• بغداد
    +31...+34° C
  • الموصل https://www.booked.net/
    +23...+29° C
  • كربلاء https://www.booked.net/
    +32...+37° C

العتبة الكاظمية عمارة تطاول الزمن (2-3)

العتبة الكاظمية عمارة تطاول الزمن (2-3)

  • 14-02-2020, 15:22
  • مقالات
  • 1070 مشاهدة
د. صلاح عبد الرزاق

جهود صفوية وعثمانية لاعمار الروضة المقدسة

د. صلاح عبد الرزاق

عمارة العتبة في القرن الثامن عشر وما بعده
-في سنة 1207 هـ /1792 م بدأ العمل في المشهد الكاظمي على قدمٍ وساق: تنفيذاً لأوامر آقا محمد شاه القاجاري ، بإكمال ما بدأه الصفويون في هذا المشهد، كإكمال تشييد المنائر الثلاث الكبيرة وإحداث صحنٍ واسعٍ يحفّ بالحرم من جهاته الثلاث: الشرقيّة والجنوبيّة والغربيّة، ويتّصل الجامع الكبير بالحرم من جهته الشمالية، وتمّ تخطيط الصحن بمساحته الموجودة اليوم.
- في سنة 1211 هـ/ 1796م  قام الشاه فتح علي شاه بأعمال إضافية أخرى بعد وفاة محمد شاه القاجاري، منها: نقش باطن القبّتين بماء الذهب والميناء وقِطع الزجاج الملوّن، وتزيين جدران الروضة كلّها من حدّ الكتيبة القرآنية المعرّقة المحيطة بجدران الحرم من الداخل إلى أعلى الجدار المتّصل بالسقف بقطع المرايا (آينة كار) الجميل المثبت على الخشب،
- في سنة 1229 هـ/ 1813 م تم تذهيب القبّتين والمنائر الصغار الأربع وهي من أبرز أعمال هذا الشاه.
 -في سنة 1255هـ/ 1839 م غُشِّي الإيوان الصغير الذي يشرع فيه باب الرواق في الطارمة الجنوبية بالذهب، بنفقة منوجهر خان الملقّب بمعتمد الدولة.
- في سنة 1255 هـ/ 1839 م أيضاً أهدى السلطان محمود الثاني إلى المشهد الكاظمي الستر النبوي، وهو من السندس المطرّز، فأُسدِل على الضريح في ليلة القدر من شهر رمضان المبارك من السنة المذكورة.
- في سنة 1270هـ / 1853 م أرسل ناصر الدين شاه القاجاري ملك إيران أحد علماء عصره المعروفين، وهو الشيخ عبد الحسين الطهراني، المعروف بلقب شيخ العراقين إلى العراق، للإشراف على تنفيذ مخطّط عمراني واسع للعتبات المقدّسة، من تجديد وإصلاح وتجميل، وخوّله تخويلاً كاملاً في الصرف والتصرّف.
-في سنة 1281هـ / 1864 م بدأت الأعمال العمرانية في المشهد الكاظمي، وشملت تجديد الواجهة الخارجية من جدران الحرم وإكساءها بالطابوق الكاشاني وبناء سقف يقوم على 22 عمودا وقد سمي هذا البناء بـ (طارمة باب المراد) وتذهيب الايوان الكبير في وسط هذه الطارمة، كما تم تشييد وبناء سقف آخر يقوم على 14 عمودا من الجهة الجنوبية سميت بـ (طارمة باب القبلة) وانتهى العمل من كل ذلك سنة 1285 هـ/ 1868 م ، بعد إجراء سائر الإصلاحات المطلوبة في المشهد فأصبح آيةً في الفنّ والجمال والإبداع والإحكام.
- في سنة 1296 ه/ 1878 م  تطوّع الأمير فرهاد ميرزا القاجاري ، عمّ ملك إيران ناصر الدين شاه ـ للإنفاق على مشروعٍ ضخمٍ يشتمل على بناء سراديب منظّمة لدفن الموتى، وتذهيب المنائر الأربع الكبرى من حدّ وقوف المؤذّن إلى قمّتها، وتشييد سور مرتفع للصحن يتكوّن من طابقين، ويشتمل الأرضي على 76 حجرة تحيط بالصحن الشريف، ونصب برجين لساعتين كبيرتين فوق البابين الرئيسين (باب القبلة وباب المراد)، وقد تمّ جميع ذلك في سنة 1301هـ.
وقد أزيلت هاتان الساعتان قبل عشرات السنين حفاظا على هذين البابين بسبب الاثقال الناتجة من البرجين واستعيض عنها ببرج الساعة الموجود حاليا على يمين الداخل من باب القبلة وهو من أبرز معالم العتبة الكاظمية المقدسة الذي يتكون من قاعدة مربعة الشكل ترتفع منها اربعة جدران كُسيت بالكاشي الكربلائي المنقوش بالآيات القرآنية والزخارف الاسلامية بألوانها الجميلة ووضع في كل وجه منها ساعة.
 في سنة 1332 هـ/ 1913 م شيدت الطارمة الغربية (طارمة قريش) حيث قامت على 18 عمودا وزين باطن سقفها بالنقوش والزخارف وكتبت سورة الأعلى بكاملها على الطابوق الكاشاني.

