تكشف أول بيانات للحمض النووي البشري على مستوى الجينوم من السودان عن رؤى جديدة حول النسب والتنظيم الاجتماعي للذين عاشوا قبل أكثر من ألف عام في وادي النيل.
ونشرت مجلة Nature Communications تحليلات الحمض النووي لـ66 فردا من موقع في النوبة القديمة يُعرف باسم كولوبنارتي، يقع على نهر النيل في السودان، جنوب الحدود المصرية مباشرة.
وتقول المؤلفة الأولى للدراسة، كندرا سيراك، التي بدأت البحث كمشروع دكتوراه، عندما كانت طالبة في جامعة إيموري: “قبل هذا العمل، لم يكن هناك سوى ثلاث عينات قديمة على نطاق الجينوم من مصر، لوادي النيل بالكامل. ومع ذلك، كانت المنطقة، ولا تزال، جزءا مهما للغاية من العالم من حيث الحركة والاجتماع والاختلاط بين الناس”.
وتشير سيراك، وهي الآن عالمة في جامعة هارفارد: “كانت النوبة مكانا يسكنه البشر لعشرات الآلاف من السنين. وهذه البيانات الجينية القديمة تساعد في سد بعض الفجوات الرئيسية في فهمنا لهوية هؤلاء الناس”.
ويعود تاريخ الأفراد البالغ عددهم 66 شخصا إلى ما قبل 1080 إلى 1320 عاما، خلال الفترة المسيحية في النوبة السودانية، قبل التغيرات الجينية والثقافية التي حدثت مع دخول الإسلام. وأظهرت التحليلات كيف تشكلت مجموعة جينات كولوبنارتي على مدار ألف عام على الأقل من خلال موجات متعددة من الاختلاط، بعضها محلي وبعضها من أماكن بعيدة.
وكان لديهم أصول تُرى اليوم في بعض السكان في السودان، بالإضافة إلى أسلافهم الذين كانوا في نهاية المطاف من غرب أوراسيا في الأصل، ومن المحتمل دخولهم إلى النوبة عبر مصر.
وتقول جيسيكا طومسون، إحدى كبار مؤلفي الورقة البحثية، والمشرفة على سيراك في قسم الأنثروبولوجيا في جامعة إيموري، والآن في جامعة ييل: “تتمثل إحدى النتائج الرئيسية في أن الوضع الاجتماعي لم يكن له علاقة قوية بالارتباط البيولوجي أو بالأصل في هذه المجموعة السكانية القديمة، التي عاشت خلال فترة التغيير الثقافي والاجتماعي”.
وجاءت بقايا الأفراد من مقبرتين بهما مدافن على الطراز المسيحي، أشارت الأدلة السابقة إلى أنها تدل على الطبقية الاجتماعية.
وفي إحدى المقابر، الواقعة على جزيرة في النيل، تحمل البقايا الهيكلية المزيد من علامات الإجهاد والمرض وسوء التغذية، وكان متوسط عمر المدفونين يزيد قليلا عن 10 سنوات.
وعلى النقيض من ذلك، كان متوسط العمر عند الوفاة في المقبرة الأخرى الواقعة في البر الرئيسي 18 عاما.