد: تقوم هيئة النزاهة بإحالة قضايا الفساد إلى مجلس القضاء الأعلى أو المحكمة المركزية لمكافحة الفساد. وتتولى هذه المحكمة التحقيق في قضايا الفساد في كافة المستويات في الدولة. وتتم مساءلة ومحاكمة كافة المسؤولين الذين يثبت فسادهم.
3. سن القوانين: تقوم الحكومة بإرسال مشروعات القوانين التالية إلى مجلس النواب والذي بدوره عليه أن يستكملها في أقرب وقت ممكن:
‌أ) قانون "من أين لك هذا؟"
‌ب) قانون المحكمة الاتحادية
‌ج) قانون الضمان الاجتماعي
‌د) قانون حل أزمة السكن
‌ه) قانون النفط والغاز
‌و) تعديل قانون تشجيع الاستثمار والشراكة بين القطاعين العام والخاص.
‌ز) قانون مجلس الوزراء والوزارات
‌ح) قانون مجلس الإعمار

لقاء النجف والجدل السياسي
 في 11 تشرين الثاني 2019 توجهت السيدة بلاسخارت إلى النجف الأشرف صباحاً لاجراء لقاء مع المرجع السيستاني . وبعد خروجها من اللقاء ، وقفت قرب منزل السيستاني ، وأمام عدسات وسائل الاعلام والقنوات الفضائية ، في مؤتمر صحفي صرحت فيه بما يأتي:
-إن المرجعية تؤكد أن المتظاهرين لن يعودوا إلى منازلهم قبل تحقيق جميع مطالبهم.
-إن المرجع السيستاني قلق من عدم جدية القوى السياسية لاجراء الاصلاحات.
-أإن المرجع أكد أنه إذا كانت الرئاسات الثلاث لم تكن قادرة على تحقيق مطالب المتظاهرين فلابد من سلوك طريق آخر .
-أن المرجع أكد أنه لا يمكن أن يكون العراق ساحة للتصفيات السياسية ، ويجب احترام سيادته.
-إن المرجع أيد إجراء قانون انتخابي موحد.
أما الترجمة الحرفية للخطاب في النجف فهي:
-إنه لشرف لي أن أذهب إلى صاحب السماحة وأن أكون هنا في النجف.
-إن الظروف في العراق هي الأسباب التي دفعتني إلى زيارة صاحب السماحة ، وخلال اللقاء مع سماحته ، شددت مرجعية على ما يلي.
-حذرنا من استخدام العنف ضد المتظاهرين المسالمين ، كما ذكرنا من قبل ، لكننا شددنا وكررنا مجددًا جميع مرتكبيها يجب أن يحاسبوا دون تأخير ، والاعتقال التعسفي ، والخطف ، والضرب ، ويجب أن يتوقف القتل ويجب أن يتوقف الآن.
-أوضحت المرجعية أنها تدعم إجراء إصلاح جاد في وقت معقول ، وفي هذا السياق ، ترحب بمقترح الأمم المتحدة ، بما في ذلك الاقتراح الخاص بإطار انتخابي موحد ،
- وتعرب المرجعية أيضًا عن قلقها ، وتقلق من أن القوى السياسية ليست جادة بما يكفي لإجراء هذا الإصلاح أو تنفيذه ،
-بالإضافة إلى ذلك ، تؤكد المرجعية على أنه لا يمكن للمتظاهرين المسالمين العودة إلى ديارهم دون موارد كافية ،
- وإذا سمح الثلاثة ، فأنا أقصد بالسلطة القضائية السلطة التنفيذية والسلطة التنفيذية. غير قادرة أو غير راغبة على إجراء هذه الإصلاحات بحزم ، يجب أن يكون هناك وسيلة للتفكير في نهج (طريق) مختلف.
-أود أن أشكر المرجعية وفخامته على الترحيب الكبير والحار ومحادثة صريحة ومباشرة. هو محل تقدير كبير شكرا جزيلا لك.
-سؤال: ماذا يعني نهج (طريق) مختلف؟
-الإجابة: طريقة مختلفة ، نعم ، في وقت ما لا يمكنك استخدام الكثير من الكلمات ، لكن الطريقة المختلفة هي طريقة مختلفة.
-(ملاحظة مهمة: في اللغة الانكليزية استعمال مفردة “الذهاب الى بيوتهم” بعد الحديث عن موضوع تحدي تعني “ترك الموضوع والتنازل” وعليه اعتقد ان المبعوثة كانت تتحدث عن المعنى المجازي وليس الحرفي لمفردة "الرجوع الى بيوتهم"، نعم قد لم تكن مناسبة في استخدام هذه المفردات بالخصوص وقد يكون كذلك ان هذا الموضوع تم الحديث فيه اثناء اللقاء مع سماحة السيد السيستاني والله اعلم).


