• بغداد
    +31...+34° C
  • الموصل https://www.booked.net/
    +23...+29° C
  • كربلاء https://www.booked.net/
    +32...+37° C

الاعتراف الرسمي بالإسلام في أوربا (1-2)

الاعتراف الرسمي بالإسلام في أوربا (1-2)

  • 20-04-2020, 15:43
  • مقالات
  • 1042 مشاهدة
د. صلاح عبد الرزاق


التشريعات القانونية الأوربية تجاه المسلمين
لم يؤد التواجد الإسلامي في أوربا إلى تغييرات هامة بين المسلمين أنفسهم والفكر الإسلامي فحسب، بل أدى أيضاً إلى تطورات عديدة في المجتمعات الأوربية والتشريعات الغربية. هذه التطورات كانت من الأهمية بحيث تنسجم مع وضعية وجود مواطنين مسلمين وأجانب في المجتمعات الأوربية من أجل التعامل مع قضاياهم الدينية. هذه المشكلات يجب حلها على أساس قانوني كي تحظى بالشرعية الرسمية ضمن النظام السياسي والاجتماعي والتشريعي الغربي. وبحسب المبدأ الدستوري في ضمان الحرية الدينية وبموجب الاتفاقيات الدولية    فإن بإمكان المسلمين في أوربا التمتع بالعديد من التسهيلات المتعلقة باستيفاء مسائلهم الدينية.
من الصحيح أن المسلمين يواجهون يومياً كثير من الصعوبات والمشاكل التي تمنعهم من الحصول على امتيازات أكثر لكنهم أحرزوا إنجازات رائعة في هذا الصدد. هذه التشريعات أعطيت لهم من قبل الدول الأوربية ، وتمثل قوانين وحقوقاً للمسلمين المقيمين هناك. وقبل أن يجري سن تلك التشريعات خصيصاً للمسلمين كانت قد سبقتها مناقشات واسعة في البرلمانات والوزارات والمجالس البلدية ووسائل الإعلام الأوربية.
 
الاعتراف بالإسلام
على الرغم من الخلفية التاريخية لأوربا المتمثلة في هيمنة الكنيسة المسيحية وبقاء الثقافة المعادية للإسلام في الكثير من الأدبيات الأوربية، لكن بعض الدول الأوربية اعترفت بالإسلام كديانة رسمية في أراضيها.

النمسا
في عام 1874 أقرت النمسا قانون الاعتراف بالإسلام باعتباره ديانة محلية في البلاد، والذي توسع لمزيد من الامتيازات عام 1912. ويعود ذلك إلى الفترة التي كانت فيها البوسنة جزءاً من الإمبراطورية النمساوية. وفي عام 1979 تم الاعتراف بالإسلام كدين جنباً إلى جنب إثني عشر ديانة معترف بها في النمسا. ونتيجة لذلك تعتبر الأقلية المسلمة جزاً من التركيبة الشعبية للمجتمع النمساوي. ويحظى الإسلام بدعم حكومي حيث تنفق الحكومة على تعليم مبادئ الإسلام في المدارس، كما تحظى المؤسسات الإسلامية من الضرائب ، ومن الضرائب على المساهمات المالية الخيرية المقدمة إلى المؤسسات الإسلامية. وعلى الصعيد الوطني توجد جمعية إسلامية تضم خمسة عشر عضواً يمثلون ثمان عشر منظمة إسلامية ، مع هيئة تنفيذية تضم مفتٍ باعتبار المفسر الرسمي للشريعة. وعلى الصعيد المحلي في المحافظات توجد جمعيات وهيئات تنفيذية وأئمة مساجد.  