وصف الروضة الشريفة
للمسجد قبتان متساويتا الأبعاد وأربع مآذن كبيرة. ارتفاع السقف يبلغ 25م تعلوه القبتان المزينتان بالزخارف الإسلامية والآيات القرآنية من الداخل، من الخارج غلفت القبتان بتسعة آلاف طابوقة من الذهب الخالص وحولها المآذن الأربع المغلفة بالذهب أيضا والتي ترتفع إلى 35م فوق السقف، وحول القبب أيضا أربع منارات صغيرة بارتفاع 4.5م.
خلال القرن الماضي بني سياج حديدي مشبك خارج الحضرة ويحيط بها فيه بوابتان حديديتان وذلك لتنظيم حركة الزوار، بعد الاحتلال الأمريكي للعراق أصبحت هذه البوابتان الحديديتان تستخدمان للسيطرة وإجراء عمليات التفتيش على النساء والرجال، فرضت هذه الإجراءات نظرا للظروف الأمنية السيئة في العراق.

الصحن والأروقة والأبواب
يتكون الصحن من أربعة أقسام: (صحن قريش) هو القسم الغربي منه، (صحن باب القبلة) في القسم الجنوبي، (صحن باب المراد) في القسم الشرقي و (جامع الجوادين) في القسم الشمالي.
للصحن عشرة أبواب لها تسميات محلية للدلالة عليها، منها ثلاث رئيسية كبيرة للدخول وهي باب المراد، باب القبلة وباب صاحب الزمان، أما السبعة الأخرى فهي صغيرة الحجم بشمل باب قاضي الحاجات، باب الفرهادية، باب الجواهرية، باب قريش، باب الرجاء، باب المغفرة وباب الرحمة.
للصحن ثلاث أروقة حوله سقوفها مزينه بالآيات الكريمة وتتدلى منها الثريات، تستخدم الأروقة للصلاة حين تضيق قاعة الصلاة في الداخل عن استيعاب المصلين.

الجدار والغرف
يحيط بالصحن جدار سميك وضخم بارتفاع 10م مزين من الخارج الطابوق الفرشي المنقوش بالآيات القرآنية وبعض النقوش الإسلامية. خلف الجدار طابقين من الغرف والأواوين مجموعها 62 غرفة منها 14 في الطابق العلوي وتستخدم لتدريس طلبة العلم، الغرف في الطابق السفلي بعضها للتدريس أيضا وبعضها دفن فيها بعض كبار العلماء ورجال الدين. الغرف مبلطة بالرخام وجدرانها مزينة بالطابوق القاشاني.

