• بغداد
    +31...+34° C
  • الموصل https://www.booked.net/
    +23...+29° C
  • كربلاء https://www.booked.net/
    +32...+37° C

امانات ومعاناة وجهاد.. نصيب اهل جنوب البلاد

امانات ومعاناة وجهاد.. نصيب اهل جنوب البلاد

  • 10-04-2021, 11:39
  • مقالات
  • 511 مشاهدة
خليل الطيار

"Today News": بغداد


تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي خبرا يخص شابا من مدينة السماوة اعاد فيه مبلغا مقداره ٢٠ الف دولار يعود الى مواطن كان قد نسيه في مركبته(الستوتة) الى هنا يبدو الخبر طبيعيا ومنسجما مع طباع وصدق ووفاء وامانة اهلنا العراقيين في كل مكان .

لكن ماهو غير طبيعي ان هذا الموقف يصدر من شاب فقير الحال بالكاد يوّفر قوت عائلته اليومي بمركبة بسيطة يكدح بها في الازقة والشوارع وصار اسمها ووجودها منبوذا في الشارع، وهو يمثل شريحة كبيرة من جيل مسحوق خرج من رحم معاناة الحروب والازمات ونتاج السياسات الخاطئة حرمته حق العيش الكريم وفرص التعلم والتمتع بالحياة بكرامة وبيئة آمنة ونظيفة .

جيل بات يمثّل اغلبية مسحوقة  تنامت بشكل مضطرد دون ان نجد لها اي افق في تغيير او مسعى لإيجاد حلول لانتشالها من مستنقع المعاناة المحيطة بها .

فاذا ما خرج ساسة البلاد من جحر المنطقة الخضراء ويمموا وجهوههم شطر محافظتي الكوت والسماوة اولا وليتنكروا في اسواقها وازقتها الكالحة بلا مصفحات وبلا اعلام مزيف ومطبّل وبلا دعايات انتخابية ويتمعنوا في وجوه اهلها البائسة، ويعرجوا بطريقهم الى الديوانية يجارون بصمت و على مضض احوال اناسها وشبابها ويسترقوا السمع لاحاديثهم القاسية وهم يتحدثون عن معاناتهم التي تدمي القلوب.

واذا ما رف لهم جفن، ليحملوا انفسهم الى الناصرية، سيجدون تغييبا وتضييعا واهمالا لمدينة تعد جذر الحضارة والتاريخ والاصالة ومنبع الفكر والثقافة، وباتت اليوم بسبب السياسات الادارية الخاطئة تشكو اهمالا كبيرا في كل مرافقها العامة وكأنها مدينة تعيش عصور الجهل والتخلف غير المشجعة على العيش مما يعجّل للساسة جر اقدامهم نحو البصرة ليبصروا في عين اليقين حقيقتها وليس بعيون الزيف والرياء وهي تقبع على بحور من النفط وتحتضن موانئها البرية والبحرية في موقع يعد مركزا استراتيجيا في جغرافيا العالم وتحظى بارض ومناخ زراعي نادر وهي بوابة لكنوز المعرفة والفكر والفن ومعين للطيبة والكرم .وهي بهذه الخصال مؤهلة بكل ما تملكه من مقومات وامكانات وثروات طبيعية وبشرية لتكون من اغنى وارقى المدن الصناعية والحضارية في العالم . لكنها اضحت اليوم كالبقرة الحلوب، تجود وتعطي كل ما تملك في جسدها ولا تجتر الا الفتات وتركت هزيلة مقهورة غابت نضارتها وصارت تتنفس سموم عطائها وعششت في بيئتها مختلف الامراض السرطانية والاوبئة المعدية ويجبر اهلها على شرب ماء مالح اجاج واضمحلت هويتها يوم كانت من اولى المدن المؤسسة لحركة التاريخ والمعرفة لتغدو مجرد بئر نفط يستباح ليل نهار من دون ان تتمتع هي بجزء عادل من حصة ما تجود به لأخواتها المدن التي تعيش على كدحها وخيراتها، وكأنها منبوذة لا تكاد تحصل من افواه الساسة الا على الفتات والوعود التي لا تغني ولا تسمن .

هنا في مدن الجنوب تستشعر ان الفقر يتبختر ويتمدد في اقضيتها ونواحيها وشوارعها وازقتها ويسري الوجع بخواصرها بلا توقف . وتستدرك ان الفقر قد سحق كل شيء فيها ودمره . الا الكرامة والشرف والامانة والعفة والتضحية والجود والايثار التي تمتع بها هذا الشاب وامثاله في مدن الجنوب الذين هبوا زرافات للدفاع عنه بلا انتظار لاي مقابل سوى حفظ كرامتهم وعزتهم 

وخذلهم ساسة القرار بإعلان الحصار الجائر على اهالي الوسط والجنوب بموازنة هزيلة جائرة لم تنصف مدنهم واحوالهم التي تزداد سوءا في ظل فعالية ماكرة وخبيثة وغير مدروسة لتغيير سعر صرف الدولار الذي تسبب بارتفاع الاسعار والغلاء المعيشي، وسد المنافذ الحدودية وتردي قيمة العملة الوطنية..لتتضخم معاناة هذه المدن التي لم تأخذ نصيبها من الاهتمام نسبة لما تمتعت به باقي المحافظات الاخرى.

ومهما حاولت الاصوات المدعية بالنصرة والدفاع ومهما حاول الاعلام المضلل ان يحيد عن  الافصاح عن حقيقة المشهد المؤلم هناك تبقى ثمة حقيقة صارخة لا يمكن حجبها تقول  "مادام الفقر سائدا فالحكم فاسد"


أخر الأخبار