-(ملاحظة عامة السيدة لم تلق كلمة مكتوبة بل ارتجالية مع توقفها بين الحين والآخر للترجمة العربية، يعني الانسيابية لم تكن موجودة عموماً. لم تكن دبلوماسية تجيد الدقة واختيار العبارات والمحافظة على المعنى).

هذه التصريحات أحدثت سجالات وجدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والاعلامية والشعبية. إذ أخذ كل طرف جزءاً أو عبارة معينة ليبني عليها ، ومنها عبارة (عدم عودة المتظاهرين إلى بيوتهم ، حتى تحقيق مطالبهم). وقد أتاح لهذا الجدل فرصة كبيرة هو تأخر صدور بيان مكتب السيستاني ليقطع الجدل بين مشكك بحقيقة ما نقلته بلاسخارت عن المرجع ، وبين مؤيد لها.

في المساء صدر بيان عن مكتب المرجعية جاء فيه:
( وأكد سماحته على ضرورة اجراء اصلاحات حقيقة في مدة معقولة، وفي هذا السياق تم الترحيب بمقترحات بعثة الامم المتحدة المنشورة مؤخراً ، مع ابداء القلق من ان لا تكون لدى الجهات المعنية جدية كافية في تنفيذ أي اصلاح حقيقي .
واشير ايضاً الى ان السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية اذا لم تكن قادرة على اجراء الاصلاحات اللازمة او لم تكن تريد ذلك فلابد من التفكير بسلوك طريق آخر في هذا المجال، فانه لا يمكن ان يستمر الحال على ما كان عليه قبل الاحتجاجات الأخيرة .
وأكد سماحته على ضرورة الكفّ عن استخدام العنف ضد المتظاهرين السلميين ووقف الاعتقال والاختطاف في صفوفهم ومحاسبة من قاموا بذلك خلافاً للشرع والقانون. كما شدد على رفض التدخل الاجنبي في الشأن العراقي واتخاذ البلد ساحة لتصفية الحساب بين بعض القوى الدولية والاقليمية).

