• بغداد
    +31...+34° C
  • الموصل https://www.booked.net/
    +23...+29° C
  • كربلاء https://www.booked.net/
    +32...+37° C

وحدة العراق.. هل هي شيئ مقدس؟

وحدة العراق.. هل هي شيئ مقدس؟

  • 21-06-2020, 10:17
  • مقالات
  • 802 مشاهدة
سامي العسكري

 منذ سقوط نظام صدام عام 2003 وفي كل مرحلة تتازم فيها الاوضاع السياسية والامنية ، وهي اوضاع لم تستقر يوما ، يجري الحديث عن وحدة العراق ومخاطر التقسيم واحتمالاته. كما في كل مرة تتصاعد الخلافات بين مكونات الشعب العراقي يطرح البعض خارج العراق وداخله موضوع التقسيم كحل او علاج للمشاكل في البلاد. لابد من الاقرار ونحن في بداية الحديث ، ان هذا الموضوع حساس جدا وان الخوض فيه ينطوي على مخاطر تعرض من يكتب فيه للاتهام والتخوين ويسلب البعض منه صفة الوطنية الى غيرها من المشاكل.

كما لابد من التاكيد على ان هذه المسالة حساسة تلامس مشاعر الناس وهي الى حد ما اشبه بالحديث عن موضوع الطلاق بين زوجين فرغم انه حلال شرعا لكنه من ابغض الحلال كما يوصف واخر الحلول نلجأ اليه اذا ما استعصت الحلول الاخرى وبات من الصعب او المستحيل الاستمرار دون وقوع خسائر اكبر.

اولا علينا ان نسال كيف تحددت حدود العراق الحالية، وهل كانت هذه الحدود التي تفصله عن جيرانه قديمة زمنيا ام انها حديثة نسبيا. بمعني لو عدنا مئتي سنة الى الوراء هل كانت هذه المساحة من الارض التي تسمى العراق هي بلد قائم بذاته ام ان هذه المساحة كانت هي الاخرى مقسمة الى اجزاء متعددة جرى جمعها الى بعض لتشكل دولة جديدة. قبل بداية الحرب العالمية الاولى التي اندلعت علم 1914 وانتهت عام 1917 يتوزع ما يعرف اليوم بالعراق على ثلاث ولايات عثمانية هي البصرة وبغداد والموصل. وولاية البصرة لا تعني حدود محافظة البصرة الحالية بل تمتد لتشمل اراضي واسعة. فجنوبا تضم الكويت ومناطق القطيف والاحساء وغيرها وشمالا تشمل كل المحافظات الجنوبية الحالية (ذي قار وميسان والمتنى والقادسية والنجف وكربلاء) وشرقا تمتد داخل محافظات ايرانية حاليا. وولاية الموصل تشمل المنطقة الشمالية من العراق بكاملها بدءا من محافظة ديالى مرورا بكركوك والسليمانية ودهوك. وما تبقى من العراق تضمه ولاية بغداد.

وبعد الحرب العالمية الاولى واحتلال العراق من قبل البريطانيين تم تطبيق ما اتفقت عليه فرنسا وبريطانيا من تقسيم التركة العثمانية ، فيما يعرف باتفاقية سايكس – بيكو وبالنتيجة سلخت مناطق واسعة من ولايات البصرة والموصل ورسمت حدود جديدة للعراق. وخلال الانظمة التي تعاقبت على حكم العراق خسر العراق باستمرار اراضي الى دولة مجاورة. تشكيل العراق الحديث وتحديد حدوده لم يكن للعراقيين كبشر اي دور فيه. لا احد سالهم عن رأيهم ولا كان لهم حق الاعتراض علي اي شئ. وحتى حين اعترضوا على ترسيم الحدود بين العراق والكويت في التسعينات من قبل الامم المتحدة وسلخت اراضي جديدة من العراق واعطيت للكويتيين لم تجد اعتراضات العراقيين واذعن النظام في وقتها وقبل بالحدود الجديدة وهكذا سارت الحكومات العراقية التي ورثت الحكم في العراق بعد اسقط نظام البعث وقبلت بالحدود الجديدة. اذن حدود العراق ومساحتها لم تكن ثابتة طوال العهود المختلفة ولا اعتبرت هذه الحدود اشياء مقدسة لا يجوز التلاعب فيها. هذه هي حدود العراق من الخارج، اما الحدود الادارية من الداخل فهي الاخرى كانت عرضة للتبدل والتغيير منذ مطلع القرن الماضي ولحد السنوات الاخيرة. فشهدت تغيرات كانت وراءها اسباب ودوافع ادارية وسياسية. فاستحدثت محافظات وتغيرت حدود المحافظات باستمرار. وهذا التقسيم هو الاخر لم يكن للمواطنين دور فيه بل قامت به الحكومات بسلطاتها القانونية. لكن الاهم من الحدود الجغرافية للعراق ولمحافظاته هو الناس الذين يعيشون على هذه البقعة الجغرافية، هل هم راضون في العيش سوية على هذه الارض يتشاركون في خيراتها ويتحملون مهمة اعمارها والدفاع عنها.

