صدور قراءة في كتاب (المرجعية الدينية في النجف الأشرف ودورها الثقافي والاجتماعي في العراق حتى نهاية القرن الرابع عشر الهجري)
- اليوم, 13:42
- منوعات
- 19 مشاهدة
"Today News": بغداد
قراءة في كتاب (المرجعية الدينية في النجف الأشرف ودورها الثقافي والاجتماعي في العراق حتى نهاية القرن الرابع عشر الهجري وأشهر مراجعها المعاصرين) للدكتور السيد عبد الهادي الحكيم
بقلم المهندس السيد (علي موسى الخلخالي)
صدر حديثا كتاب (المرجعية الدينية في النجف الأشرف ودورها الثقافي والاجتماعي في العراق حتى نهاية القرن الرابع عشر الهجري وأشهر مراجعها المعاصرين) للدكتور السيد عبد الهادي الحكيم في أكثر من خمسمائة صفحة، وهو الكتاب (الثامن) من موسوعة الباحث عن (الحوزة العلمية في النجف الأشرف).
ولئن كانت قد كتبت عدة كتب تناولت دور المرجعية الدينية على الساحة العراقية ، إلاّ أن العديد من جوانب دورها الثقافي والاجتماعي المتميز بقي مغمورا الى حدّ كبير باستثناء من باشره بنفسه أو اطلع عليه ممن باشره بنفسه وأمثالهم وهم قلائل. وهو ما أخذ الكتاب على نفسه القيام به على الرغم من ندرة البحوث المكتوبة عنه.
لقد بدأ الكتاب بتمهيد تناول آراء المفسرين في قوله تعالى: (فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا اليهم لعلهم يحذرون)، فتأسست الحوزات العلمية فالمرجعيات الدينية، وفي مقدمتها حوزة النجف الأشرف، ومرجعيتها الدينية التي كان لها الفضل الكبير في معرفة الأحكام والأصول القواعد والتكاليف والوظائف الشرعية والأخلاق والآداب الإسلامية ومن ثم تبليغها للناس.
ثم انعطف الكتاب بعد ذلك فمرّ بتعريف المرجع الديني، وبعض طرائق التحقق من توفر الشروط المعتبرة فيه. فالمقلَّد الأعلم وطريقة انتخابه، فمهمات المرجعية وإنجازاتها كونها أفضل مؤسسة إسلامية عاملة زمن الغيبة الكبرى للإمام المنتظر (عج).
ونظرا لأهمية إلقاء الضوء على بعض الجوانب الشخصية اللافتة للنظر من حياة بعض المراجع الكبار ، فقد وقف الكتاب في مبحث حديث وطريف فتطرق الى تبيان برامج يوم عمل علمي لمراجع دينيين من ثلاثة قرون متتالية تمثلت في برنامج يوم عمل لمرجع ديني من مراجع القرن الثالث عشر الهجري، متخذا من برنامج يوم عمل سماحة المرجع الديني الأعلى في وقته الشيخ جعفر آل كاشف الغطاء(قده) أنموذجا، فبرنامج يوم عمل لمرجع ديني من مراجع القرن الرابع عشر الهجري، متخذا من برنامج يوم عمل سماحة المرجع الديني الأعلى في وقته السيد أبو الحسن الاصفهاني (قده) أنموذجا، فبرنامج يوم عمل لمرجع ديني من مراجع القرن الخامس عشر، متخذا من برنامج يوم عمل سماحة المرجع الديني الكبير السيد محمد سعيد الحكيم (قده) أنموذجا .
أما على صعيد دور المرجعية الدينية الثقافي فقد تكفّل الكتاب بالوقوف على ما قامت به المرجعية الدينية خلال القرون الماضية وصولا الى هذا القرن من دور ثقافي مشهود ساعد على تأليف وكتابة وحفظ ونشر وتبيان ودعم وتشجيع الكتابات الثقافية والأدبية والتاريخية والعقدية وتوضيح الأحكام الشرعية والأخلاق والآداب العامة والتعريف بالسيرة الصحيحة للرسول الكريم (ص) وآل بيته الطيبين الطاهرين (ع) وتبيان الجوانب العقدية للمذهب الشيعي الجعفري ودفع ما علق بها من أوضار المضللين والمنحرفين والحاقدين ومثيري الفتن والجاهلين وأمثالهم.
أما على صعيد الجانب الاجتماعي الذي نهضت به المرجعية الدينية خلال القرون السالفة والقرن المعاش وهو جانب غير مبحوث عنه بالشكل الكافي، فقد أولاه الكتاب أهمية كبيرة وخصص له مساحة واسعة تقاسمته فيها عدة فصول، حيث تكفل أحدها بدور الحوزة العلمية والمرجعية الدينية بتوفير الماء الصالح للشرب والزراعة لمدينة النجف الأشرف العطشى.
وعرض مبحث آخر لموضوع تقديم المرجعية الدينية ووكلائها وأذرعها الغذاء والطعام للفقراء والمعوزين والمحتاجين والمتعففين والطلبة المهاجرين من بلدانهم الى المدن المقدسة لغرض التفرغ للدراسة العلمية الدينية وغيرهم .
ووقف فصل ثالث على ما بذلته الحوزة العلمية والمرجعية الدينية من جهود لتسهيل تقديم العلاج والدواء للمواطنين المحتاجين والزوار القاصدين لزيارة العتبات المقدسة.
في حين استعرض فصل رابع ما قدمته الحوزة العلمية والمرجعية الدينية لتيسير مشكلتي النقل لزوار العتبات المقدسة من جهة، والسكن والاستقرار لطلاب الحوزة العلمية في مدارس دينية كما هو في الأعم الأغلب، أو في بيوت خاصة ولمدد محددة للمتزوجين منهم ضمن شروط خاصة.
