• بغداد
    +31...+34° C
  • الموصل https://www.booked.net/
    +23...+29° C
  • كربلاء https://www.booked.net/
    +32...+37° C

غدا عاشوراء ماذا أراد فيه الحسين؟

غدا عاشوراء ماذا أراد فيه الحسين؟

  • 18-08-2021, 22:45
  • مقالات
  • 460 مشاهدة
خلیل الطيار

"Today News": بغداد 

ساعات فقط تفصلنا عن فاجعة عاشوراء لنستذكر أبرز واقعة في تاريخ البشرية خلدت بسمو مضمونها، لتبين مفهوم الإصلاح بكل أوجهه. وتخطت عناوينها مساحة التنظير لتكتب سفرها، دماء نحور ثلة من أطهر وأنبل من على وجه البسيطة، هم آل بيت رسول لله وأصحابه وبضعة من رجال آمنت بالدفاع عن دينها وإصلاح الاعوجاج الذي أرادت به الطغمة الحاكمة الفاسدة حرف دين ورسالة محمد صلى الله عليه وإله عن مساره الصحيح.
واقعة كربلاء مضى عليها أكثر من ألف وأربعمائة سنة ومازالت تحتفظ بقيمة دروسها وعبرها، دون أن تؤثر تطورات العصر والمتغيرات التكنولوجية والثقافات والأفكار المعاصرة على إطفاء وهجها والتقليل من قدرة تجديد الحفر المعرفي في مخرجاتها القيمية.
بطل ومؤرخ خلود هذه الملحمة هو الإمام الحسين -عليه السلام- الذي لم يخرج أشرا ولا بطرا ولا ظالما ولا مفسدا، بل خرج لطلب الإصلاح في أمة جده ضد سياسة حاكم فاسد ظالم عاث في الأرض فسادا ودمر البلاد والعباد وأراد أن يحرف الدين عن مساره لينعم بسلطان الدنيا ومغانمها. فما كان من لإمام عليه السلام إلا بيان الرفض الصريح والانتفاضة بوجه الاستبداد والفساد والتخلي عن ملذات الدنيا وزهوها والتصريح بالكلمة الحقة وإشهار السيف لإعادة منهج كتاب الله ورسالة جده المصطفى لمسارهما الصحيح وليحق بهما الحق ويقيم العدل. فحدثت نتيجة عزمه وإرادته أبشع جريمة في التاريخ البشري استشهد فيها الإمام وأهل بيته وأصحابه في منازلة غير عادلة ومتكافئة في السياق العسكري لكنها انتهت لتؤرخ لانتصار الدم على السيف وتبين قيم الحق والعدل والإيثار والنبل والشجاعة والجود بالنفس، وصارت معانيها الخالدة نبراسا لكل أحرار العالم بكل هوياتهم الدينية والمذهبية والقومية. ونحن إذ نستذكر هذه الفاجعة الأليمة، ما الذي نستهديه ونتعلمه من قيمها في واقعنا المزري، وما الذي أراده الإمام الحسين منا لنسترشده من نهضته إلإصلاحية؟
هل أراد منا البكاء فحسب رغم أن المشاهد الدامية للواقعة تجبرنا عليه لشدة مأساة ما وقع فيها من ظلم، لكن البكاء ليس هدفا بحد ذاته بل وسيلة لمعرفة حجم الظلامة التي وقعت لإحداث عنصر تطهير النفس لتسمو نحو إرادة التغيير.
هل أراد منا اللطم وضرب الزنجيل وشج الرؤوس؟ مهما كان خلافنا في تقبله ورفضه فهي وسائل لإيذاء النفس وجلد للذات لا تغير واقعا ولا تسقط فاسدا ولا تصلح حالا. إنما فيه توهين للدين والمذهب وحجة تبريره ضعيفة السند وكل ضعيف يفقد مقاومة البقاء إلا بالعناد عليه جهلا وتعمدا.
هل أراد لبس السواد وبذخ المأكل والمشرب حبا وتأسيا؟ عمر الطعام لم يك مغير لأحوال الناس سوى إرضاء بطون جاعت فشبعت ثم نامت لتسكت على ألمها وجراحها ولا تنهض إلا لطلب طعام جديد أغلبه سيرمى في الطرقات لكثرته والمبالغة فيه وتهدر فيه الملايين والأجدر أن تصرف لبناء مساكن لإيواء الفقراء أو بناء مشفى لعلاج أمراض أو تعمير لسقف مدرسة أو تبليط لشارع، تأسيا لمبادئ أرادها الإمام الحسين.
كل ذلك وغيره من مظاهر التأسي بعنوانه الشكلي لا يعبر عن حقيقة ما أراد الحسين أن نتعلمه من نهضته الذي اختصره أهل بيته بجملة واحدة (أحيوا أمرنا رحم الله من أحيا أمرنا) هذا إلإحياء هو إحياء قيمي وجوهري وليس إحياء شكليا ومظهريا لمبادئ ورسائل وقيم ثورة إلإمام الحسين ع ونهضته أرادنا أن نتأسى بها لرفض الباطل وإقامة الحق والعدل والانتصار للمظلوم ضد الظالم والتمسك بالقيم السامية الصحيحة لمنهج ديننا الإسلامي وتحقيق مبدأ المساواة بالحقوق والواجبات ونشدان الفضيلة ونبذ الرذيلة وكل ذلك لا يتحقق بالبكاء فحسب والتطيين والزحف على الأرض والمشي على الجمر وإراقة الدماء والعواء كالكلاب وبذخ الطعام بل يستدعي فعل عملي في أداءنا اليومي على مدار حياتنا لا بعشرة أيام فحسب
- أداء المسؤولية والامانة والعفة والنزاهة في العمل، هذا ما أراده الامام الحسين ع
- التمسك بحب الوطن وعدم مساومة ومصافحة اعدائه والتضحية في سبيله هذا ما أراده منا الامام الحسين ع
- إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والعمل بالمعروف والنهي عن المنكر هذا ما أراده الامام الحسين ع
- فضح الفاسدين والظالمين والمخربين والمرجفين والمخرصين ومحاسبتهم، هذا ما أراده الامام الحسين ع
- إماطة إلأذى عن الناس وحفظ اللسان واستقباح النميمة والرياء ونبذ الكذب والتدليس والوزن بالقسطاس المستقيم هذا ما أراده الإمام الحسين ع
- حب العلم ونبذ الجهل ورفاه الإنسان والدفاع عن رزقه وصحته وتأمين عيشه، هذا ما أراده الإمام الحسين ع
- تعمير إلأرض وغرس الشجر والرأفة بالحيوان والعطف على الفقير وصلة الرحم والتعاون بين الكبير والصغير هذا ما أراده الإمام الحسين ع
- الدفاع عن المرأة وحرمتها وعفتها وسترها وعلمها هذا ما أراده الإمام الحسين ع عبر ودروس وقيم لا تعد ولا تحصى قدم الإمام الحسين مضحيا لإقامتها وتحققيها نحره وجسده الطاهر وأنفس زكية من آل بيته وصحبه الميامين لتبقى شاهدة للإنسان في كل العصور والأزمنة حتى قيام الساعة ليعتبر الإنسان فيها.
غدا يبدأ الامتحان والنتائج ستظهر يوم اللقاء عند مليك مقتدر فهل من معتبر؟

أخر الأخبار