انتقادات لأداء بلاسخارت
في تقريرها الذي قدمتها إلى مجلس الأمن الدولي في 3 كانون الأول 2019 ، سردت جينين بلاسخارت جملة من نشاطاتها وتحيليها ورؤيتها لتطور الأوضاع في العراق.
تناولت بلاسخارت التظاهرات التي قتل فيها (400) شخصاً وجرح (19) ألف آخرين. وأنها زارت مستشفى والتقت بوالدة صبي (16 عاماً) أصيب بجروح بالغة. وسردت أشبه ما يكون بقصة صحفية منه تقريراً مقدم إلى أعلى منظمة أمنية دولية. وانتقدت القوات الأمنية مشيرة إلى أنه (لا يوجد مبرر للعديد من عمليات القتل والاصابات الجسيمة للمتظاهرينن المسالمين). وأضافت بأن (الواقع القاسي هو أن استخدام النيران الحية لم يتم التخلي عنه ، وأن الأجهزة غير الفتاكة - مثل قنابل الغاز المسيل للدموع - لا تزال تستخدم بشكل غير صحيح مما تسبب في وقوع إصابات مروعة أو وفاة ، وأن الاعتقالات والاحتجازات غير القانونية لا تزال تحدث - كما القيام بعمليات الاختطاف والتهديد والترهيب).
كما أشارت بلاسخارت إلى أن قطع (خدمة الانترنت وإغلاق وسائل إعلام يضيف إلى التصور العام بأن السلطات لديها ما تخفيه).
وأوضحت رؤية الأمم المتحدة في إجراء انتخابات حرة ونزيهة ، ومكافحة الفساد وإلغاء المكاتب الاقتصادية للأحزاب. وأن رئيس الوزراء العراقي قدم استقالته إلى البرلمان ، وسيكون على رئيس الجمهورية تكليف مرشح جديد خلال أسبوعين.
وذكرت بلاسخارت لقائها بأية الله العظمى السيستاني وأنه (أعرب عن قلقه من أن الجهات الفاعلة ذات الصلة قد لا تكون جادة بما يكفي لتنفيذ أي إصلاح ذي مغزى. وأضاف أن "الوضع لا يمكن أن يستمر كما كان قبل المظاهرات". وفي الوقت نفسه ، يبدو أن المحتجين عازمون على المثابرة طالما بقيت مطالبهم دون إدراك).

ما لم تقله بلاسخارت في تقريرها
أثار التقرير الذي قدمته بلاسخارت إلى مجلس الأمن جدلاً واستياءاً واتهمت بأنها قامت بتغييب بعض الحقائق و أنها قامت بممارسة (الكذب بدوافع سياسية). مما جعل وسائل التواصل الاجتماعي تنشر مقالات لكتاب وناشطين ينتقدون تقريرها ، وانه افتقد للأمور التالية:
1- انها لم تذكر إحراق القنصليات، رغم أنه عمل محرم في القوانين الدولية.
2- لم تذكر الاغلاق القسري للجامعات والمدارس رغم ان ذلك ينتهك لائحة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بحق التعليم.
3- ولم تذكر نزع سلاح القوات الأمنية، رغم كونه تطور ايجابي مهم يستجيب لتوصيات سابقة، ويستوجب الالتفات الى وجود طرف مجهول وراء الاعتداءات.
4- أخفت معلومات موثقة تم احاطتها بها رسميا تتعلق بتورط جهات خارجية باحداث العنف، والتدخل المباشر بالشأن العراقي لزعزعة استقراره.
5- وهناك اتهام آخر بتجاوز بلاسخارت للصلاحيات الوظيفية الممنوحة لها من قبل الأمين العام للأمم المتحدة، بقيامها بزيارات ميدانية وعقد لقاءات مع قادة أحزاب ومسؤولين وتدخلات مختلفة.
6- ويعتقد أن بلاسخارت تعمدت تأجيل تقديم تقريرها عن موعده المقرر لحين انتقال رئاسة جلسة الأمم المتحدة للولايات المتحدة التي هي أحد المتورطين بالاحداث، مما يكشف عن وجود تواطؤ من قبلها لتمكين واشنطن من ابتزاز العراق عبر قرارات أممية من المتوقع صورها خلال اليومين القادمين.

