• بغداد
    +31...+34° C
  • الموصل https://www.booked.net/
    +23...+29° C
  • كربلاء https://www.booked.net/
    +32...+37° C

ماذا نتعلم من مواجهة فيروس كورونا المستجد؟

ماذا نتعلم من مواجهة فيروس كورونا المستجد؟

  • 14-05-2020, 18:53
  • تقاير ومقابلات
  • 646 مشاهدة
متابعة: "Today news"
خاطب المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، الدكتور تيدروس أدحانوم غيبريسوس، رؤساء الدول في القمة الاستثنائية لمجموعة العشرين التي انعقدت في يوم 26 مارس الماضي بشأن جائحة كوفيد-19.
وقال في خطابه "لقد اجتمعتم اليوم لمواجهة الأزمة الصحية التي تشكّل منعطفاً حاسماً لعصرنا: فنحن نخوض حرباً شعواء مع فيروس يهدد بتمزيقنا، لو سمحنا له بذلك".
ورحّب المدير العام بمبادرة مجموعة العشرين الداعية إلى العمل معاً من أجل التوصل إلى حلول مشتركة، قائلاً "نحن في خضم أزمة عالمية تقتضي استجابة عالمية".
 
وفي الوقت الراهن، قد تمت السيطرة العامة على انتشار فيروس كورونا المستجد ( كوفيد-19 ) في أرجاء الصين. وفي يوم 27 ابريل الماضي غادرت جميع حالات الإصابة بالفيروس مستشفيات مدينة ووهان وهى المدينة الأكثر تضررا بتفشي الفيروس في البلاد، حيث أظهر اختبار الفيروس نتائج سلبية للمرة الثانية على رجل يبلغ من العمر 77 عاما واسم عائلته دينج فى ووهان حاضرة مقاطعة هوبى، وقال مسؤول بلجنة الصحة بالمدينة إنه لم تعد لديه أعراض سريرية وتمكن من الخروج من المستشفى وهو آخر مصاب بالفيروس يخرج من المستشفى بعد تعافيه من المرض. وحتى اليوم الأول من شهر مايو الجاري، قد بلغ إجمالي عدد الإصابات المؤكدة 82875 وعدد الوفيات 4633، كما تعافى 77685 مصابا وخرجوا من المستشفيات ولم يبق إلا 557 حالة إصابة مؤكدة في الصين كلها.
لكن للأسف الشديد، قد اندلع الفيروس في أنحاء العالم وأصبح الوضع صعبا للغاية حيث كسر عدد الإصابات المؤكدة بالفيروس حول العالم حاجز الـ3 ملايين، وقرابة 80% منها في أوروبا والولايات المتحدة. ومن أجل احتواء هذا الوباء في أقرب وقت ممكن، يجب أن نستعرض ماذا حدث في الأشهر السابقة منذ تفشى كوفيد-19 في مدينة ووهان وسط الصين، وكيف نستطيع الاستفادة من الخبرات والتجارب في الوقاية والسيطرة على انتشاره، وأي خطأ يمكننا تجنبه فيما بعد.
 
كانت الطبيبة الصينية تشانغ جى شيان، مدير قسم الرعاية التنفسية والحرجة في مستشفى هوبي الإقليمي تتمكّن صباح يوم 26 ديسمبر الماضي من تشخيص حالة 4 أشخاص، 3 منهم من عائلة واحد، بنوع جديد من الانفلونزا اكتُشِف لاحقًا أنه فيروس كورونا المستجد ( كوفيد-19 ) وأظهرت الأشعة السينية أن المُصابين الأربعة كانوا يُعانون عرضًا مُشتركًا؛ إذ كانوا جميًعا مُصابين بالتهاب رئوي، مع فارق الشدة. واعتقدت الطبيبة تشانغ أن الوضع كان غير طبيعي ومثير للقلق، وأبلغت على الفور إدارة المستشفى في مقاطعة هوبي- مركز تفشي الفيروس القاتل، ومن ثمّ وصل فريق من الخبراء من مختلف المستشفيات في مدينة ووهان لتضافر جهودهم من أجل تتبع هذا الفيروس.
في اليوم التالي، أي 27 ديسمبر 2019، جاء إلى الطبيبة 3 مرضى جُدد يُعانون من الأعراض ذاتها وحينها، تنبّهت الطبيبة تشانغ إلى أن ثمة شيء ما يتعدّى فكرة إصابة أولئك المرضى بنزلة برد أو أنفلونزا عادية. واكتُشِف لاحقًا أن المُصابين السبع بهذا النوع الجديد من الالتهاب الرئوي يجمعهم شيئًا مُشتركًا- سوق "هونان" للمأكولات البحرية واللحوم.
ومنذ ذلك الحين، باتت الطبيبة الصينية تشانغ أول طبيبة في العالم يقوم بتشخيص مُصابي كوفيد-19. وفور اكتشاف حالات الإصابة الأولى بالفيروس، وجّهت جميع الطاقم الطبي في المستشفى لارتداء الكمامات.
وكانت الأدلة تشير بشدة إلى ارتباط الفاشية بالتعرض إلى سوق مأكولات بحرية في ووهان. وقد أُغلقت هذه السوق في 1 يناير 2020.
وفي الوقت نفسه، أبلغت الحكومة الصينية منظمة الصحة العالمية عن مجموعة الحالات هذه لأول مرة في 31 ديسمبر 2019، من خلال المكتب القُطري للمنظمة في الصين. فقد اكتشفت الصين نوعاً جديداً من فيروس كورونا ألا وهو فيروس كوفيد-19، وتم عزله في 7 يناير 2020. وأجريت الفحوص المختبرية على جميع الحالات المشتبه بإصابتها بالفيروس خلال مرحلة التقصي النشط والمراجعة الاستعادية للحالات. وأدّى ذلك إلى استبعاد المُمرضات التنفسية الأخرى كالإنفلونزا وإنفلونزا الطيور والفيروس الغدّي وفيروس كورونا المسبب للمتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة ( السارس ) وفيروس كورونا المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية ( MERS ).
 
