الرئيسية / الربيع العربي يستعيد غليانه

الربيع العربي يستعيد غليانه

الربيع العربي يستعيد غليانه

نعيم العكيلي

انطلق الحراك الشعبي من تونس مؤذنا بريع عربي قبل سنوات فاطاح بزين العابدين بن علي ، وحل مكانه نظام سياسي تعددي يضم اسلاميين _ حركة النهضة _  وعلمانيين ، ومضت تونس في طريق التعددية والانتخابات حتى الان ، فكانت الانتخابات العامة الاخيرة على الرئاسة بعد وفاة الرئيس السبسي ، وستليها انتخابات برلمانية ، لقد اريد لربيع تونس ان يتحول خريفا وشتاءا ، فتونس ليس بلدا نفطيا ، وفيه تناقضات موروثة من حقبة الدكتاتورية ، لكن وعي الشعب وتياراته السياسية صمدت ونجحت في الحفاظ على تونس بلدا جديدا في وضعه السياسي وفي وضعه الاجتماعي . ومن تونس امتد الحراك الى مصر فسقط مبارك بثورة مليونية ، فسقط مبارك ووصل الاخوان في انتخابات عامة الى رئاسة مصر ، وبعد سنة من الانتخابات تجدد الحراك التصحيحي من دون معرفة من يقوده فانتهى الى استيلاء العسكر على الحكم واجهض الحراك وعادت مصر الى دكتاتورية العسكر في اسوأ حقبة من تاريخها المعاصر، فشرع الفريق السيسي دستورا يضمن له رئاسة مصر حتى عام 2032 من دون النظر الى مشاكل مصر الاقتصادية والاجتماعية والسكانية ، وامتلات سجون مصر بالالف من الشباب والمعارضة بتهمة الارهاب والانتماء للاخوان ، وطور نظام العسكر من علاقاته مع اسرائيل وصار تابعا للنظام القبلي في السعودية ، لكن فشل حراك المصريين لم يقتل امال الشعوب العربية ، فسقط نظام بوتفليقة في الجزائر تحت وطأة حراك الطلاب والشعب ، والجزائر اليوم على ابواب انتخابات عامة ودستور جديد ، وانتفض السودانيون فسقط نظام البشير ولم ينقذه عسكره ، بل لم يجد العسكر هناك طريقا سوى الانقلاب على البشير ، وحاول هذا العسكر تثبيت اقدامه بديلا سياسيا للبشير لكن وعي الشعب السوداني اعمق من جهالة العسكر فاستمر الحراك السوداني وسقط شهداء وجرحى حتى رضخ امام ارادة الجماهير فتشكلت حكومة يقودها احد قادة الحراك السوداني تهيء السودان لانتخابات عامة وتضع دستورا جديدا فيما ركن البشير في السجن يواجه تهما بالفساد ، بعد نجاح الجزائريين والسودانيين هذا العام في ازاحة الدكتاتوريات الجاثمة على صدورهم الناهبة لثرواتهم نزل امس المصريون في ثالث حراك جماهيري وهم يهتفون بسقوط السيسي ... اذا نجحت مصر في حراكها الجماهيري الثالث الجديد بانجاز نظام تعددي ديمقراطي حقيقي يعيد العسكر الى ثكناته فسنكون امام وضع جديد في انظمة القبائل الخليجية التي تتربع على بحار النفط والاف المليارات المودعة في مصارف الغرب . لقد

اثبتت الاحداث السياسية في دول محيط العراق الاقليمي ان العراق اقوى في نظامه السياسي ، وسر قوته يكمن في تعدديته السياسية وانتخاباته الدستورية ، وفي حرياته على مستوى الراي والاعلام والتظاهر والنقد ، لو تمكن العراقيون من القضاء على بؤر الفساد في مؤسسات الدولة ، ولو تمكنوا من الارتقاء بمستوى الخدمات العامة ، فسيكون العراق نموذج البلد الراقي في منطقة الشرق الاوسط المضطربة .

21-09-2019, 17:21
عودة