• بغداد
    +31...+34° C
  • الموصل https://www.booked.net/
    +23...+29° C
  • كربلاء https://www.booked.net/
    +32...+37° C

الندوات الفكرية والسياسية في المهجر الهولندي 7

الندوات الفكرية والسياسية في المهجر الهولندي 7

  • 28-07-2020, 15:02
  • مقالات
  • 609 مشاهدة
د. صلاح عبد الرزاق

"Today News": بغداد 


معوقات الديمقراطية في العراق

خلال الفترة 1998 – 2002 جرت في هولندا تجربة رائعة جمعت عدداً من الشخصيات الأكاديمية والثقافية والاعلامية والفنية العراقية من كل القوميات والأديان والمذاهب ، يناقشون قضية فكرية معينة أو حدثاً سياسياً عراقياً ، بكل حرية وانفتاح ، وأجواء من الحب والاحترام ، قبل أن تفرقهم السياسة بعد سقوط النظام وتشتت المجموعة أو باعدت بينهم المسافات أو انشغلوا بهموم الحياة . فبعضهم عاد إلى العراق وشارك في الحياة السياسية ، فصار وزيراً أو نائباً أو محافظاً أو وكيل وزارة أو مستشاراً أو دبلوماسياً أو رئيس جامعة أو عميد كلية أو مدير عام أو ضابطاً مرموقاً أو عاد موظفاً في دائرته السابقة. وقسم رحل إلى ربه ، وآخر فضّل البقاء في المهجر الهولندي.  
كنت أقوم بتدوين تلك اللقاءات لأنني أعرف أن الزمن سيطويها فتنسى أو ربما يجري تشويه مرحلة المعارضة العراقية وأشخاصها، خاصة وأن الكثيرين لا يعرف عنها شيئاً.  

هدف الديمقراطية مصلحة المجتمع
 تحدث د. حامد الصراف : الديمقراطية لا تمنح بل تنتزع عبر تطور اجتماعي وسياسي واقتصادي . ويتحمل النظام السياسي العبء الحقيقي في بلوغها . كما يتحمل الجانب التربوي مسؤولية تربية المجتمع على الديمقراطية . إن هدف الديمقراطية هو مصلحة المجتمع ،وكل الأطراف السياسية يجب أن لا تختلف على مصلحة المجتمع . إن وضع العراق يستلزم التدقيق في مهام المعارضة : أولها كيفية إسقاط النظام ، ثم الاتفاق على صياغات لحل امثل لوضع ما بعد صدام ومنها الديمقراطية والتعددية السياسية
وتحدث د. علي إبراهيم فقال : الديمقراطية تعني تداول السلطة ، البرلمان ، الحريات الفردية والتعددية الحزبية . إن البديل الديمقراطي هو المناسب لما بعد الدكتاتورية . والديمقراطية ليست اتفاقاً كاملاً لكل الأفكار بل حاضنة لجميع الرؤى والأفكار والتوجهات . والديمقراطية حل مناسب للمجتمع العراقي . وأعتقد أن عدم التجانس في العراق هو اختلاف نوعي وليس عدائياً أو صراعاً عسكرياً كما حدث في لبنان .

الديمقراطية ممارسة مقبولة إسلامياً
ثم تحدث الشيخ محمد جواد الطريحي فقال : إن الجانب النظري هام في تحديد مفهوم الديمقراطية ، فالخلفية الفلسفية ترتبط بالإعتقاد . فإذا كانت الديمقراطية ترتبط بالليبرالية فللإسلام رأيه . فهناك ولاية الأمة على نفسها وهو مفهوم يقترب من الفهم العام للديمقراطية . والإسلام لا يمنع اعتماد الديمقراطية في تداول السلطة وأسلوب الحكم . والديمقراطية ممارسة مقبولة إسلامياً إذا كانت لا تتعارض مع الجانب الاعتقادي . والعراق بحاجة إلى جهود جادة لوضع الديمقراطية أساساً للعمل من خلال أسلوب المعارضة .
وتحدث الأستاذ محمد ناصر فقال : يقول (باركر) : إن شروط نجاح الديمقراطية يتوقف على أمرين : الشروط المادية أو الخارجية ، والشروط العقلية . ويشكل كل من التجانس القومي والتجانس الاجتماعي الأساس المادي للديمقراطية . وروح التجانس القومي تستند إلى الميراث الاجتماعي المشترك .

