فجرت كوريا الشمالية، الثلاثاء، مكتب الارتباط مع كوريا الجنوبية في مدينة كايسونغ على جانبها من الحدود، وهو ما يُذكر بأن الكوريتين الشمالية والجنوبية لا تزالان تقنيًا في حالة حرب جراء الصراع المتواصل منذ عقود بينهما.
حرب بلا سلام
قررت الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي تقسيم شبه الجزيرة الكورية، بعد أن أنهى استسلام اليابان الحرب العالمية الثانية وحكمها لشبه الجزيرة.
وفي شهر حزيران/يونيو من عام 1950، غزا الشمال الشيوعي الجنوب الرأسمالي، ما أشعل حربًا دامية أودت بالملايين.
ودعمت بكين بيونغ يانغ في النزاع، الذي استمر 3 سنوات، فيما ألقت واشنطن بثقلها خلف الجنوب، وهي تحالفات استمرت لاحقًا لفترة طويلة.
وخاض الطرفان معارك عنيفة وصلت إلى طريق مسدود، وتوقفت الأعمال العدائية بينهما باتفاق لوقف إطلاق النار عوضًا عن اتفاق سلام رسمي، ما تركهما تقنيًا في حالة حرب.
فرق اغتيالات
وانتهكت بيونغ يانغ وقف إطلاق النار عبر شن عدد من الهجمات، حيثُ أرسلت 31 من عناصر قوات الصاعقة إلى سيول في محاولة فاشلة لاغتيال رئيس كوريا الجنوبية آنذاك بارك تشونغ هاي في العام 1968. وقتل جميعهم باستثناء اثنين.
ونفذت بيونغ يانغ ما يعد أجرأ محاولة اغتيال في بورما في العام 1983، ما أسفر عن مقتل 21 شخصا في انفجار قنبلة بضريح في يانغون، لكن الجنرال الكوري الجنوبي والرئيس لاحقا تشون دو هوان، الذي كان في زيارة إلى المكان، نجا من القتل.
وفي العام 1987 انفجرت قنبلة على متن رحلة جويّة كورية فوق بحر أندامان، ما أسفر عن مقتل 115 شخصًا هم كل من كانوا في الطائرة، واتهمت سيول بيونغ يانغ بالمسؤولية، لكن الأخيرة نفت ضلوعها.
وفي عام 1996، طفت غواصة كورية شمالية في مهمة تجسس قبالة ميناء جانغنيونغ في شرق كوريا الجنوبية، ما أدى إلى مطاردة استمرت 45 يومًا، انتهت بمقتل 24 من أفراد الطاقم والمتسللين.
وبعدها بـ3 سنوات، أسفر اشتباك بين بوارج عسكرية كورية جنوبية وشمالية عن مقتل نحو 50 جنديا شماليا.
التسلح نوويًا
واصلت كوريا الشمالية برامجها النووية والصاروخية البالستية المحظورة، ساعية إلى صنع صاروخ قادر على إيصال رأس حربي إلى البر الرئيسي للولايات المتحدة.
وفي عام 2006، أجرت أول تجربة نووية لها، واستمر التقدم في ظل حكم كيم جونغ أون، الذي ورث سلطة البلد المعزول في نهاية العام 2011.
وردا على ذلك، فرض مجلس الأمن الدولي والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وكوريا الجنوبية عقوبات صارمة ومتزايدة على بيونغ يانغ، مع إغلاق منطقة كايسونغ الصناعية المشتركة في العام 2016.
لكن نظام بيونغ يانغ واصل التحدي، وأجرى تجربته النووية السادسة في العام 2017، الأكبر حتى الآن، وأطلق صواريخ قال إنها قادرة على الوصول إلى الولايات المتحدة، وأعلن كيم منذ ذلك الحين أنّ بلاده صارت قوة نووية.
أولمبياد السلام
وبعد سنوات من التوتر، أعطى انتخاب مون جاي إن، المؤيد للانخراط مع الشمال، رئيسًا لكوريا الجنوبية، واستضافته للألعاب الأولمبية الشتوية، فرصة للجارين اللدودين لإعادة فتح الاتصالات.
وفي حفل الافتتاح في شهر شباط/فبراير من عام 2018، سار فريقا الكوريتين معا وصافح مون شقيقة زعيم كوريا الشمالية كيم يو جونغ ورئيس كوريا الشمالية الرمزي كيم يونغ نام.
مؤشرات انفراج
أعلنت بيونغ يانغ بعيد ذلك أن الانفجارات النووية وإطلاق الصواريخ العابرة للقارات ستتوقف على الفور.
ثمار القمة التاريخية.. اتفاق بين الكوريتين على نزع السلاح النووي
وعقدت قمة تاريخية بين الكوريتين في شهر نيسان/أبريل، وتعهدت بيونغ يانغ وسيول مواصلة نزع السلاح النووي في شبه الجزيرة والسلام الدائم، وتمكن عشرات الكوريين الجنوبيين من العبور إلى الشمال في شهر آب/أغسطس؛ لمقابلة أقرباء لم يلتقوهم منذ الحرب.
في شهر حزيران/يونيو، التقى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كيم في قمة تاريخية في سنغافورة، شهدت المصافحة الأولى بين رئيس أمريكي في السلطة وزعيم كوري شمالي.
توترات جديدة
لكن قمة ثانية بين الزعيمين في شهر شباط/فبراير من عام 2019 انهارت عندما فشل الطرفان في الاتفاق على ما قد يرغب الشمال في التخلي عنه مقابل تخفيف العقوبات.
ومنذ شهر تشرين الثاني/نوفمبر من العام الماضي، زادت بيونغ يانغ اختباراتها للأسلحة، وفي شهر أيار/مايو الماضي أطلق الشمال العديد من الأعيرة النارية تجاه الجنوب في المنطقة المنزوعة السلاح التي تقسم شبه الجزيرة، ما دفع الجنوب إلى الرد بإطلاق النار.
وبعد أيام من تصعيد كوريا الشمالية لهجتها حيال سيول، فجرت بيونغ يانغ، اليوم الثلاثاء، مكتب الاتصال بين الكوريتين على جانبها من الحدود.