بلاسخارت والانتخابات المبكرة
أبدت بلاسخارت عدة مرات تأييدها لإجراء الانتخابات المبكرة التي دعت إليها المرجعية في وقت سابق. وكانت الحكومة العراقية قد طلبت من مجلس الأمن الدولي إرسال مراقبين دوليين لمراقبة الانتخابات. كما اطلعتش على إجراءات مفوضية الانتخابات ودعمتها ، إضافة إلى تأييدها لقانون الانتخابات الجديد والترشيح الفردي وتقسيم المحافظات إلى عدة دوائر انتخابية، وقانون المفوضية الذي اعتمد ترشيح قضاة لمجلس المفوضين.
بعد إجراء الانتخابات في ١٠ تشرين الأول ٢٠٢١ ظهرت مجموعة من الاعتراضات عليها بعضها فنية مثل:
١-توقف مئات الصناديق عن العمل في يوم الانتخابات
٢-غلق قسم من الصناديق بعد الساعة السادسة مساءً حسب تنظيم المفوضية. وبعض الصناديق أغلق في الليل وبعضها تأخر يوم أو أكثر.
٣-عدد الأوراق الباطلة تجاوز النصف مليون بطاقة. وتبين أن بعضها تم إبطاله عمداً. وفي أحد الصناديق وجدت (٢١٤) بطاقة وتم اعتبارها كلها باطلة دون توضيح السبب.
٤-قيام بعض الناخبين بالإدلاء بأصواتهم عدة مرات حيث تبين أن أكثر من ثلاثة ألاف بصمة أصابع استخدمت بشكل متكرر.
٥-ظهر كثير من المرشحين يحملون الشرائط المطبوعة من قبل الصناديق وهي تحمل أرقاماً أعلى من الأرقام التي أعلنتها المفوضية لهم. وهذه المشكلة لم تحل بعد.
٦-تبين أن الشركة الألمانية Hensoldt التي تم تكليفها بفحص أجهزة العد والفرز الألكتروني قد قدمت تقريراً مفصلاً إلى المفوضية حول العملية الانتخابية شمل المشاكل الفعلية في أجهزة التحقق وعدم قدرتها على قراءة بصمات الناخبين قبل الانتخابات، وكذلك اعتماد بطاقات الكترونية قصيرة الأمد بدلا من البطاقات البايومترية، وهي مخالفة لقانون الانتخابات. وأقر التقرير على آنه تم تحديث برمجيات الصناديق وأجهزة التحق لكن الشركة لم تطلع على التحديث ولا فحصه. وأن الشركة الفاحصة طلبت تجميد عمليات التغيير قبل ستة أسابيع من موعد الانتخابات. كما أن المشكلة تشمل برنامج عرض النتائج التي تظهر بعد غلق الصناديق. كما أوصى التقرير بضرورة حذف وفرمتة كل البيانات السابقة المخزونة في الأجهزة قبل إعداد ونصب بيانات انتخابية جديدة. وأشار التقرير إلى وجود بيانات قديمة كانت موجودة قبل المحاكاة الثالثة تعود للمحاكاة الأولى والثانية التي أجريت من قبل. وهذا يثير الشكوك حول إدخال بيانات قبل يوم الاقتراع مما أدى إلى فوضى ألكترونية أدت إلى نتائج متضاربة.

أما أداء مجلس المفوضين فقد بدا مرتبكاً بشكل واضح. فقد تم الإعلان عن نتائج أولية بعد ٢٤ ساعة دون ذكر نسبة الأوراق المفرزة. وهذه مخالفة لقانون المفوضية الذي ينص على أعلان النتائج الكاملة بعد يوم واحد. كما أن المفوضية أخطأت بفتح باب الطعون قبل إكمال العد والفرز الألكتروني لأكثر من (١٣٠٠٠) محطة تشكل قرابة ١٨٪ من محطات الانتخابات البالغة (٥٥٠٠٠) محطة في كل العراق.
وبعد إجراء العد والفرز اليدوي بدأت تظهر أخطاء أخرى ومعلومات تؤكد أن العملية الانتخابية تعرضت لتلاعب سيبراني في السيرفرات أو خلال نقل النتائج عبر الخط الناقل أو العصا الألكترونية.