كما تخصص فصل خامس ببيان مساعي الحوزة العلمية ووكلائها وأذرعها في تحقيق السلم المجتمعي وإحلال الأمن والأمان والهدوء والطمأنينة والسلام للمواطنين من خلال حل المشاكل وإنهاء الصراعات والنزاعات والتوترات والخلافات الحادة التي قد يصل بعضها الى حدّ اطلاق النار والقتال وسفك الدماء فضلا عن الحروب بين الدول كما حصل بين العثمانيين والصفويين فتدخلت المرجعية العليا في وقتها بإنهاء الخلاف بين الدولتين بصورة سلمية، ناهيك عن دور الحوزة العلمية والمرجعية الدينية الكبير في حل نزاعات وصراعات ومشاكل الجماعات والعشائر والقبائل والأسر والأفراد وما شاكل ذلك.
وإذ انتهى الكتاب من ذلك كله تناولت الفصول الأربعة الأخيرة السير الحياتية والعلمية لأشهر أربعة مراجع من مراجع حوزة النجف الأشرف الحالية، كلٌ بحسبه، يتقدم هؤلاء المراجع العظام : المرجع الديني الأعلى سماحة آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني، متناولا سيرته ومسيرته في مبحثين أولهما: تناول سيرته الحياتية والعلمية فعرّف بولادته وأسرته، ودراسته وتدريسه، وكتبه ومصنفاته، ومرجعيته العامة، ومشاريعه الإسلامية المتنوعة، وخدماته العديدة، ثم معاناته من قبل النظام البعثي البائد وأعوانه بما في ذلك محاولات تسفيره لأكثر من مرة، ثم اعتقاله فمحاولة اغتياله، ولمّا انتهى البحث من ذلك عرّج البحث على بيان نظرية سماحته (دام ظله) في مسألة شكل نظام الحكم بعد سقوط النظام البائد سنة 2003 م، تلك النظرية المسماة بنظرية (إرادة الأمة)، ثم أخيرا وقف البحث على قسم من اهتمامات ومواقف ومبادرات ورؤى سماحته السياسية والاجتماعية والثقافية والمعرفية الأخرى وهي كثيرة ومتنوعة تجاوزت عتبتها العشرات، بعضها من خلال تشرف كاتبها بلقاء سماحته (دام ظله) وسماعها منه مباشرة، وبعضها من خلال ما سمعه مؤلف الكتاب من نجله الكريم سماحة آية الله السيد محمد رضا السيستاني (حفظه الله) خلال لقاءاته الكثيرة على مدى سنوات وعقود، كما استقى بعضها الآخر مما نشره مكتبه على موقع سماحته (دام ظله) من بيانات ومواقف ورؤى وخطب وأمثال ذلك.
أما المبحث الثاني من هذا الفصل الخاص بسماحة المرجع الأعلى سماحة السيد السيستاني (دام ظله) فقد تناول بصورة تحليلية منهج سماحته في البحث الفقهي/ الأصولي.
ثم انتقل الكتاب بعد ذلك الى تناول المسيرة الحياتية والعلمية لمراجع النجف الأشرف المعاصرين يتقدمهم المرجع الديني الكبير سماحة آية الله العظمى السيد محمد سعيد الحكيم (قده) بمبحثين تناول أولهما: سيرته الحياتية والعلمية ، فعرض لولادته وأسرته، ودراسته وتدريسه، وكتبه ومصنفاته، ومرجعيته العامة، وخدماته العديدة، ثم معاناته من النظام البعثي البائد، مع الوقوف على نكات مهمة في شخصيته ومعايشته لمعاناته في السجن والمعتقل لأكثر من ثماني سنوات قضياها معا في المعتقل ومعهم الأسرة الحكيمية المظلومة حيث كان لسماحته (قده) دور نشط في بث الطمأنينة في قلوب وأرواح المسجونين المظلومين من خلال الاستعانة بالله عز وجل والتوجه اليه والتعلق بنبيه الكريم وآل بيته الطيبين الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين، وتبيان ما يلقاه المؤمنون الصابرون على الشدة والبلاء والمعاناة والضرّاء من ثواب جزيل وأجر جميل.
أما المبحث الثاني من هذا الفصل الخاص بسماحته (قده) فقد تناول بصورة تحليلية منهج سماحته في البحث الفقهي/ الأصولي.
ولئن قدّر للمرجع الديني الكبير سماحة السيد الحكيم (قده) أن ينتقل الى جوار ربه الكريم بعد أن انتهى مؤلف الكتاب من كتابته عنه، خاصة وأن هذا المجلد لا يتناول بالبحث إلاّ ما يخص المراجع المعاصرين فحسب دون المتوفين منهم (قدس الله أسراهم) وهو ما نص عليه صريح عنوانه، إلاّ أن الباحث رغم ذلك فضّل أن يبقي ما كتبه عن سماحته (قده) كما كتبه بعد أن صعب عليه صعوبة كبيرة أن يحذف ما كان قد دوّنه عنه قبيل وفاته (قده) ، وإن تأخر نشر الكتاب لما بعد وفاته (قده).
ثم انتقل الكتاب بعد ذلك الى الوقوف على المسيرة الحياتية والعلمية للمرجع الديني سماحة آية الله العظمى الشيخ محمد إسحاق الفياض (دام ظله)، فالمسيرة الحياتية والعلمية لسماحة المرجع الديني آية الله العظمى الشيخ بشير النجفي (دام ظله).
كما تضمن الكتاب أيضا خمسة ملاحق يحتوي بعضها على وثائق وتقارير لم تنشر سابقا.
هذا وقد صدر الكتاب عن (مؤسسة روّاد للتنمية والإعلام) التابعة للعتبة الحسينية المقدسة.