• بغداد
    +31...+34° C
  • الموصل https://www.booked.net/
    +23...+29° C
  • كربلاء https://www.booked.net/
    +32...+37° C

العلاقات الأمريكية العراقية ( 3 )

العلاقات الأمريكية العراقية ( 3 )

  • 14-06-2020, 21:32
  • مقالات
  • 709 مشاهدة
د. صلاح عبد الرزاق

"Today News": بغداد 

ذروة التصعيد : حصار السفارة الأمريكية واغتيال المهندس

ربما حققت حكومة الكاظمي أول إنجاز لها لكن على الصعيد الخارجي بعد جولة المباحثات التي دامت ساعتين بين الوفدين الأمريكي والعراقي عبر دائرة تلفزيونية مغلقة في 10 حزيران 2020.
هذا المقال يتناول العلاقات العراقية الأمريكية في العامين الماضيين وصولاً إلى قراءة في البيان الختامي للمباحثات العراقية الأمريكية حيث يتم تسليط الضوء على مسار العلاقة وأبرز نقاط التوتر والخلاف التي سادتها.

حصار السفارة الأمريكية ببغداد
في اليوم التالي للاعتداء الأمريكي على معسكر الحشد الشعبي في القائم، أي في 31 كانون الأول 2019 ، بدأت مراسم تشييع الشهداء في منطقة الكرادة خارج عند ساحة الحسنين. وحضر المراسم كبار المسؤولين العراقيين ورؤساء الكتل السياسيية والنواب وجمهور كبير من الناس. ثم جاءت فكرة التشييع داخل المنطقة الخضراء والمرور أمام السفارة الأمريكية كأسلوب احتجاج على الجريمة الأمريكية.
حالما وصل المشيعون أمام أبواب السفارة حتى تصاعد الغضب الجماعي الذي توج بتدمير الكاميرات والحواجز الموضوعة. وتطور الوضع المتوتر إلى إحراق كرفانات الحمايات  . وحاول بعض النواب كبح الجمهور الغاضب وأغلبهم من منتسبي الحشد الشعبي، ونصحوهم بالابتعاد عن السفارة ، وأن الاعتداء على بعثة دبلوماسية ليس من القانون ولا الأخلاق. استمر الوضع بالتصعيد وقاموا بحرق وكسر أبواب وزجاج مكاتب الاستعلامات الرئيسة للسفارة  ، بشكل ينذر باقتحامها بين وهلة وأخرى. وعند العصر بدأ نصب خيام الاعتصام أمام السفارة.
من جهتها قامت السفارة بإخلاء موظفيها تحسباً للطوارئ، وحذر عبد المهدي من التحرش بالسفارة الأمريكية.
اتسم الموقف الأمريكي بالارتباك تجاه الحصار ، حيث غرد الرئيس ترامب في 31 كانون الأول 2019 ، يحث الشعب العراقي على التحرر من إيران بقوله (إلى أولئك الملايين من الشعب العراقي والذين لا يريدون الخضوع للسيطرة الإيرانية ، بأنه حان وقتهم).
وفي تغريدة أخرى يبرر الضربة الأمريكية على معسكر الحشد في القائم يقول بأن (إيران قتلت مقاولاً أمريكياً، وجرحت العديدين. ونحن نرد بقوة ، ودائما نقوم بذلك. الآن تقوم إيران بتنظيم هجوم على سفارة الولايات المتحدة في العراق. وسيُعاملون بأنهم مسؤولون كلياً. بالاضافة إلى ذلك نتوقع من العراق استخدام قواته لحماية السفارة، وهكذا أنذرناهم).
عند المساء في الساعة السابعة والنصف قام ترامب باتصال هاتفي بعبد المهدي طالباً منه التدخل وتوفير حماية للسفارة ، وإبعاد المحتجين عنها.  وفي الصباح أصدر عبد المهدي أمراً للحشد الشعبي بالانسحاب من موقع السفارة، فاستجاب له ، وتم تفكيك الخيام لتقام في الجهة المقابلة من نهر دجلة لاستقبال المعزين. وبذلك انتهت الأزمة مؤقتاً.

