• بغداد
    +31...+34° C
  • الموصل https://www.booked.net/
    +23...+29° C
  • كربلاء https://www.booked.net/
    +32...+37° C

​ مبدأ جبر الضرر في القانون الدولي

​ مبدأ جبر الضرر في القانون الدولي

  • 5-06-2020, 12:28
  • مقالات
  • 843 مشاهدة
​​​​ د. صلاح عبد الرزاق

"Today News": بغداد ​​​​

يقصد بجبر الضرر هو منح تعويضات مالية ، وتوفير رعاية نفسية وصحية وتعليمية للذين تعرضوا إلى انتهاكات بسبب سياسات دول أو حكومات ضد مدنيين. وعادة ما يرفق جبر الضرر تقديم اعتذار رسمي.
يسعى جبر الضرر إلى تحقيق الإعتراف بالأذى الذي تعرّض له ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان المنتظمة ومعالجتها. في هذا السياق، يزوّد برنامج العدالة التعويضية للمركز الدولي للعدالة الانتقالية منظّمات الضحايا والمجتمع المدني وصانعي السياسات عبر العالم بالمعرفة والخبرة المقارنة حول جبر الضرر.
٬ تشيلي – نصب تذكاري للمعتقلين٬ والمختفين٬ والذين تم إعدامهم.

على الدولِ واجب قانوني للإقرار والتصدي لانتهاكات حقوق الإنسان واسعة النطاق أو المنهجية حيثُما تسبّبت الدوّل في تلك الانتهاكات أو لم تُحاول بجدية لمنعها.

وتَسعى مُبادرات جبر الضرر لمعالجة الأضرار الناجمة عن هذه الانتهاكات. يُمكن لجبرِ الضرر أن يأخذ شكل تعويضٍ عن الخسائر التي تكبَدوها، مما يُساعد على التغلب على بعضِ النتائج المترتبة على سوء المعاملة. كما يُمكن أن يكون موجهاً للمستقبل- مقدماً تأهيلاً للضحايا وحياة أفضل لهم- ومساعداً على تغيير الأسباب الكامنة وراء الانتهاكات.

أنواع جبر الضرر
يُمكن أن تصمم مبادرات جبر الضرر بطرق عديدة. كما يُمكن أن تشمل التعويض المالي للأفراد أو الجماعات؛ ضمانات عدم التكرار؛ الخدمات الاجتماعية مثل الرعاية الصحية أو التعليم؛ واتخاذ تدابير رمزية مثل الاعتذارات الرسمية أو الاحتفالات العامة.
بعض الأمثلة:
-في عام 1952 تم توقيع اتفاقية لوكسمبورغ بين إسرائيل وألمانيا الاتحادية التزمت فيها المانيا بدفع تعويضات لليهود الناجين من الهولوكوست،حيث اعتبر اسرائيل الدولة التي ترث حقوق الضحايا اليهود. مع العلم أن الضحايا لا يقيمون كلهم في إسرائيل. خلال 12 عاما (1953-1965) دفعت ألمانيا 3 مليارات مارك ألماني. كما التزمت حكومة ألمانيا بدفع راتب شهري لكل يهودي أينما كان. ومنذ عام 1952 تم دفع 83 مليار مارك ألماني لليهود. في 19 آب 2019 أعلن عن دفع المزيد من التعويضات لحوالي خمسة آلاف يهودي بعد مرور 80 عاماً من بدء الحرب العالمية الثانية.  
-من عام 1996 إلى عام 2008، دفعت الحكومة التشيلية أكثر من 1.6$ مليار للرواتب التقاعدية لبعض ضحايا نظام بينوشيه، وأقامت برنامج رعاية صحية متخصص للناجين من الانتهاكات. وقد رافق ذلك اعتذار رسمي من رئيس الجمهورية.
-تقوم الحكومة المغربية حالياً بتنفيذ كل من التعويضات الفردية والمجتمعية لأكثر من 50 سنة من سوء المعاملة على نطاقٍ واسع. وتشملُ هذه التعويضات تمويل المشاريع المقترحة من قبل المجموعات التي اُستبعدت في وقت سابق عن عمد من برامج التنمية لأسباب سياسية.
-في عام 2010، اعتذر رئيس سيراليون رسمياً للنساء ضحايا النزاع المسلح الذي دام 10  أعوام في بلاده. يُشكل هذا الاعتذار جزءاً من الجهود الجارية لتوزيع تعويضات متواضعة، وإعادة التأهيل وغيرها من الفوائد للضحايا.
-الدوائر الاستثنائية في محاكم كمبوديا أمرت بتعويضات رمزية وجماعية في الإدانة الأولية للمحكمة في تهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية. وأَمرت المحكمة بأن يتم سرد أسماء ضحايا السجن سيء السمعة في الموقع الإلكتروني للمحكمة، وكذلك اعتذاراً صادراً عن المحكوم عليهم.
-بعد سقوط نظام صدام عام 2003 تم اصدار تشريعات وقرارات لتعويض ضحايا النظام ضمن مبادئ العدالة الانتقالية . إذ شمل السجناء السياسيين الذين منحوا تعويضات مادية . كما شمل عائلات الشهداء حيث استلمت تعويضات مالية لمرة واحدة ، إضافة إلى السكن والتعليم والضمان الصحي. وتم تعويض الذين تعرضوا لتشويه جسدي سواء أثناء التعذيب أو قطع الأذن أو اللسان . وتم تعويض المصادرة أملاكهم من قبل نظام صدام.
عندما تُتبع دون اتخاذ تدابير عدالة أخرى، تتعرضُ مبادرات جبر الضرر في بعض الأحيان لانتقادات كأنما تحاول شراء صمت الضحايا.
يرى (المركز الدولي للعدالة الانتقالية) أن مبادرات جبر الضرر التي تَنبعُ من التشاورِ الهادف مع الضحايا لديها أفضل الفرص لتكون عادلة وفعالة. رَبطُ جبر الضرر بالأشكال الأخرى من الاعتراف والعدالة وتقديم الضمانات بعدم التكرارعلى النحو المُوصى به من قبل مبادئ الأمم المتحدة الأساسية بشأن الحق في الانتصاف والجبر يمكنه أيضاً أن يسهم في فعاليته.

