• بغداد
    +31...+34° C
  • الموصل https://www.booked.net/
    +23...+29° C
  • كربلاء https://www.booked.net/
    +32...+37° C

لا تكن الخامس فتهلك

لا تكن الخامس فتهلك

  • 24-09-2022, 13:30
  • مقالات
  • 267 مشاهدة
وليد الحلي

"Today News": بغداد 
أهتم رسول الله محمد (ص) بتوعية الأمة بأهمية العلم وتحصينها من مكائد الشياطين وبيئتهم الجهل، قائلا (ص):
( اغد عالما أو متعلما أو مستمعا أو محدثا، ولا تكن الخامس فتهلك).

والمقصود بالعالم هو إشارة إلى طلب العلم النافع الذي يبني ولا يهدم والذي يصلح ولا يفسد والذي ينقل صاحبه إلى الإيمان بالله الخالق البارئ وينقله إلى ذكر الله تعالى وشكره.

أما الهالك فهو الجاهل: الكاره والمعادي للعلم والعلماء والمنتقص من كرامتهم، الذي يعين على نشر الفساد والضلال والخبث والعمل المنكر، ودعم قادته.

ينسب الى خاتم الأنبياء والمرسلين محمد (ص) قوله: (خُيّر سليمان بين الملك والمال والعلم فاختار العلم، فأعطي العلم والمال والملك باختياره العلم)،

وقوله (ص): ( اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد).

فالعلم هو الأساس في التحديات التي يجابهها الانسان.

جاء هذا الاهتمام بالعلم والفضيلة  للحفاظ على انسانية الانسان التي فطر الله عليها بالتزام مكارم الأخلاق وتحقيق الخير والعدل والكرامة له والرحمة للبشرية (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ) فاطر:28،

حيث كلف الله عز وجل رسوله محمد (ص) للدعوة لها قائلا (ص): ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق).

عنيت الرسالة الاسلامية بتأهيل أفكار الانسان وسلوكه من ضيق أفق الدنيا الى سعة آفاق الأرض والسماوات،
ومن الجاهلية والتخلف والظلمات الى الوعي والعلم والفضيلة،
واعدة الملتزمين بالمنهج الرباني بحياة أفضل في هذه الدنيا ونعيم دائم في الحياة الأخرى.

ان ظهور الفساد الواسع في كل مكان هو من صنع البشر
( ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ) الروم: 41،

الذي طغى واستكبر وانساق وراء شهواته وعصيانه الله سبحانه ورسوله فأفسد الحرث والنسل
(ۚ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ ۚ) القصص:50.

فبالعلم والإيمان تتحقق الأمنيات
( يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ) المجادلة:11.

أصبحت الإنسانية المعذبة تفتقر الى الطاقة الروحية لاستبعاد طغيان المصالح المادية والتسلط والحروب والعدوان عليها.

علماء الطغيان اتجهوا الى صنع أسلحة الدمار الشامل مثل السلاح النووي والكيميائي والبيولوجي،
وفي صنع الفيروسات القاتلة وآخرها فيروس كورونا ومشتقاته،
وفي نشر الفساد والابتذال الخلقي والابتزاز المالي والاستعلاء في الارض، وصناعة مستلزمات إبادة البشر،
والتناحر فيما بينهما لتركيع الشعوب واستغلالها، واستعراض عضلاتها لإبادة البشرية من دون رحمة كما نرى اليوم في استعراض  الطائرات المسماة بـ (يوم القيامة أو الجحيم)
وهي تحمل الأسلحة الفتاكة في عدد من عواصم الدول العظمى.  

انكشفت الانتهاكات  القاسية لحقوق الانسان من قبل العديد من الدول التي رفعت شعارات كاذبة عنوانها "احترام حقوق الانسان"، للسيطرة على الآخر من دون الاهتمام بالإنسان وكرامته ورقيه، ولنشر الشر والموت بالقتل والتخريب والإذلال، والتدمير للبيئة التي يعيشون فيها إضافة الى التحديات الأخرى.

بات عالمنا اليوم أمام أمواج تتلاطم فيها المصالح الأنانية الضيقة والاعتداءات بكل أشكالها وأنواعها من أجل سطوة المال والاقتصاد بعيدا عن القيم الربانية والأخلاقية.

دعوة "منظومة الرحمة الإنسانية العالمية التوحيدية" التي اختتمها الرسول محمد (ص) قبيل رحيله في 28 صفر 11 هـ ( أيار 632 م) أكدت على  تحقيق التعارف بين جميع البشر في جميع أنحاء العالم حتى يكون لهم دينٌ واحدٌ، وربٌ واحدٌ، فتسود بينهم المحبة والسلام، وتنعدم أسباب الفرقة والانقسام، ويكون معيار التفاضل بينهم تقوى الله فقط، والحاكم على هذا المعيار هو خالقهم دون غيره.

( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)الحجرات:13

حمل رسول الإنسانية محمد (ص) رسالة توعية وتأهيل البشرية لاحترام الانسان لأخيه الانسان من دون تمييز، والتطور والرقي، مؤكدا على الالتزام بهويتها الأصيلة من خلال تطبيق المعايير الاسلامية في انتخاب الحاكم العادل الذي يخاف الله عز وجل وليس غيره، وفي تعاملها مع الناس ومكافحة الجهل وفق الأساليب التربوية والتعليمية السليمة،
وعدم الاعتداء على الغير
وسلب حقوقهم وحرياتهم المشروعة،
ومنع ممارسة الفساد والرذيلة والنفاق والكذب والابتزاز والاحتكار،
وعدم تبني الشعارات الخادعة،
والكيل بمكيالين،
وضرورة التعاون على البر والتقوى
ونبذ العنف والشر بأنواعه، والتمتع بالعلم والفضيلة لسعادة البشرية في هذه الدنيا والآخرة.

 

أخر الأخبار