• بغداد
    +31...+34° C
  • الموصل https://www.booked.net/
    +23...+29° C
  • كربلاء https://www.booked.net/
    +32...+37° C

مصطفى الكاظمي يطلق رصاصة الرحمة على سيادة العراق

مصطفى الكاظمي يطلق رصاصة الرحمة على سيادة العراق

  • 5-07-2020, 13:02
  • مقالات
  • 965 مشاهدة
محمد حسن البحراني

بداية ينبغي ان أذكر القارئ الكريم اني كنت أحد المتفائلين بما يمكن ان يحققه رئيس الوزراء الجديد "مصطفى الكاظمي" من انجازات لصالح العراق في ضوء ماوعد بتحقيقه هو في اول مؤتمر صحفي ظهر به في الثاني عشر من حزيران الماضي، وتحت عنوان (في عهد الكاظمي .. العراق بين خيارين، الدولة أو اللادولة) اشرت الى ما ألزم به الرجل نفسه من اولويات، ووعد بتنفيذها (الانتخابات المبكرة، تحديد مصير الوجود العسكري الامريكي، مكافحة الفساد والفاسدين).

اليوم وبعد مرور شهرين من تسلمه لمسؤولياته في العراق بات واضحا ان الرجل ليس عاجزا فقط عن تنفيذ اية مهمة من المهام الثلاث المشار اليها، بل إنه إتخذ مسارا اخرا لاعلاقة له إطلاقا بالعنوان الأكبر الذي يفترض أنه جاء من أجله "خدمة العراقيين وصون حياتهم وأرواحهم وكرامتهم"، وهنا ينبغي الاشارة الى مثالين هامين جدا يعكسان مدى فشل الكاظمي في تحديد أولوياته.

صحيح أن الكاظمي لاعلاقة مباشرة له بما يواجهه الشعب العراقي اليوم من معاناة قاسية ومتصاعدة ناجمة عن تفشي فايروس كورونا في العراق بشكل مفزع ومروع، لكن الصحيح أيضا أنه استلم مسؤوليته التنفيذية  وأرقام الاصابات بهذا الفايروس كانت بالعشرات، بينما الوفيات لم تتجاوز  الآحاد الى ماقبل شهرين، وكان بإمكانه تطويق الوباء والسيطرة عليه لو عمل بمنطق الأولويات .. أين هي المشكلة لو أنه أجّل الاهتمام بالملفات الاخرى "الداخلية والخارجية" لصالح الانشغال وعلى مدار الساعة بهذا الوباء الذي بات يهدد ويحصد يوميا أرواح العراقيين في كل لحظة من شماله الى جنوبه؟. للأسف لم يفعل الكاظمي ذلك ولم يوظّف بشكل مقنع امكانات الحكومة والبلد بهذا الاتجاه، وبما يتناسب مع حجم التحدي .. لم تقم بواجبك يا سيادة رئيس الوزراء كما ينبغي، في أخطر تحد يتعلق بأرواح العراقيين.

اما المسألة الثانية فتلك التي تعاطى بها الكاظمي مع ماقيل عن نية أحد فصائل الحشد قصف المنطقة الخضراء او مقرات دبلوماسية محددة (السفارة الامريكية)، وبعيدا عن رواية اطراف الحشد التي كذبت الرواية الرسمية جملة وتفصيلا، لكن حكومة الكاظمي فشلت من جانبها في اقناع الشارع العراقي بما حصل، فقصة الحكومة في فصلها الاول وعند الاعلان عنها إختلفت الى حد كبير عن النتائج والمعطيات التي سمعناها من الحكومة ذاتها في الفصل الأخير من هذه القصة، خاصة بعد تبرئة القضاء للمعتقلين، وهذا الاختلاف الكبير أدى الى نسف أصل المزاعم التي ساقها وروج لها العديد من المسؤولين المحسوبين على رئيس الوزراء.

كان المطلوب من رئيس الوزراء لو كان يتسم بقدر معقول من الحنكة السياسية أن لايندفع نحو تصفية حسابات مشبوهة وحساسة جدا بهذا الشكل المثير للريبة وعلامات الاستفهام من خلال توريط جهاز مكافحة الارهاب، أحد أشجع وأنبل صنوف القوات المسلحة العراقية، ومع من؟  مع فصائل المقاومة والحشد الشعبي! التي لم تجف دماء عشرات الالاف من أبنائها بعد، في ساحات المواجهة مع الارهاب.

لمصلحة من باسيادة رئيس الوزراء دق هذا الاسفين الخطير بين أشرف مؤسستين امنيتين وعسكريتين عراقيتين تنضويان تحت قيادتك انت؟ وكلاهما أبلى بلاءا حسنا في سوح الجهاد مع داعش، وكلاهما جاد بحياته من أجل حفظ كرامة وشرف العراقيين وأنت منهم.

ألا تعتقد انك بدقك لهذا الاسفين قد خدمت المشروع الامريكي الذي صرح به ترامب أكثر من مرة والهادف الى الهيمنة على ثروات العراق النفطية دون وجه حق؟ .. هدف ينبغي ان تكون اول من يعلم انه لن يتحقق الا بتمزيق وحدة مؤسسات العراق الامنية والعسكرية وانتهاك سيادته بالكامل.

هاهي سيادة البلد تنتهك بشكل سافر وفي وضح النهار يوم أمس بالاعلان عن نصب السفارة الامريكية في بغداد لمنظومة عسكرية متطورة للدفاع الجوي حول محيطها، لتأمين مبانيها وثكناتها من صواريخ يتوقع الامريكان ان تتعرض لها سفارتهم من قبل جهات مجهولة الهوية حتى الان، والكارثة ان هذا الاعلان يتم وسط صمت حكومي مريب جدا لايمكن تفسيرة الا بكونه قد تم برضى رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة. واذا ما صدقت الاخبار المتداولة حول هذه المنظومة الدفاعية التي حصنت نفسها بها "سفارة الولايات المتحدة" في بغداد فستمثل حالة خطيرة وغير مسبوقة في كل المعايير والاعراف الدبلوماسية، وستعطي آنذاك مبررا لكل سفارات العالم في العاصمة العراقية ان تتحول الى قواعد وثكنات عسكرية بذريعة احتمال تعرضها لهجمات معادية .. الى اين أوصلت البلد خلال شهرين فقط ياسيد مصطفى الكاظمي؟  لم يفعلها أحد قبلك في أسوأ ظروف العراق، ولا أظن ان أحدا بعدك سيجرأ على فعلها.

في الختام لابد لي من تقديم اعتذاري للقارئ الكريم على ماعكسته في مقال سابق نشرته بعد مؤتمره الصحفي الاول الشهر الماضي من رؤية ناجمة عن حسن ظن بهذا الرجل، لكني وبعد متابعة جملة من قراراته الأخيرة إكتشفت انني قد أخطأت التقدير بعد أن إتضح لي ان الرجل لايستحق الرهان عليه كثيرا في قيادة سفينة العراق الى بر الامان.

أخر الأخبار