• بغداد
    +31...+34° C
  • الموصل https://www.booked.net/
    +23...+29° C
  • كربلاء https://www.booked.net/
    +32...+37° C

القيم الاخلاقية

القيم الاخلاقية

  • 15-02-2020, 19:47
  • مقالات
  • 542 مشاهدة
محمد عبد الجبار الشبوط

القيم الاخلاقية

محمد عبد الجبار الشبوط

لا يساورني الشك في ان المرجعية الدينية العليا في العراق ممثلة بالامام السيستاني تدفع باتجاه اقامة دولة حضارية حديثة في العراق. ولست بصدد ايراد ادلة الاثبات على هذه الدعوى، لكني اكتفي بالقول بان خطبة الجمعة الاخيرة كانت دليلا لا يدحض على ذلك.

فقد تناولت المرجعيّةُ الدينيّةُ العُليا في الخطبة الثانية من صلاة الجمعة  في 14 شباط 2020  منظومة القيم الاخلاقية ودورها في بناء "دولة متقدمة ومزدهرة"، وبينت ان "القيم والأخلاق ضرورةٌ حياتيّة في جميع مجالات الحياة للفرد والمجتمع، بل لكلّ المجتمعات البشريّة مع قطع النظر عن كونها تنتمي لدينٍ سماويّ أم لا تنتمي"، واوضحت ان "القيم والأخلاق الإنسانيّة تُعتبر ركيزةً أساسيّة لسلامة العلاقات الاجتماعيّة وقوّة هذا المجتمع، الذي ينشأ منه التعاون والتكافل والتعاضد الاجتماعيّ الذي يحقّق منه الفرد والمجتمع حاجاته الأساسيّة"، بل انها  "ركيزة أساسيّة لسلامة التعاملات الاقتصاديّة من الظلم والاستغلال" وكذلك "للاستقرار النفسيّ للفرد والمجتمع" ولتقدمه ورقيه وازدهاره" واشارت الى حقيقة مهمة وهي ان "المجتمعات الإنسانيّة التي تطوّرت تُركّز على مبادئ أساسيّة وقيميّة وأخلاقيّة مكّنتها من ذلك".

وكل هذه الاشارات المهمة تسلط الضوء على احد عناصر الدولة الحضارية الحديثة المهمة. فان الدول كلها تشترك في  اركانها الاساسية وهي الشعب والاقليم والحكومة، لكنها تختلف في الاطار الاخلاقي والقيمي  الذي  يقدم لها معالم الطريق وقواعد السلوك واسلوب التعامل  بينها وبين مواطنيها، وبين مواطنيها،  وبينها وبين  غيرها من الدول ضمن المجتمع الدولي. فهناك الدولة المارقة، وهناك الدولة المسالمة، وهناك الدولة المعتدية، وهناك الدولة المتعاونة وغير ذلك. وهذا الاطار القيمي والاخلاقي هو الذي يمكّن عناصر المركب الحضاري للدولة من الاشتغال والتفاعل بطريقة منتجة للسعادة لمواطني الدولة في الداخل، والسلام في العالم. ويتألف المركب الحضاري من خمسة عناصر هي: الانسان والطبيعة والزمن والعلم والعمل. و وظيفة الاطار القيمي ان يضع كل عنصر من هذه العناصر في موضعه الصحيح والسليم في الهيكل العام للدولة. وحينما توفر الدولة الاطار القيمي الصحيح والسليم فانها ترسخ وجودها وتحقق تقدمها ونموها. ولهذا، فان الدولة والمجتمع والمواطنين اذا ارادوا ان يتمتعوا بحياة طيبة كريمة سعيدة عادلة منصفة فان عليهم ان يوفروا هذا الاطار الاخلاقي والقيمي السليم ويتمسكوا به ويتخذوه دليلا ومرشدا.

ويتم هذا من خلال "تركيز الوعي الفرديّ والاجتماعيّ بأهمّية الأخلاق والقيم منظومةً وسلوكاً والعمل على تحويلها إلى ثقافةٍ عامّةٍ وممارساتٍ تطبيقيّةٍ، و إعطاء منظومة القيم والأخلاق استحقاقها في التثقيف بها في المدارس الابتدائيّة والثانوية والجامعات بقدر ما نُعطي الدروس الأكاديميّة من الاهتمام."

واذْ يعي المجتمع اهمية الاصلاح ومكافحة الفساد في مختلف مرافق الدولة ومجالات الحياة،  فانه يتعين الادراك بان الاصلاح الحقيقي والبناء السليم لا يمكن  ان يتحقق الا من خلال بناء نظام القيم الاخلاقية والانسانية والحضارية، للفرد والمجتمع والدولة.

والسؤال المهم هنا هو: من يتولى بناء النظام القيمي ومن الذي يتولى تربية المواطنين عليه؟

والجواب هو: المدرسة. ففي المدرسة، حيث يقضي المواطن ١٦ عاما من عمره، يتم صقل شخصية الانسان، طفلا فصبيا فشابا، وتنشئته ليكون مواطنا صالحا فعالا للخير، متعاونا على البر، محترما للقانون، مخلصا للدولة، وفيا للوطن.

وهذا يعني ان وزارتي التربية والتعليم العالي تتحملان المسؤولية الكبرى في تربية ابناء المجتمع وتأهليهم للقيام بدورهم الصالح. ولا يمكن ان تقوم الوزارتان بهذا الدور دون ان تستندا الى فلسفة تربوية تجسد النظام القيمي المتبنى وتعمل على تجسيده في الواقع. ومن هنا، يتعين على الدولة ان تعطي الاولوية لهاتين الوزارتين الحيويتين.

أخر الأخبار