الشخصية العراقية والديمقراطية
وتساءل د. سلمان شمسة عن مدى تقبل الشخصية العراقية للديمقراطية في مرحلة ما بعد صدام ، وأجاب : الصورة تراجيدية من خلال وضعية المعارضة العراقية في الخارج ، فهي ضيقة الأفق ، مشتتة ، تبحث عن مصالحها الشخصية . تمتاز الشخصية العراقية بأنها شخصية مزدوجة من ناحية تنازعها بين عناصر البداوة التي تتمركز على تمجيد القوة ، وبين النوازع الحضرية (على رأي د. علي الوردي) من ناحية أخرى .
وأود أن أضيف بأن الواقع اللبناني ، الذي ذكره د. علي إبراهيم ، والحروب الطائفية طوال 16 عاماً لم تنزل فيها الشخصية اللبنانية كأفراد . ففي موسكو ، عندما كنا طلاباً ، كان اللبنانيون من مختلف الطوائف والأحزاب السياسية يشاركون في أية مناسبة لأحدهم . فتجد المارونيين وحركة أمل والدروز وغيرهم يحضرون احتفالاً أو مناسبة ، فالعداء لم ينزل إلى مستوى الأفراد .

الديمقراطية والشورى
وتحدث عبد الرزاق الصافي (شيوعي) فقال : إلى ما قبل شهرين لم أكن أعرف أن الشورى هي الديمقراطية ، حتى استمعت إلى السيد مرتضى الشيرازي في محاضرة له ألقاها في (مركز كربلاء) في لندن . فقد قال أن الشورى ملزمة للحاكم ، وهذا شيء جديد . والقضية الثانية هي أن يكون الحاكم عادلاً ومقبولاً من قبل الناس ، وهذا الأمر بحاجة إلى آلية ولا يوجد غير الإنتخاب. أما القضية الثالثة فإن الشورى تفترض التعددية في الآراء . وأضاف : يجب أن نستلهم من تراثنا الإسلامي كله وليس تراث الحكومات ، نعم تراث الشعوب والأمم التي اعتنقت الإسلام .

الديمقراطي من يدافع عن التنوع
وتحدث جاسم المطير فقال : الديمقراطية جوهر وليست شكلاً ، والديمقراطية لا تُصنع ، ولا نستطيع أن نصنع الديمقراطية . إن الديمقراطية تمثل مجموعة واسعة من تجارب الشعوب التي قدمتها طوال التاريخ . وهي ليست محددة بصيغة (حكم الشعب بالشعب وللشعب) ولا (حكم الأكثرية للأقلية) فكلاهما غير صحيح . المسألة الأساسية في الديمقراطية هي فهم العناصر الأربعة التالية في المجتمع وكل مجتمع : 1- العقيدة لكل إنسان 2- أصل وقومية كل إنسان 3- رأي كل إنسان 4- لكل فرد برنامج ومشروع . ثم استنتج : الديمقراطي هو الذي يدافع عن هذا التنوع . والمجتمع العراقي يمتاز عن غيره بميزة جغرافية سكانية متنوعة.

