• بغداد
    +31...+34° C
  • الموصل https://www.booked.net/
    +23...+29° C
  • كربلاء https://www.booked.net/
    +32...+37° C

العالم والمتعلم شركاء بالرشد والنصيحة والنزاهة

العالم والمتعلم شركاء بالرشد والنصيحة والنزاهة

  • 15-01-2024, 15:36
  • مقالات
  • 66 مشاهدة
وليد الحلي

"Today News":
بسم الله الرحمن الرحيم
 
عندما تتعرض الأمة للإنحراف نتيجة نشاط أهل البدع والفتن والغلو والتطرف وتحريف وتشويه العقائد والإستخفاف بقوانين الدولة، وهي نتيجة حصولهم على الدعم المادي والسياسي وربما الإجتماعي من الجهات الساندة لتوجهاتهم التخريبية بوعي أو بغير وعي، ومن مصادر داخل البلاد أو من خارجها، لا بد أن يكون المتصدي أكان حاكما أم قائدا أو إماما متميزا بمؤهلات علمية وادارية قيادية ووعي وخبرة وكفاءة ودراية وممارسة ناجحة وامانة ونزاهة يتمتع بها ليمارس دوره للنهوض بالاصلاح الحقيقي وايجاد الحلول اللازمة للتحديات والازمات والمحن التي تواجه الامة في كل زمان ومكان.

تصدى الإمام علي الهادي ( عليه السلام) حاملا أعباء الإمامة ومتمتعا بكل المعايير المطلوبة للقيادة رغم صغر سنه ومدافعا عن هموم الناس والقيم والمبادئ الحقة طيلة (34) عاما امتدت امامته من عام 220 هـ الى عام 254 هـ.

ولد الإمام في مدينة جدّه رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) وعاش فيها قرابة (20) عاما ناشطا بالتوعية بنهج الاسلام في محاربة  الضلال والانحراف الذي تمارسه السلطة وأعوانها ضد المسلمين، فاستدعاه الحاكم المتوكّل العبّاسي للقدوم إلى سامراء وفرض عليه الاقامة الجبرية فيها قرابة (21) عاما تعرض خلالها للاعتقالات والسجن.

عاصر الإمام إبّان إمامته ستة من حكام الدولة العباسية، وهم: المعتصم العباسي بن هارون الرشيد، والواثق بن المعتصم، والمتوكل بن المعتصم، والمنتصر بن المتوكل، والمستعين بن عم المنتصر، والمعتز الابن الثاني للمتوكل.

ظهر الحاكم الطاغية المتوكل أكثر اجراما وتعصبا وحقدا على أهل بيت النبوة ( عليهم السلام) عمن سبقه من حكام تلك الاسرة، حيث قام في عام  236 هـ بهدم قبر الإمام الحسين بن علي (ع) في كربلاء المقدسة وسواه بالتراب، ثم امر بحرث الأرض وزرعها لتضيع معالمه، وقتل عددا كبيرا من زواره، وبالتالي فرض عليهم الضرائب وشتى  أنواع العقوبات ليمتنعوا عن زيارته، وكذلك فرض الحصار الشديد والرقابة الصارمة على الإمام الهادي(ع) وأنصاره.

نجح الإمام الهادي (ع) بإختراق حصار السلطة التي انتهكت حقوقه وأسس العمل التنظيمي التربوي والتغييري والسياسي في المجتمع بشكل سري بعيدا عن أعين السلطة، وأستعان بالوكلاء الفقهاء والرواة والمؤلفين والطلبة والعاملين الذين عملوا على إصلاح المجتمع، وقام برفدهم بالعلوم اللازمة وبالأساليب التي تساعدهم لاجتياز المصاعب والتحديات التي أوجدها الحكام الفاسدون، مؤكدا  (ع) بقوله : "من هانت عليه نفسه، فلا تأمن شره".

استطاع الإمام أن يؤسس العلاقة الطيبة مع العلماء والشخصيات وأهالي سامراء طيلة فترة حياته فيها، ومن جانبهم فإنهم لا زالوا يكنون للامام كل التقدير والإكبار لشخصه الكريم وشخصيته الرسالية العظيمة.

هذه المدينة المقدسة "سامراء" احتضنت ثلاثة من  أئمة أهل البيت: علي الهادي وابنه الحسن العسكري وولدهما الإمام محمد المهدي (عليهم السلام).

لقد ضحى الإمام الهادي (ع) مجاهدا في أداء رسالة جدّه المصطفى محمد (صلى‌ الله‌ عليه ‌وآله‌ وسلم) في هداية أمته، متحملاً الأهوال صامداً صابراً كالطود الشامخ حتى مضى شهيداً في اليوم الثالث من شهر رجب في سنة 254هـ عن عمر 41 عاما في مدينة سامراء أثر دس السم إليه، فسلام الله عليه شهيدا حيا في جنان الخلد،
موكلا مهمة الإمامة الى ولده الإمام الحسن العسكري (ع)
وبعده الى حفيده  الإمام المهدي المنتظر (ع).

نستلهم في ذكرى شهادة الإمام الهادي (ع) على ان الإصلاح يحتاج الى وعي المرحلة والتربية والتعليم وتحكيم النزاهة والإخلاص والإصرار للوصول الى الأهداف المطلوبة، قائلا (ع):

-إن العالم والمتعلم شريكان في الرشد، مأموران بالنصيحة ، منهيان عن الغش.

-إذا كان زمان، العدل فيه أغلب من الجَور فحرام أن يظنّ بأحدٍ سوءاً حتى يعلم ذلك منه،
وإذا كان زمان، الجور أغلب فيه من العدل فليس لأحدٍ أن يظنّ بأحدٍ خيراً ما لم يعلم ذلك منه.
 ⁠
- إن الله جعل الدنيا دار بلوى والآخرة دار عقبى وجعل بلوى الدنيا لثواب الآخرة سببا وثواب الآخرة من بلوى الدنيا عوضا.

           وليد الحلي
15-1-2024، 3 رجب 1445

أخر الأخبار