منذ أن أعلنت القيادة المركزية الأمريكية وجهاز مكافحة الإرهاب العراقي، يوم الجمعة، مقتل أحد أبرز قادة تنظيم داعش المدعو ضياء زوبع مصلح الحرداني، المكنى "أبو عبد الله الأنصاري"، في عملية أمنية دقيقة نفذتها قوات التحالف الدولي في مدينة الباب بمحافظة حلب السورية، بالتنسيق مع جهاز مكافحة الإرهاب العراقي، وتزداد التساؤلات حول ماهية الحرداني وتأثيره.
وبحسب البيان الذي صدر عن التحالف، فقد أسفرت العملية التي جرت فجر 25 تموز/يوليو 2025، عن مقتل الحرداني واثنين من أبنائه، دون تسجيل أي خسائر بين المدنيين أو القوات المهاجمة، حيث تم تنفيذ العملية عبر إنزال جوي استهدف منزلاً كان يتحصن فيه المطلوب، وسط تحليق مكثف لطائرات الاستطلاع وإغلاق محكم للمنافذ المؤدية إلى الموقع.
هدف عالي القيمة
استخدمت القوة المهاجمة مكبرات الصوت لدعوة المطلوبين إلى تسليم أنفسهم قبل الاقتحام، في مشهد يؤشر إلى حساسية الهدف وكونه من "الصف القيادي الأول" داخل التنظيم.
جهاز مكافحة الإرهاب العراقي أكد في بيان رسمي أن العملية استندت إلى معلومات استخبارية دقيقة قدمها الجانب العراقي، مشيراً إلى أن الحرداني يُعد من أخطر القيادات المتبقية في تنظيم داعش، وشغل سابقاً مناصب رفيعة مثل "والي الفرات" وعضو اللجنة المفوضة، ولاحقاً تولى ما يسمى "ولاية الخير والبركة" في سوريا.
مصادر أمنية عراقية كشفت ، أن الحرداني من مواليد محافظة الأنبار عام 1975، وانتمى لتنظيم القاعدة قبل عام 2010، ثم التحق بداعش منذ لحظة تأسيسه عام 2013. وكان مسؤولاً عن إدارة العمليات الحدودية بين الأنبار ودير الزور، وتورّط في ملفات تمويل وتجنيد وتهريب عبر الشريط الحدودي.
وأكدت المصادر أن اثنين من أبنائه قُتلا معه في العملية ذاتها، وكانا يشغلان مهاماً أمنية لصيقة ضمن دائرته الخاصة.
العقل المنسّق
وفي تعليق على العملية، قال الخبير الأمني عباس البياتي ، إن "مقتل الحرداني لا يمثل مجرد تصفية لقائد ميداني، بل هو اختراق استخباري عميق لواحدة من أكثر شبكات داعش تعقيداً في الداخل السوري".
وأوضح البياتي، أن "الحرداني كان بمثابة العقل المنسّق لعمليات نقل الأموال والمقاتلين بين العراق وسوريا"، لافتاً إلى أن "خسارته ستؤثر مباشرة في بنية التنظيم التي تعاني أصلاً من التفكك بعد خسارته للأراضي والمدن".
وبالتزامن مع الإعلان الرسمي، تداولت مواقع التواصل الاجتماعي وثيقة منسوبة إلى "اللجنة القضائية العليا" في تنظيم داعش تؤكد مقتل أبو عبد الله الأنصاري ونجليه. ورغم عدم التحقق من صحتها بشكل مستقل، إلا أن المعلومات الواردة فيها تطابقت مع بيانات التحالف وجهاز مكافحة الإرهاب.
هل انتهى التهديد
رغم أهمية العملية، يرى مراقبون أن مقتل الحرداني لا يعني نهاية التهديد، في ظل استمرار وجود قيادات أخرى ما تزال تتحرك داخل سوريا وتستفيد من هشاشة بعض المناطق الخارجة عن سيطرة الدولة.
كما أن تكرار عودة قادة قدامى إلى المشهد، يؤشر إلى الحاجة لمزيد من المتابعة والتنسيق الأمني العابر للحدود.
وتُعد هذه العملية رسالة واضحة بأن الحرب على الإرهاب لم تنتهِ بعد، وأن العمل الاستخباري النوعي لا يزال السبيل الأنجع في مواجهة تنظيم يتمتع بمرونة عالية، رغم ضرباته المتتالية.
وتشير مصادر أمنية إلى أن الحرداني كان يشرف على شبكات التواصل والتمويل بين خلايا التنظيم في سوريا والعراق، كما يعتقد أنه لعب دورا رئيسيا في نقل وتجنيد عناصر خلال السنوات الأخيرة.