"Today News": بغداد
وصف الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب (عليه السلام ) بانه كريم أهل البيت بسخائه وجوده، وأنه كان سيّداً وحليماً وحكيما وسياسيا بارعاً.
ولد الإمام الحسن في ١٥ شهر رمضان ٣ هجري، وتربى في كنف جده خاتم الأنبياء والمرسلين محمد المصطفى (صلى الله عليه وآله) الذي أحبه حبا جما، ووالده أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب(ع)، وأمه سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (ع).
ينسب للنبي محمد (ص) قوله عن الحسن بن علي (ع): ( اللهم إني أحبّه فأحبه وأحبّ من يحبه، وضمّه إلى صدره).
وقال(ص) عن الحسن و الحسين: ( الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة)
و( الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا).
تعرض الإمام الحسن (ع) لمظالم عديدة، ومنها تسابق المسلمون على بيعته من أهل الكوفة والبصرة والحجاز واليمن وفارس ومناطق أخرى، ليكون الخليفة الخامس، بعد شهادة الإمام علي (ع) بيومين في ٢٣ شهر رمضان عام ٤٠ هـ، و كان عمره (٣٧) عاما، ولكن ما أن علم معاوية بن أبي سفيان وأتباعه بهذه البيعة بدأوا بَحَبكِ المؤامرات والفتن وشراء الذمم لتقويض خلافته، الأمر الذي حال دون استمراره في الخلافة لأكثر من ( ٦-٧) أشهر.
شخص الإمام الحسن بحكمته السياسية أبعاد الفتن التي واجهته نتيجة سقوط الكثيرين في فخ المال والموقع الذي وعدهم به معاوية، وهذه مشكلة متزامنة بسيرة الطغاة في كل زمان ومكان!! حيث يقع الانسان ضحية عبادة المال والمنصب ومسترخصا مبادءه وقيمه العليا ووطنه ومقدساته.
اهتم الإمام بالدعوة للالتزام بتعاليم الإسلام ورؤيته السياسية وتعميقها وترسيخها في ضمير الأمة لكي لا تتأثر بعمليات التمويه والتشويه والخداع والتضليل الذي يمارسها أعداؤها والعاملون والمطبلون لمشاريعهم بوعي أو بغير وعي.
مبينا إن السياسية تعنى بإدارة العلاقة المترابطة بين أفراد المجتمع وقيادتها والالتزام بحقوق الله والإنسان وينبغي تحكيم الإخلاص في خدمة الأمة ومتابعة تقويمها وتسديدها، وعدم السماح لغير المخلص لقيادتها، قائلا (ع):
"السياسة هي أن تراعي حقوق الله، وحقوق الأحياء، وحقوق الأموات. فأما حقوق الله، فأداء ما طلب، والاجتناب عما نهى. وأما حقوق الإحياء، فهي أن تقوم بواجبك نحو إخوانك، ولا تتأخر عن خدمة أمتك، وأن تخلص لولي الأمر ما أخلص لأمته، وأن ترفع عقيرتك في وجهه إذا حاد عن الطريق السوي.
وأما حقوق الأموات، فهي أن تذكر خيراتهم، وتتغاضى عن مساوئهم، فإن لهم رباً يحاسبهم".
الواقعية السياسية التي خبرها الإمامان الحسن و الحسين (عليهما السلام) حيث أنهما على ارتباط وثيق وتنسيق تام لتشخيص المرحلة وصنع القرار والموقف، والآثار المترتبة على ذلك.
عملا للتثقيف على حماية دين الله في الأمة ورسالته وقيمه من التشويه،
وحفظا للصالحين من أبناء الأمة وطلائعها المجاهدة من الملتزمين والمؤمنين والمجاهدين من ضغوط معاوية وجماعته.
ولهذه الأسباب وغيرها، وافق الإمام الحسن على معاهدة الصلح مع معاوية في ٢٦ ربيع الأول سنة ٤١ للهجرة بشروط الحكم بما انزل الله في القران الكريم ووفق السيرة النبوية، وأن الخلافة للإمام الحسن بعد معاوية وبعده للإمام الحسين، ولكن معاوية نقض عهده بعد ان وعد الألتزام بتنفيذه.
استثمرت فترة الصلح لتسليط الأضواء لإصلاح الأمة إلى نهجها الإسلامي القويم وبيان مساوئ الحكم الأموي ومخططه لجعل الإسلام مملكة عائلية يعمل معاوية فيها ما يشاء وينتهك الحرمات ويمارس القتل والحنث باليمين والعهود، ولتمهيد انتفاضة الإمام الحسين (ع) على الظلم والجور الأموي.
نستلهم في ذكرى شهادة الإمام الحسن (ع) مسموما بمؤامرة من قبل الأمويين في صفر سنة 50 هـ، ( مدة إمامته 10 سنوات من 40-50 هـ، وعمره 47 عاما)،
إن تحكيم القيم العليا للبلاد تستوجب الجهاد من قبل المتصدين والجماهير لتحكيم المصلحة العليا، وهذا يحتاج إلى وعي المرحلة والتربية على النزاهة والإخلاص والتضحية للوصول إلى الهدف المطلوب.
وليد الحلي
صفر 1445- 21 آب 2023