منذ بداية تفشي فيروس كورونا المستجد ( كوفيد-19 ) في الصين، اتخذت الصين حكومة وشعبا سلسلة من الإجراءات الصارمة للوقاية والسيطرة على انتشاره حيث طبقت بالقوة الجبرية حجرا صحيا على حوالي 60 مليون شخص في مقاطعة هوبي التي سجلت أكبر عدد للإصابات في بداية التفشي، وفرضت قيودا صارمة على السفر، توعية شاملة بأهمية الالتزام الكامل بالاجراءات الوقائية مثل الحجر الصحي وارتداء الكمامة وغسل اليدين جديا وتكرارا وعدم التجمع بأية صيغة وتعقيم المكاتب والبيوت يوميا وقياس درجة حرارة الجسم في الأماكن العامة والحفاظ على المسافة بين الناس بمتر واحد على الأقل، فضلا عن استخدام التكنولوجيا في تطبيق الإجراءات الصارمة وتتبع تنفيذ المواطنين لها.
جدير بالذكر أن الصين استخدمت جميع الوسائل وأحدثها، من رجال آليين وذكاء اصطناعي وكاميرات تستخدم الأشعة فوق البنفسجية وتكنولوجيا التعرف على الوجوه وطائرات مسيرة، من أجل الوقاية واحتواء الفيروس، حيث يمكن للناس في المنزل التحقق من آخر تطورات الوضع الوبائي وخريطة انتشار الفيروس على تطبيق الهاتف في أي وقت، مما ساعد على الحد من سفر الناس وتقليل قلقهم.
وفي الوقت نفسه، قامت بعض المجمعات السكنية بتشغيل الطائرات المسيرة لقياس درجة الحرارة وتسجيلها عن بُعد للسكان، لتجنب حدوث العدوى الثانية الناجمة عن الاتصال الوثيق، حيث يمكن للطائرات المسيرة المجهزة بعدسة تصوير حراري بالأشعة تحت الحمراء مراقبة الضوء المرئي وضوء الأشعة تحت الحمراء، ويمكنها قياس درجة الحرارة على نطاق 3 أمتارم٩ بنسبة خطأ في القياس قدره 5%، وتنخفض نسبة الخطأ إلى 1% في حدود متر واحد.
كما قامت الحكومة الصينية في نهاية يناير الماضي ببناء مستشفيين متخصصين لعلاج الحالات الشديدة في ووهان في غضون 10 أيام فقط كما حولت بعض الأماكن العامة مثل الملاعب الرياضية ومراكز المعارض إلى 16 مستشفى مؤقتا لاستقبال الحالات الخفيفة. وفي الوقت نفسه، توجه أكثر من 42 ألف عامل طبي إلى مقاطعة هوبي ومدينة ووهان للمساعدة، وضحى بعضهم بأرواحهم، ويرى أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن تضحية الشعب الصيني للوقاية من الوباء والسيطرة عليه مساهمة بالغة الأهمية للبشرية.
 
