• بغداد
    +31...+34° C
  • الموصل https://www.booked.net/
    +23...+29° C
  • كربلاء https://www.booked.net/
    +32...+37° C

العراق بين رهان الثابت الوطني والتعويل على المعادل الخارجي

العراق بين رهان الثابت الوطني والتعويل على المعادل الخارجي

  • 26-08-2020, 14:24
  • مقالات
  • 643 مشاهدة
خليل الطيار

كثر السجال في اوساط النخب السياسية وجمهور المعنين بالشأن العراقي حول ايجاد الحلول لازمات اخطاء العملية السياسية وهفوات ادارة الدولة وضياع اتجاهات بوصلة الحلول التي تمكن من ايجاد مخرج نهائي لنفق الاوضاع المتفاقمة .
وبقاء مشهده مرتبكا طيلة الفترة الماضية التي اعقبت التحول في نظامه السياسي منذ العام ٢٠٠٣ وحتى الوقت الراهن.
وتباينت الاراء ووجهات النظر في تحديد مؤشرات الحلول فيما يمكن للعملية السياسية ان توجده من متغير بالتعويل على مساعدة الاعب الدولي والعامل الخارجي بعد عجز واضح في ايجاد وحدة موقف وطني مشترك ، قادر ان يعتمد على نفسه في بناء عملية سياسية رصينة دون مساعدة الاجندة الخارجية التي افقدتها امكانية التحقق .
فالبعض يعول على الذهاب والتماهي مع المشروع الامريكي باعتباره الطرف الذي ساعد في احداث التغيير في العراق وقدرته على حماية مصالحه ، والبعض يجد الابتعاد عنها والبقاء ضمن واجهة الطرف الايراني كجبهة مقاومة للهيمنة الامريكية في المنطقة ومنع مشروعها الذي يدخل العراق ضمن اهدافه .
والبعض الاخر يعول على الامتداد والعمق العربي كمرتكز يبقي العراق في هويته العربية بلا وصاية خارجية من احد.
والقسم الاقل تاثيرا يخطو باتجاه ايجاد صيغة توافق في خلق توازنات في العلاقات مع جميع هذه الاطراف على اساس البحث عن مصالح مشتركة تضمن للعراق منفعته وتدفع الضرر عنه امنيا وتوفر استقرار  لوضعه الداخلي ليستكمل ادواته السيادية ومقومات نهضته التي تاخرت كثيرا بفعل سياسات نظام الدكتاتوري السابق وماتبعه من تداعيات في مشهد نظامه الديمقراطي الجديد.
لكن جميع هذه الاطراف افتقدت مفاتيح الاليات والتدابير السياسية لتحقيق اهدافها. لسبب جوهري واحد يكمن بضياع مرتكز  المشتركات في تدعيم الثوابت والمصالح الوطنية العليا والاتفاق على الالتزام بها وعدم اخضاعها للاجتهادات والمصالح الخاصة . والعمل على تحييد المختلف عليه وعدم تركه يعوق الحلول العامة .
وبعدتجربة قاسية لمخرجات هذا السجال بات اضحا ، ان لا امريكا  ولا ايران ولا اي دولة اخرى بامكانها ان تحقق للعراق مؤشرات خلاصه من محنه وازماته ،طالما يشهد تفكك  وتقاطع وانقسامات في منظومة العملية السياسية وانحيازها الى مشاريع خارجية تسعى الى ان تصطف معها بقوة على حساب الثابت والخيار الوطني .
فلا اجتماع ولا تقارب يرتجى مع امريكا ولا اي دولة اخرى مالم تستقر العملية السياسية داخليا على تحديد  الفرقاء والشركاء السياسيين مشتركات  المصالح الوطنية العليا للبلاد، اولا قبل اي مصلحة اخرى باستثناء ذلك ستبقى العملية السياسية عرجاء غير قادرة على انتاج منظومة فاعلة لادارة الدولة ولا تقود لاحداث اي متغير في مفهوم بناءها وستفشل في تقديم مستوى الخدمات المطلوبة للمواطن ،التي باتت مهددة بقوة لنسف العملية السياسية برمتها.
ولن يكون بمقدور اي حكومة منتخبة تاتي بسياقات التوافقات العقيمة ان تنجح في تنفيذ برامجها التي كثيرا ما يطغى الطابع الانشائي عليها وتفتقد الاليات العملية للتطبيق .
وستبقى اي حكومة قادمة مرتهنة بتبدلات شكلية لن تغيير من واقع الحال بشيء  
فليس بمقدور رئيس الوزراء الحالي وفريقه ان يعمل منفردا لاحداث توازن في مستوى التعامل بين امريكا وايران او دول الخليج .
ولا غيره قادر على ذلك مالم يعتمد اولا على الموقف الوطني الموحد .
ولا يمكن احداث اصلاح في العملية السياسية ولا في انهاء منظومة الفساد التي باتت اكبر من الدولة بل صار البعض من رموزها يعتمد ثقل المفسدين والفاسدين لتقوية وجوده فيها !
سواء بمال سياسي فاسد داخليا او مال سياسي ضاغط من الخارج صار يؤثر على القرار الداخلي
 (الكاظمي) ليس بافضل من سابقيه اطلاقا بل ربما الاضعف في ظل مناخات اختياره ومروره بحقل الغام يريد اجتيازه بلا دفاعات وبلا حصانة سياسية ، وبلا خبرة وتجربة سياسية رصينة ،بل راح يعتمد على نشوة الدعم الامريكي لتعبد له الطريق بشروط حسم الوضع الامني الداخلي وتصفية الفصائل المسلحة التي حملت السلاح ضد الارهاب ونجحت في نقاومك وازالة شأفته وهو ما لا تنتفع منه امريكا وفق حماية مصالحها واجندتها الخاصة بالمنطقة .
او مطالبتها لاي رئيس وزراء قادم بالوقوف بالضد من ايران علنا لتمنح هوية استمراره وبالتالي سيفقد طرفي معادلة التوازن التي ينشدها .
فامريكا هي اس مشاكل ازمات العراق المستدامة ،تريده بلدا  ضعيفا تابعا لها ولايمكن ان يقوى ويتحرر ويمتلك مقومات نهضته الا بوجودها هي لاعب منفرد في رسم سياسته وقراراته ، والا فلن تتركه يهدأ ويستقر اطلاقا .
وما تقدمه من عون امني او عسكري لا ينطلق من ايمانها بوحدته وتركه حرا في اختياراته بل تريد مساعدته وفق توظيفات خاصة لمصالحها بالمنطقة ، ابرزها ضمان ابتعاده عن ايران وخروجه عن خط المقاومة واجباره ليركب موجة الولاء لمشاريع الهيمنة والتطبيع مع العدو ، لتخضع فيه ثرواته الى الاستهلاك والتعطيل يصبح معها غير قاد على النهوض والنماء .
التعويل على امريكا من جهة ان تدعم العراق او  الاعتماد على ايران ليبقى في دائرة المقاومة كلاهما  عوامل معطلة لنمو العراق وازدهاره ، مالم يمتلك هو   داخليا مقومات قراره السيادي بعيدا عن الاصطفافات التي تكون مباحة فقط في حدود التفكير بمصلحة البلاد اولا ومصلحة مستقبل شعبه وباستثناء ذلك ،ومالم تترفع كل الاطراف عن خصوصياتها وتتفق عند حدود مشتركات الثوابت الوطنية ، ستبقى العملية السياسية ضعيفة على مقاومة المشاريع الخارجية التي باتت هي الاقرب لاخضاعه وسلب مقومات وجوده كبلد مستقر وامن .

أخر الأخبار