بلجيكا
في عام 1974 اعترفت رسمياً بالإسلام كديانة. وكانت أول محاولة قد بدأت عندما تم تقديم مشروع قانون في مجلس الشيوخ البلجيكي عام 1971 ، لكن المشروع فشل آنذاك. وفي السنة التالية جرى إحياء المشروع مرة أخرى وتم تقديمه إلى لجنة العدل لدراسته. وجدت اللجنة أن الاعتراف ليس سهلاً من خلال تفعيل قانون صدر عام 1870 ليشمل الإسلام. وفي النهاية جرى تمرير القانون في البرلمان البلجيكي في 19 تموز 1974 .  
هذا الاعتراف يمنح المسلمين مجموعة من الامتيازات مثلاً الحصول على دعم حكومي لصيانة المساجد والمدارس الإسلامية ودفع رواتب أئمة المساجد . كما تقوم الحكومة البلجيكية بدفع رواتب الوعاظ المسلمين الذي تتعاقد معهم لتقديم دروس وعظات للمسلمين في المؤسسات الرسمية كالجيش والسجون.  ومنذ عام 1968 يتمتع المركز الإسلامي والثقافي في بروكسل بصلاحية تعيين معلمين للدين الإسلامي لإعطاء دروس في الإسلام للتلاميذ المسلمين في المدارس البلجيكية، وتدفع الحكومة البلجيكية رواتبهم.  
في 5 تشرين الثاني 1994 عقد المجلس الأعلى لمسلمي بلجيكا High Council Of Belgian Muslims أول مؤتمر له، والذي كان حتى ذلك التاريخ مؤسسة غير رسمية، لمناقشة مختلف التطورات التي تهم المسلمين البلجيكيين. وكانت واحدة من تلك القضايا مسألة مشروع النظام التمثيلي لمسلمي بلجيكا المقدم أمام الحكومة البلجيكية. وكان وزير العدل قد قام بتشكيل مجلس إسلامي Islamic Constitute وهيئته التنفيذية التي تتألف من ستة عشر عضواً ، بضمنهم اثنين من البلجيكيين المسلمين.  لقد استغرقت الموافقة على النظام التمثيلي لمسلمي بلجيكا أربع سنوات ليستوفي الإجراءات اللازمة. ففي حزيران 1998 أعلن وزير العدل الاستعداد لإجراء انتخابات لاختيار لجنة مركزية. تألفت اللجنة من سبعة عشر عضواً من مختلف الخلفيات: مغاربة وأتراك وبلجيكيين، سبعة تم تعيينهم من قبل وزارة العدل، وعشرة تم انتخابهم من قبل المسلمين. انقسم المسلمون حول قضية تدخل وزارة العدل البلجيكية في تشكيل المجلس وحول الشروط التي وضعتها في المرشحين لعضوية المجلس. كان من الواضح أن الوزارة أولت اهتماماً بالجانب الأمني في المرشحين أكثر من بقية الصفات المطلوبة. إذ كان من بين الشروط هو حصول المرشح لعضوية المجلس على موافقة وزارة العدل البلجيكية.    

أسبانيا
يظهر الدستور الإسباني استعداد الدولة للتعاون مع مختلف الأديان والعقائد. ويجب على جميع الجماعات الدينية التسجيل في دائرة التسجيل الرسمي للكيانات الدينية. منذ عام 1992 تم توقيع اتفاق رسمي بين الدولة والمسلمين في إسبانيا. إذ تم الاعتراف باللجنة الإسلامية في إسبانيا Comisión Islámica de Espaňa (CIE) باعتبارها الممثل الرسمي للمسلمين في إسبانيا. وتضمن الاتفاق لائحة طويلة بالقضايا ذات الصلة بالمسلمين مثل وضعية المساجد وقاعات الصلاة، المقابر الإسلامية، التعاليم الإسلامية في التغسيل والتكفين و شعائر الدفن ، وشؤون أئمة المساجد وغيرهم من القادة الدينيين. كما ينظم الاتفاق الحقوق الدينية للجنود المسلمين والسجناء والمرضى المسلمين في المستشفيات. كما يضمن الاتفاق للآباء والأطفال المسلمين تلقيهم تعليماً إسلامياً في المدارس الإسبانية وفي المرحلتين الابتدائية والثانوية. ومن حق اللجنة الإسبانية في إسبانيا، إضافة إلى الجماعات المرتبطة بها، تأسيس وإدارة مراكز تعليمية بمستوى المراحل الابتدائية والثانوية. هذا بالإضافة إلى إمكانية تأسيس جامعات ومعاهد إسلامية بموجب التشريعات العامة التي تنظم تأسيسها. كما ينظم الاتفاق عدداً من امتيازات دفع الضرائب لصالح اللجنة الإسلامية والجماعات المرتبطة بها. كما يعرّف الاتفاق حقوق الطلاب والعاملين المسلمين في الاحتفال بعطلهم الدينية، والصوم في شهر رمضان، والمشاركة في صلاة الجمعة. كما يمنح الاتفاق بأن يكون ختم اللجنة الإسلامية هو المعترف به لختم اللحم الـ(حلال) والمواد الغذائية المصنعة في إسبانيا، وأن تذكر عليها عبارة (تم تحضيره وفق الشريعة الإسلامية). كما يجري احترام الطعام الإسلامي في السجون والمستشفيات والثكنات العسكرية والمدارس التي فيها مسلمون يطلبون ذلك. كما ينطبق ذلك على مواعيد تقديم وجبتي السحور والفطور في رمضان.  