وهذا يدفعنا الى التساؤل عن تركيبة المجتمع العراقي هل هي متجانسة وموحدة من حيث الاصول العرقية والانتماءات الدينية والمذهبية. ام هو مجتمع مركب ومكون من اجناس متعددة وديانات مختلفة ومذاهب شتى. عرقيا ، في العراق ، العرب والكرد والتركمان واقليات قومية اخرى. ودينيا هناك الغالبية من المسلمين الى جنب ديانات قديمة اخرى. واسلاميا هناك الانقسام التاريخي في واقع المسلمين سنة وشيعة. وهو انقسام لعبت السياسة فيه عبر قرون متعاقبة فزادته عمقا واستخدمته سلاحا فتاكا لمواجه الخصوم. كان الصراع الصفوي العثماني قد لبس ثوبا مذهبيا وخاض حروبه ومعاركه على ارض العراق من اجل السيطرة على هذه الارض وثرواتها. ودفع العراقيون ثمنا باهظا لذلك الصراع حتى بعد ان انتهت كلتا الدولتين وبادتا. فاذا دخل السطان العثماني سليم الاول الى بغداد دفع شيعتها ثمنا باهضا من دمائهم واموالهم وعوملوا كما يعامل الكفار ـ واذا ما سيطر الشاه الصفوي على بغداد حلت النكبة بسنتها ولم تسلم منه حتى قبور اوليائهم وائمتهم. لقد ترك ذلك الصراع الدموي جروحا عميقة في النفوس والوجدان لم تفلح في شفائها عقود من انظمة سياسية تظاهرت بانها لا تكرر سياسات العثمانيين، بل زادتها ايلاما وتقيحا. فاذا كانت طائفية العثمانيين قد حرمت الشيعة من الدخول في المدارس الحكومية واغلقت بوجههم التوظيف في دوائر الدولة ومؤسساتها ، فان الحكم الوطني الذي اقامه الانكليز على انقاض الحكم العثماني لم يخرج كثيرا عن ذلك المسار. وحتى حين جاء الثوريون الى السلطة بانقلاباتهم الدموية ورغم علمانيتهم فانهم لم يخرجوا عن ذات المسار الذي اختطه العثمانيون وقننه الانكليز. وحين انهارت الدولة العراقية عام 2003 تحت دبابات الاحتلال الاميركي وبدأت عملية بناء دولة حديثة على اساس الديمقراطية التي تعني حكم الاكثرية مع ضمان حقوق الاقلية، تعثرت هذه العملية وقوبلت بحرب طائفية لا تزال نارها مستعرة لحد اليوم.

