الرئيسية / القوة الناعمة والتغيير

القوة الناعمة والتغيير

"Today News": بغداد 
استخدم مصطلح "القوة الصلبة" اشارة الى  أنواع الاسلحة في السيطرة العسكرية في الحروب.

طرح مصطلح   "القوة الناعمة" والمقصود به تحقيق الأهداف من خلال الالتزام  بقيم حقوق الانسان في العدل والاخلاق- التسامح والحريات والحقوق والواجبات، والآليات الديمقراطية في التنفيذ للتغيير والإصلاح.

عملياً استخدم مصطلح "القوة الناعمة" من قبل العديد من الدول بازدواجية المعايير، فالدول المتسلطة لا تهتم بما يجري من انتهاكات لحقوق الانسان في الدول الموالية لها، وتحاسب الدول غير الموالية لها أشد الحساب عند عدم التزامها بحقوق الانسان.
استغل مصطلح "القوة الناعمة" لتحقيق مآرب الدول المحتله على أنها حامية للشعوب من الاضطهاد، ولكن مع الأسف في أكثر الحالات العكس هو الصحيح.

التناقض في سياسات الدول ذات "الازدواجية والاستغلالية للمعايير والقيم" لم يبدأ في القرون الأخيرة، وإنما أستخدم من قبل الكثير من الحكام الذين حكموا بالباطل عبر التسلط على الشعوب بالمكر والخداع والعنف واضطهاد الشعوب بكل الوسائل الوحشية المخالفة لحقوق الانسان.

جسد أئمة أهل بيت خاتم الأنبياء والرسل (ع) ومن والاهم وسار على النهج الصحيح عبر الأربع عشر قرنا الماضية آفاق "القوة الناعمة" في تحقيق أهدافهم،
ولكنهم جوبهوا بأشد أنواع مصادرة حقوقهم وحرياتهم باستخدام أساليب العنف والتعذيب والاعتقال والقتل لهم من الحكام المتسلطين بغير حق وعدل.

تصدى الإمام جعفر الصادق (ع) ( ولادته في 17 ربيع الأول عام 82 هـ، وشهادته في 25 شوال عام 148هـ، عمره 65 عاما، ومدة إمامته 34 عاما) ابن الإمام محمد الباقر (ع) ووالد الإمام موسى الكاظم (ع) كمغير لواقع الأمة في عهد الدولة الأموية وبداية الدولة العباسية مستخدما منهج "القوة الناعمة" في التغيير.

مجسداً بسيرته (ع) مكارم الخلاق في الصدق والإخلاص والحكمة والحلم والكرم والصبر والشجاعة.

أتفق علماء الإسلام على اختلاف طوائفهم في فضل الإمام جعفر بن محمد الصادق (ع) لسعة علمه وشموليته ودقته، والعمق العلمي لمدرسته الاسلامية في الفقه والحديث والتفسير وعلوم القرآن وعلم الكلام والعلوم الطبيعية في الكيمياء والطب والفلك والفيزياء وغيرها، إضافة الى متانة دليله بإرجاع الأقوال والأحاديث الى أصولها،
فضلا عن قوة ورعه وتقواه وزهده وعبادته.

مؤسساً لأكبر جامعة إسلامية أنتجت ثروة علميةً، وخرجت عدداً كبيراً من رجال العلم وخيرة المفكرين وصفوة الفلاسفة وكبار العلماء.

تميز تلامذة مدرسته باهتمامهم بحماية الدين وحفظ الرسالة، داخل الساحة الإسلامية وخارجها والتصدي لإدحاض أصحاب التيارات المنحرفة.

محاوراً الفلاسفة وأهل الكلام والجدليين والغلاة و إقناعهم أو إيضاح مكامن أخطاء أفكارهم ومعتقداتهم بالبينة الصحيحة والأدلة العلمية والفقهية الموثقة.

ناهياً عن الظلم والوقوف ضد الظالمين وفضحهم وكشف فسادهم الذي تستر بالشعارات البراقة الخادعة،

محذرا أصحابه من التعاون معهم والركون إليهم.

مجابهاً المحاصرة والمتابعة والظلم والاضطهاد من السلطتين الأموية والعباسية بالصبر والحكمة والحلم والشجاعة،
 معالجا ما أصاب المجتمع من وهن وتشويه وانتهاك لحقوق الانسان.

مهتماً بإعداد العلماء في التخصصات العلمية من أمثال جابر بن حيان الذي عرف بأنه أول من بحث في علم الكيمياء، ووضع فيها الكتب وترجمت بعض مصنفاته الى الكثير من اللغات، والمفضّل بن عمر الجعفي في علوم الأدوية و الطب، وتتلمذ علماء آخرون في عدة اختصاصات فلكية وعلوم أخرى من أمثال:  هشام بن الحكم، وإبراهيم ابن سيّار النظّام ألمعتزلي، وأبو إسحاق إبراهيم حبيب الفزاري، وأحمد بن الحسن بن أبي الحسن الفلكي الطوسي، ومحمد بن مسعود العياشي التميمي، وغيرهم.

مؤكداً على ان صلاح الأمة في صلاح قيادتها، فإذا كان القائد جائرا فينبغي التصدي لإصلاحه قائلا:
( لا تذلوا رقابكم بترك طاعة سلطانكم، فإن كان عادلا فاسألوا الله بقاءه، وإن كان جائراً فاسألوا الله إصلاحه، فان صلاحكم في صلاح سلطانكم، وإن السلطان العادل بمنزلة الوالد الرحيم، فأحبوا له ما تحبون لأنفسكم، واكرهوا له ما تكرهون لأنفسكم).

محذراً من التفرقة والانشغال في الخلافات والاختلافات والخصومات قائلا: ( إياكم والخصومة في الدين، فإنها تشغل القلب عن ذكر الله عزّ وجلّ، وتورث النفاق، وتكسب الضغائن، وتستجير الكذب).

نستلهم في ذكرى ولادته الميمونة (ع) نصائحه وإرشاداته الآتية:

-( العلم الّذي لا يعمل به، كالكنز الذي لا ينفق منه، أتعب نفسه في جمعه، ولم يصل إلى نفعه).

-( العامل على غير بصيرة كالسائر على غير الطريق، لا تزيده سرعة السير إلا بعداً).

-( مثل الذي يعلم الخير ولا يعمل به، مثل السِّراج يضيء للناس ويحرق نفسه).

-( فساد الظاهر من فساد الباطن، ومن أصلح سريرته أصلح الله علانيته).

-( لست أحبّ أن أرى الشابّ منكم إِلا غادياً في حالين؛ إِمّا عالماً أو متعلّماً، فإن لم يفعل فرط، وإِن فرط ضيّع، وإِن ضيّع أثم).

16-10-2022, 14:56
عودة