البرتغال
لقد اعترفت البرتغال بالإسلام في وقت مبكر عندما كانت تم منح الجماعة المسلمة في لشبونة Comunidade islamica de Lisbos اعتراف رسمي في 28 آذار 1968 .  إن غالبية المسلمين المقيمين في البرتغال من المذهب السني ، وخاصة من القادمين من المستعمرات البرتغالية السابقة مثل موزامبيق وغينيا بيساو وماكاو وتيمور. وتوجد أعداد صغيرة من المغاربة والجزائريين والمصريين. كما توجد جماعة هامة من المسلمين الشيعة من الطائفة الإسماعيلية الذين يعود أصلهم إلى الهند والباكستان.

ألمانيا
 يضمن الدستور الألماني حرية العبادة الدينية وتأسيس المنظمات الدينية و التعليم الديني. ولا تتدخل الدولة في الشؤون الدينية، حيث تحظى الجماعة اليهودية والأسقفية الكاثوليكية والكنائس البروتستانتية المحلية بالاعتراف الرسمي. على الصعيد الواقعي يعني ذلك أن الدولة تجمع ضرائب من أتباع هذه الكنائس ثم تدفعها إلى الكنائس بعد استقطاع المصاريف الإدارية.  
في ألمانيا يستطيع المسلمون ممارسة نشاطاتهم الدينية بحرية وبموجب القوانين ، ومن ضمنها تأسيس المساجد. لم يتم الاعتراف بالإسلام رسمياً ، وفشلت جميع المحاولات في الحصول على الاعتراف قانونياً. ورفضت السلطات المحلية الألمانية مثل تلك الطلبات بسبب افتقاد الوحدة بين المسلمين هناك. إذ يستوجب القانون الألماني في ما يتعلق بالاعتراف بديانة ما أن يمنح الاعتراف إلى مؤسسة أو منظمة تحظى بصفة تمثيلية واسعة، سواء بين أتباعها أو في تشكيلها الداخلي، للجماعة التي تدعي تمثيلها. ويجب أن يكون للمنظمة نظام داخلي دائم ويقبل بمواد الدستور الألماني. لقد سبب الشرطان الأخيران العديد من المشاكل. إذ أنه من الصعب إثبات أن المنظمة دائمة، الأمر الذي يضع المنظمات قصيرة العمر موضع الاستفسار. الحقيقة الأولى تشكك بأن المقترحات المقدمة من قبل مستشارين دستوريين التي ترى بأن الاعتراف ربما لن يكون قراراً حكيماً، لأنه ربما يكون الإسلام في تناقض مع الدستور، لأنه (أي الإسلام) يميز في المساواة بين الجنسين، ويجعل الولاء لسلطات خارج الدستور. وينطبق هذان الشرطان على الأسقفية الرومانية الكاثوليكية التي تتمتع بالاعتراف الرسمي.

أخر الأخبار