قلق متزايد لدى مسؤولي الصحة البريطانيين من البيانات الناشئة عن متحورة “أوميكرون” فيما حذر رؤساء مرافق “الخدمات الصحية الوطنية” من أن ارتفاعاً كبيراً في حالات الإصابة بالفيروس يمكن أن يزيد من الضغوط الراهنة على قطاع الرعاية الصحية
نبه خبراء الصحة في المملكة المتحدة إلى أن حالات الإصابة بفيروس “كوفيد” قد تصل إلى نحو 90 ألفاً في اليوم، بحلول عيد الميلاد، بعدما بدأت ترتفع حالات الدخول إلى المستشفيات، حتى قبل أن تتفشى متحورة “أوميكرون” الأكثر قابلية على العدوى، في مختلف أنحاء بريطانيا.
ويتخوف المسؤولون العلميون التابعون للحكومة البريطانية من أن العدد اليومي للاختبارات التي تأتي نتيجتها إيجابية هو في طريقه لتجاوز أعلى ذروة بلغها في الجائحة في غضون أسابيع، مع انتشار متحورتي “أوميكرون” و”دلتا” جنباً إلى جنب، والتسبب في حدوث موجة سريعة من الإصابات بالعدوى.
وكان القيمون على مرافق “الخدمات الصحية الوطنية NHS قد حذروا قبل هذه الزيادة المتوقعة في الإصابات، والارتفاع المخيف في عدد الأفراد الذين دخلوا المستشفيات، من وجود “نسب هائلة من الضغط” على المرافق الاستشفائية. يضاف إلى ذلك أن خطر إصابة أطباء وممرضات بعدوى “أوميكرون” واضطرارهم إلى ترك العمل، يزيد من “حال الاضطراب” [التوتر] المتنامية في الخدمات الصحية.
وقد بات واضحاً أن مسؤولي الصحة في الدوائر الحكومية في وايتهول، أصبحوا أكثر قلقاً من البيانات الناشئة عن متغير “أوميكرون”، بعدما سجلت المملكة المتحدة 45,691 حالة إصابة جديدة بفيروس “كوفيد” الثلاثاء – أي بزيادة 15 في المئة عن العدد المسجل الأسبوع الماضي.وفيما تم التحقق مما مجموعه 437 إصابة بـ”أوميكرون” حتى الآن، إلا أن الخبراء يعتقدون أن الرقم الحقيقي يقترب من الألفين، مع تضاعف حالات الإصابة بالمتحورة كل يوم.
رئيس الحكومة البريطانية بوريس جونسون أبلغ وزراءه بأن “المؤشرات المبكرة” تظهر أن “أوميكرون” هو أكثر قابلية على الانتشار من “دلتا”، الذي من المتوقع أن تحل مكانه المتحورة الجديدة في المملكة المتحدة في نهاية المطاف.
في غضون ذلك، ما زال من غير الواضح المدى الذي يمكن أن يكون معه متغير “أوميكرون” قادراً على تفادي الرد المناعي للجسم، أو [مدى] شدة المرض التي يسببها. لكن الاعتقاد المتزايد بأن المملكة المتحدة قد تشهد ارتفاعاً مفاجئاً في حالات الإصابة قبل عيد الميلاد، أثار قلقاً في أوساط المسؤولين عن قطاع الصحة.
كريس هوبسون الرئيس التنفيذي لـ”أن أتش أس بروفايدرز” NHS Providers، تحدث عن “درجة عالية من التوتر” حيال التوقعات للشتاء المقبل، وكيف ستتعامل مرافق الخدمات الصحية مع أي زيادة في الطلب على الاستشفاء بسبب متحورة “أوميكرون”.
ورأى أنه حتى لو كانت أعراض المتغير “ليست بهذه الخطورة، فعندما يصاب عدد كبير من الأشخاص بالعدوى، فإن الطلب على الاستشفاء من مجموعة فرعية صغيرة جداً من مجمل شريحة كبيرة، من شأنه أن يحدث ضغطاً إضافياً كبيراً للغاية”.
وتشير نمذجة أجرتها البروفيسورة كريستينا بايغل مديرة “وحدة الأبحاث التشغيلية السريرية” Clinical Operational Research Unit في “كلية لندن الجامعية” UCL، إلى أن إنجلترا يمكن أن تشهد نحو 90 ألف حالة إصابة يومياً بحلول عيد الميلاد – في خليط من الإصابات التي تسببها متحورتا “دلتا” و”أوميكرون”.
أحد أعضاء “الفريق الاستشاري العلمي للطوارئ” Sage اعتبر أنه “من الممكن” الوصول إلى هذا الرقم، لكنه أشار إلى أن هذا سيكون سيناريو “الوضع الأسوأ”، في حين أن ميغان كال وهي عالمة أوبئة في “وكالة الأمن الصحي في المملكة المتحدة” UK Health Security Agency (UKHSA)، رأت أن هذا التوقع يمكن أن يكون “متفائلاً بعض الشيء”.
بيد أن خبراء من “الفريق العلمي لنمذجة الإنفلونزا الوبائية” Scientific Pandemic Influenza Group on Modelling (SPI-M)، وهو لجنة فرعية تابعة لـ”الفريق الاستشاري العلمي للطوارئ”، أشاروا إلى أنه “من الصعب حقاً” توقع حجم موجة الإصابات بالعدوى خلال الشتاء المقبل.
رئيس فريق النمذجة البروفيسور غراهام ميدلي رجح أن “تواصل الإصابات بمتحورة ’أوميكرون‘ ارتفاعها، لكن سرعة هذه الزيادة ما زالت غير أكيدة”. أوضح أنها “كانت سريعة الأسبوع الماضي، لكن ذلك قد يكون مرتبطاً بأنشطة البحث عن حالات الإصابة، وبإجراء اختبارات تفضيلية”.
واستناداً إلى أحدث البيانات الصادرة حتى الرابع من ديسمبر (كانون الأول)، فقد ارتفع معدل دخول المرضى إلى المستشفيات من الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 85 عاماً بنسبة 10 في المئة تقريباً في الأسبوعين الأخيرين. أما في ما يتعلق بالأفراد الذين تتفاوت أعمارهم ما بين 18 و64 عاماً، فقد حدثت زيادة بنسبة 17.4 في المئة في عدد الذي أدخلوا إلى المؤسسات الاستشفائية خلال الفترة نفسها.
على مستوى المناطق البريطانية، لا تزال معدلات دخول المستشفيات في تراجع على امتداد شمال إنجلترا، لكنها ترتفع بشكل حاد في لندن والجنوب الشرقي. ويشير كريس هوبسون إلى أن مسؤولين آخرين عن “الخدمات الصحية الوطنية” باتوا “يشعرون بالتوتر” حيال الزيادة الأخيرة في الطلب على العلاج داخل المستشفيات، نتيجة “ما قد يعنيه ذلك” بالنسبة إلى مؤسساتهم.