15- ندوة معوقات الديمقراطية في العراق
عقدت ندوة بعنوان (معوقات الديمقراطية في العراق) بتاريخ 21 تشرين الثاني 2001 في مدينة روتردام. وحضرها جمع من المثقفين والأكاديميين والسياسيين العراقيين.
 كان محاضر الندوة الأستاذ الكاتب جاسم المطير الذي عدّ الديمقراطية ذات منشأ غربي ولكن تطورها مع الزمن جعلها ملكية إنسانية مشتركة. ثم تناول أهم المعوقات التي يواجهها تطبيق الديمقراطية في العراق:
 1- موقف الأحزاب السياسية المزدوج من الديمقراطية، فهي تطالب بها قبل سقوط النظام، وتزداد مخاوفها منها بعد سقوطه.
 2- استحالة قيام نظام ديمقراطي في ظل السلطة الحالية لأنه وصل للسلطة بطريقة غير ديمقراطية.
 3- علاقة السلطة بالمواطن علاقة عداء وطغيان الدولة وازدياد السجون والقهر منذ قيام الدولة العراقية الحديثة عام 1921.
 4- المجتمع العراقي يعدّ الطائفية والعشائرية والحزبية هي الأساس الغالب في العلاقات الاجتماعية.
 5- هشاشة البنية الاجتماعية، فاغلبية شعبنا ريفيون وبدويون، تسوده الأمية وتقوم علاقاته الاجتماعية على أساس القيم والعادات الاجتماعية والسلوكية الاخضاعية.
 6- العلمانية والاسلام ضدان، فلا يمكن بناء الديمقراطية في العراق دون دولة علمانية. فالدولة تحاول (تأميم ) الدين، ويحاول الدين (تأميم) الدولة.
 7- نجاح تجربة الغرب في الديمقراطية اعتمدت أساساً على المثقفين، أما في بلداننا، حكومات ومعارضة، يعدّون المثقفين نتاجاً لهم، وليس عنصراً اساسياً في بناء الدولة الديمقراطية.
 8- صعود التكنوقراط للحكم يعني السقوط في الأسلوب البيروقراطي.
 9- أغلب الأحزاب الوطنية تميل إلى التغيير عبر الانقلاب العسكري، أي الوصول إلى الديمقراطية بالحل العسكري.
 10- السيطرة الاقتصادية تؤدي إلى السيطرة السياسية خاصة بعد أحداث 11 أيلول.
 11- النفط العراقي لصيق الصلة بموضوعة الديمقراطية،وقد اعتمدت كل الأنظمة الاستبدادية التي حكمت العراق على عائدات النفط لتقوية أجهزتها القمعية ولتمويل حروبها الداخلية والخارجية.
 12- يجب توقيع ميثاق سياسي بين الديمقراطيين أنفسهم قبل وصولهم إلى دست الحكم .

مداخلات المشاركين
ثم بدأ المشاركون بالادلاء بآرائهم وتقييمهم للمحاضرة:
نوزاد بكر: المعضلة الكبرى هي المركزية المفرطة في دولنا. وهذه القضية تتفرع منها شكل الدولة، الجيش، العلاقة مع الأكراد. ودعا إلى تقليص سلطة الدولة من خلال تنمية مؤسسات المجتمع المدني.
آزاد باشا: العراق ليس شعباً واحداً بل عدة شعوب. لقد أهمل المحاضر دور التجويع في قمع الرأي الآخر. فقد مارس النظام هذه السياسة ضد الطبقة الوسطى الموجودة عادة في المدن. وهي طبقة هشة لأنها تكونت في وقت متأخر، وهي الطبقة التي تنادي بالديمقراطية.
د. حسان عاكف: الديمقراطية لا تنحصر في شكل الحكم فقط، بل يجب الوعي بالنواحي الأخرى. هناك دور أساس لأمريكا في تقرير حاضر ومستقبل العراق، ولا يمكن أن تأتي بنظام يرضي مصالحها وفي نفس الوقت يرضي الشعب ويكون ديمقراطياً. شعار العولمة (لا قيود على السلطة) (كل الحرية للأسواق). فأصحاب الأموال هم الذين يمارسون الضغوط على السلطة في الانتخابات.
تحدثتُ فقلت: هناك معوقات أخرى أذكرها باختصار:
 1- الأقليات القومية والدينية والمذهبية التي يجب إدراج حقوقها في الدستور.
 2- الطبقات المستفيدة من العهد السابق.
 3- فقدان التجربة الديمقراطية في العراق.
 4- التنظير الأيديولوجي للتيارات السياسية التي ترفض الديمقراطية.
 5- فقدان التوازن في ظل الحرية.
 6- استمرار النزعة الدكتاتورية لدى الساسة ورجال الدولة.
 7- اتهام الديمقراطية بالمشاكل والأزمات التي ستحدث آنذاك.
 8- تأثير قوة المال على الديمقراطية.

