• بغداد
    +31...+34° C
  • الموصل https://www.booked.net/
    +23...+29° C
  • كربلاء https://www.booked.net/
    +32...+37° C

العلاقات الأمريكية العراقية ( 1 )

العلاقات الأمريكية العراقية ( 1 )

  • 13-06-2020, 00:04
  • مقالات
  • 852 مشاهدة
د. صلاح عبد الرزاق

"Today News": بغداد 

ماذا نريد من أمريكا ، وماذا تريد منا؟

ربما حققت حكومة الكاظمي أول إنجاز لها لكن على الصعيد الخارجي بعد جولة المباحثات التي دامت ساعتين بين الوفدين الأمريكي والعراقي عبر دائرة تلفزيونية مغلقة في 10 حزيران 2020.
وهذا المقال يتناول العلاقات العراقية الأمريكية في العامين الماضيين وصولاً إلى قراءة في البيان الختامي للمباحثات العراقية الأمريكية حيث يتم تسليط الضوء على مسار العلاقة وأبرز نقاط التوتر والخلاف التي سادتها.

ماذا نريد من أمريكا؟
ما تزال سياستنا الخارجية تعتمد على شخص الوزير ومزاجه وقناعاته وتأثره بالأجواء الداخلية العامة. فالوزارة ذات العمر العتيد والدوائر الاختصاصية ما زالت بعيدة عن مهام المؤسسة وأدائها. الأمر الذي يلمسه المواطن في الأداء الضعيف للوزراء والسفراء عموماً خاصة في المنظمات الدولية وفي سفاراتنا في الدول الخمس العضوة في مجلس الأمن الدولي، لإضافة إلى الدول القوية اقتصادية ، والدول الاقليمية ودول الجوار.
هذا الوضع الدبلوماسي الذي لا يناسب دولة بحجم العراق وثقله السكاني والنفطي وموقعه الستراتيجي، بل ولا يقارن بدول أصغر منه حجماً وقوة لكنها تمتلك قدرة سياسية ودبلوماسية تترسخ في الأزمات والأحداث الدولية والاقليمية.
هناك أسئلة جوهرية تحدد إجاباتها ستراتيجية العلاقة مع أمريكا، وهي:
1-ماذا نريد من أمريكا؟ صديق أم عدو أم حليف؟ فلكل شروطه والتزاماته.
2-ماذا تريد أمريكا منا؟ صديقاً أم حليفاً أم مصداً لأعدائها  في المنطقة؟
3-ماذا نملك من عناصر قوة نستطيع توظيفها لصالحنا؟
4- هل نملك أدوات اللعبة مع أمريكا؟ وهل ندرك جيداً كيف يتم اتخاذ القرار هناك؟
5-هل لدينا مقاربات عملية للتعامل مع المؤسسات الأمريكية المؤثرة في صناعة القرار كالبيت الأبيض، الخارجية، الكونغرس، البنتاغون ، لوبيات الضغط السياسي، ورجال الأعمال والشركات الأمريكية.  
هذه الأسئلة وغيرها هي التي توجه صناع القرار العراقي ، وكيفية التعامل مع كل ملف على حدة، وله جهة أو أكثر تتولى متابعته، بشكل ينسجم مع المنظومة السياسية العراقية. بالطبع هذه ما تزال هدفاً غير متحقق في ظل الادارة السابقة والحالية للسياسة الخارجية. إذ يلاحظ أن العمل يسير بلا وجهة محددة ، ولا بوصلة معينة، بل يكاد يعمتد على مفردات اعلامية كتقوية العلاقة بين البلدين، وتفهم أوضاع المنطقة، وعدم التدخل بالشأن الداخلي .. وغيرها من العبارات التي ترد عادة في البيانات الختامية لزيارة مسؤول أو وفد حكومي.  

