• بغداد
    +31...+34° C
  • الموصل https://www.booked.net/
    +23...+29° C
  • كربلاء https://www.booked.net/
    +32...+37° C

الشيخ التسخيري

الشيخ التسخيري

  • 18-08-2020, 18:56
  • مقالات
  • 572 مشاهدة
عبدالامير الهماشي

"Today News": بغداد


عندما تسمع عن شخصيات الرعيل الاول من الدعاة ومن رجال العلم  الذين يملكون وعيا حركيا  وتاريخا حافلا  تتشوق لرؤياهم والجلوس معهم

وقبل سنوات جمعتنا احدى الدعوات ان نكون معا ،وعندما انتهى اللقاء وحان وقت المأدبة  ،و بشعور  لا إرادي توجهت نحوه ،وبدلا من أن يتكأ على عصاه في خطواته  أمسكت بيديه  لاريحه بعض الشيء، في محاولة مني لألتصق بتاريخه  الجهادي وأشم فيه نقاء الدعوة الاسلامية وأصالتها .

وأحاول أن أقرأ عن قرب ملامح الوجه النير الذي تعكسه سريرة المؤمن و أجمع بين ما سمعته عن حركيته  المتميزة  ووعي دوره الصريح  وشفافيته مع الدعاة وأحاول  ان أتلمس ذلك عن قرب ، وأتنفس الدعوة الاسلامية .

ولذلك غصت بعيدا  وبدأت الاصوات تختفي شيئا فشيئا رغم إن أصحابها كانوا بقربي تماما ،وودت أن تطول المسافة الموصلة الى قاعة الطعام  أكثر ،ولكن لكل مسافة نهاية ،وها قد وصلنا المكان المخصص للطعام فاجلسته وذهبت الى مكاني .

نعم تنتهي المساحات وينتهي الزمن المخصص للعيش ،فهناك أُناس يموتون  موتتهم الطبيعية وينته دورهم .وبعض الناس ميتون وإن كانوا  أحياءً يتنفسون ويأكلون ويشربون .

وهناك  أحياء  يحيون من حولهم يأخذون بمن حولهم  ويرفعون بروحهم لتلامس أُفق السماء وتلتقي مع  الملكوت.

وهؤلاء  سيبقون أحياء بعد رحيلهم عن الدنيا ومن هؤلاء الشيخ التسخيري  رحمه الله .

فالموت لايمثل نهاية المشوار بل هو محطة تتحرر   الروح المغلفة بالجسد ،لتبقى مرفرفة بيننا لان العالم العامل الذي سمت روحه بسمو العلوم والتفقه في الدين وارتفعت مزاياه الاخلاقية بتناسب طردي تجده فقط عند العلماء الواعين لدورهم في هذه الدنيا  يبقون معنا  وتتجه أفكارنا نحوهم.

 وتكون شخصيتهم جاذبة محببة وإن لم يتحدثوا، عندما تلتقي معهم تبدأ الارواح بالتعارف والحديث وتفقد مساحات الزمن والاعمار خصوصياتها وتتجرد الالقاب ويبقى الجوهر وعناصره بالتفاعل والانصهار.

 سيرة الشيخ محمد علي التسخيري لم تكن  عقود من الزمن  فحسب بل هي  حركة أُمة ،حركة علماء ،حركة دعوة الى الله لاتتوقف في زمان أو مكان ، فروح الجهاد واحدة وان تعددت ساحاتها.

  قد يقال أن برحيل الشيخ يكون قد أنتهى جيل من العلماء المعاصرين المواكبين لمرجعية السيد الحكيم والشهيد الصدر جيل العنفوان الحركي الذي تنقل من النجف الى مدن العراق ، ومن ثم الى بلدان الخليج ولبنان  والى ايران والباكستان وافغانستان والهند ينقل روح الحركة الاسلامية .

لكن هذا الجيل لن ينتهِ روحا وسيبقى معنا  نستقي منه ملامح الاباء ،التصدي والعنفوان، جيل أعاد كبرياء الاسلام وأعاد فهم الاسلام من جديد ،دين لايستقر في المساجد  وينحصر في سجادة الصلاة ويكتفي بسجود الجباه باتجاه القبلة ،وانما دين ينطلق من المساجد ليدخل كل مجالات الحياة {أينما تولوا فثم وجه الله}.

انه الدين الخاتم الذي يستوعب امتداد الزمن  وفي كل مرافق الحياة ،و نفهمه اليوم بعقلية واعية ،ويأتي ابناؤنا غدا ويفهموه ويترجموه بعقلية اخرى  ،هكذا إراد الجيل والرعيل الاول للصحوة الاسلامية المتمثلة بالدعوة المباركة أن نفهم الاسلام .

ومنهم الشيخ محمد علي التسخيري

رحمه الله وتقبله في عباده الصالحين واخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .


أخر الأخبار