بلاسخارت تجتمع بالاطار التنسيقي
بعد إعلان النتائج ظهرت إعتراضات وشكوك من قبل المرشحين والكتل السياسية وشملت كل المكونات الشيعية والكردية والسنية والأقليات. وانطلقت تصريحات وبيانات تشكك بالعملية الانتخابية برمتها وأن أصوات الناخبين قد تم التلاعب بها بشكل منظم.
إزاء ذلك دعا الاطار التنسيقي للكتل الشيعية السيدة بلاسخارت للاطلاع على الاعتراضات والأدلة. ففي يوم ١٥ تشرين الثاني ٢٠٢١ زارت بلاسخارت زعيم حركة عصائب أهل الحق الشيخ قيس الخزعلي وأطلعها على (الأدلة وعلى ما رافق الانتخابات من تزوير وتلاعب فاضح) على حد بيان مكتبه. من جهتها؛ أبدت ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في بغداد تجاوبها في دراسة الأدلة المقدمة من سماحة الشيخ الخزعلي والذي دعا ممثلة الأمم المتحدة لأن تكون طرفاً حيادياً في المشاكل الحاصلة لتجاوز الأزمات الحالية ومنع الوصول بالبلد إلى حالة الانسداد السياسي، كما تعهد الطرفان باستمرار التواصل لحلحلة هذا الانسداد، وفقا للبيان.

بعد ثلاثة أيام أي في ١٨ تشرين الثاني ٢٠٢١ عقدت بلاسخارت اجتماعاً مع ممثلي كتل الاطار التنسيقي وعرضت فيها الأدلة على عمليات التلاعب بالأصوات. وقد أصدر الاطار التنسيقي بياناً جاء فيه:
إنه يعلن ( للشعب العراقي والمجتمع الدولي المنصف عن توفر الأدلة والمعطيات الواضحة والأكيدة على الخلل الكبير الذي رافق مجريات الانتخابات العراقية في 10/10 والذي يبين بلا أدنى شك وقوع عمليات سرقة ممنهجة لأصوات صحيحة استعرض بعضا منها في اجتماعه الأخير الذي حضرته جنين بلاسخارت ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق، حيث طلبت استضافتها في الإطار التنسيقي للاستماع إلى الاعتراضات التي سجلها الإطار التنسيقي على نتائج الانتخابات).
وأضاف البيان (وقد تناول الاجتماع الإشكالات الفنية والقانونية في احتساب وإعلان نتائج الانتخابات ، وقدم الإطار شرحاً مفصلاً مدعماً بالأدلة والإثباتات على الخلل الكبير الذي رافق العملية الانتخابية والتلاعب الواضح في احتساب النتائج وإعلانها، وأكد الإطار على المضي في المسار القضائي في الطعن بهذه النتائج وكل ما يتعلق بها والاستمرار في العمل على وفق جميع الفعاليات التي كفلها الدستور).
وفي جانب آخر من الاجتماع أكد الإطار على أن موقفه المعترض على نتائج الانتخابات (نابع من كونه حريصاً على استقرار العملية السياسية والحفاظ على العملية الديمقراطية في العراق وتعزيز ثقة الجمهور بالعملية الانتخابية وعدم التفريط بأصوات الجماهير، حيث تمثل أصوات القوى المعترضة أكثر من ثلثي أصوات الناخبين، وأن الإطار يؤكد على الالتزام بالقانون وحفظ هيبة الدولة وبناء العملية السياسية على الصدق والوضوح والالتزام وعدم تغييب إرادة الجماهير).

