• بغداد
    +31...+34° C
  • الموصل https://www.booked.net/
    +23...+29° C
  • كربلاء https://www.booked.net/
    +32...+37° C

مقاربات في المشهد العراقي الراهن

مقاربات في المشهد العراقي الراهن

  • 7-04-2020, 20:31
  • مقالات
  • 402 مشاهدة
عقيل الطريحي

                                 
من تعقيدات المشهد العراقي الراهن والمرتهن ووتائره المتصاعدة منذ تشرين الاول لعام 2019 يمكن للمراقب ان يستشف ان اغلب الاطراف المعنية غير متحمسة لتنصيب رئيس حكومة جديد .
فالرئيس ترامب بالرغم من حرجه البالغ في عامه الانتخابي الحاسم والموبوء بالجائحة الكونية وبالرغم من بعض نجاحاته في تعزيز اختراق البنية المجتمعية العراقية الموجوعة من الفساد والاخفاق والفشل والضياع الا انه لا يبدو مستعدا للتوغل اكثر في المستنقع . لا سيما انه قدّر حتى من قبل دخول البيت الابيض ان الملف العراقي لا يحظى بمرتبة متقدمة في مفردات استراتيجيته الا بالقدر الذي يزيد من فرصه في استحلاب المنطقة وارساء صفقة القرن .
والغريم الايراني مايزال تحت وطأة غياب المايسترو الاكثر خبرة في تفاصيل ودقائق الشأن العراقي ، والحصار الاقتصادي لم يتمكن فتك كورونا من استعطاف رحمته ، فضلا عن ان المنطقة برمتها تخشى من نفوذه الاقليمي المتزايد .
في المقاربة الايرانية نلاحظ ايضا ان خليفة سليماني لن يكون سهلا عليه ان يخطو اي خطوة غير محسوبة بدقة فليس من الحكمة ان يستهل اولى مهامه من دون ان يضمن نجاحا مؤثرا في استعادة الدور الاكثر فاعلية الذي كان يؤديه سلفه في اعقد مناطق العمق الاستراتيجي .
وكلا الغريمين يعتقدان بعد منازلات الاشهر الاربع الفائتة بضرورة الاتفاق مباشرا او غير مباشر على خارطة جيوسياسية ذات حد ادنى من المشتركات التي لا تساعد عليها كثيرا ظروف واستعدادات وقابليات ومكونات واتجاهات معقدة يزخر بها العراق.
اما في المقاربة الداخلية فان البيت الشيعي المتشرذم مايزال عاجزا حتى اللحظة عن ادراك متاهته وبالتالي فهو اكثر عجزا في العثور على بوصلته ان كان ثمة رغبة حقيقية  في فهم المعطيات التي لا تشي بتفاؤل فيما لا يعرف كم يصبر الشريكان السني والكردي اللذان ليسا في حال افضل سوى ان اي متاهة اضافية ستعزز من ممكناتهما في قضم مزيد من المساحات غير المستحقة والتمدد اكثر على حساب الاخ الاكبر المتغافل عن مسؤولياته والمنشغل عن معاناة متراكمة ومتزايدة ترزح تحتها القواعد الشعبية التي لم تختلف عن قادتها في ضبابية وعي المخاطر  المترتبة على افتراق المسارات بزوايا منفرجة ذات طبيعة حادة الى القدر الذي قد يصل بنا الى بذل جهود كبيرة لمصالحة مطلوبة قد لاتتم بسهولة .
ان الصناعة التي اجادتها قيادات شيعية باختيار البدائل من رماد كم هائل من مصالح متناقضة وعدم التوفر على البديل المعدّ بحرفية المواصفات اللازمة غير المشوبة بمزاجيات الحب والبغض والحسد وما الى ذلك ، ان هذه الصناعة البائرة ستفضي حتما الى زيادة في ضعف ان لم يكن فقدان الاستحقاق المكتسب من تاريخية الاغلبية وادوارهم الوطنية .
وعلى مدى عقد ونصف لم تستطع هذه القيادات ان تعبئ جمهورها بغير الوسائل التقليدية التي كانت ربما مألوفة ابان المعارضة ، ناهيك عن اخفاقات حادة في انموذج قيادة حكم تشاركي لم يحظ بتنظير قبلي ولا استنباط بعدي من دروس ممارسة السلطة .
كل ما تمخضت عنه التجربة ان رئيس الحكومة المستقيل قد اختزل ملامح تجربة الحاكم المستفزّ بالتحديات بمفهوم الغياب الطوعي في مرحلة تستلزم الحضور القوي وتحمل مسؤوليات النهوض بالبلد من واقع مزرٍ ومستقبل مرعب كان للاخفاق في الاستعداد له دور بالغ التأثير في تحديد صورته .
تُرى ، هل نستطيع ان نتصور ان '' العامل على غير بصيرة كالسائر على غير الطريق فلا تزيده سرعة السير الا بعدا ''؟
ما احوجنا!

أخر الأخبار