بفضل كل هذه الإجراءات الفعالة، تمت السيطرة العامة على انتشار الفيروس بسرعة في داخل الصين، لكن في ظل الانتشار الواسع للفيروس في أنحاء العالم، والارتفاع الهائل والسريع في عدد المصابين والوفيات، تزداد الشائعات ضد الصين على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يواصل الغرب خصوصا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تركيزه على اتهام الصين بالتستر على الفيروس ووصف مدينة ووهان مصدره.
في الحقيقة، كانت هذه الاتهامات باطلة ولا أساس لها من الصحة. وعند بداية تفشيه في الصين، لم تولي بعض الدول اهتماما بالغا لخطورة هذا الفيروس، بل رفضت اتخاذ الإجراءات الوقائية، واتهمت الصين بفرض القيود على الحرية وتدمير حقوق الإنسان، الأمر الذي كان مؤسفا جدا ويضيع الفرص لتجنب انتشار الفيروس.
وفي هذا الصدد، نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية يوم 2 مارس الماضي مقالا كتب فيه جيريمي كونينديك، الذي كان مديراً في وكالة التنمية الدولية خلال تفشي فيروس إيبولا أن "العديد من المسؤولين لهم يد في هذه الفوضى، لكن الرئيس هو العامل الرئيسي". وتابع "الأخطاء تحدث في أي أزمة، لكن عندما يصر الرئيس على ادعاء النجاح بشكل يتعارض مع الواقع، يصبح من الصعب على هؤلاء الذين تحت إمرته الاعتراف بهذه الأخطاء وتصحيحها".
وحول مصدر الفيروس، قالت شبكة CNN الإخبارية الأمريكية، يوم 5 مايو، إن باحثين بريطانيين أجروا تحليلاً جينياً على عينات لفيروس كورونا المستجد مستخرجة من 7600 مريض حول العالم، أظهر أن الفيروس بدأ ينتشر في جميع أنحاء العالم منذ أواخر العام الماضي، وتفشى بسرعة بعد الإصابة المؤكدة الأولى.
ونقلت الشبكة عن فرانسوا بالوكس الباحث في معهد علم الوراثة بجامعة لندن قوله إن
جميع التسلسلات الجينية أصبح لها أصل مشترك بحلول نهاية عام 2019، ما يثبت أنه خلال تلك الفترة، دخل فيروس كورونا المستجد المضيف البشري. وهذا شيء حديث، والباحثون واثقون جدا بأن الفيروس دخل المضيف البشري في نهاية العام الماضي."
ولفتت CNN إلى أن نتائج البحث تظهر أن الفيروس انتشر في الغرب قبل وقت طويل من الإعلان عنه بشكل رسمي.
 
حاليا يعاني العالم كله من هذا الوباء، ويتساءل الكثيرون عن سبب انتصار الصين عليه خلال وقت قصير، فإن سرعة الصين وحجمها وفاعليتها وغيرها من مزايا النظام الاشتراكي هي العنصر الرئيسي لهذا الانتصار، كما قال بروس إلوارد كبير مستشاري المدير العام لمنظمة الصحة العالمية بعد جولة تفقدية في الصين، في أواخر فبراير الماضي، إن " شوارع ووهان فارغة، لكنني أرى أُناساً خلف كل شباك يتعاونون مع الحكومة في مواجهة الوباء، لقد أظهرت الصين قدرة هائلة على العمل الجماعي والتعاون المشترك ".
وفي الحقيقة، كانت هذه المزايا ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالثقافة الصينية التقليدية، التي يبلغ عمرها أكثر من خمسة آلاف سنة، ومن أهم أفكارها وضع الإنسان في المقام الأول، وكان الرئيس الصيني شي جين بينغ قد تكلم عن هذه الفكرة في خطاباته مراراً، ما جسد تمسك الحزب الحاكم في الصين بمبدأ خدمة مصالح الشعب.
إن الصينيين عندما يواجهون الأزمات، يغلبون المصلحة العامة على المصالح الشخصية، ويتبادلون الدعم والمساعدة فيما بينهم، وتجلت هذه الثقافة التقليدية بشكل واضح في المعركة ضد كوفيد-19.
إن هذه الأزمة تعطي درسا للبشرية كلها، في كيفية التعامل مع البيئة بشكل صحيح وأهمية التضامن والتعاون على أساس الثقة المتبادلة وضرورة محاربة العنصرية والتطرف، كما تؤكد الثقافة الصينية التقليدية أن الناس في جميع أنحاء العالم إخوة وأخوات، وهذا يتوافق مع مفهوم " مجتمع المصير المشترك للبشرية " الذي طرحه الرئيس الصيني شي جين بينغ، وهو أيضاً الهدف القيم للنظام العالمي العادل والمعقول الذي تسعى إليه البشرية.
 
الكاتبة: فيحاء وانغ / اعلامية صينية مقيمة في القاهرة

أخر الأخبار