لكن المسالة لا تقف عند هذا الحد. فماذا عن الاكراد؟ في ظل الدولة العثمانية بصبغتها الدينية كان الاكراد كغيرهم من رعايا الدولة العثمانية من غير القومية التركية يعيشون في مناطقهم المنتشرة في اراضي هي اليوم ضمن حدود ثلاث دول (العراق ، تركيا ، سوريا). واذا ما كانت هناك حركات او تطلعات كردية للانفصال عن الدولة العثمانية فهي كمثيلاتها في البلاد العربية، دعوات شجعت عليها الدول الغربية الرامية الى اسقاط الخلافة العثمانية وحفزها السياسة العنصرية التي سار عليها السلاطين العثمانيين، لكن حركات الاكراد بقيت محدودة وقليلة التاثير. وحين اسقطت الخلافة العثمانية بعد ان خسرت الحرب العالمية الاولى مع حليفتها المانيا ، طرحت دول المحور التي قاتلت المانيا فكرة اعطاء القوميات حقوقها. هذه الفكرة انعشت الامال الكردية في اقامة دولة كردية على غرار الدول العربية او حتى الدولة التركية. غير ان هذه الامال تبددت حين غيرت الدول الكبرى روسيا وبريطانيا وفرنسا سياستها واجبر الكرد على ان يكونوا اجزاء في دول متعددة. ومع التعاطي السيئ للانظمة التي حكمت العراق منذ العهد الملكي وانتهاء بالحكم البعثي بات الشعور القومي الكردي ينمو ويتصاعد، حتى اذا ما جاءت احداث 1991 وتدخل اميركا وبريطانيا وفرنسا لحماية الكرد من قمع النظام وحظر الطيران شمال خط 36 وسحب النظام لاداراته من ثلاث محافظات كردية ، نشأ وضع جديد مكن الاكراد لاول مرة في تاريخهم الطويل من حكم مناطقهم دون تدخل من بغداد.

ثم جاء التغيير في 2003 ليخلق واقعا جديدا مهد لتحقيق ما يحلم به القادة الكرد في اقامة دولتهم المنشودة. ان القيادات الكردية تدرك ان امامها طريقا طويلا لتحقيق حلم الدولة رغم انه بات ممكنا رؤيته يتحقق لكن عليها تجاوز عقبات عديدة. وخلال اكثر من عشر سنوات عمل الكرد على تذليل تلك العقبات لتقريب موعد اعلان الدولة. العقبة الاولى بناء البنى التحتية للدولة الكردية القادمة اقتصاديا وعسكريا وسياسيا ودبلوماسيا. والعقبة الثانية وجود مناخ سياسي اقليمي ودولي يتقبل فكرة الدولة الكردية الجديدة. واليوم وبعد اكثر من 23 سنة على خروج المحافظات الثلاثة عن سلطة بغداد ، بات الطريق معبدا امام الاكراد لاعلان دولتهم.

هذا هو حال مكونات المجتمع العراقي. سنة غاضبون لانهيار دولة كانوا ينفردون بحكمها طوال عقود مترامية ، وشيعة عانوا القمع والاضطهاد ودفعوا ثمنا غاليا من دمائهم وكراماتهم ولاول مرة منذ قرون يتاح لهم ان يكونوا حكاما او شركاء في حكم العراق، واكراد يوشكون ان يحققوا حلمهم القومي في دولة مستقلة. هل يمكن جمع هؤلاء في بلد واحد؟ وحدة العراق … هل هي شئ مقدس؟