مصرع الشهيدين سليماني والمهندس ذروة التصعيد
في ليلة 2 على 3 كانون الثاني 2020 قامت طائرة أمريكية بتوجيه صاروخين على سيارتين خرجتا تواً من صالة مطار بغداد الدولي ، في طريقهما إلى البوابة الخارجية للمطار. استهدفت الضربة الأمريكية قائدين عسكريين هم قائد فيلق القدس الايراني قاسم سليماني (1957-2020) ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي أبو مهدي المهندس   (1954-2020)، ومعهما خمسة مرافقين إيرانيين وخمسة عراقيين. إدت الضربة إلى احتراق السيارتين فوراً وتدميرهما بالكامل مع الركاب.
من الواضح عدم وجود تلازم بين حادث القائم وحادث الاغتيال، لأن سليماني كان ضمن أهداف المخابرات الأمريكية منذ أكثر من عقد. وبسبب حيطته وحذره في الحركة والانتقال فقد نجا من عدة محاولات اغتيال من قبل، لكن المعلومات الأكيدة التي حصلت عليها المخابرات الأمريكية من مغادرته مطار دمشق ونزوله في مطار بغداد ، وركوبه سيارته الطريق العسكري الذي لا يمر بضباط الجوازات أو نقاط السيطرة ، كل ذلك أدى إلى التعجيل بالضربة قبل خروجه من المطار.  ويعني ذلك أن من أوصل المعلومة، هو قريب من الأجهزة الأمنية وأماكن تواجدها في المطارين. وهناك معلومات بأنه تم تأخير إقلاع الطائرة من مطار دمشق كي يتم اتخاذ استعدادات للقيام بالضربة.
وأما اغتيال الشهيد أبو مهدي المهندس فقد جاء عرضاً لأنه جاء لاستقبال الشهيد سليماني لاصطحابه إلى محل اقامته. وجاء معه مجموعة من شباب الحشد الشعبي من تشريفات وحمايات، وكان قدرهم الشهادة. إذ أطلقت طائرة أمريكية صاروخين على الموكب المؤلف من سيارتين (كيا نوع ستاربكس والأخرى تويوتا إيفيلون) فأصبتهما إصابة مباشرة ، ودمرتهما تماماً ، بما فيها أجساد ركابها جميعاًوأما اغتيال الشهيد أبو مهدي المهندس فقد جاء عرضاً لأنه جاء لاستقبال الشهيد سليماني لاصطحابه إلى محل اقامته. وجاء معه مجموعة من شباب الحشد الشعبي من تشريفات وحمايات، وكان قدرهم الشهادة. إذ أطلقت طائرة أمريكية صاروخين على الموكب المؤلف من سيارتين (كيا نوع ستاربكس والأخرى تويوتا إيفيلون) فأصبتهما إصابة مباشرة ، ودمرتهما تماماً ، بما فيها أجساد ركابها جميعاً.

ردود الأفعال حول اغتيال سليماني والمهندس
أثار اغتيال هذين القائدين غضباً عارماً في العراق وإيران والمنطقة عموماً ، إضافة إلى التوتر السياسي والدبلوماسي الاقليمي والدولي لما اعتبر خرقاً فاضحاً للسيادة العراقية والقانون الدولي. كما فسره المراقبون بأنه إنذار حرب أمريكي على إيران، وهذا تصعيد خطير يهدد المنطقة أمنياً واقتصادياً وبشرياً. وصدرت بيانات الشجب والتنديد بالجريمة التي ارتكبتها واشنطن في العراق وإيران ولبنان وسوريا واليمن وفلسطين. كما عدّه ساسة أمريكيون تهوراً من ترامب لأهداف انتخابية.  
من جانبهم أدلى القادة الإيرانيون وعلى رأسهم السيد خامنئي بتصريحات تضمنت تهديدات صريحة لأمريكا، وأنه أصبح جميع الموظفين الأمريكان في كل أنحاء العالم ، هدفاً عسكرياً لايران.