ساعة الكاظمية
بين باب القبلة وباب المراد ساعة يبلغ ارتفاعها 20م ذات زخارف إسلامية ونقش عليها أيضا آيات قرآنية نصبت عام 1301هج / 1883 م عند بناء آخر توسعة للحضرة، ما زال الجدار والغرف والساعة كما كانت عام 1883 عدا عمليات الصيانة العادية.

القاعات

للمسجد أربع قاعات في الداخل تحيط بالروضة الشريفة من جوانبه الأربع:
•القاعة الشمالية: تقع خلف قبر الإمام محمد الجواد وتتصل بالروضة عن طريق باب فضية. هناك أيضا شباك كبير يطل على الجانب الصفوي من الخلف، جدرانها وأرضيتها من الرخام ومسقوفة بالزجاج الأبيض بأشكال هندسية. في هذه القاعة عدة مكتبات للقرآن وكتب الأدعية والزيارة ويستخدم للصلاة ولأداء مراسيم الزيارة للرجال.
•القاعة الشرقية: من جهة رجلي الإمامين وموصول بالروضة بواسطة بابين، ذهبية أمام الإمام موسى وفضية أمام الإمام محمد، للقاعة ثلاثة أبواب تطل على الرواق الخارجي، واحدة ذهبية واثنتان فضيتان.
•القاعة الجنوبية: تتصل بالروضة عن طريق باب ذهبي من جهة الإمام موسى، لها ثلاثة أبواب تطل على الرواق الخارجي وقد دفن فيها بعض العلماء الكبار.
•القاعة الغربية: تقع من جهة رأسي الإمامين وتتصل بالروضة بواسطة بابين فضيين، للقاعة باب واحد إلى الخارج يطل على الرواق الخارجي. في هذه القاعة قبر العالم والفيلسوف نصير الدين الطوسي يعلوه شباك كبير.

الروضة الشريفة
تنقسم الروضة إلى قسمين، جنوبية وبها قبر الإمام موسى الكاظم، وشمالية وبها قبر الإمام محمد الجواد، ويصل بينهما ممران ضيقان. ويقع الضريحين وسط القسمين وفوق كل منهما قبة، وقد قطع جانب من كل ضريح بحاجز حديدي ليفصل بين الرجال والنساء أثناء الزيارة. وقد وضع على القبرين صندوقان من الخشب مغلفان بالزجاج السميك حماية لهما من الغبار، ومنقوش عليهما نقوش إسلامية جميلة. ويحيط بالقبر شُبَّاك فضي مطعم بالمينا تعلوه سورتي الدهر والفجر نقشت على المينا الأزرق، وكتبت بالذهب الخالص.
جدران الروضة وأرضيتها من الرخام وعلى الجدران نقشت آيات قرآنية ونقوش زجاجية إسلامية تصل إلى باطن القبتين. تتدلى من السقف عدد من الثريات النفيسة وعلى الجدران ساعات جدارية كبيرة.