الحلقة الثانية لا يكف الاكراد خاصة السيد مسعود البرزاني عن الحديث عن استقلال كردستان وتتحدث اغلب القيادات الكردية عن حق تقرير المصير. وهنا يبرز سؤالان: الاول هل الاكراد مرتبطون بالعراق ام مستقلون عنه؟ اما السؤال الاخر فهو هل من مصلحة العراق استقلال الاكراد في دولة مجاورة له؟ الجواب عن السؤال الاول نعم ولا في نفس الوقت. نعم لان كردستان من الناحية الرسمية والظاهرية ما تزال جزءا من الدولة العراقية. وايضا هي شريك في ثروات العراق العربي وتستلم موازنة سنوية تقدر 17% من موازنة العراق. ونعم ايضا لان الكرد يشكلون جزءا من مجلس النواب العراقي، ويديرون عدد من الوزارات وزراء كرد اضافة الى اعداد كبيرة منهم هم من كبار موظفي الدولة منتشرين في كل مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية. وللان كردستان ، وخلافا للدستور ، تتصرف كدولة داخل الدولة العراقية. فمثلا الدستور العراقي يوكل مهمة حماية الحدود العراقية مع جيرانه الى الجيش العراقي ، لكن حكومة الاقليم لا تسمح لجندي عراقي واحد ان يدخل الاقليم. وحسب الدستور الموارد المالية المستحصلة من ضرائب البضائع التي تدخل عبر الحدود يجب ان تعود الى وزارة المالية كي تكون جزءا من موارد الدولة كما هو الحال في المعابر الحدودية في كل المحافظات خارج الاقليم. لكن ذلك لا يحصل في كردستان. ودستوريا احكام القضاء نافذة على المتهمين والمدانين في كل الاراضي العراقية ، الا ان الواقع يقول ان كردستان اصبحت ملجئا امنا لكل المطلوبين للقضاء او المحكومين بجرائم كبرى. ودستوريا فان النفط ملك للشعب العراقي وهذا يعني ان اي برميل للنفط يباع من اي بئر نفط عراقي يجب ان تعود عوائده الى الخزينة المركزية ، والاقليم اصبح يبيع النفط علنا بعد ان كان يهربه سرا في تحد صارخ للسيادة والدستور العراقيين. والاخطر من ذلك على السيادة والامن العراقيين هو سماح حكومة الاقليم لدخول الاجانب من دون الحاجة الى تاشيرة دخول (فيزا) وهذا يعني ان اي اجنبي يستطيع المجئ الى بغداد من خلال استخدامه لمطارات الاقليم ومعابره البرية من دون ان تعلم به الحكومة العراقية فليست هناك مراكز لتدقيق جوازات السفر بين الاقليم والاراضي العراقية. لهذا ولغيرها من الاسباب الكثيرة يستطيع الانسان ان يعرف ان الاقليم لا يخضع بشئ الى الحكومة الاتحادية وان علاقته بالعراق هي كعلاقته ببقرة حلوب يحلب منها 17% من ثروتها الوطنية ويتدخل في توجيه قرارات الحكومة والبرلمان بما يحقق مصالح الكرد بغض النظر عما اذا كانت تلك المصالح تنسجم مع مصلحة العراق او لا ومثالها ان العراق توشك ان تنتهي سنة 2014 دون ان تقر له موازنة والسبب الوحيد هو اعتراض الاكراد على بعض ما ورد فيها من مواد تلزمهم باحترام الدستور واعادة الاموال التي يحصلون عليها من بيع النفط في اراضيهم الى الخزينة المركزية. فعلطلت مئات المشاريع في كل محافظات العراق بسبب الفيتو الكردي على تمرير الموازنة.

وللاجابة عن السؤال المتعلق بمصلحة العراق في استقلال كردستان. يمكن ان نسال ماذا يخسر العراق اذا ما انفصل عنه الاقليم. فمادامت ثروات الاقليم تبقى تحت سيطرة حكومته ولا يذهب منها شئ لبقية محافظات العراق. فليست هناك خسارة يمكن ان تلحق بالعراق لان المسالة لا تعدو اجراءا شكليا رسميا. لكن يترتب على هذا الاجراء الشكلي مصالح كبرى وفوائد جمة. فاولا يتوقف نزيف المال العراقي الذي يذهب الى الاقليم من خلال توقف اعطاء الاقليم نسبة 17% خصوصا بعد ان فرض الكرد سيطرتهم على كركوك ونفطها بعد ان كانوا يسيطرون على نفط اربيل والموصل. وثانيا سنتخلص من التدخل الكردي في الشان السياسي العراقي وهو كان باستمرار عامل اضعاف وليس تقوية ، فمن خلال انتهاك الكرد للدستور شجعوا الاخرين على ان يحذو حذوهم. نعم ستبرز مشاكل اخرى تتعلق بحدود الاقليم. فحكومة الاقليم ترى ان كل المناطق المتنازع عليها ، وهو مصطلح يشير الى اي منطقة تتواجد فيه تجمعات بشرية كردية ، في محافظات نينوى وديالى وصلاح الدين اضافة الى كركوك. وهذه المسالة يمكن حلها بالحوار والتفاهم بين القيادات السياسية في هذه المحافظات وحكومة الاقليم ، فما يوافق على اعطائه السنة من اراضيهم وثرواتهم الى الكرد لا ينبغي للشيعة ان يعترضوا عليه. فماذا يضر البصرة او النجف اذا اخذ الكرد نصف نينوى وثلاثة ارباع صلاح الدين وكل كركوك. والكرد سياخذون هذه المناطق ان لم يكن من خلال الحوار والتفاهم مع سكان هذه المحافظات وقياداتها المحلية فانهم سياخذونها بالقوة المسلحة ولا احد في بغداد يفكر ان يرسل جيشا يقاتل الكرد من اجل تلك المناطق.