تدهور العلاقة مع واشنطن في حكومة عبد المهدي
بقيت العلاقات بين بغداد وواشنطن خلال حكومة عبد المهدي مرتبكة ، بلا رؤية واضحة ، بلا استراتيجية مستقبلية. علاقة شائكة ، تتنازعها الرغبات الفئوية والمصالح الشخصية للزعامات السياسية. سياستنا الخارجية تفتقد للكثير من عوامل النجاح والقوة ، وبقيت منفعلة ، تعمل على ردود أفعال سريعة لقضايا وأحداث عابرة. كما تلعب مصالح المكونات والهويات الفرعية دوراً في إضعاف الدفاع وتحقيق المصالح الوطنية. كما لعب التنافس الأمريكي الايراني دوراً كبيراً في تحديد مسار علاقة واشنطن ببغداد.
لم تكن أمام حكومة عبد المهدي لا القدرة ولا الفرصة لترسيخ سياسة خارجية واضحة مع الولايات المتحدة. فالعراق ،من وجهة نظر أمريكا، ما يزال مجرد ساحة للصراع مع العدو الايراني ، كغيره من ساحات الصراع. ولذلك لم تعتني واشنطن بمصالح العراق أو تتشاور معه في القضايا الستراتيجية والأمنية والسياسية في المنطقة. كما لا تعير واشنطن أية أهمية لموقف الشعب العراقي وآراءه وطموحاته. فالعلاقة ما تزال بعيدة عن الندية أو المشاركة أو الصداقة .
لم تبد واشنطن ارتياحها من وصول عبد المهدي إلى السلطة ، بل اعتبرته هدفاً سجلته طهراه في المرمى الأمريكي، بعد أن فشل سعيها وجهودها الدبلوماسية والسياسية لاختيار غيره، ودعمها لمرشح حليف لواشنطن. يكفي أن الادارة الأمريكية لم تستقبل عبد المهدي ولا مرة واحدة طيلة فترة حكمه. وهو أمر لم يخضه رؤساء الوزراء السابقين الذين زاروا واشنطن عدة مرات ، والتقوا بالرؤساء الأمريكان ونوابهم ومساعديهم ووزراء الخارجية والدفاع، إضافة إلى لقاء أعضاء الكونغرس الأمريكي.
كما لا يقارن عبد المهدي بزملائه في رئاسة الجمهورية ومجلس النواب ، اللذين قاما بعدة زيارات إلى واشنطن، بعضها رسمية ، وأخرى شخصية وسرية.
لقد بقيت علاقة عبد المهدي بترامب وفريقه ترتكز على الاتصالات الهاتفية ، وبنوع من الاهمال وعدم الاحترام لشخص عبد المهدي. فعندما قام ترامب في نهاية عام 2018 بزيارة إلى قاعدة الأسد في الأنبار للقاء الجنود الأمريكان هناك، اتصل بعبد المهدي طالباً منه الحضور إلى القاعدة ، لكن عبد المهدي رفض هذه الطريقة الذليلة في الدعوة ، أو المكان أي قاعدة عسكرية وليس في بغداد وضمن زيارة رسمية، واستقبال رسمي.
بعد استلام عبد المهدي السلطة بأسبوع تنشر صحيفة الواشنطن بوست مقالاً لباحث في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى بعنوان (أمريكا أمام فرصة كبيرة لتقليم نفوذ إيران بالعراق) ينصح واشنطن بأن (تستغل الولايات المتحدة الأمريكية فرصة تشكيل الحكومة العراقية الجديدة لتحديث سياساتها بالعراق لتكون أكثر واقعية، وهو ما سيسهم بتقليص النفوذ الإيراني في هذا البلد). ويضيف (بعد 15 عاماً من التورط العسكري الأمريكي في العراق، تلاشت مشاعر المثالية التي ميزت هذا التدخل الأمريكي).
واستطرد: (بدلاً من الحلم بعراق ديمقراطي نموذجي، أصبحت أهداف واشنطن أكثر تواضعاً وواقعية، ويتمثل أبرزها بمنع عودة تنظيم الدولة (داعش)، وتحقيق التوازن مع النفوذ الإيراني في العراق). ويستنتج بأنه (من السخرية أن الولايات المتحدة تستخدم حتى الآن منهجاً قائماً على القيم في سياساتها بالشرق الأوسط، وتتمنى أن ترى انفراجة ديمقراطية في العراق).  
فالهدف الستراتيجي لواشنطن في العراق هو محاربة النفوذ الإيراني مهما كانت نتائجه وخسائره التي يدفعها العراقيون تجاه هذه السياسة. وما زال الأمريكيون ينظرون للعراق مجرد ساحة صراع أو حرب على إيران ، وليس العراق صديقاً ولا حليفاً لأمريكا مثل دول أخرى.

أخر الأخبار