كلمة بلاسخارت لمجلس الأمن قصمت ظهر الانتخابات
كان الاطار التنسيقي يتوقع قيام بلاسخارت بنقل اعتراضاته وأدلته حول تزوير الانتخابات إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن. وربما أعطت بلاسخارت وعوداً بنقلها أو ربما أوحت هي بذلك، بل ربما تولد ممثلي الاطار هذا الانطباع من خلال إصغائها مصحوبة بنظرات التعجب والاقتناع، لكن الآمور سارت باتجاه آخر.
في ٢٣ تشرين الثاني ٢٠٢١ وخلال دائرة تلفزيونية مغلقة خاطبت بلاسخارت مجلس الأمن الدولي بكلمة جاء فيها:
- كان تقييم الانتخابات أنها كانت بصورة عامة هادئة وحسنة الإدارة وأظهرت تحسناً فنياً وإجرائياً واضحاً، ومثلت بصفة عامة إنجازاً كبيراً يَحسُن بالسلطات والأطراف العراقية الإقرار به علناً.
-ولنتذكر أن انتخابات تشرين الأول انبثقت من موجة غير مسبوقة من التظاهرات التي عمت أرجاء البلاد في عام 2019. تظاهرات تخللها عنف واستخدام مفرط للقوة وعمليات اختطاف وحالات استهداف بالقتل. تظاهرات أسفرت عن مئات القتلى وآلاف الجرحى.
-في السابع عشر من تشرين الأول، شرعت الأطراف التي ترفض نتائج الانتخابات بالتظاهر والاعتصام، وتصاعدت حدة تلك التظاهرات والاعتصامات في الخامس من تشرين الثاني، وتم الإبلاغ عن خسائر بشرية في بغداد.
-لا يجوز تحت أي ظرف السماح للإرهاب والعنف و/أو أي أعمال غير قانونية أخرى بإخراج العملية الديمقراطية عن مسارها في العراق.
-إن مجموع الأصوات على المستوى الوطني لا يمثل بالضرورة عدد المقاعد التي قد توقعتها بعض الأطراف. كيف ذلك؟ حسناً، على سبيل المثال، وجود عدد كبير جداً من المرشحين في دائرة انتخابية واحدة ربّما يؤدي إلى تشتت الأصوات.
-وفيما يتعلق بأي مسائل أخرى، بما في ذلك الاتهامات بالتلاعب بالنتائج، فإن القنوات القانونية القائمة تبقى متاحة؛ وقد استخدمت تلك القنوات في حالة العراق على نطاق واسع. ولكن حتى الآن، وكما صرحت بذلك السلطة القضائية العراقية، لا دليل على وجود تزوير ممنهج.
-إن دعواتنا المستمرة هي أن يسود الحوار السياسي، ومرة أخرى، يتوجب التعامل مع أي من المخاوف الانتخابية التي لا تزال قائمة من خلال القنوات القانونية القائمة حصراً ووفقًا للقانون، ولا معنى لاستخدام الآخرين ككبش فداء للتظلمات الانتخابية.
-من المستحسن أن تتم المصادقة على النتائج النهائية عاجلاً وليس آجلاً، فمن الجدير بالملاحظة عدم وجود مهلة زمنية محددة في الدستور لمصادقة المحكمة الاتحادية العليا على النتائج.
-أؤكد أن: أية محاولات غير مشروعة تهدف الى إطالة أو نزع مصداقية عملية إعلان نتائج الانتخابات، أو ما هو أسوأ: كالقيام بتغيير نتائج الانتخابات عبر الترهيب وممارسة الضغوط، (على سبيل المثال) لن تسفر إلا عن نتائج عكسية. وإنني أدعو كافة الأطراف المعنية إلى عدم الدخول في هذا المنزلق.
-إن العراق بحاجةٍ ماسةٍ إلى حكومة قادرة على التعامل بسرعة وفاعلية مع لائحة طويلة من المهام المحلية غير المنجزة، وهذه هي المسؤولية الأساسية لكافة الأطراف السياسية المعنية.

خطاب بلاسخارت ووجه باعتراضات وتصريحات شديدة من قبل الاطار التنسيقي لأنها أغفلت ببساطة جميع الاعتراضات والأدلة التي اطلعت عليها ، وامتنعت عن نقلها أو على الأقل لم تذكر في خطابها أنها اجتمعت بالاطار التنسيقي المعترض على نتائج الانتخابات واطلعت على موقفه وإثباتاته في موقفه. ولو كانت ذكرت ذلك أمام مجلس الأمن لكان أقرب للموضوعية والمهنية في تقييم حدث سياسي كبير، لكنها تعكزت على تصريح لمجلس القضاء الأعلى بنفي وجود أدلة قانونية على التزوير. كما اعتمدت على قناعاتها الشخصية الرافضة لأي تشكيك بالعملية الانتخابية أو وجود تلاعب سيبراني ممنهج. كما تجاهلت تقرير الشركة الألمانية الفاحصة لأجهزة التحقق والصناديق.

أخر الأخبار