الإمام جعفر الصادق (ع) .. مدرسة العلم والأخلاق وبصيرة الإصلاح
"Today News": بغداد
بسم الله الرحمن الرحيم
١- ولادته ومكانته
وُلد الإمام جعفر الصادق (ع) في 17 ربيع الأول سنة 80 هـ في المدينة المنورة، وعُرف بأنه إمام المذاهب والعلوم. فقد أسس أكبر جامعة فكرية وعلمية في عصره، خرّجت آلاف العلماء والفقهاء، وامتدت آثاره إلى كل حضارة لاحقة.
٢-العلم لخدمة الإنسانية لا لإبادتها
أكد الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) أن العلم رسالة لتهذيب النفس وبناء الإنسان، وليس أداة للحروب والتدمير. فحين وظّف بعض البشر العلم لصناعة القنابل الذرية ونشر الفساد، اعتبر الإمام ذلك انحرافًا عن جوهر المعرفة التي أرادها الله لبناء المجتمعات وإشاعة الخير.
3- مبادؤه في طلب العلم
•النية: أن يكون للفقه والعقل لا للجدل أو الرياء.
•المرجعية: رد كل علم إلى القرآن والسنة.
•التواضع: ضرورة التواضع بين المعلم والمتعلم.
•الأخلاق: العلم لا ينفصل عن الحياء والعفاف وحسن الخلق.
4- مجالات علومه
أ- الفقه والشريعة
•أسس مدرسة فقهية كبرى اعتمدت على القرآن والسنة والعقل.
•قال (ع): «كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة سبيلها إلى النار».
ب- الكلام والفلسفة
•حاور الفلاسفة والجدليين، وردّ على الغلاة والباطنية بالحجج العقلية.
•رسّخ مبادئ البرهان العقلي والمنطقي في الفكر الإسلامي.
ج- الكيمياء
•تلميذه جابر بن حيان دوّن علومه في مئات الكتب.
•من إنجازاته: اكتشاف الأحماض (الكبريتيك، النتريك)، التقطير، فصل المواد، صناعة الورق المقاوم للنار.
•اعتبره علماء الغرب مؤسس الكيمياء الحديثة.
د- الفلك
•تحدث عن حركة الأرض ودورانها حول نفسها.
•قال إن الأرض تتحرك كما تتحرك السفينة في الماء، سبقًا علميًا مهمًا.
هـ- الطب
•أشار إلى انتقال الأمراض عبر الماء والهواء.
•أكد أن الصحة تقوم على الاعتدال في الغذاء والسلوك.
•جمع بين العلاج البدني والروحي في رؤيته الطبية.
و- الفيزياء والعلوم الطبيعية
•شرح طبيعة الضوء والحرارة، واعتبر الهواء وسطًا ناقلًا للصوت.
•نقل تلميذه هشام بن الحكم نظريته في جسمية الأعراض كاللون والطعم والرائحة، ومؤدى هذه النظرية أن الضوء يتألف من جزيئات في منتهى الصغر تجتاز الفراغ والأجسام الشفافة، وأن الرائحة تتألف من جزيئات متبخرة من الأجسام تتأثر بها الغدد الأنفية، وأن المذاق جزيئات صغيرة تتأثر بها الحليمات اللسانية.
ز- الرياضيات
•تناول مفاهيم النسبة والتناسب، وربطها بالمواريث والفقه.
•وضع أسس القياس العقلي الرياضي في بعض الاستدلالات.
5- أبرز تلامذته
•جابر بن حيان: أبو الكيمياء.
•هشام بن الحكم: متكلم وفيلسوف.
•هشام بن سالم: باحث في التوحيد والعدل.
•المفضل بن عمر: كتب في الخلق والكون والطبيعة.
6- مواقفه الإصلاحية والسياسية
•حذّر من الفقهاء المتزلفين للسلطة: «إذا رأيتم الفقهاء قد ركنوا إلى السلاطين فاتهموهم».
•جاهر بالحق وفضح فساد الأمويين والعباسيين.
•حافظ على استقلال مدرسته العلمية بعيدًا عن سيطرة الدولة.
7- البصيرة والعمل الجماعي
قال الإمام: «العامل على غير بصيرة كالسائر على غير الطريق، لا تزيده سرعة السير إلا بُعدًا».
فالبصيرة والوعي الجماعي هما أساس كل مشروع إصلاحي، وشرط النجاح في مواجهة الفتن والانقسامات.
8- شخصيته وميراثه
•تميز بالإخلاص، الحلم، الشجاعة، والكرم.
•جمع بين العقل والعلم والأخلاق.
•ترك مدرسة علمية خالدة أثرت في الفكر الإسلامي والإنساني.
9- العلم بين رسالة الإمام وتحديات العصر
إن رسالة الإمام جعفر الصادق (ع) تمتد إلى حاضرنا حيث يواجه العالم خطر الأسلحة النووية والبيولوجية والحروب الإلكترونية. فقد دعا الإمام إلى تسخير العلم لإعمار الأرض وخدمة الإنسان، لا لإبادته.
وإذا أنتجت مدرسته علماء كجابر بن حيان وهشام بن الحكم، فإن مسؤولية علماء اليوم أن يوجّهوا ابتكاراتهم نحو الخير، ويقاوموا مشاريع استغلال العلم للهيمنة والدمار.
إن إحياء ذكرى ولادة الإمام الصادق (ع) هو دعوة متجددة لإعادة الاعتبار للعلم كرسالة أخلاقية، وربطه بالقيم التي دعا إليها: الرحمة، العدل، والتزكية. فالعلم بلا أخلاق خطر، أما إذا اقترن بالقيم فسيصبح نورًا يحرر الإنسانية من الجهل والطغيان.
وليد الحلي
١٧ ربيع الاول ١٤٤٧
١٠ ايلول ٢٠٢٥
اليوم, 10:54 الإمام جعفر الصادق (ع) .. مدرسة العلم والأخلاق وبصيرة الإصلاح
د. وليد الحليأمس, 14:32 ولادة رسول الإنسانية .. مبعث الرحمة والعدل
د. وليد الحلي8-09-2025, 21:08 التغيير المطلوب في العراق
إبراهيم العبادي7-09-2025, 14:34 الحياد الاستراتيجي للعراق .. حماية السيادة وتجنب ويلات الحرب
د.رعدهادي جبارة