• بغداد
    +31...+34° C
  • الموصل https://www.booked.net/
    +23...+29° C
  • كربلاء https://www.booked.net/
    +32...+37° C

مجزرة "سبايكر" .. ذاكرة دم ارتبطت بقصور الطغيان

مجزرة "سبايكر" .. ذاكرة دم ارتبطت بقصور الطغيان

  • 11-06-2025, 22:18
  • تقاير ومقابلات
  • 34 مشاهدة
"Today News": متابعة 

قبل 11 عاما، حدثت واحدة من أبشع الجرائم في تاريخ العراق الحديث، حين أقدم تنظيم داعش الإرهابي على إعدام جماعي لحوالي 2000 طالب في القوة الجوية داخل القاعدة العسكرية المعروفة بـ"سبايكر" في محافظة صلاح الدين، بعد سقوط مدينة الموصل، وتقدّمه السريع نحو تكريت، فالجريمة لم تكن مجرد عملية قتل جماعي، بل كانت مجزرة ممنهجة استهدفت الشباب والهوية والانتماء الوطني.

بين القصور والنهر


قصور رئيس النظام السابق صدام حسين، لم تُبنَ للسكن، بل للرسائل، وكانت رسائل صامتة تقول للشعب: "أنا هنا، فوق الجميع"، قاعاتها المزخرفة بالذهب، أرضياتها الرخامية، حدائقها المترفة، وأنهارها الاصطناعية لم تكن تعبيرًا عن رفاهية حاكم، بل عن فلسفة حكم تقوم على الرهبة والتعالي، كان يتنقل بينها لا بحثًا عن الراحة، بل لإبقاء الجميع في حيرة: "أين هو الآن؟".


وفي مجزرة سبايكر عام 2014، استُخدمت بعض هذه القصور كأماكن احتجاز وإعدام، لتتحول فجأة من رموز سلطة إلى مسارح دم، ومن مشاهد لترف الملوك إلى قبور لأبناء العراق، وهنا، باتت الأرواح التي أُزهقت هناك، تطوف بين جدرانها، شاهدة على قسوة الزمنين: زمن الطغيان، وزمن الخراب.

قصور صدام اليوم، لا تسكنها العظمة، بل الحيرة، حيرة وطن لا يزال يبحث عن عدالته، وعن ذاكرة نقية لم يُلوثها الطغيان ولا الدمار.

وقعت الجريمة في مجمع القصور الرئاسية التابع للنظام السابق في مدينة تكريت، وتحديدًا قرب نهر دجلة، على مقربة من الجسر الرئيسي الرابط إلى قضاء العلم وكركوك.

هذا الموقع الذي كان يومًا رمزًا للسلطة، تحوّل إلى مسرح للإعدام الجماعي، حيث تم اقتياد الضحايا إليه من قاعدة سبايكر، بعد أن تمّ فصلهم طائفيًا وتجريدهم من بطاقاتهم وهوياتهم، ثم إعدامهم جماعيًا ورميهم في النهر أو دفنهم في مقابر جماعية.


شهادات من قلب الفاجعة


رغم مرور أكثر من عقد على الجريمة، إلا أن صوت الضحايا لا يزال يتردد في ذاكرة العراقيين، ويقول حسن محمد التكريتي، أحد سكان المدينة، "جريمة سبايكر تُعد من أكثر الجرائم وحشية في العصر الحديث، نفذها مجرمون جمعوا بين فكر داعش والتطرف البعثي، نحن كأهالي تكريت نستنكرها بمرارة، ونراها جريمة ضد الإنسانية لا تمثل المدينة ولا عشائرها".

وفي زاوية إنسانية مؤثرة، تقول "أم علي"، قريبة أحد الشهداء ، "في كل عام، آتي مع والدة الشهيد، نقرأ القرآن عند ضفة نهر الموت، نوقد الشموع، ونشعر أن الأرواح لا تزال ترفرف على المكان، تنادي على أمهاتها وتطلب العدالة".


الجريمة لا تسقط بالتقادم


ويؤكد المحامي عدنان أحمد الجبوري،  "هذه الجريمة النكراء ما زالت حية في ضمير الأهالي، إنها ليست مجرد مأساة تخص الضحايا وذويهم، بل مأساة وطنية يجب أن تبقى في الذاكرة. استذكارها اليوم دليل على أن العراقيين، ومنهم أبناء تكريت، يرفضون هذه الجريمة وكل فكر متطرف مشابه".

وفي مشهد سنوي يتكرر، أعلنت محافظة صلاح الدين تعطيل الدوام الرسمي في 12 حزيران/ يونيو، استذكارًا لأرواح الشهداء، "وإدانة للفكر المتطرف الذي يريد تمزيق النسيج المجتمعي"، بحسب بيان رسمي.

كما دعا محافظ صلاح الدين بدر محمود الفحل، مجلس شيوخ عشائر المحافظة إلى نصب سرادق العزاء وتنظيم فعاليات تستذكر الجريمة وتكرّم أرواح الشهداء وصبر ذويهم.

أخر الأخبار