الجرائم المرتكبة من قبل الأجانب ضد العراقيين
منذ سقوط النظام البعثي في 9 نيسان 2003 ، تعرض العراق إلى جملة من المشاكل والاعتداءات الارهابية وانتهاكات حقوق الانسان من قبل جهات أجنبية وكلها تستحق المطالبة بتعويضات مالية ، منها:
1-الانتهاكات والجرائم التي ارتكبتها القوات الأجنبية التي شاركت في إسقاط نظام صدام, كإطلاق النار العشوائي ، قتل مدنيين، اعتقالات عشوائية، حالات اغتصاب نساء، حالات تعذيب في السجون، تدمير ممتلكات، مصادرة وسرقة أموال، حجز جماعي، استخدام الطائرات لقصف مناطق سكنية، وغيرها.
2- الاعتداءات الارهابية التي قامت بها عناصر أجنبية تمثلت في عمليات القتل والتعذيب والخطف والتهجير ، تفجير سيارات وأحزمة ناسفة استهدفت مدارس وأسواق ومساجد وحسينيات وساحات عامة ومحلات تجارية ، استهداف مدنيين وزوار وركاب شيعة ، جرائم حرق وإغراق ضحايا، عمليات اغتصاب نساء وحرقهن ، وسبي أخريات وبيعهن، قطع رؤوس وأيدي رجال ونساء وشباب، تجنيد أطفال وإجبارهم على القيام بعمليات انتحارية.
3- قدمت الجماعات الارهابية الأجنبية من دول مختلفة مثلاً السعودية، الأردن، سوريا، الإمارات، الكويت، اليمن ، مصر ، تونس ، المغرب، ليبيا، فلسطين ، افغانستان، الصين، تركيا، الشيشان. كما قدمت عناصر يحملون جنسيات بريطانية، فرنسية، ألمانية، هولندية، وغيرها.
4- ساهمت بعض الدول في السماح بتمويل الجماعات الارهابية في العراق من خلال غض النظر عن جمع الأموال، وتحويلها عبر المصارف في تلك الدول مثلاً السعودية والإمارات والكويت وتركيا ودول غربية أخرى.  كما أن بعض الدول مثل تركيا تسمح بفتح حسابات مصرفية لداعش.
5- غضت النظر عن إصدار فتاوى تكفيرية ضد الشيعة في العراق، والسماح بنشرها في وسائل الاعلام. إضافة إلى وجود قنوات فضائية يظهر فيها علماء وخطباء يعملون في مؤسسات رسمية ، يحرضون على العنف والجهاد وقتل العراقيين.
6-السماح بوجود مواقع ذات صلة بالجماعات الارهابية في شبكة الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، تدعو للعنف والتعصب الطائفي. كما تعرض مشاهد من عمليات التعذيب والحرق وقطع الرؤوس ، وأفلام تنفيذ عمليات تفجير سيارات مفخخة ضد جماعات سكانية معينة.
7-تساهم بعض الدول ببيع السلاح والعتاد لداعش ، وأخرى مثل تركيا تشتري منها شحنات نفطية مسروقة من حقول النفط العراقية، إضافة إلى السماح بمرور ناقلات النفط في أراضيها.
8-تغض النظر عن نزول الارهابيين في مطاراتها وموانئها، ومن ثم نقلهم إلى الحدود العراقية والالتحاق بداعش.
9- السماح لرعاياها وحملة جنسيتها في السفر ودخول العراق بشكل غير قانوني.

إن جميع الممارسات والمخالفات أعلاه قد تصل إلى مستوى ارتكاب الجرائم من قبل دول عديدة. فهل تندم هذه الدول يوماً ما وتتصرف حضارياً مثل الأمم المتقدمة وتقدم اعتذارها للشعب العراقي؟
متى يقوم البرلمان العراقي بسن تشريع (جاستا العراق ) على غرار جاستا امريكا الذي تضمن قيام السعودية بدفع تعويضات لجميع ضحايا حوادث 11 أيلول 2001 ؟

أخر الأخبار