متابعة أكدت صحيفة هآرؤتس العبرية أنه بعد استلام الجولاني السلطة في دمشق سرائيل إلى مهاجمته، وقالت الخارجيّة في تل أبيب في تصريحاتٍ رسميّةٍ إنّ الحديث يدور عن مجموعةٍ من الإرهابيين يحكمون سوريّة، وأنّها لا تُعوِّل عليهم، ولكن أمس الأحد أطلق وزير الخارجيّة الإسرائيليّة، غدعون ساعار، تصريحًا لافتًا خلال اجتماعه مع نظيره الألمانيّ يوهان وودفول، أكّد فيه أنّ الكيان مهتّمٌ جدًا بعلاقاتٍ طيبةٍ مع النظام الجديد.
ولفتت الصحيفة إلى أنّ تصريح ساعار هو تعبيرٌ عن تغييرٍ جذريٍّ في السياسة الإسرائيليّة بالنسبة لسوريّة والنظام الجديد في دمشق، مذكرّةً بأنّ ساعار نفسه قال في آذار الماضي إنّ “حكّام سورية الجدد كانوا إرهابيين وما زالوا إرهابيين، حتى ولو ارتدوا الجلابيب”، على حدّ تعبيره.
ويُشار إلى أنّه بحسب البروفيسور اليهوديّ-الأمريكيّ، جيفري ساكس، فإنّ السياسة الخارجية لواشنطن تعتمد بشكلٍ وحيدٍ على المصالح، لافتًا إلى أنّه لا توجد فيها قيم البتة، وربما هذا هو التفسير لتأييد الرئيس الأمريكيّ، دونالد ترامب، للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في كل ما يتعلّق بطموحات أنقرة في استكمال السيطرة على سوريّ وتحويلها إلى دولة وصاية تركيّة تُذكِّر بأحلام إعادة الإمبراطوريّة العثمانيّة.
وبحسب الصحيفة , بلغ تدخل تركيّا المتزايد في سوريّة مؤخراا نقطة توتر مع إسرائيل، بعد ضرباتٍ جوية إسرائيلية في أوائل نيسان استهدفت ثلاث قواعد جويٍة سورية كانت أنقرة تسعى لاستخدامها، وأثار الحادث تصريحات رسمية نادرة من أنقرة بشأن عملياتها في سورية، إذ قال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان بعد الغارات إنّ “تركيا لا تسعى لمحاربة أيّ دولة على الأراضي السوريّة”.
وبعد أسبوع كشف فيدان أنّ تركيا وإسرائيل تجريان محادثات على المستوى الفنيّ لتفادي الاشتباكات العسكريّة في سوريّة، مع سعي القيادة الجديدة إلى ترسيخ نفسها بعد سقوط الأسد، وعلى الرغم من القلق المتزايد في إسرائيل من ترسخ تركيا في سوريّة، يبدو أنّ أمام الكيان خيارات محدودة لمواجهته، وفق المصادر السياسيّة الرفيعة في تل أبيب.
وقالت غاليا ليندِنشتراوس، باحثة بارزة في (معهد دراسات الأمن القومي)، لـ (تايمز أوف إسرائيل): “في نهاية المطاف، عندما يتعلّق الأمر بسورية، تهتم تركيا بها أكثر من إسرائيل، وتستثمر تبعا لذلك. اهتمام إسرائيل بسورية أمني بحت، وهذا يمنح أنقرة الأفضلية”، مُضيفةً أن دعم ترامب لأردوغان يُقيد أيضا قدرة إسرائيل على المناورة.
وتابعت: “ترامب أوضح خلال لقائه الأخير مع نتنياهو في واشنطن أنه مستعد لمساعدة إسرائيل في التعامل مع تركيا، ولكن على إسرائيل أن تُظهر (مطالب معقولة)”.
وأردفت: “إنّه يدفع إسرائيل لتبني نهج الحد الأدنى في سورية. ولتحديد أولوياتها، سيتعين عليها التمسك فقط بخطوطها الحمراء الأكثر أهمية، مثل منع نقل الأسلحة الإيرانية إلى حزب الله عبر جنوب سوريّة”.
من ناحيته قال المستشرق إيال زيسر، نائب رئيس جامعة تل أبيب في مقالٍ نشره بصحيفة (إسرائيل اليوم): “لكلّ مَنْ يسأل عن وجهة إسرائيل اليوم، فتبدو نحو مغامرةٍ في سوريّة، مغامرة سخيفة، عديمة أيّ منطقٍ سياسيٍّ وعسكريٍّ، ستُلحِق الضرر بإسرائيل في المستقبل”.
ولفت المستشرق إلى أنّه “لا يمُرّ يوم دون أنْ يبعث لنا الشرع برسائل تهدئة، بل وحتى مصالحة. متحدثون بلسانه تنبأوا بإمكانية إقامة سلامٍ معنا، فيما هو نفسه يعود ليشرح بأنّ سوريّة دولة مدمرة، ووجهتها ليست للحرب، وكلّ ما يطلبه هو علاقات جيرةٍ طيّبةٍ مع الدول المحيطة بها. العدوّ بل وحتى الشيطان بالنسبة للشرع هو إيران وحزب الله، اللذان لن يغفر لهما دورهما في سوريّة بذبح مئات آلاف السوريين في خدمة الأسد”، طبقًا لمزاعمه.
وتساءل المستشرق: “هل يمكن الثقة بالشرع وتصديق كلامه؟ ليس مؤكدًا. ينبغي التعامل معه وفقًا لقاعدة (احترمه وأشك فيه)، متابعة أفعاله وليس تصريحاته فقط، وعدم السماح بتثبيت كيان إرهابٍ في شمالنا، إذا ما اختار الشرع بالفعل طريق المواجهة، الأمر الذي لا يبدو معقولاً الآن. في الوقت نفسه، ليس لإسرائيل مصلحة لجعل نفسها عدوًّا لسوريّة الجديدة ما لم تبث عداءً وعدوانًا تجاهنا”
وأخيرًا، السؤال الذي أصبح مهمًا في عصر الردة السياسية العريّة: هل حُكّام دمشق الجُدُدْ سيُقدّمون سوريّة على طبقٍ من ذهبٍ لرأس الأفعى أمريكا وتوابعها، تركيّا والكيان، من أجل البقاء والحصول على الفُتات، الذي يتمحور في تخفيف العقوبات المفروضة على هذه الدولة العربيّة منذ عهد الرئيس السابِق، د بشار الأسد؟