الصندوق الخشبي
وهو الصندوق الموضوع فوق القبر ، ومصنوع من الخشب الفاخر. في عام 1949 كان وصف هذا الصندوق كالتالي:
صندوق ضريح الإمام موسى بن جعفر الذي أمر بصنعه الخليفة المنتصر بالله العباسي. ولقد وجدت مديرية الآثار القديمة العامة هذا الصندوق على ضريح سلمان الفارسي في جامعة من ناحية سلمان باك التابعة للواء بغداد فنقلته من موضعه إلى دار الآثار العربية وعرضته فيما بعد، بعد أن رممته وأصلحت شأنه وتبين من الكتابات التي تزينه أنه صنع في عام 624 هج / 1226 م ووضعه على الضريح المخصص لموسى بن جعفر في الكاظمية بأمر الخليفة المستنصر بالله العباسي. ولم يتسن تعيين تاريخ نقله من موضعه الأول إلى ضريح سلمان الفارسي، ولكن التاريخ يذكر أن السلطان بويه الجلائري أمر بصنع صندوقين من الرخام لضريحي الإمامين موسى الكاظم ومحمد الجواد في عام 769 هـج / 1367م . وكذلك أمر الشاه إسماعيل الصفوي بصنع صندوقين من الخشب لهذين الضريحين في عام 926 هـج / 1519م ،  وهما الموجودان هناك الآن وفيهما تاريخ عملهما ولعل النقل تم في غضون هذه المدة.
إن هذا الصندوق مصنوع من خشب التوت سمك الواجهة خمسة ونصف سم، وهو مستطيل الشكل منبسط السطح يبلغ طوله 255 سم أما عرضه فيبلغ 183 سم وعلوه 65 سم.  تزين حافات غطائه كتابة نثرية غير متداخلة نقشت داخل شبكة في زخارف نباتية متناظرة ومتشابكة.
 وزين هذا الصندوق بزخارف نباتية أيضاً، وهو يبرز بمقدار 3 سم عن مستوى وجهه الجنوبي، وفي الجنوب كتابات نثرية مشجرة متداخلة ومتناظرة كثيرة الحروف وفي غاية الجمال والإتقان، وقد حفرت داخل الشبكة زخارف شجرية تعرف الآن باسم سلمي وهي أرفع سطحاً من مستوى الكتابة، ويبلغ عرض السطر الواحد 43 سم أما طوله في الجنبين الصغيرين 2/91 سم وفي الجنبين الكبيرين 189 سم وكل سطر بداخل إطار مستطيل الشكل منقوش في أصل الخشب ومزخرف زخرفة نباتية عرضها 12 ملم، أما نص الكتابة النثرية التي حول الغطاء فتبتدئ من عند الرأس:
أ - بسم الله الرحمن الرحيم (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) هذا ما تقرب إلى الله بعمله، خليفته في أرضه ونائبه في خلقه ومولانا إمام المسلمين المفروض الطاعة على الخلق أجمعين المستنصر بالله أمير المؤمنين ثبت الله دعوته سنة 624 هـج / 1226 م.
ب - الكتابة الكوفية في الجنوب: (بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ضريح الإمام أبي الحسن موسى بن جعفر بن محمد بن علي إلى أن ينتهي إلى الإمام علي بن أبي طالب )، انتهى.

الكاظمية منارة الفكر والأدب والعلم
أنجبت بلدة الكاظمية خلال عمرها الطويل عدداً كبيراً من الفقهاء والأدباء والشعراء والمفكّرين والأطباء. وضمّت المدينة بين جوانحها مجموعةً من المدارس الدينية التي تُعنى بتدريس العلوم الإسلاميّة، وكانت عامرةً زاهرةً بطلاّبها وأساتذتها. وضمّت المدينة أيضاً مجموعة من المكتبات الضخمة الحافلة بنفائس المخطوطات وأُمّهات الكتب.
وقيل: إنّ أوّل مطبعة عراقية حجرية كانت في الكاظمية سنة 1237 ه/ 1821م ، وذلك يُعَدّ في صدر قائمة النشاط العلمي لهذه المدينة في النصف الأوّل من القرن الثالث عشر.
ومن شخصيات الكاظمية المهمة الشيخ المفيد ( 948-1022 م ) الشريف الرضي ( 969-1015م) وأخيه الشريف المرتضى ( 966- 1044 م ) والشيخ نصير الدين الطوسي (1201-1274 م )  الشيخ جعفر بن قولويه القمي  (توفي في 368 هج/ 978 م) والقاضي أبي يوسف يعقوب الأنصاري الكوفي (ت 182 هج/ 798 م ) و الشيخ عبد المحسن الكاظمي ( 1871- 1935 م ) والسيد مهدي الحيدري (1834- 1917 م) و السيد إسماعيل الصدر (1842- 1919 م) والشيخ مهدي الخالصي (1860- 1924 م)  والشيخ عبد الحسين آل ياسين المتوفى عام (1932 م) والسيد حسن الصدر (1856- 1935 م) والسيد عبد الحسين شرف الدين (1873- 1967 م) وغيرهم من الشخصيات المهمة.

أخر الأخبار