كريم حسين: الديمقراطية آلية لتبادل السلطة وليست هدفاً. هناك تنوع قومي وديني لا يمكن أن يقاد من قبل فكر واحد أو رأي واحد.
د. علي إبراهيم: التنوع القومي والمذهبي قضية إيجابية وليست سلبية. أفضل تعبير تخفيف المركزية بل المعاناة من الأنظمة الشمولية : الماركسية والإسلامية والقومية. التطبيقات السيئة للديمقراطية في الدول الاشتراكية سابقاً هي السبب في حنين الناس إلى الماضي. أعتقد أنه لا تزال النخبة المسيطرة على الأحزاب والحركات العراقية هم المثقفون، فالأحزاب تقاد من قبل المثقفين.
محمد ناصر: هناك اختلاف واضح في معنى الديمقراطية لدى الأطراف العراقية، وبدلاً من ذلك هو أن نعي التجربة الواقعية التي نعيشها في هولندا وهي دولة ديمقراطية، فلنفكر في أدائها وقوانينها وعلاقاتها . هناك قمع داخل الأحزاب السياسية سواء الإسلامية أو العلمانية، فالحزبي العراقي عاش الظلم والقمع والسجون، فتولدت لديهم قسوة، وهذه تحتاج إلى صبر وزمن.
 طعمة المدحجي: يجب أخذ التراث الإسلامي بالحسبان في بناء أية تجربة ديمقراطية في العراق.


16 - ندوة مستقبل الديمقراطية في العراق
بدعوة من (رابطة بابل للكتاب والفنانين) وبالتعاون مع (جمعية دلفت) و(الملتقى الفكري العراقي في هولندا)، أقيمت مساء السبت 17 تشرين الثاني 2001 ندوة حول مستقبل الديمقراطية في العراق شاركني فيها كل من الكاتب جاسم المطير والدكتور علي كريم والدكتور جبار قادر. وأدار الندوة الدكتور علي إبراهيم.
تحدث الأستاذ جاسم المطير حيث دعا إلى دراسة تجربة المجالس البلدية في هولندا كنموذج لتطبيق الديمقراطية في العراق، حيث يجب أن تبدأ العملية الديمقراطية من أصغر الوحدات الإدارية التي يتمكن الناس فيها من إدارة شؤونهم بأنفسهم.
وتحدثتُ عن معوقات التجربة الديمقراطية في العراق مبيناً أن طريقة سقوط النظام ذات تأثير هام في مستقبل العراق. فإذا سقط النظام الحالي عبر إنقلاب عسكري فلا يمكن توقع الكثير. أما لو سقط عبر انتفاضة شعبية مؤيدة من قبل الجيش والمجتمع الدولي فيمكن للمعارضة العراقية الاتفاق على صيغة ديمقراطية مقبولة.
وأشار الدكتور علي كريم إلى تأثير العنصرية المقيتة والطائفية السياسية التي تعزل شرائح كفوءة من المشاركة في السلطة. كما أكد على تأثير الدول العربية في الوضع العراقي وأشار إلى دورها في إسقاط حكومة عبد الكريم قاسم.
وتطرق الدكتور جبار قادر إلى تجربة الأكراد في كردستان ودعا إلى عدم تقليدها لأنها نشأت في ظروف خاصة وتعاني من عدم الاكتمال لأن الحزبين الكبيرين يتقاسمان السلطة كما أن لكل منهما ميلشيا مسلحة. وهذه مظاهر تناقض الديمقراطية. وأشار إلى أن الأنظمة السياسية وحتى الأحزاب المعارضة تفتقد إلى التقاليد الديمقراطية التي تسمح لأعضائها بالتعبير عن آرائهم. كما وصف الشخصية العراقية بأنها انفعالية ومزاجية وعصبية لا تقبل الرأي الآخر. واستنتج بأن النظام الحالي هو تعبير عن هذه الشخصية. ثم بدأ الجمهور بالمناقشة وطرح الأسئلة على المشاركين. كما أغنى الجمهور الندوة بالملاحظات والمداخلات.

أخر الأخبار