• بغداد
    +31...+34° C
  • الموصل https://www.booked.net/
    +23...+29° C
  • كربلاء https://www.booked.net/
    +32...+37° C

اطلبوا العلم وتزيّنوا معه بالحلم والوقار

اطلبوا العلم وتزيّنوا معه بالحلم والوقار

  • 2-10-2023, 21:39
  • مقالات
  • 150 مشاهدة
وليد الحلي

"Today News": بغداد 
من أخطر ما يواجهه الأنسان هو الجهل، ولهذا عمدت الأجهزة المعنية باستغلال الانسان لتحقيق مصالحها والتقليل من أهمية العلم والوعي والهاء المجتمعات بملاذاتها لتفعيل العاطفة وتجاوز دور العقل والعلم والفضيلة والالتزامات الاخلاقية الحميدة التي تقوي الشخصية الانسانية وتحفظ القيم وتبعد الانسان عن الرذيلة والفساد بانواعه.

صار توجه العديد من طلبة المدارس والكليات والجامعات والمؤسسات العلمية الى تحصيل الشهادة بالتخرج فقط بأي وسيلة كانت الغش أو الفساد وعدم الأهتمام بتحصيل العلم الذي هو الاساس!!

ان إنهيار التعليم هو إنهيار أمة بالغش والفساد،
فتسقط البيوت أو العمارات على رؤوس ساكينها لان المهندس نجح بالغش، ويموت المريض لأن الطبيب نجح بالغش، ويقتل القاضي البريء بجريرة المذنب لأنه لم يتعلم كيف يحكم بالعدل، والمعلم يفشل لأنه نجح بالغش، وهكذا لبقية العلوم، ولهذا فأن تطور التعليم هو تطور الأمة وتنميتها وديمومة نجاحها في مجابهة تحدياتها ومشاكلها.  

حث الامام جعفر الصادق ( عليه السلام) على تحصيل العلم لرفع مستوى وعي المتعلم ونمو قدراته وأمكاناته في مجال تخصصه على أحسن وجه وباخلاقية عالية وسلوك طيب متسم بالاحترام والتواضع، وهو الحق المطلوب تحقيقه، وحذر من التكبر والتجبر من المعلم باتجاه طالب العلم فان ذلك يمحق أجره وثواب عمله، ويضعف تحقيق أهدافه حيث وصف الامام ذلك بالباطل الذي يزيل الحق، بقوله (ع):

( اُطْلُبُوا اَلْعِلْمَ وَ تَزَيَّنُوا مَعَهُ بِالْحِلْمِ وَ اَلْوَقَارِ وَ تَوَاضَعُوا لِمَنْ تُعَلِّمُونَهُ اَلْعِلْمَ وَ تَوَاضَعُوا لِمَنْ طَلَبْتُمْ مِنْهُ اَلْعِلْمَ وَ لاَ تَكُونُوا عُلَمَاءَ جَبَّارِينَ فَيَذْهَبَ بَاطِلُكُمْ بِحَقِّكُمْ).

حث الامام (ع) الشباب بضرورة التعلم ليتعلم  أو يصبح عالما، واذا لم يسير على هذا المنوال فأنه قام بارتكاب أثم يحاسب عليه،
قائلا (ع):
( لست أحبّ أن أرى الشابّ منكم إِلا غادياً في حالين؛ إِمّا عالماً أو متعلّماً، فإن لم يفعل فرط، وإِن فرط ضيّع، وإِن ضيّع أثم).

أكد الامام على أن الفائدة من تحصيل العلم هو العمل لمنفعة الناس وتقديم الخدمات لهم بما تعلم وليس لتحصيل الشهادة العلمية فحسب ،
 بقوله (ع):
( تعلّموا العلم ما شئتم أن تعلموا، فلن ينفعكم الله بالعلم حتّى تعملوا به، لأنّ العلماء همّتهم الرعاية، والسفهاء همّتهم الرواية)،
 وقال:
 ( العامل على غير بصيرة كالسائر على غير الطريق، لا تزيده سرعة السير إلا بعداً)، اذ أن العامل من دون علم كالسائر في الطريق الخطأ كلما زاد في سيره فأنه يبتعد أكثر عن الطريق الصحيح.

وقائلا (ع):
( سبعة يفسدون أعمالهم: الرجل الحليم ذو العلم الكثير لا يُعرف بذلك ولا يُذكر به، والحكيم الذي يدير ماله كلّ كاذب منكر لما يؤتى إليه، والرجل الذي يأمن ذا المكر والخيانة، والسيّد الفظّ الذي لا رحمة له، والأُمّ التي لا تكتم عن الولد السرّ وتفشي عليه، والسريع إلى لائمة إخوانه، والذي لا يزال يجادل أخاه مخاصماً له).

 ولد الإمام جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (ع) في ليلة الجمعة في السابع عشر من ربيع الأول عام 82 هـ، في المدينة المنورة في عصر خلافة عبد الملك بن مروان وعاصر بعده الخلفاء الأمويين كلهم حتى سقوط دولتهم سنه 132هـ، وعاصر أول الخلفاء العباسيين أبو العباس السفاح  وثانيهم أبو جعفر المنصور الذي قرر دس السم للإمام الصادق (ع) فمات شهيداً في 25 شوال عام 148هـ ودفن في البقيع في المدينة المنورة عن عمر 66 عاما.

الإمام (ع) انتهج القوة الناعمة soft power للدعوة الى الله بالعلم والوعي والحكمة وسمو القيم والمبادئ، والمصداقية في الالتزام، والحوار بالبرهان والإقناع بالرغبة وعبر العلاقة الطيبة دون الإكراه، فأصبح نموذجاً، ومصدراً للإلهام والاستقطاب للعلماء والحكماء والأمة.

عرف بحكمته في اتخاذ المواقف المؤثرة أمام كثرة الحركات الدينية وبدعها، والوقوف ضد البدع في فهم وتنوع الاتجاهات الفلسفية والفكرية والسياسية وأهل الكلام والجدليين والغلاة والتصوّف، والإلحاد، والزندقة، وغيرها من المجبرة والمفوضة، وما صاحبتها من ظهور الفتن والنزاعات والعصبيات والصراعات الجاهلية.

أسس الامام أكبر جامعة إسلامية أنتجت ثروة علمية وخرجت عدداً كبيراً من رجال العلم وخيرة المفكرين وصفوة الفلاسفة وكبار العلماء، وكان تلامذة هذه المدرسة الإسلامية حماة الدين وحفظة الرسالة،  وشملت الدراسات الواسعة التي اهتمت بها الجامعة بعلوم الفقه والطب والكيمياء والنجوم والفيزياء والجغرافيا والتاريخ وغيرها من العلوم.

نهنئكم ونبارك لكم الذكرى السنوية لولادة الامام جعفر الصادق ( عليه السلام) الذي اوصى الالتزام ب:
( طلب العلم فريضة في كلّ حال).
و( أوصيكم بتقوى الله واجتناب معاصيه، وأداء الأمانة لمن ائتمنكم، وحسن الصحابة لمن صحبتموه، وان تكونوا لنا دعاة صامتين).

        وليد الحلي
16 ربيع الأول 1445
 2 تشرين الأول 2023

أخر الأخبار