موقف السيستاني من الاغتيال
سببت الضربة الأمريكية الثانية (مطار بغداد) التي هي أقوى من الأولى (القائم) تأثيراً داخلياً واقليميا ودولياً ، أدت إلى صدمة شعبية وسياسية نظراً للخسارة الكبيرة بفقد قائدين عسكريين مرة واحدة. وبدأت التكهنات بالرد العراقي والإيراني على الجريمة الأمريكية، ونتائج ذلك على الساحة العراقية والوضع الأمني إذا ما قررت فصائل الحشد الشعبي الرد حسب طريقتها أي قصف السفارة أو القواعد الأمريكية ، وما يسببه من تصعيد غير محسوب.  
 وكانت الأنظار تتجه إلى المرجع السيستاني لضبط الأمور وعدم انفلاتها من عقالها بسبب الغضب الشعبي والتوتر السياسي. جاءت خطبة المرجعية في اليوم التالي للجريمة أي في 3 كانون الثاني 2020 لترسم الخطوط العامة للموقف المطلوب وهي:
1-توصيف دقيق للوضع العام للعراق بأن (الأحداث تتسارع عليه، وتتفاقم الأزمات ، ويمر البلد بأخطر المنعطفات) . وهذا يعني أن العراق مقبل على تحديات وأزمات خطيرة أكبر مما مرت به من قبل. (ملحق)
2-إدانة (الاعتداء الآثم) الذي قامت به القوات الأمريكية، فهي ليست ضربة عسكرية أو أي وصف آخر بعيد عن الاعتداء. وأن الاعتداء استهدف ( مواقع القوات العراقية في مدينة القائم وادى الى استشهاد وجرح العشرات من ابنائنا المقاتلين) الذي وقع في 30 كانون الأول 2019 . وهذا تذكير بأن المرجعية تعتز بمقاتلي الحشد الشعبي، وأنهم جزء من القوات العراقية وليسوا ميليشيات كما تصفهم بعض وسائل الاعلام .
3-وصفت مقتل الشهيدين قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس بأنه (أعتداء غاشم ) وأنه (خرق سافر للسيادة العراقية) التي على الحكومة العراقية الدفاع عنها كواجب وطني وقانوني. و(انتهاك للمواثيق الدولية) ومنها ميثاق الأمم المتحدة الذي يمنع اللجوء للعنف في حل المنازعات بين الدول.
4- تأبين الشهيدين اللذين سمتهمها (أبطال معارك الانتصار على الارهابيين الدواعش) فهذا وسام آخر تعلقه المرجعية على صدور هؤلاء القادة المجاهدين، إضافة إلى وسام الشهادة.
5-بعد سرد هذه الأحداث تصل المرجعية إلى نتيجة أن (هذه الوقائع وغيرها تنذر بان البلد مقبل على اوضاع صعبة جداً). وهذه رؤية سياسية وأمنية تنذر بأن العراق سيواجه أوضاعاً صعبة جداً. وهو وصف لم يسبق للمرجعية استخدامه إلا في سقوط الموصل عام 2014 ، واضطرت آنذاك إلى إعلان فتوى الجهاد الكفائي.
6- المرجع يوصي الحكومة والبرلمان والزعامات السياسية التي سماها بالأطراف المعنية (ضبط النفس والتصرف بحكمة). وهو توجيه مباشر لأصحاب القرار في العراق بأن لا يتهوروا في المواقف الانفعالية أو اتخاذ قرارات سريعة غير مدروسة تؤدي إلى نتائج سلبية على العراق وشعبه.
7-تدعو المرجعية الله سبحانه وتعالى (بأن يدفع عن العراق وشعبه شر الاشرار وكيد الفجار). وتصف أعداء العراق بأنهم أشرار وفجار، ونادراً ما تستخدم هذه العبارات لوصف أطراف دولية بل عادة تقتصر على وصف الدواعش الارهابيين.
8- يختم المرجع الأعلى خطبة الجمعة بدعاء لم يسبق استخدامه ، وهو دعاء كان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب يستخدمه عند بروزه للحرب. وقد ورد في كتاب نهج البلاغة وهو (اللَّهُمَّ إِلَيْكَ أَفْضَتِ   الْقُلُوبُ وَ مُدَّتِ الْأَعْنَاقُ وَ شَخَصَتِ الْأَبْصَارُ وَ نُقِلَتِ الْأَقْدَامُ وَ أُنْضِيَتِ   الْأَبْدَانُ، اللَّهُمَّ قَدْ صَرَّحَ مَكْنُونُ الشَّنَآنِ   وَ جَاشَتْ   مَرَاجِلُ   الْأَضْغَانِ  ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَشْكُو إِلَيْكَ تَشَتُّتَ أَهْوَائِنَا، وَكَثْرَةَ عَدُوِّنَا وَقِلَّةَ عَدَدِنَا، فَفَرِّجْ عنا يَا رَبِّ بِفَتْحٍ مِنْكَ تُعَجِّلُهُ، وَ نَصْرٍ مِنْكَ تُعِزُّهُ، بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، آمِينَ رَبَّ الْعَالَمِينَ").
9- فسماحته يتوقع حرباً ضروساً تتلاطم فيها الأحقاد والكراهية غير المنضبطة التي كشفتها الجرائم الأمريكية المتلاحقة.  
10-ويشكو سماحته إلى الله تعالى تشتت أهواء الساسة العراقيين ، وتفرق الكتل السياسية التي ما تزال متفرقة ، ولا تجتمع على المصلحة الوطنية ، وعلى الدفاع عن العراق وسيادته وشعبه.

أخر الأخبار