ان تاخر قبول العراقيين لفكرة استقلال كردستان لا تصب في صالح العراقيين، فهذا الامر حاصل لا محالة، ولكن كلما عجلنا فيه فاننا نكون قد عجلنا وقف نزيف ثروات الوسط والجنوب التي تذهب الى كردستان ووضغنا حدا لتدخل الكرد في الشان السياسي والامني العراقي. ان عراقا خاليا من تدخل الكرد في قراراته السياسية والامنية هو عراق اكثر استقرار واكثر امانا.

سيقول البعض وماذا عن المحافظات السنية؟ اقول ان امام هذه المحافظات خيارات عديدة وسكانها وقياداتهم هي التي تختار اي من تلك الخيارات يناسبها. الخيار الاول ان يبقوا جزءا من عراق عربي موحد يشكل فيه الشيعة نسبة تزيد عن الثمانين في المائة. فيشتركون في ادارة حكومته المركزية بنسبة عددهم وتحصل محافظاتهم على حصتها من ثروات العراق بما يتناسب وعدد سكانها. ويالتالي نعود الى ادارة الدولة بصيغة الحكومة اللامركزية التي تتصدى فيه حكومة بغداد للقضايا السيادية والامنية وتعطى المحافظات صلاحيات واسعة في ادارة شؤون الخدمات فيها. الخيار الثاني ان تتجمع المحافظات السنية في كيان فيدرالي فتشكل اقليما سنيا تنظم فيه علاقته ببقية محافظات العراق ضمن صيغ واليات يحددها دستور جديد يجري وضعه بعد انفصال كردستان عن العراق. الخيار الثالث ان يسير العراق باتجاه الحل الكونفدرالي بين ثلاث دول هي كرستان والاقليم الشيعي والاقليم السني وفي العالم تجارب مماثلة. ان تجربة السنوات الاحد عشرة الماضية اظهرت بوضوح ان الجيل الحاضر وربما الجيل الذي يليه من العرب السنة – وهنا اتحدث عن الغالبية وليس الجميع – لا يطيق العيش في بلد تحكمه الغالبية الشيعية، فتاريخيا يجد هذا الامر خلال السياق التاريخي ، وواقعيا حين يمد بصره خارج العراق لا يشعر انه اقليه مادام لديه العمق العربي السني بملايينه، وهو عمق تشجع دوله وحكوماته سنة العراق على عدم قبول الواقع الجديد ، وتعدهم انها ستعمل ، حتى ولو بتدمير العراق، منع السيطرة الشيعية التي تربط بايران والصفويين امعانا في تحفيز الكراهية. ان احداث الموصل ومذبجة سبايكر والطريقة التي تعاملت فيها اغلب القيادات السنية وجمهورها معها باتت تشكل مفترقا تاريخيا، فالجمهور السني الذي استقبل داعش في نينوى وصلاح الدين والانبار ، وفضلها على جيش شيعي انما يرسل رسالة واضحة الى القيادات الشيعية الدينية منها والسياسية ومن لا يستطيع قراءتها منهم فعليه مراجعة نفسه ، تلك الرسالة مفادها اننا لا نقبل حكم الاغلبية الشيعية حتى لو احترمت مصالح الاقلية وحمتها. وواهم من يظن اليوم وبعد الذي جرى في الموصل وسبايكر انه يستطيع زعيم او سياسي او مسؤول شيعي ان يرسل جنودا ومقاتلين شيعة لحماية مناطق سنية ، وان تلك المناطق اذا ارادت ان تتحرر من هيمنة داعش وحكمها الهمجي فعليه ان تتحمل مسؤوليتها في ذلك فلن يراق بعد اليوم دم شيعي على ارض اهلها لا يحملون الود للجندي العراقي وعشائرها تذبح الشيعة كما يذبح النعاج. القيادات السنية بعلمائها وسياسييها عليها ان تحسم امرها وان تختار اي من الخيارات المتاحة امامها تريد ، والقيادات الشيعية الدينية والسياسية عليها ان تكف عن احلام العراق الموحد فحين تصاب ساق الانسان (بالغانغرين) فبترها انقاذ لحياة الناس رغم ان البتر مؤلم وخسارة لعضو مهم في البدن. كردستان باتت تشكل خطرا على وجود الدولة العراقية وعلى الشيعة ووجودهم وقد آن الاوان كي نحقق للكرد حلمهم التاريخي في دولة مستقلة وننقذ بقية العراق من مشاكل زواج فاشل لا يمكن ان يستمر.

أخر الأخبار